أول ملصق لسيارة سباق في العالم مصمم بالذكاء الاصطناعي

مشروع مشترك بين «نيوم» و«ماكلارين»

أول ملصق لسيارة سباق في العالم مصمم بالذكاء الاصطناعي
TT

أول ملصق لسيارة سباق في العالم مصمم بالذكاء الاصطناعي

أول ملصق لسيارة سباق في العالم مصمم بالذكاء الاصطناعي

في حدث يمزج بين الفن والتكنولوجيا، كشف فريق «نيوم ماكلارين فورمولا إي» الأربعاء الغطاء عن أول ملصق سيارة رياضية في العالم مصمم بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، في حدث استضافه مركز «ماكلارين» التقني في مدينة «ووكينج» اﻹنجليزية.

سيُعرض الملصق خلال سباق لندن للسيارات الكهربائية، الذي سينعقد يومي 29 و30 يوليو (حزيران) الحالي، وهو نتيجة تعاون فريد بين «نيوم» و«ماكلارين ريسينغ»، التي تحتفل بالذكرى الستين لتأسيسها.

كما يمثل الملصق عملاً إبداعياً يجمع رؤى مستقبلية للتصميم قدمها كل من السائقين رينيه راست، وجيك هيوز، بالإضافة إلى أربعة أعضاء في برنامج «نيوم» لتطوير الخريجين.

تهدف «نيوم» من خلال هذا المشروع إلى دعم مفهوم الحلول المستدامة ورعاية المواهب السعودية (نيوم)

مراحل الوصول إلى التصميم النهائي

تمت معالجة رؤية المشاركين الستة في المشروع بهدف إنتاج عدد من النصوص التي تصف النماذج المطلوبة وبعدها جرى استخدام برنامج لتحويل النصوص إلى صور وتصاميم فنية محددة تعكس رؤية كل منهم.

تلا ذلك عملية دمج النماذج الستة في تصميم واحد عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، قبل أن يتم تحسين جودة التصميم بنسخته الأخيرة من قبل مصممي فريق «ماكلارين ريسينغ» الذين وضعوه على ملصق يغطي الهيكل الخارجي للسيارة.

أول ملصق سيارة رياضية في العالم مصمم بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي (نيوم)

يعكس التصميم العديد من التزامات مدينة «نيوم» كما يقول نظمي النصر الرئيس التنفيذي للمشروع. ويعتبر النصر «أن الشراكة مع (ماكلارين ريسنغ) تدعم مفهوم الحلول المستدامة ورعاية المواهب السعودية من خلال الفرص التطويرية وتقديم تقنيات جديدة للعالم».

مواهب شابة سعودية تشارك في التصميم

سينضم خريجو «نيوم» في وقت لاحق من هذا العام، وهم من الشباب السعوديين، الذين لعبوا دوراً أساسياً في عملية تصميم الملصق، إلى برنامج «نيوم ماكلارين» لتطوير ورعاية المواهب، لينخرطوا في برنامج تطويري مع الفريق مدته 12 شهراً، وهو جزء من مبادرة مستمرة، سيستفيد منها عدد من الخريجين السعوديين على مدار الأعوام المقبلة، بهدف تطوير المواهب المحلية وتزويدها بالخبرة اللازمة من «ماكلارين»، التي تعد إحدى المؤسسات العالمية موثوقة الأداء.

عدد من الخريجين السعوديين شاركوا في عملية تصميم ملصق السيارة (نيوم)

يعتبر القائمون على المشروع أن شراكة «نيوم ماكلارين للسباقات الكهربائية» تجمع قيماً مشتركة لمستقبل أفضل، وتدعم تطلعات «نيوم» لتصبح رائدة عالمياً في التقنيات والابتكارات في المجال الرياضي، من خلال التعاون وإحداث تأثير إيجابي داخل القطاع وخارجه.

وتعتبر «فورمولا إي» بطولة عالمية كهربائية بمقعد واحد تعكس مفهوم الابتكار والاستدامة في جوهرها. تتسابق السلسلة في بعض أكثر مدن العالم شهرة بهدف التثقيف والإثارة والإلهام بشأن التنقل المستدام. كما تعد «فورمولا إي» جزءاً من محفظة «ماكلارين رايسنغ»، جنباً إلى جنب مع «فورمولا 1» و«إندي كار» و«إكستريم إي» و «إي سبورتس».


مقالات ذات صلة

غالتييه: لن ننظر إلى ترتيب «النجمة» في «الدوري السعودي»

رياضة سعودية كريستوف غالتييه (الشرق الأوسط)

غالتييه: لن ننظر إلى ترتيب «النجمة» في «الدوري السعودي»

أبدى كريستوف غالتييه، مدرب فريق نيوم، سعادته لاستئناف بطولة «الدوري»، وقال: كانت فترة التوقف طويلة ولم تلعب مباريات رسمية وقمنا بتنظيم معسكر مصغر.

