تركيا على موعد مع الحسم في انتخابات متقاربة

إردوغان حذر أنصاره من «ثمن باهظ» حال خسارته

أنصار إردوغان يحملون أعلاماً تركية في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
أنصار إردوغان يحملون أعلاماً تركية في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا على موعد مع الحسم في انتخابات متقاربة

أنصار إردوغان يحملون أعلاماً تركية في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
أنصار إردوغان يحملون أعلاماً تركية في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)

دخلت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا مرحلتها الأخيرة، ليحسم الناخبون ماراثونا انتخابيا طويلا في صناديق الاقتراع الأحد. وشهدت الأمتار الأخيرة من الحملة الانتخابية توترا غير مسبوق، في استحقاق مفصلي يشكل تحديا للرئيس رجب طيب إردوغان الذي حكم البلاد لنحو 21 عاما رئيسا للوزراء، ثم رئيسا للجمهورية.

انتهت جميع الاستعدادات للانتخابات، التي سيدلي بموجبها أكثر من 60 مليون ناخب بأصواتهم في 191 ألف صندوق اقتراع في جميع أنحاء البلاد، لانتخاب الرئيس الـ13 ونواب البرلمان الـ28 لتركيا.

وينطلق التصويت في الساعة 8:00 صباحا، وينتهي الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي. ويرفع الحظر الإعلامي على متابعة الفرز وإعلان النتائج الأولية ابتداء من الساعة 21:00. واتّخذ المجلس الأعلى للانتخابات التدابير اللازمة لإجراء الانتخابات في الولايات الـ11 التي ضربها زلزالا 6 فبراير (شباط) المدمرين. وتم تخصيص مراكز للإداء بالأصوات في حاويات نشرت في الدوائر الانتخابية.

ويتنافس في الانتخابات الرئاسية 3 مرشحين، هم الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان عن تحالف «الشعب»، ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو عن تحالف «الأمة»، وسنان أوغان مرشح تحالف «أتا». وانسحب من السباق رئيس حزب «البلد» محرم إينجه، الخميس، إثر نشر صور يزعم أنها لفضيحة جنسية تورط فيها.

ويخوض الانتخابات البرلمانية 24 حزباً سياسياً و151 مرشحاً مستقلاً، فيما دخلت بعض الأحزاب السياسية الانتخابات في إطار 5 تحالفات، هي: «تحالف الشعب»، و«تحالف الأمة»، و«تحالف العمل والحرية»، وتحالف «أتا»، و«تحالف اتحاد القوى الاشتراكية».

إردوغان مخاطباً أنصاره في إسطنبول أمس (رويترز)

وخيّم التوتر على أجواء الانتخابات حتى الساعات الأخيرة، وسط المنافسة الحادة بين إردوغان وكليتشدار أوغلو، الذي أكدت جملة من استطلاعات الرأي في الأيام الثلاثة الأخيرة أنه سيحسم الفوز بالرئاسة في الجولة الأولى. وحذّر إردوغان مؤيديه، خلال تجمع في إسطنبول، من أنهم قد يدفعون «ثمنا باهظا» في حال صعود منافسه «العلماني» إلى السلطة. واعتبر أن الحكومات الغربية تستخدم المعارضة لفرض رؤيتها على المجتمع التركي، موجها رسالة إلى الغرب: «أيها الغرب... أُمّتي هي التي تقرر».

وخلال بث تليفزيوني مشترك لـ13 قناة محلية، ليل الجمعة - السبت، قال إردوغان إنه إذا فاز مرشح المعارضة فإنه سيسلم السلطة في هدوء، لأن هذه هي تقاليد الديمقراطية في تركيا. وتساءل: «ماذا حدث عندما فاز رئيس بلدية إسطنبول المرشح عن حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، في الانتخابات المحلية في 2019؟ هل رفض مرشحنا (رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم) الاعتراف بالنتيجة؟».

