صالة المنزل... رهان «ميتا» الكبير التالي في عالم الواقع الافتراضي

خوذ بكاميرات مدمجة تولد أجواء سحرية

خوذة "ميتا كويست 3 أس"
خوذة "ميتا كويست 3 أس"
TT

صالة المنزل... رهان «ميتا» الكبير التالي في عالم الواقع الافتراضي

خوذة "ميتا كويست 3 أس"
خوذة "ميتا كويست 3 أس"

انسَ العوالم الافتراضية السحرية؛ ففي سعيها لتوسيع نطاق جمهور الواقع الافتراضي، تتبنى شركة «ميتا» الآن بيئات أكثر ألفة: سوف يتمكن مالكو خوذة «كويست في آر» (Quest VR) من «ميتا»، قريباً، إنشاء نسخ رقمية لأي غرفة في منازلهم، ثم دعوة الآخرين «لزيارتهم» في تلك الأماكن.

تخيّل، على سبيل المثال، عقد اجتماع عائلي عفوي في نسخة متعددة الأبعاد من صالة منزلك، ربما حتى مع صورة رمزية تشبهك تماماً، بدلاً من شخصية هاربة من لعبة فيديو.

ويقول فيشال شاه، نائب رئيس قسم المتعدد الأبعاد في «ميتا»: «هناك شيء سحري للغاية في مسح مساحة تعرفها، وإحضار شخص آخر يعرف تلك المساحة إليها، والشعور بأنكما هناك معاً».

ويمكن أن يساعد هذا السحر «ميتا» على تحويل رؤيتها للعالم الافتراضي ثلاثي الأبعاد، كعالم اجتماعي ثلاثي الأبعاد، إلى حقيقة واقعة ملموسة، وهو ما كلّف الشركة ما يقرب من 70 مليار دولار حتى الآن.

خوذة الرأس.. بكاميرا أيضاً

عرضت «ميتا» النسخة الأولى من هذه النسخ الرقمية باستخدام تطبيق يسمى «هايبرسكيب» (Hyperscape) في مؤتمر «كونيكت» للمطورين العام الماضي. وفي أحدث إصدار من التطبيق، يمكن للأشخاص استكشاف لقطات ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لعدد من الأماكن، بما في ذلك مطبخ منزل الشيف الشهير «غوردون رامزي»، واستوديو تسجيل مغني الراب «تشانس».

تبدو الصور الممسوحة تفصيلية وواقعية لدرجة أنك تشعر بالجوع عند معاينة اللحم المقدد على منضدة مطبخ رامزي. حتى إن ميتا شعرت بالحاجة إلى إضافة تحذير بعدم الاتكاء على أي من الأثاث في هذه الغرف الافتراضية.

غير أن طموحات «ميتا» في «هايبرسكيب» لا تتوقف عند هذا الحد؛ إذ ومع تحديث نظام التشغيل الوشيك، سوف تمتلك خوذة «كويست 3» ومالكوها أيضا القدرة على مسح غرفهم الخاصة باستخدام الكاميرات المدمجة في الخوذة. ويقول مايكل روبوف، خبير تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد: «كانت فكرتي الأولى أنهم ربما استخدموا كاميرا باهظة الثمن لالتقاط هذه المجموعات من البيانات لأنها تبدو حقيقية فعلاً». ثم يضيف: «إن التقاط جميع المشاهد باستخدام جهاز (كويست) فقط لهو أمر مذهل للغاية». يُعد التقاط الصور لغرفة باستخدام سماعة رأس «كويست في آر» عملية بسيطة نسبياً.

- أولاً، تغطي السماعة كل شيء في الغرفة بشبكة من الأشكال الجغرافية لتسجيل أبعادها العامة والخطوط العريضة للأثاث والأشياء الأخرى.

- في الخطوة الثانية، تُملأ هذه الأشكال ببيانات ثلاثية الأبعاد، وهي عملية تبدو للعين المجردة وكأنها توليد فسيفساء كاملة من كثير من الصور الصغيرة.

- وأخيراً، تطلب السماعة من الأشخاص النظر لأعلى وحولهم لالتقاط معلومات إضافية عن ارتفاع أي غرفة معينة.

