متحف سويدي يعرض منحوتة ابتُكرت استناداً إلى الذكاء الاصطناعي

صورة لمنحوتة «التمثال المستحيل» التي جرى ابتكارها حصراً بفضل برامج للذكاء الاصطناعي، معروضة في متحف التكنولوجيا في استوكهولم بالسويد في 8 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
صورة لمنحوتة «التمثال المستحيل» التي جرى ابتكارها حصراً بفضل برامج للذكاء الاصطناعي، معروضة في متحف التكنولوجيا في استوكهولم بالسويد في 8 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
TT

متحف سويدي يعرض منحوتة ابتُكرت استناداً إلى الذكاء الاصطناعي

صورة لمنحوتة «التمثال المستحيل» التي جرى ابتكارها حصراً بفضل برامج للذكاء الاصطناعي، معروضة في متحف التكنولوجيا في استوكهولم بالسويد في 8 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
صورة لمنحوتة «التمثال المستحيل» التي جرى ابتكارها حصراً بفضل برامج للذكاء الاصطناعي، معروضة في متحف التكنولوجيا في استوكهولم بالسويد في 8 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

تُعرض في أحد المتاحف السويدية منحوتة مستوحاة من أعمال خمسة من أبرز النحاتين العالميين بينهم مايكل أنجلو وأوغوست رودان، جرى ابتكارها حصراً بفضل برامج للذكاء الاصطناعي وأُطلق عليها اسم «التمثال المستحيل».

وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الناطقة باسم شركة «ساندفيك» التي صممت التمثال، بوليينا لوندي «إنه تمثال فعلي صنّعه خمسة من معلّمي النحت ما كانوا ليتعاونوا في الحياة الواقعية».

ويُعرض التمثال المصنوع من فولاذ مقاوم للصدأ ويبلغ ارتفاعه 150 سنتيمتراً ووزنه 500 كيلوغرام، في متحف التكنولوجيا في استوكهولم، في خطوة تشكل مؤشراً على التغيير الحاصل في المفاهيم التقليدية للفن.

ويمثّل هذا العمل امرأة نصف جسدها السفلي مغطى بسترة، وتحمل كرة من البرونز بيدها اليسرى.

وتكمن الفكرة من هذا التمثال في ابتكار مزيج من أنماط النحاتين الخمسة الذين طبع كلّ واحد منهم مجال النحت في عصره، وهم مايكل أنجلو (إيطاليا، 1475 - 1564)، أوغوست رودان (فرنسا، 1840 - 1917)، كاثي كولفيتس (ألمانيا، 1867 - 1945)، كوتارو تاكامورا (اليابان، 1883 - 1956)، أوغوستا سافاج (الولايات المتحدة، 1892 - 1962).

وتقول جوليا أولديريوس، وهي مسؤولة عن الابتكار في المتحف «ثمة شيء في التمثال يشعرك بأنّه ليس من ابتكار بشر».

ولإنجاز المنحوتة، قام مهندسو «ساندفيك» بتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي بصور كثيرة من منحوتات أنشأها هؤلاء الفنانون.

ثم قدّمت برامج الذكاء الاصطناعي مجموعة من الصور الثنائية الأبعاد تعكس بحسب أولديريوس الطابع الخاص بكلّ نحات.

وأضافت أولديريوس «دمج مهندسونا هذه الصور الثنائية الأبعاد في نموذج ثلاثي الأبعاد، ومن هنا بدأنا تصنيع التمثال».

لكن أتُعدّ هذه المنحوتة عملاً فنياً أم مجرّد إنجاز تقني؟ تجيب أولديريوس «نعم، أعتقد أن هذا عبارة عن فنّ»، معتبرة أنّ الحكم يعود في هذا الخصوص للجمهور.


مقالات ذات صلة

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي المهلوس على تحقيق اختراقات علمية كبيرة؟

علوم تصميمات لأشكال انتشار البروتين المولدة بالذكاء الاصطناعي

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي المهلوس على تحقيق اختراقات علمية كبيرة؟

الانفجارات الإبداعية متجذرة في الحقائق الصارمة للطبيعة والعلم وليس في ضبابية الإنترنت المعروفة بتحيزاتها وأكاذيبها.