وجاء ذلك ردا على ادعاءات، لا سيما في بعض الصحف الغربية، مفادها أن إردوغان سيرفض الاعتراف بفوز منافسه، ولن يسلم السلطة بسهولة. وكرّر إردوغان هجومه على كليتشدار أوغلو بسبب اتهامه لروسيا بالتدخل في الانتخابات، قائلا إنه «لا يمكنه قبول التهجم على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين». وأضاف «أنت (مخاطبا كليتشدار أوغلو) تهجمت على بوتين، ولكن عذرا منك لا يمكنني قبول ذلك، لأن لتركيا علاقات بروسيا لا تقل عن مستوى علاقاتها بالولايات المتحدة». وتابع أن حجم التجارة الخارجية التركية مع روسيا أعلى من حجم التجارة مع الولايات المتحدة.

كمال كليتشدار أوغلو يزور ضريح أتاتورك بأنقرة اليوم (أ.ف.ب)

في المقابل، أكّد كليتشدار أوغلو، في مقابلة مع قناة «فوكس» المحلية، ليل الخميس - الجمعة، أنه لم يتهم روسيا عبثا أو بلا دليل، ومع ذلك فإنه عندما كتب رسالته على «تويتر»، دعاهم بـ«أصدقائه الروس»، وأنه راض جدا عن تأكيدهم أنهم لا يتدخلون في الانتخابات.

وكان كليتشدار أوغلو اتهم روسيا في تغريدة على «تويتر»، الخميس، روسيا بالوقوف وراء محتوى فيديو يقول إنه «يشوه سمعة مرشحي الرئاسة».


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
TT

تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)

تسعى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى استغلال التلبك الظاهر في تصرفات القيادة الإيرانية وما تبقى من قيادات لـ«حزب الله»، وتوسيع حلقة المعارك إلى حرب شاملة حتى مع إيران. وتشير كل الدلائل إلى أنها لا تتورع عن الدخول في صدام مع الإدارة الأميركية، ووضعها أمام أحد خيارين: إما أن تنضم إليها في الهجوم على إيران، وإما تنجرّ وراءها وتُضطر اضطراراً لخوض هذه الحرب.

فمع أن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها غير معنيّة بحرب مع إيران، لا منفردة ولا مشتركة، فإن الإنجازات الهائلة التي حققتها إسرائيل عسكرياً واستخباراتياً ضد «حزب الله» (اغتيال معظم قيادات الحزب، وفي مقدمتهم حسن نصر الله، وتفجير أجهزة الاتصال والتواصل في وجوه وأجساد أكثر من 4 آلاف عنصر وتدمير الضاحية الجنوبية)، وضد إيران (تصفية عدد من القيادات في لبنان واغتيال إسماعيل هنية)؛ أدخلت القيادات في تل أبيب في حالة من «نشوة النصر» التي تتحول إلى «سكرة نصر».

لوحة دعائية على طريق سريع في طهران تظهر الجنرال قاسم سليماني يقبل جبين أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في طهران (أ.ب)

ففي اليومين الأخيرين، حصل انعطاف مريب في الموقف الإسرائيلي تجاه الضربات الإيرانية. فكما هو معروف، أطلقت إيران 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، وتمكنت المضادات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية من تدمير أكثر من 85 في المائة منها قبل دخولها الأجواء الإسرائيلية. لكن 15 في المائة منها دخلت هذه الأجواء، بعضها سقط في مناطق مفتوحة وبعضها سقط في مواقع حساسة مثل 3 قواعد لسلاح الجو وبعض المصانع العسكرية. وأحدثت أضراراً في المباني والشوارع، ولكنها لم تُصِب مدنيين أو عسكريين. والوحيد الذي قتل فيها هو شاب فلسطيني من قطاع غزة يشتغل بورشة في أريحا.

وقد عدّت القيادة الإسرائيلية هذه الضربات خطيرة؛ لأنها تنطوي على القصف المباشر من إيران لإسرائيل. وفي البداية قررت الرد عليها، بتوجيه ضربة مؤلمة لموقع استراتيجي. لكنّها الآن تغيّر رأيها وتنوي توجيه عدة ضربات قاصمة في عدة مواقع استراتيجية. ووفقاً للتسريبات، تنوي توجيه ضربة شديدة للمشروع النووي الإيراني، وتقول إن هذه «فرصة تاريخية» لن تأتي أفضل منها. فإيران متلبكة إزاء ما يحدث لـ«حزب الله» وللقادة الميدانيين الإيرانيين الذين يديرون المعارك إلى جانبه في لبنان.

