«الشرق الأوسط» تزور مختبرات الأبحاث ومجمع التصنيع الذكي لهواتف «أونر» الرائدة

تركيز استراتيجي على تطوير بيئة استخدام متكاملة... وإنتاج هاتف رائد كل 28.5 ثانية بأتمتة تصل إلى 80 %

مجمع التصنيع الذكي للأجهزة الرائدة لـ«أونر»
مجمع التصنيع الذكي للأجهزة الرائدة لـ«أونر»
TT

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات الأبحاث ومجمع التصنيع الذكي لهواتف «أونر» الرائدة

مجمع التصنيع الذكي للأجهزة الرائدة لـ«أونر»
مجمع التصنيع الذكي للأجهزة الرائدة لـ«أونر»

زارت «الشرق الأوسط» مركز أبحاث ومختبرات فحص الجودة ومجمع التصنيع الذكي للأجهزة الرائدة لشركة «أونر» Honor في مدينتي شينزن Shenzhen وشي آن Xi’an في الصين خلال الأسبوع الماضي، حيث تم التعرف على كيفية صناعة الهواتف الجوالة المتقدمة وأنواع الفحوص التي يتم وضع الأجهزة المختلفة خلالها. ولم يكن مسموحاً التقاط أي صور أو عروض فيديو لعملية التصنيع أو لمراكز الأبحاث والتأكد من الجودة والمختبرات بسبب سرية العمليات الموجودة فيها.

هاتف «أونر ماجيك في2» بسماكته المنخفضة

مصنع الأجهزة الرائدة

وتمت زيارة مركز التصنيع الذكي للأجهزة الرائدة للشركة في مدينة شينزن للتعرف على آلية صناعة هاتف «أونر ماجيك في2» Honor Magic V2 المُقبل الذي تنثني شاشته أفقياً (يتم اختبار الهاتف حالياً قبل أكثر من شهر من إطلاقه في المنطقة العربية، وسنشارك ملخص التجربة في موضوع مقبل في ملحق «تقنية المعلومات»). وتابعت «الشرق الأوسط» مراحل التصنيع من إدخال اللوحة الرئيسية للهاتف خالية من أي شريحة إلكترونية على شكل لوحة واحدة فارغة، ومن ثم متابعة إضافة الشرائح الإلكترونية والمكثفات والمقاوَمات وغيرها من الدارات الأخرى، مروراً بمرحلة قص اللوحة الرئيسية بالليزر من المنتصف لوضع كل جزء منها في هيكله، ومن ثم تركيب بطاريتين في جهتي هيكل الهاتف، تليها مرحلة إضافة المفصل الذي يسمح بثني الشاشة أفقياً.

وتمت معاينة إضافة البراغي واللاصق الخاص للبطارية والهيكل، ومن ثم تشغيل البرمجيات الخاصة بالهاتف وفحصها وفحص القدرات اللاسلكية لدارات الشبكات، وفحص شحن البطارية وألوان الشاشة وقدرة الكاميرا على التقاط الصور بشكل صحيح، لتليها مرحلة اختيار الشاحن الكهربائي المناسب لكل منطقة جغرافية حول العالم حسب القوانين المحلية لها، ومن ثم وضع جميع القطع في علبة واحدة وتغليفها.

وتشمل المرحلة الأخيرة فحص المنتج النهائي للتأكد من أن جميع القطع موجودة فيه (بقراءة وزن كل علبة على حدة ومقارنة تلك القيمة بالوزن الافتراضي المحسوب مسبقاً)، والتأكد من عدم وجود بصمات على غلاف العلبة (تم حمل علبة هاتف باليد قبل فحصه باستخدام كاميرات تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتم رفض تلك العلبة المليئة بالقطع الصحيحة، ولكن مع وجود بعض البصمات عليها، وتمت إعادتها إلى قسم إزالة التغليف ومعاودة تغليفها مرة أخرى وفحصها بنجاح).