ويليام جيه برود (نيويورك)
تكنولوجيا بدائل متنوعة لـ«تشات جي بي تي»

بدائل متنوعة لـ«تشات جي بي تي»

روبوتات دردشة أخرى لها مواطن قوة ونقاط ضعف قد تلبي احتياجاتك بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

ارتكبت أداة الذكاء الاصطناعي «ميتا آي» (Meta AI) خطأً فادحاً بعد اختبارات في نصوص دينية.

محمد السيد علي (القاهرة)
الاقتصاد شعار «أبل» على متجرها  في «مارشي سان جيرمان» في باريس (رويترز)

«أبل» على أعتاب إنجاز تاريخي... قيمة سوقية بـ4 تريليونات دولار

تقترب شركة «أبل» من تحقيق تقييم تاريخي غير مسبوق بقيمة 4 تريليونات دولار في سوق الأسهم، مدعومةً بالتفاعل الإيجابي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
خاص غسان سلامة (الشرق الأوسط) play-circle 04:47

خاص غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: العالم إلى حروب أوسع

في حوار موسَّع تحدث غسان سلامة عن الفرص المنظورة لـ20 دولة قد تتحول إلى قوى نووية، ودور الذكاء الاصطناعي في حرب المسيرات ومستقبل سوريا مع ما هو قائم الآن.

ميشال أبونجم (باريس)

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان
TT

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان

يحتلّ موقع سمهرم مكانة مميزة في خريطة «طريق اللبان» العُمانية التي دخلت عام 2000 في قائمة اليونيسكو الخاصة بمواقع التراث العالمي، وهي طريق البخور التي شكّلت في الماضي معبراً تجارياً دولياً ازدهر على مدى قرون من الزمن. بدأ استكشاف هذا الموقع في مطلع الخمسينات، وأدت أعمال التنقيب المتواصلة فيه إلى العثور على مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية، منها بضعة أنصاب حجرية مسطّحة تحمل نقشاً غائراً يمثّل وجهاً آدمياً مختزلاً، تقتصر ملامحه على عينين واسعتين وأنف مستطيل.

يضمّ موقع سمهرم مستوطنة أثرية تجاور خوراً من أخوار ساحل محافظة ظفار يقع في الجهة الشرقية من ولاية طاقة، يُعرف محليّاً باسم «خور روري». يعود الفضل في اكتشاف هذا الموقع إلى بعثة أميركية، أسّسها عام 1949 في واشنطن عالم الآثار وينديل فيليبس الذي لُقّب بـ«لورنس العرب الأميركي». شرعت هذه البعثة في إجراء أول حفريّة في «خور روري» خلال عام 1950، وواصلت عملها على مدى 3 سنوات، وكشفت عن مدينة لعبت دور ميناء دولي، عُرفت باسم سمهرم، كما تؤكد النقوش الكتابية المدونة بخط المُسنَد العربي الجنوبي. من بين أطلال هذه المدينة المندثرة، خرجت مجموعة من اللقى المتنوعة، منها 3 أنصاب حجرية مسطّحة زُيّن كلٌّ منها بنقش تصويري غائر طفيف يمثّل وجهاً آدمياً ذكورياً، كما يؤكّد الكشف العلمي الخاص بهذه البعثة.

عُثر على حجرين من هذه الحجارة على مقربة من أرضية مبنى من معالم سمهرم، وعُثر على ثالث على مقربة من المعبد الخاص بهذه المستوطنة، ممّا يوحي بأنه شكّل في الأصل جزءاً من أثاث هذا المعبد على الأرجح، كما رأى العالِم فرانك فيدياس أولبرايت في تقرير نُشر في عام 1953. استمرّت أعمال المسح والتنقيب في سمهرم، وتولّتها منذ عام 1997 بعثة إيطالية تابعة لجامعة بيزا، ومع هذه الأعمال، تمّ الكشف عن مجموعة أخرى من اللقى المتنوعة، منها 3 أنصاب حجرية مسطّحة مشابهة لتلك التي عثرت عليها البعثة الأميركية.