جوّ افتراضي منزلي

تستغرق العملية الكاملة لتصوير غرفة متوسطة الحجم أقل من 20 دقيقة، وفقاً لموظفي «ميتا» الذين عملوا في المشروع. بعد ذلك، تُحمل البيانات الأولية الملتقطة إلى خوادم «ميتا»؛ حيث تُعرض النسخة ثلاثية الأبعاد للغرفة في غضون ساعتين. بمجرد أن تصبح جاهزة، سوف تُبث كل مساحة مباشرة من السحابة، من دون الحاجة إلى تنزيلات تستغرق وقتاً طويلاً.

تعمل النسخ الرقمية للغرف من «ميتا» بواسطة تقنية جديدة تُعرف باسم «الترسيب أو الاستخلاص الغاوسي» (Gaussian splatting). باختصار، لا تلتقط تقنية «الاستخلاص الغاوسي» أسطح الأشياء فحسب كما تفعل الكاميرا العادية، بل إنها تفكك كل شيء إلى مجموعة من الكتل ثلاثية الأبعاد، مع معلومات عن مظهر هذه الكتل من زوايا مختلفة، بالإضافة إلى خصائص، مثل الشفافية.

حتى الآن، جرى التقاط أغلب اللقطات الغاوسية باستخدام الهواتف الجوالة. ومع ذلك، فإن تحويل سماعة الرأس الافتراضية نفسها إلى جهاز التقاط له بعض السمات المتميزة. أولاً، تتحكم «ميتا» في الأجهزة، مما يسمح للشركة بتحسين برمجياتها لنوع معين من الكاميرات، بدلاً من الاضطرار إلى العمل مع عدد لا يُحصى من الهواتف الذكية المختلفة. إضافة إلى ذلك، يميل الناس إلى تحريك أيديهم بسرعة كبيرة عند محاولة التقاط شيء ما. ويوضح جان - مايكل فرام، عالم الأبحاث في «ميتا»: «حركة الرأس ليست سريعة مثل الهاتف».

استوديو تسجيل مغني الراب "تشانس"

إضافة الصور الرمزية

عند الإطلاق، ستكون المساحات المنسوخة باستخدام تطبيق «هايبرسكيب» من «ميتا» خاصة ومتاحة فقط للشخص الذي التقطها. وتعمل الشركة على السماح للأشخاص بمشاركة لقطاتهم وتحويلها في النهاية إلى أماكن للتجمعات الاجتماعية.

تعمل لقطات «هايبرسكيب» بالفعل على محرك ألعاب تستخدمه ميتا في عالمها الافتراضي «عوالم هورايزون» (Horizon Worlds). حالياً، يعتبر «عوالم هورايزون» في الأساس مجموعة من الألعاب والمساحات المولدة من رسومات الحاسوب، التي يمكن للأشخاص استكشافها معاً في الواقع الافتراضي. وفي المستقبل، سوف يتمكن مستخدمو «هورايزون» من استيراد غرف «هايبرسكيب» الخاصة بهم إلى «عوالم هورايزون» ودعوة أصدقائهم للانضمام إليهم على نسخة رقمية من أريكة غرفة المعيشة الخاصة بهم. يقول شاه: «أعتقد أن هناك فرصة حقيقية للتواصل البشري هنا؛ حيث تكون البيئة في بعض الحالات بنفس أهمية الأشخاص».

كما أنها فرصة لشركة «ميتا» لتوسيع نطاق الواقع الافتراضي إلى ما وراء جمهورها الحالي. حققت الشركة نجاحاً أكبر مما ينسبه لها بعض النقاد في ترسيخ الواقع الافتراضي كوسيلة للألعاب الإلكترونية والتجارب ذات الصلة بها، بما في ذلك التدريبات الرياضية القائمة على الألعاب. وقد باعت «ميتا» أكثر من 20 مليون خوذ الرأس، وتمكن بعض المطورين من تحويل الألعاب الخاصة بسماعة الرأس «كويست» من ميتا إلى مصادر دخل حقيقية. وحققت 10 تطبيقات في متجر «هورايزون» التابع لشركة «ميتا» إيرادات تجاوزت 50 مليون دولار، بينما التطبيقات التي حققت أكثر من مليون دولار تجاوزت الـ300 تطبيق، وفقاً للبيانات التي شاركها مسؤولو «ميتا»، الشهر الماضي.