جدير بالذكر، أن عملية التصنيع هذه آلية بنسبة 80 في المائة، ولم تقابل «الشرق الأوسط» سوى 7 موظفين فقط خلال خط سير العمل الذي يبلغ طوله نحو 180 متراً. ويستطيع خط الإنتاج الواحد تعليب هاتف «ماجيك في2» واحد في كل 28.5 ثانية، ويعمل على مدار اليوم طوال 6 أيام في الأسبوع، مع استخدام ورديات عدة للعمال البشر. وشهدت «الشرق الأوسط» وجود خطوط إنتاج كثيرة لأجهزة أخرى رائدة في المصنع.

مركز الأبحاث والتطوير

وزارت «الشرق الأوسط» مركز الأبحاث والتطوير والاختبارات في مدينة في مدينة شينزن، وتم شرح كيفية تطوير بطاريات للهواتف الجوالة تعمل بتقنيات جديدة تسمح لها حفظ شحنة كبيرة في حجم أصغر من السابق، وهو ما تم استخدامه في هاتف «ماجيك في2» الذي تنثي شاشته أفقياً والذي يستخدم بطارية في كل جهة (تبلغ سماكة الشاشة لدى فتحها 4.8 مليمتر، وتبلغ سماكة الهاتف 9.9 مليمتر بعد طي الشاشة، أي أقل من سنتيمتر واحد)؛ الأمر الذي يجعله الهاتف المحمول الأقل سماكة في العالم بشاشة تنثني.

وتم استعراض كيفية فحص استقبال الإشارة في بيئة شبه معزولة من خلال استخدام غرف فحص فولاذية داخلها قطع إسفنجية معلقة على الجدران تقوم بتشتيت إشارة أبراج الاتصالات لمحاكاة حصول الهاتف على إشارة ضعيفة، ومن ثم تقوية الإشارة في الهاتف ليبقى اتصال المستخدم بالشبكة وبالإنترنت دون أي تقطع. كما تم استعراض إرسال البيانات المتتالية من الهاتف (مثل بث فيديو مباشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي) في بيئة مشابهة لضمان جودة استقبال وإرسال الإشارة.

وخضعت الأجهزة المختلفة لاختبارات السقوط على الأرض الصلبة ومستويات الرطوبة والغبار والحرارة العاليين والبلل بالمياه من جميع الجهات، مع غمر الهاتف تحت سطح الماء لعمق يتجاوز المتر ونصف المتر، إلى جانب فحص الضغط على الجهاز من جهتيه باتجاهات متعاكسة لضمان عدم تحور هيكله أو تشقق أو كسر شاشته، وكانت جميع هذه الاختبارات مؤتمتة.

كما زارت «الشرق الأوسط» مركز الأبحاث والاختبارات للشركة في مدينة شي آن، حيث شهدت الاختبارات الآلية المكثفة للأجهزة المُقبلة، ومنها الكومبيوترات المحمولة والهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية والتلفزيونات الذكية، وغيرها. ومن الاختبارات التي تخضع لها الكومبيوترات المحمولة عملية وصلها وفصلها بعشرات الملحقات مختلفة الوظائف عبر كل منفذ في الكومبيوتر، مثل منافذ «يو إس بي» و«يو إس بي تايب-سي» وHDMI والسماعات الرأسية والشبكات السلكية والشاحن، وغيرها؛ وذلك لفحص قدرة نظام التشغيل والتعاريف على التعامل بسلاسة مع إضافة وإزالة ملحقات وسائط التخزين المحمولة والشاشات الخارجية ووحدات الشبكات اللاسلكية والفأرة اللاسلكية، وغيرها من الملحقات الأخرى، والتعافي بعد إزالتها بسرعة.

وطوّرت الشركة روبوتات تضغط على زر الدخول بنمط النوم Sleep Mode والسبات Hibernation أثناء تصفح الإنترنت أو تشغيل البرامج المختلفة ومن ثم تشغيلها ومراقبة إن كان الكومبيوتر المحمول يستطيع متابعة عمله بالشكل الصحيح أم لا من خلال كاميرات مراقبة آلية تلاحظ محتوى مئات الأجهزة في آن واحد، وتسجيل الملاحظات لإصلاح المشاكل قبل أن يتم الموافقة على الأجهزة الجديدة ونقلها إلى مرحلة التصنيع واسع النطاق.