وهناك إشاعات عن فوضى عارمة في القيادة الإيرانية وخلافات بين التيارات والقادة، وعن اتهامات مسؤولين كبار بالتخابر مع العدو الإسرائيلي أو خدمة هذا العدو من دون قصد. وهذا هو الوقت لضربهم، قبل أن يتمكنوا من ترتيب أوراقهم والخروج من الأزمة.

صور الأقمار الاصطناعية تظهر أضراراً في قاعدة «نيفاتيم» الجوية بجنوب إسرائيل قبل وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني (أ.ف.ب)

إلا أن إسرائيل ليست قادرة وحدها على توجيه ضربات كهذه. وهي بحاجة لا استغناء عنها لشراكة أميركية فاعلة. فالمنشآت الإيرانية النووية موزّعة على عدة مواقع وقائمة في قلب جبال، ولا مجال لضربها إلا بصواريخ أميركية تنطلق من طائرات وغواصات معدّة لهذا الغرض. هذه ليست متوفرة لإسرائيل. والولايات المتحدة تتحدث علناً عن معارضتها لهذه الشراكة. وتشعر بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يريد تحقيق حلمه القديم (منذ سنة 2010) لجرّ قدم الولايات المتحدة إلى هذه الحرب وهي ترفض. لكن نتنياهو لا ييأس، ويعمل كل ما في وسعه لإقحامها، بإرادتها أو رغماً عنها. فإذا ضربت المنشآت، وقامت طهران بتنفيذ تهديداتها وردت بمزيد من الصواريخ على إسرائيل، فإن أميركا ستتدخل.

وكما يقول البروفيسور أيال زيسر، أحد أهم مرجعيات اليمين الآيديولوجي: «الولايات المتحدة هي صديقة حقيقية لإسرائيل، أثبتت التزامها بأمننا في كل ساعة اختبار وضائقة شهدناها على مدى العقود الأخيرة».

وأوضح زيسر أن الموقف الأميركي بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يشبه «القطار الجوي» الذي أطلقه الأميركيون في حرب «يوم الغفران» في أكتوبر 1973. وقال إن بين الأصدقاء الحقيقيين، أيضاً تظهر أحياناً خلافات. ورأى أن «من الواجب على إسرائيل أن تصر على موقفها»، وقال: «في الماضي أيضاً عارض الأميركيون تدمير المفاعل العراقي في 1981، بل وفرضوا علينا عقوبات بسبب هذا الفعل، ولكنهم بعد حين، تراجعوا واعترفوا لنا، حين وجدوا أنفسهم في حرب مع حاكم العراق. هكذا أيضاً في كل ما يتعلق بتدمير المفاعل النووي السوري في 2007، الخطوة التي تحفّظ عليها الأميركيون، وفقط بعد أن نشبت الحرب الأهلية في سوريا، اعترفوا بالخطأ الذي ارتكبوه».

ولفت زيسر إلى أن «التوقعات والمشورات الأميركية يجب أن نأخذها بشكل محدود الضمان. من الواجب العمل وفقاً لتفكيرنا وحكمنا، حتى وإن لم يكن الأمر يرضيهم. في نهاية الأمر، سيعترفون بالخطأ وسيفهمون المنطق والحق الذي في خطوات إسرائيل، وسيتجندون لدعمها».

لكن هناك آراء مخالفة في تل أبيب، تحذّر من المغامرة وتقول إن من يجد في ضرب إيران فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها، قد يورّط إسرائيل في حرب شاملة تدفع خلالها ثمناً باهظاً، ليس فقط من ناحية الخسائر البشرية والمادية، بل أيضاً استراتيجياً. وربما تؤدي هذه المغامرة إلى إضاعة فرصة تاريخية لمشروع السلام في المنطقة. وتدعو هذه القوى القيادة الإسرائيلية إلى أن تحسن الاستفادة من مكاسبها في لبنان، ولا تلجأ إلى المغامرات والمقامرات الحربية.