تقنيات قيد التطوير

وتعمل الشركة أيضاً على تقديم تمثيلات أكثر واقعية للمستخدمين في الواقع الافتراضي من خلال شخصيات مُلتقطة بتقنية ثلاثية الأبعاد تُطلق عليها الشركة مسمى «أفاتار كوديك» (avatars codec). على الرغم من أن هذه التقنية لا تزال قيد التطوير، يعتقد شاه أن تقنية «أفاتار كوديك» يمكن أن تكون المكمل المثالي لتطبيق «هايبرسكيب». ويشرح شاه الفكرة قائلاً: «أنت في بيئة تبدو واقعية. أنت مع أشخاص يبدون واقعيين. بالنسبة لبعض الناس، سيكون هذا أكثر شيء سحري نعرفه في سماعة الرأس».

حتى من دون تلك الصور الرمزية، يمكن أن يصبح التقاط الصور ثلاثية الأبعاد بمثابة كبسولة زمنية مهمة للمستهلكين. يقول روبوف: «بنفس الطريقة التي ساعدنا بها التصوير الفوتوغرافي في الحفاظ على الذاكرة، فإن التصوير ثلاثي الأبعاد يفي أيضاً بهذا الوعد للمستهلكين العاديين. إنه يمنحنا القدرة على العودة حقاً إلى لحظة معينة في الزمن. لقد تمكنا من التقاط العالم بتقنية ثنائية الأبعاد على مدار الـ200 عام الماضية. والآن، أصبح بإمكاننا القيام بنفس الشيء بتقنية ثلاثية الأبعاد».

وفي الآونة الأخيرة، يبدو أن مبيعات سماعات الرأس «كويست» قد استقرت. كما اشتكى بعض المطورين من انخفاض الإيرادات وسط تدفق المستخدمين الأصغر سناً المهتمين بشكل أساسي بالعناوين المجانية، مثل لعبة الواقع الافتراضي الشهيرة «غوريلا تاغ» (Gorilla Tag).

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»تهدف «ميتا» إلى مواجهة هذه الاتجاهات من خلال توسيع جاذبية الواقع الافتراضي بين المستخدمين الأكبر سناً الذين قد لا يكونون مهتمين بالألعاب. ويشمل ذلك التركيز بشكل أكبر على الترفيه التقليدي، بما في ذلك شراكة مع جيمس كاميرون لإنتاج محتوى ثلاثي الأبعاد لخوذ الرأس «كويست».

وتعكس هذه الخطوة الجهود التي بذلتها شركة «أبل» للترويج لسماعة الرأس «فيجين برو» (Vision Pro)، التي واجهت مجموعة من العقبات الخاصة بها. غير أن ذلك لم يُثبط اهتمام الصناعة الأوسع بخوذ الرأس الافتراضية والتقنيات ثلاثية الأبعاد: من المتوقع أن تطلق شركتي «غوغل» و«سامسونغ» خوذ الرأس الخاصة بهما، التي تحمل الاسم الرمزي «مشروع موهان» Project Moohan، في وقت لاحق. وعلى غرار سماعة «فيجين برو»، فإنها موجهة نحو الترفيه ألغامر وحالات الاستخدام في العمل.


مقالات ذات صلة

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعدّ «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» أكبر حدث من نوعه حضوراً في العالم (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني)

بمشاركة دولية واسعة وازدياد في المحتوى... «بلاك هات 25» ينطلق بأرقام قياسية جديدة

أكد متعب القني، الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد السعودي للأمن السيبراني»، أن مؤتمر «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» يحقق هذا العام أرقاماً قياسية جديدة.

غازي الحارثي (الرياض)
خاص الدفاع التنبؤي المعتمد على الذكاء الاصطناعي يمنح المملكة قدرة أكبر على رصد التهديدات مبكراً رغم استمرار الثغرات (شاترستوك)

خاص من التصيّد إلى الاختراق… كيف تتغير ملامح التهديدات السيبرانية في البنية الصناعية السعودية؟

تواجه البنية الصناعية السعودية تهديدات سيبرانية متطورة مع تقارب تقنية المعلومات والتقنيات التشغيلية وتزايد دور الذكاء الاصطناعي واتساع سلاسل الإمداد.

نسيم رمضان (لندن)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».


كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.