اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة للإطاحة بحكومته على غرار ما عُرف من قبل بتحقيقات الفساد والرشوة 13 - 25 ديسمبر (كانون الأول) 2013 التي طالت وزراء في حكومته عندما كان رئيساً للوزراء وعدّها محاولة للانقلاب عليه.
ووسط جدل واسع حول مؤامرة انقلابية جديدة، قال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، الأربعاء: «من يريد تقويض روح يني كابي (في إشارة إلى التجمع الحاشد بميدان يني كابي في إسطنبول بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016) من أجل سداد الديون لتنظيم فتح الله غولن (حركة الخدمة) لا يقف مكتوف الأيدي، نحن نعرف جيداً الدمية ومن يحركها ومن كتب المسرحية، ومهما أصبح الأمر قبيحاً فلن نقع في هذا الفخ».
الدستور الجديد
ودعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد، قائلاً: «وزراؤنا ونوابنا وأعضاء حزبنا سيواصلون عملهم بالروح ذاتها التي بدأنا بها قبل 21 عاماً، وسنعمل على وضع دستور مدني ديمقراطي للبلاد ينهي عصور الوصاية، ونأمل مساعدة رئيس البرلمان في جهوده في هذا الصدد».
ورأى إردوغان أن «نتائج الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي لم تكن بمثابة اقتراع بالثقة على حكم العدالة والتنمية للبلاد بل هي إنذار من الأمة بعد التفويض الذي منحته لمدة 5 سنوات مقبلة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 و28 مايو (أيار) 2023، وسنعمل بموجب هذا الإنذار على تجديد كوادرنا وسنكون موجودين كما كنا من قبل، وسنكون على قدر ثقة الأمة».
مزاعم انقلاب
وتصاعد الحديث في تركيا في الأيام الأخيرة عن محاولة انقلاب جديدة تستهدف إردوغان على غرار ما حدث في تحقيقات الفساد والرشوة في 2013؛ حيث اتهمت حركة غولن بالعمل من خلال مؤسسات الشرطة والقضاء وإصدار أوامر بضبط وتفتيش أبناء وزراء ومسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم وكادت تطول إردوغان وأفراد عائلته قبل أن يصدر أمر بوقفها ونقل المشاركين فيها من أماكنهم ووقف آخرين عن العمل.
وجاء الحديث عن المؤامرة الجديدة بعد الكشف عن ارتباط 3 مسؤولين في شرطة العاصمة أنقرة بعصابة مافيا، يتزعمها أيهان بورا قبلان، الذي عُرف من خلال وسائل الإعلام بارتباطه الوثيق بوزير الداخلية السابق سليمان صويلو، وتم القبض على المديرين الثلاثة وتوقيفهم وتفتيش منازلهم.
وتحدث حليف إردوغان، رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الثلاثاء، عن محاولة انقلاب ضد إردوغان شبيهة بتحقيقات الفساد والرشوة في 2013، قائلاً إن «هناك مؤامرة مستمرة لا يمكن القضاء عليها بإقالة عدد قليل من رؤساء الشرطة، نحن على علم بشبكة العلاقات غير القانونية، والمستهدف هو تحالف الشعب (حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية) الحاكم وتركيا».
وأعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، القبض 544 شخصاً بشبهة الانتماء إلى جماعة غولن في عملية نفذت في 62 ولاية تركية، بتهمة محاولة التسلل إلى مؤسسات الدولة واستخدام تطبيق «بايلوك» للتواصل فيما بينهم، وهو التطبيق، الذي قالت السلطات إنه كان وسيلة الاتصال بين منفذي محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
إردوغان يتابع
وكشفت وسائل إعلام قريبة من الحكومة عن أن إردوغان عقد اجتماعاً بالقصر الرئاسي، منتصف الثلاثاء - الأربعاء، مع رئيس جهاز المخابرات إبراهيم كالين ووزير العدل يلماظ تونش، تطرق إلى توقيف المسؤولين في شرطة أنقرة بعد عزلهم من مناصبهم، وذلك بعد حديث بهشلي في البرلمان عن محاولة انقلاب.