حامد القرني (تبوك)
رياضة سعودية من المواجهة الودية التي جمعت الهلال ونيوم (نادي الهلال)

الهلال يخسر ودية نيوم قبل مواجهة الشارقة «آسيوياً»

خسر الهلال ثاني لقاءاته الودية خلال فترة التوقف وذلك أمام فريق نيوم بنتيجة 1-2، في ختام تحضيرات أزرق العاصمة لاستكمال منافسات الموسم الكروي.

هيثم الزاحم (الرياض )
الاقتصاد صورة جوية لـ«أوكساجون» (موقعها الإلكتروني)

«أوكساجون» تؤجر أرضاً لتطوير منشأة لإنتاج الغازات الصناعية باستثمار يبلغ 160 مليون دولار

أعلنت «أوكساجون»؛ مدينة الصناعات النظيفة والمتقدمة في «نيوم»، توقيع اتفاقية تأجير أرض لـ«شركة عبد الله هاشم للغازات والمعدات» باستثمار قيمته 600 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية يوجد نادي نيوم في المركز السابع برصيد 13 نقطة وخرج من كأس خادم الحرمين الشريفين (نادي نيوم)

هل مستويات نيوم مقنعة حتى الآن في الدوري السعودي؟

لم يكسب فريق نيوم رضا جماهيره بعد مرور ثماني جولات بالدوري السعودي إذ يحتل المركز السابع برصيد 13 نقطة إضافة إلى خروجه المفاجئ من كأس الملك

حامد القرني (تبوك)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي متحدثاً في «تورايز 2025» (الشرق الأوسط)

السعودية تقود تحول السياحة العالمية باستثمارات تتجاوز 200 مليار دولار

تقود السعودية تحولاً عالمياً في قطاع السياحة من خلال منصة «تورايز 2025» الرائدة، التي تهدف للمبادرة إلى توحيد الحكومات، والقطاع الخاص لنمو مستدام.

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)

5 طرق مُدهشة لاستخدام الذكاء الاصطناعي

5 طرق مُدهشة لاستخدام الذكاء الاصطناعي
TT

5 طرق مُدهشة لاستخدام الذكاء الاصطناعي

5 طرق مُدهشة لاستخدام الذكاء الاصطناعي

أُحبّذ دفع الذكاء الاصطناعي نحو مزيد من التميّز. فعندما تكون مساعدات الذكاء الاصطناعي أقل رتابة وأكثر جرأة، فإنها تُحفّزني على إعادة التفكير وتُشجّعني على إعادة النظر في أفكاري.

أساليب غير تقليدية

لذا، طلبتُ من ألكسندرا صموئيل، إحدى أكثر مُجرّبات الذكاء الاصطناعي جرأةً التي أعرفها، أن تُشاركني نصائحها وأساليبها غير التقليدية خلال زيارتها الأخيرة لنيويورك قادمةً من فانكوفر.

ألكسندرا، التي تكتب عن الذكاء الاصطناعي في صحيفة «وول ستريت جورنال» ومجلة «هارفارد بزنس ريفيو»، فاجأتني بحجم جهودها في هذا المجال. فقد وصفت كيف أنشأت أكثر من 200 برنامج أتمتة، وكيف بنت قاعدة بيانات شخصية للأفكار تُساعدها على صياغة رسائل البريد الإلكتروني التسويقية.

أما أغرب أساليبها؟ فهو استخدام تطبيق «سونو» لتوليد أغانٍ لشرح المفاهيم المُعقّدة. ويستكشف بودكاستها الجديد المفعم بالحيوية «أنا + فيف Me + Viv»، علاقتها غير المألوفة مع مساعد ذكاء اصطناعي درّبته ليكون بمنزلة مدربها وشريكها. وهي تُجري مقابلات مع مُشكّكين في الذكاء الاصطناعي.

نصائح لتوظيف الذكاء الاصطناعي

وإليكم خمس نصائح من ألكسندرا:

1. استخدم «سونو Suno» لتحويل الكلمات إلى موسيقى جذابة.

* ما «سونو»؟ منصة لتوليد الموسيقى بالذكاء الاصطناعي لإنشاء أغانٍ مخصصة. تستخدم أليكس «سونو» بكثرة لإنشاء أغانٍ لبودكاستها عن الذكاء الاصطناعي، وتعده أداةً لسرد القصص أكثر من كونه مجرد أداة لإنشاء الموسيقى. وتقول: «أشبه بقرد يلعب بآلة قمار. من المعتاد أن أُنشئ الأغنية نفسها 50 أو 100 مرة، وربما حتى 200 مرة».