يتكرّر النقش التصويري على هذه الأنصاب التي احتار أهل الاختصاص في تحديد وظيفتها، ويتمثّل بوجه آدمي مجرّد هندسياً إلى أقصى حد. اختُزلت ملامح هذا الوجه بعينين لوزيّتين واسعتين، وأنف مستطيل رفيع. خلت هاتان العينان الفارغتان من حدقتيهما، كما غابت عنهما الرموش والحواجب، فظهرتا على شكل مساحتين بيضاويتين حُدّدتا بخط ناتئ رفيع وبسيط في وضعية المواجهة. كذلك، ظهر الأنف على شكل مثلّث عمودي طويل يحدّده خط مماثل. يعود هذا الوجه ويظهر على واجهة مجمّرة مخصّصة لحرق البخور، عثرت عليها البعثة الإيطالية خلال عام 2014، إلى جانب مجمّرتين تتبعان الطراز المألوف المجرّد من النقوش. ويتميّز هذا الوجه بظهور حاجبين مقوّسين يمتدان ويلتصقان عند أعلى مساحة الأنف المستطيلة.

خرجت من موقع سمهرم مجموعة كبيرة من المجامر والمباخر، غير أن هذا الوجه المجرّد لا يظهر على أي منها، كما أنه لا يظهر على أي من عشرات المجامر التي عُثر عليها في نواحٍ عدة من جزيرة العرب الشاسعة. في الواقع، يتبع هذا الوجه طرازاً ارتبط على نحوٍ واسع بشواهد القبور، وعُرف باسم «المسلّة ذات العينين». خرج العدد الأكبر من هذه المسلّات من محافظة الجوف التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من صنعاء، وخرج عدد آخر منها من وادي بهيان في محافظة حضرموت. تجاوز هذا الطراز حدود جنوب الجزيرة العربية، وبلغ شمالها حيث ظهر في واحة تيماء في منطقة تبوك، وقرية الفاو في الجنوب الغربي من الرياض، كما تؤكّد شواهده التي كشفت أعمال التنقيب عنها خلال العقود الماضية.

حمل هذا الطراز طابعاً جنائزياً لا لبس فيه، وتمثّلت خصوصيّته بهذا الوجه التجريدي الهندسي الذي ظهر على شواهد قبور فردية، كما تشير الكتابات المنقوشة التي تسمّي أصحاب تلك القبور. يصعب تأريخ هذه المسلّات بدقة، نظراً إلى غياب أي إشارة إلى تاريخها في الكتابات المرفقة، والأكيد أن هذا الطراز الجنائزي ظهر في القرن الثامن قبل الميلاد، وشاع على مدى 5 قرون. يحضر هذا الوجه في سمهرم، ويشهد هذا الحضور لدخوله إقليم عُمان في مرحلة تلت فترة انتشاره في جنوب الجزيرة وفي شمالها، فالدراسات المعاصرة تؤكد أن ميناء سمهرم شُيّد في نهاية القرن الثالث قبل الميلاد، وارتبط بمملكة حضرموت في زمن نشوء التجارة البحرية وازدهارها في المحيط الهندي، وظلّ ناشطاً حتى القرن الخامس للميلاد، حيث تضاءل دوره وتلاشى تدريجياً نتيجة اندحار مملكة حضرموت.

حضر هذا الوجه التجريدي في سمهرم حيث ظهر على عدد من المسلّات، وانطبع بشكل استثنائي على مجمرة تبدو نتيجة لذلك فريدة من نوعها إلى يومنا هذا. خرج هذا الوجه في هذا الموقع العُماني عن السياق الجنائزي الذي شكّل أساساً في جنوب جزيرة العرب، وحمل هُويّة وظائفية جديدة، وتحديد هذه الهوية بشكل جليّ لا يزال يمثّل لغزاً وتحدّياً للباحثين في ميدان الآثار العُمانية.