أما المحطة التالية، فكانت زيارة واحد من مختبرات الأبحاث والاختبارات (يوجد لدى الشركة 126 مختبراً حول العالم) التي تستخدم 18 سيناريو مختلفاً لفحص جودة التصوير في وحدات الكاميرات المقبلة وبشكل آلي. ويتم في هذه السيناريوهات فحص الأجهزة في بيئة تحاكي بيئة الاستخدام الحقيقية، وباستخدام الروبوتات. وتشمل بعض الأمثلة تصوير الأطفال وهم يتحركون في المنزل (باستخدام دمى تجلس على أرجوحة تتحرك آلياً)، وتصوير الحيوانات الأليفة (باستخدام دمى ذات شعر ووبر مختلف)، وتصوير الطبيعة وداخل المطاعم والمقاهي ومتاجر الألبسة بأقمشتها المختلفة، وباستخدام المصابيح التقليدية أو مصابيح الـ«نيون» أو بالإضاءة الخلفية أو الأمامية أو المباشرة أو غير المباشرة أو إضاءة الشمس.

وتم فحص تصوير رؤوس كبيرة لدمى توضع عليها مساحيق التجميل بألوان مختلفة، وذات بشرة مختلفة لمحاكاة البشرة الفاتحة والمعتدلة والداكنة. وتتم جميع هذه الاختبارات باستخدام روبوتات تحمل الهاتف الجوال وتلتقط آلاف الصورة يومياً، لتتم مراجعتها وإعادة وحدات الكاميرات إلى مراكز الأبحاث لتعديل خصائصها بهدف تقديم جودة أفضل للمستخدمين قبل تصنيعها بشكل واسع.

نقاش مع الفريق الإداري

وتحدثت «الشرق الأوسط» مع الدكتور راي جو، الرئيس التنفيذي للتسويق في الشركة، وآشلي هي، مدير عام التسويق والاتصالات العالمية في الشركة، وروبين وو، مدير إطلاق المنتجات لخط الأجهزة الرائدة في الشركة، الذين أكدوا حرص الشركة على تقديم أفضل تجربة استخدام للأجهزة المختلفة من خلال التركيز على إيجاد بيئة استخدام متكاملة بين الأجهزة المختلفة، سواء كانت كومبيوترات محمولة أو أجهزة لوحية أو هواتف جوالة أو ملحقات مختلفة، عوضاً عن التركيز على تقديم منتج بمواصفات تقنية متقدمة فقط.

وأضافوا، أن تكلفة الأبحاث والتطوير لهاتف جوال جديد واحد تتجاوز تلك اللازمة لتطوير سيارة جديدة، وأن الذكاء الاصطناعي سيحدد مستقبل التفاعل مع الأجهزة، إلى جانب تطور البرمجيات أكثر من المواصفات التقنية للدارات الإلكترونية، وخصوصاً فيما يتعلق بتجربة الاستخدام.

كما أكد الفريق على التزام الشركة بتطوير عملياتها في المنطقة العربية عموماً والمملكة العربية السعودية بشكل خاص لخدمة المستخدمين أينما كانوا، مشاركاً تفاصيل لا يمكن الإفصاح عنها حالياً (تشمل الإعلان عن إطلاق مجموعة من مراكز الصيانة في السعودية خلال عام 2024، وضمان إطلاق تحديثات أمنية لسنوات عدة لسلسلة أجهزة «ماجيك» الرائدة، وانفتاح بيئة الاستخدام على ملحقات الشركة الأخرى، مثل ترابط هواتف «أونر» مع ساعة «أبل» بدءاً من الصين). وستكشف الشركة عن المزيد من التفاصيل المرتبطة خلال عام 2024، وستكشف عن الكثير من الأجهزة المبتكرة خلال المنتدى العالمي للأجهزة الجوالة Mobile World Congress MWC في مدينة برشلونة الإسبانية خلال شهر فبراير (شباط) المقبل.


