تعج قاعات «قمة الويب 2023» المنعقدة في مدينة لشبونة البرتغالية، منذ يوم الاثنين، بعشرات المحاضرات والنقاشات واللقاءات على مدار الساعة، يلقيها أكثر من ألف خبير ومتحدث في مجال التكنولوجيا، ما يجعل من الصعوبة الاختيار بينها.
وقد ركزت محاضرة ألقتها كاسي كوزيركوف، الرئيسة التنفيذية لشركة «Data Scientific»، وحضرتها «الشرق الأوسط»، على آفاق دمج الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة وتأثيره على الوظائف في المستقبل.
نوعان من الذكاء الاصطناعي
بدأت كوزيركوف مناقشتها بنظرة عامة على تطور الذكاء الاصطناعي، مع التمييز بين «الذكاء الاصطناعي التمييزي» (Discriminative AI) الذي يركز على وضع العلامات والتصنيف و«الذكاء الاصطناعي التوليدي» (Generative AI) الأحدث الذي يشيع استخدامه الآن على نطاق واسع. وباستخدام الحكايات المسلية والتطبيقات الواقعية، سلطت كوزيركوف الضوء على احتمالية ارتكاب الذكاء الاصطناعي للخطأ، مؤكدة على الحاجة إلى الرقابة البشرية.
الذكاء الاصطناعي أداة وليس البديل
كان الموضوع الأساسي لحديث كاسي كوزيركوف الرئيسة التنفيذية لشركة «Data Scientific»، هو دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة تعزز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها. فمن خلال الإشارة إلى عمل «النافورة» الفني لمارسيل دوشامب (1917)، دافعت كوزيركوف عن أهمية الإبداع البشري وصنع القرار في استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث افترضت أنه في حين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في التنفيذ، فإن الجوانب الإبداعية لأي مهمة تظل من صنع الإنسان بشكل كبير.
مستقبل العمل: التركيز على الإنسان
تطرح كوزيركوف السؤال الملح: «ما الوظائف التي ستظل بشرية بالكامل؟»، تشير في محاضرتها إلى أنه في حين يعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع الأتمتة، فإنه لا يمكن أتمتة العناصر البشرية الأساسية مثل صنع القرار والإبداع وحل المشكلات ومهارات التعامل مع الآخرين. واقترحت أن هذه الأمور ستصبح أكثر أهمية في عالم الذكاء الاصطناعي المتطور سريعاً.
توازن التكنولوجيا والخبرة البشرية
النقطة اللافتة للنظر في المحاضرة كانت الحاجة إلى الخبرة البشرية لتوجيه مخرجات الذكاء الاصطناعي والتحقق منها. وحذرت كوزيركوف من مخاطر الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي دون الفهم أو الرقابة الكافية، خاصة في أتمتة المؤسسات. كما شددت على أنه مع ازدياد اندماج الذكاء الاصطناعي في أماكن العمل، فإن مهارات الإدارة والمراقبة والتعاون مع أنظمة الذكاء الاصطناعي ستكون حاسمة.
التطلع إلى المستقبل
تصورت كوزيركوف مستقبلاً يعمل فيه الذكاء الاصطناعي أداة لإطلاق العنان للإمكانات البشرية بدلاً من استبدال العمل البشري. وسلّطت الضوء على الحاجة إلى القدرة على التكيف والتعاون والثقة في عالم يطمس فيه الذكاء الاصطناعي الخطوط الفاصلة بين القدرات البشرية والآلات. وترى أن المستقبل يقوم على التعاون بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري لمواجهة التحديات العالمية.
وقد رسمت رؤى كاسي كوزيركوف في «قمة الويب 2023» في لشبونة صورة لمستقبل معزز بالذكاء الاصطناعي ليس حتمياً فحسب، بل مليئاً أيضاً بالإمكانات. ويبدو أن تركيزها على القيمة الدائمة للإبداع البشري، وصنع القرار، ومهارات التعامل مع الآخرين في عصر الذكاء الاصطناعي هو بمثابة ضوء إرشادي للشركات والأفراد الذين يتنقلون في مشهد العمل المتطور.