وتعهد وزير الداخلية علي يرلي كايا، في بيان عبر حسابه على «إكس»، الأربعاء، بمحاسبة كل من يخطط لاستهداف الرئيس إردوغان والحكومة، على خلفية اعتقالات وتحقيقات تجريها وزارته، وسط حديث عن محاولة انقلابية بيروقراطية.
وحذر يرلي كايا «مَن يتحد مع المنظمات الإرهابية وامتداداتها ومنظمات الجريمة المنظمة، ويحاول اللعب والتخطيط لاستهداف الرئيس والحكومة، باستخدام تكتيكات تنظيم فتح الله غولن»، مدعومة بوسائل التواصل الاجتماعي. وتعهد بتدمير «ألاعيبهم وفخاخهم التي نصبوها».
وقال: «إذا كان هناك هيكل داخل أي مؤسسة يستهدف رئيسنا وحكومتنا وسياسيينا، فسوف نصل إلى النهاية ونحدد تلك الهياكل ونقدمها إلى العدالة، وسيتم الانتهاء من تقرير المفتشين (بشأن مسؤولي شرطة أنقرة) في وقت قصير، وسنعلن للرأي العام هذا التقرير».
وأضاف: «كما دخلنا أوكار الخونة في القتال ضد المنظمة الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني) ومنظمة غولن (حركة الخدمة) سنعثر على هذه المراكز الإجرامية وإخراجها من كل حفرة يختبئون فيها».
وتردد أن إردوغان استدعى يرلي كايا إلى القصر الرئاسي، لكن مصادر رئاسية نفت هذا الأمر.
كما زعم الكاتب في صحيفة «سوزجو» المعارضة، أيتونش أركين، أن إردوغان عقد، السبت، اجتماعاً مع وزير الداخلية السابق النائب البرلماني عن مدينة إسطنبول من حزب العدالة والتنمية، سليمان صويلو، بعد وقف قيادات الشرطة الثلاثة في أنقرة عن العمل فيما يتعلق بقضية زعيم المافيا أيهان بورا قبلان، وأن صويلو قال لإردوغان: «لا أعتقد أن المؤامرة ضدي وضد زملاء آخرين تقتصر على 3 رؤساء شرطة فقط، من يقف وراءها يجب أن يتم الكشف عنهم»، وأن إردوغان أبلغه بأنه يتابع القضية من كثب وأنه اتصل وتحدث مع وزير الداخلية علي يرلي كايا.
قضيتا كافالا ودميرطاش
في غضون ذلك، رفضت الدائرة 13 بالمحكمة الجنائية العليا في إسطنبول، الأربعاء، التي تم تغيير أعضائها الثلاثاء، بالإجماع، طلب الناشط المدني رجل الأعمال كافالا، المعتقل منذ 6.5 سنة في قضية «غيزي بارك» والمحكوم بالسجن المؤبد المشدد لإدانته بدعم محاولة الانقلاب في 2016، الذي تقدم به محاميه لإعادة محاكمته.
وجاء قرار المحكمة على الرغم من قرار «انتهاك الحقوق» الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وفرض مجلس أوروبا عقوبات على تركيا بسبب عدم امتثالها لقرارات المحكمة الأوروبية بالإفراج عن كافالا.
كما تم تأجيل جلسة الاستماع في القضية التي يُحاكم فيها الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية، المؤيد للأكراد، صلاح الدين دميرطاش، المتهم فيها بإهانة حكومة الجمهورية التركية والأجهزة القضائية والجيش والشرطة علناً في خطاباته.
في الأثناء، ألقت قوات الأمن التركية، الأربعاء، القبض على عشرات من رؤساء الفروع وأعضاء بحزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب» المؤيد للأكراد.
وقال الحزب، في بيان عبر «إكس» إنه سيواصل «تصعيد النضال ضد السلطة الراغبة في قمع الحزب، وسيواصل إلحاق الخسائر بتحالف العدالة والتنمية والحركة القومية».