مقالات ذات صلة

خطوات تثبيت نظام التشغيل التجريبي الجديد «iOS 18» من «أبل»

تكنولوجيا يمثل الإصدار التجريبي العام فرصة مثيرة للمستخدمين لاستكشاف هذه الإمكانات الجديدة قبل الإصدار الرسمي (شاترستوك)

خطوات تثبيت نظام التشغيل التجريبي الجديد «iOS 18» من «أبل»

بانتظار إصدار التحديث الجديد رسمياً، إليك بعض الخطوات التحضيرية الحاسمة التي تجب مراعاتها على هاتفك قبل تنزيل تحديث «iOS 18».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تؤرق مسألة فقدان البيانات والصور من الجوال ملايين الأشخاص خشية عدم القدرة على استعادتها مجدداً (شاترستوك)

​تطبيقات لاستعادة البيانات والصور من الجوال في حال فقدانها

إذا لم تكن مجتهداً بعمليات النسخ الاحتياطي فإليك بعض التطبيقات المجانية والمدفوعة للمساعدة في عملية استعادة البيانات والصور

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يرتكب كثير من الأشخاص أخطاء شائعة عند شحن هواتفهم (رويترز)

أخطاء شائعة ترتكبها عند شحن هاتفك

يرتكب كثير من الأشخاص أخطاء عدة عند شحن هواتفهم، قد تؤدي في النهاية إلى إتلافها وخفض عمرها الافتراضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا نظام ذكاء «سامسونغ غالاكسي إيه آي» السبّاق بترجمة المحادثات وتحرير الصور

تعرف على أبرز مزايا تقنيات الذكاء الاصطناعي في الهواتف الجوالة الحديثة

تتسابق شركات التقنية بدعم أجهزتها بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم المزيد من المزايا والوظائف للمستخدمين

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا نظام ذكاء «سامسونغ غالاكسي إيه آي» السبّاق بترجمة المحادثات وتحرير الصور

تعرف على أبرز مزايا تقنيات الذكاء الاصطناعي في الهواتف الجوالة الحديثة

تتسابق شركات التقنية بـدعم أجهزتها بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم المزيد من المزايا والوظائف للمستخدمين.

خلدون غسان سعيد (جدة)

4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
TT

4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

في ذروة منافسات بطولة أوروبا لكرة القدم، منتصف الشهر الماضي، فوجئ ملايين البولنديين بعطل حرمهم من مشاهدة الشوط الأول من مباراة بلادهم أمام هولندا. بعدها بأسبوع، تكرر الأمر، وإن لوقت أقصر، خلال المواجهة مع النمسا.

اتضح أن الواقعتين اللتين استهدفتا شبكة التلفزيون الوطنية «تي في بي»، عبارة عن هجمتين سيبرانيتين من نوع يعرف بـ«الهجوم الموزع لحجب الخدمة» DDoS، وهو استهداف يغرق المواقع والخوادم بزيارات مصطنعة لتعطيل الوصول إلى خدماتها.

عشية دورة الألعاب الأولمبية في باريس، يتوقع المسؤولون عن تأمين هذا الحدث الرياضي العالمي سيبرانياً، أكثر من 4 مليارات حادث، استعدوا لمواجهتها بأول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد وبفرق «استخبارات» ونماذج الذكاء الاصطناعي.

وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط»، يوضح إريك غريفيير، مدير الأعمال والتكنولوجيا في «سيسكو فرنسا» التي تتولى إدارة مركز الأمن السيبراني الموحد للأولمبياد، أن دورة ألعاب طوكيو عام 2021 شهدت حوالي 450 مليون حادث سيبراني. لكن «حجم الحوادث السيبرانية المتوقعة للألعاب الأولمبية الحالية أعلى بعشر مرات على الأقل، مما يستلزم نموذجًا أكثر كفاءة».

«قمرة قيادة» للكشف والاستجابة

حتى أولمبياد طوكيو، كان كل شريك تقني مسؤولاً عن تدابير الأمن السيبراني الخاصة به. إلا أن هذا العام يمثل المرة الأولى التي يشرف فيها شريك واحد للأمن السيبراني على الحدث بأكمله.

ويشير غريفيير إلى أن «وجود مركز تشغيلي واحد للأمن السيبراني يسمح بتنسيق أفضل واستجابة أكثر كفاءة للحوادث»، لافتاً إلى أن هذا القرار يعتمد على نماذج ناجحة في قطاعات أخرى، بما في ذلك القطاع المصرفي ودوري كرة القدم الأميركي حيث تتولى شركته أيضاً مسؤولية الأمن السيبراني.

مدير الأعمال والتكنولوجيا في «سيسكو فرنسا» إريك غريفيير متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (سيسكو)

يعد نظام الكشف والاستجابة الموسع XDRعنصراً محورياً في استراتيجية الشركة الأمنية. وينوه غريفيير إلى أن ذلك النظام يعمل بمثابة «قمرة قيادة شاملة» ويجمع البيانات من مختلف المصادر. كما يسهل التحقيقات من خلال ربط الأحداث، ويقوم بأتمتة الاستجابات للتهديدات المكتشفة. ويضمن هذا «رؤية شاملة لمشهد الأمن السيبراني ويتيح إدارة التهديدات بشكل استباقي»، حسب قوله. وتغطي مجموعة الأمن السيبراني الشاملة تلك جميع جوانب البنية التحتية الرقمية للألعاب الأولمبية، من أمان الشبكة والسحابة والتطبيقات إلى برامج حماية المستخدم النهائي.

ما دور الذكاء الاصطناعي؟

في مجال الأمن السيبراني، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في إدارة كميات هائلة من البيانات وتحديد التهديدات المحتملة. يقول غريفيير لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع توقّع وقوع 4 مليارات حادث، فإن إزالة الضوضاء أمر بالغ الأهمية». ويضيف أن كل حل يستخدمه مركز الأمن السيبراني للأولمبياد يشتمل على شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي لأتمتة معالجة هذه الحوادث، مما يسمح للمحللين بالتركيز على التهديدات الحقيقية.

ومن أمثلة ذلك بيئة تحليلات الشبكة الآمنة التي تجمع وتحلل حركة المرور على الشبكة لتحديد الأنماط غير المتوقعة. ويشير غريفيير إلى أنه من خلال بناء نماذج للسلوك النموذجي، «يمكن اكتشاف الانحرافات التي قد تشير إلى هجوم محتمل». ويعتبر أنه بينما يمكن أن تولد نتائج إيجابية كاذبة، فإنها توفر طبقة أساسية من الأمان من خلال الإشارة إلى أي أنماط غريبة لمزيد من التحقيق.

يتعمق أليكسي لوكاسكي، المدير الإداري ومستشار أعمال الأمن السيبراني في شركة «بوزيتيف تكنولوجيز»، في الدور المعقد الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المهاجمين صقلوا مهاراتهم ويمكنهم من خلال الذكاء الاصطناعي أن يكونوا أكثر فعالية.

يُستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لإدارة كميات البيانات الهائلة وتحديد التهديدات المحتملة في مراقبة الأمن السيبراني (شاترستوك)

ويشير إلى انتشار مقطع فيديو مزيف يُزعم أنه من وكالة المخابرات المركزية الأميركية على الإنترنت قبل بدء الألعاب الأولمبية يحذر الأميركيين من استخدام مترو باريس بسبب خطر وقوع هجوم إرهابي. كما ظهر فيلم وثائقي مزيف منسوب إلى «نتفليكس» يظهر فيه الممثل الأميركي توم كروز يدين قيادة اللجنة الأولمبية الدولية.

ويعتبر لوكاسكي أن المعلومات المضللة هي التغيير الرئيسي في استغلال الذكاء الاصطناعي لأغراض ضارة خلال هذه الألعاب الأولمبية. ويحذر من أن ملايين الناس سيسافرون إلى باريس من دون معرفة المدينة أو المناطق المحيطة بها جيداً. وقد يواجهون محاولات التصيد الاحتيالي بجميع أشكاله، كالتطبيقات المزيفة، والمواقع المزيفة لبيع التذاكر، وحجز الفنادق، والمواصلات، إضافة إلى البث المزيف ونتائج الأحداث الرياضية المزيفة. هذه تهديدات تقليدية وستركز على أكبر حدث رياضي هذا العام لتجبر المستخدمين على التخلي عن بياناتهم الشخصية وأموالهم وخصوصيتهم.

«فريق استخبارات» التهديدات السيبرانية

عند السؤال عن أنواع التهديدات السيبرانية التي قد تواجهها الألعاب الأولمبية، يجيب غريفيير بأن المخاطر الأساسية قد تتمثل في انقطاع المسابقات والبث، ما يؤثر بشكل مباشر على نجاح الحدث وإيراداته. ويتابع أن التهديدات الأخرى قد تتراوح من سرقة البيانات ونشر برامج الفدية إلى التخريب. ويوضح أن «فريق استخبارات التهديدات (سيسكو تالوس) يراقب باستمرار الأنشطة التي قد تشير إلى تهديدات محتملة».

تلعب وحدة استخبارات التهديدات هذه دوراً محورياً في حماية الألعاب الأولمبية. وقد تم تكليف هذا الفريق بمراقبة التهديدات الإلكترونية العالمية وتوفير المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب لاستباق الهجمات المحتملة.

ويلفت غريفيير إلى أن شركته تراقب منذ أوائل عام 2022، «كل خطأ يمكن أن يحدث»، ومن خلال دراسة كيفية عمل مجرمي الإنترنت «يمكن توقع تحركاتهم بشكل أفضل وتنفيذ تدابير مضادة فعالة، لضمان بقاء الفريق متقدماً بخطوة على التهديدات المحتملة، وتحديد أي نشاط مشبوه ومعالجته بسرعة».

أبعاد سياسية

ويحذر باولو باسيري، أخصائي الاستخبارات الإلكترونية في شركة «نيت سكوب»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من دور مجرمي الإنترنت خلال فترات الاهتمام الإعلامي العالمي بالأحداث الرياضية الدولية، ويؤكد على أهمية وجود أنظمة أمنية واسعة النطاق وشاملة.

انقطاع المسابقات والبث مخاطر أساسية تهدد الألعاب الأولمبية على الصعيد السيبراني (شاترستوك)

ويقول إن الأحداث الرياضية تشكل فرصة لمجرمي الإنترنت لتطبيق تقنياتهم على أكبر عدد ممكن من الناس وتعطيل المنظمات من أجل المطالبة بفدية أو إيصال رسالة. وبالتالي فإن قضية الأمن السيبراني تشكل مصدر قلق رئيسياً.

ويشير باسيري إلى برنامج Olympic Destroyer الضار الذي اتهمت الولايات المتحدة الاستخبارات الروسية بتطويره وكان مسؤولاً عن تعطيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018 في كوريا الجنوبية. ويعتبر أن «خطر حدوث اضطرابات مماثلة أصبح اليوم أكثر أهمية بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي في أجزاء مختلفة من العالم».

دور الاستجابة للحوادث

في حالة وقوع حادث إلكتروني، يُعد وجود خطة قوية للاستجابة للحوادث أمرًا بالغ الأهمية. وقد نفذت «سيسكو» إطار عمل شامل للاستجابة للحوادث للتعامل مع التهديدات المحتملة. ويشرح غريفيير أن خطة الاستجابة للحوادث تتضمن طبقات متعددة من الدفاع، من الاكتشاف الأولي إلى العلاج، وأن فريقه يجري تدريبات ومحاكاة منتظمة لضمان استعداده للاستجابة لأي موقف.

تم تصميم هذه التدريبات لاختبار جاهزية فريق الأمن السيبراني والتأكد من اتباع جميع البروتوكولات بشكل صحيح بما في ذلك خروقات البيانات وهجمات برامج الفدية واختراقات الشبكة، لتقييم قدرات الاستجابة. ويساعد هذا في تحديد أي ثغرات في الدفاعات وتحسين استراتيجيات الاستجابة، بحسب وصفه.

لكن غريفيير يوضح أن التعاون الفعال بين اللجنة الأولمبية الدولية ومختلف شركاء التكنولوجيا «هو مفتاح نجاحنا» في مهمة التأمين، مشيراً إلى أنه «من خلال مشاركة المعلومات والعمل معًا، يمكننا حماية الحدث بشكل أفضل من التهديدات السيبرانية. إنه جهد جماعي، ويلعب الجميع دوراً حاسماً في ضمان أمن الألعاب الأولمبية».

مع إشعال الشعلة الأولمبية لروح المنافسة، سترسم الدروس المستفادة والابتكارات التي تم تطويرها للألعاب الأولمبية 2024، شكل ممارسات الأمن السيبراني للأحداث المستقبلية بهذا الحجم.