تساعدها هذه العملية التكرارية على الوصول إلى النسخة المثالية. وتقول إن «سونو» يواجه صعوبة في التبديل بين الأصوات الذكورية والأنثوية، أو الأنماط الموسيقية، أو اللغات في أثناء غناء الأغنية. وتقترح أليكس استخدام كلماتك الخاصة مع «سونو» للحصول على نتائج أفضل من الاعتماد على خاصية توليد الكلمات المدمجة.

جرّبه في: تحويل المقالات أو الإعلانات إلى أغانٍ ترويجية قصيرة؛ أو إنشاء شروحات موسيقية جذابة؛ أو إنشاء أغنية للاشتراك في النشرة الإخبارية.

* بديلٌ آخر توصي به: العمل بشكل تكراري مع مساعد ذكاء اصطناعي مثل«كلود» Claude لتطوير كلمات الأغاني التي تستوردها بعد ذلك إلى «سونو».

* بدائل اخرى: Udio، ElevenLabs Music.

مركز مرن وسهل للإنتاجية

2. «كودا» Coda. أنشئ مركز إنتاجيتك الخاص.

* ما «كودا Coda»؟ أداة برمجية لإنشاء مستندات وقواعد بيانات مخصصة. لقد كتبتُ سابقاً عن مدى التقليل من شأن Coda كبديل لأدوات مفيدة أخرى مثل Notion وAirtable.

تصف أليكس «كودا» بأنه مركز شامل يمكنك من خلاله بناء أدواتك الخاصة. وتجعله ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة أسهل استخداماً وأكثر مرونة. استخدمت أليكس «كودا» لتصميم «آلة عرض الأفكار» الخاصة بها، وهي نظام متطور لتتبع القصص.

لديها جدول واحد في آلة عرض الأفكار يحتوي على جميع أفكار قصصها. وجدول آخر في «كودا» يحتوي على جميع المنشورات التي تكتب هي لها، مع أسماء المحررين ومعلومات الاتصال بهم.

بضغطة زر في «كودا»، يمكنها دمج عدة أفكار قصص في مسودة واحدة على جي ميل مع تحديث حقول التتبع وتواريخ المتابعة تلقائياً. استغرق الإعداد بعض الوقت، لكنه يوفر لها الآن الكثير من الوقت.

لمن صُمم «كودا»؟ توصي أليكس باستعماله للمستخدمين المتقدمين الذين يستمتعون بالتجربة التقنية.

* جرّبه في: تتبع أفكار المشاريع والحملات، وإدارة قاعدة بيانات العملاء، أو إنشاء رسائل البريد الإلكتروني أو رسائل «سلاك» تلقائياً.

* بدائل اخرى: Notion, Airtable, Google Workspace, Obsidian.

إنشاء فيديوهات اجتماعية

3. «كاب كات». CapCut إنشاء فيديوهات اجتماعية بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

* ما «كاب كات»؟ منصة لتحرير الفيديو مزودة بميزات الذكاء الاصطناعي.

تستخدم أليكس «كاب كات»، بالإضافة إلى نصوص Python مخصصة، لإنشاء فيديوهات موسيقية لمنصات «إنستغرام» و«يوتيوب» و«تيك توك». وتقول إن لديها مشاعر مختلطة تجاه «كاب كات» بسبب ملكية TikTok/ByteDance له، لكنها تعتمد عليه حالياً. وهي تعمل على نظام لمزامنة ظهور الترجمة على الشاشة مع لحظة سماع كلمات الأغنية.

* جرّبه في: إنشاء فيديوهات أنيقة مع ترجمة مكتوبة لوسائل التواصل الاجتماعي، أو لتحويل ملفات البودكاست إلى فيديوهات.

* بدائل اخرى: Captions, Descript، أو Kapwing.

الوثائق والمستندات

4. «كلاود + بروتوكول سياق النموذج إم سي بي» Claude + MCP... ربط الذكاء الاصطناعي بمستنداتك.

* ما «كلاود+ بروتوكول سياق النموذج إم سي بي»؟ هو مساعد ذكاء اصطناعي متصل بقواعد بيانات وأدوات خارجية عبر بروتوكول سياق النموذج Model Context Protocol (MCP).

تتيح خوادم MCP ربط المواقع والتطبيقات بمنصات الذكاء الاصطناعي. وهكذا ربطت أليكس حسابها على منصة «كودا» ببرنامج «كلاود».

والآن بعد الربط، تستطيع أليكس طرح أسئلة بسيطة على «كلاود»، الذي يمكنه بدوره البحث عن معلومات في مستنداتها على «كودا».

تقول ألكسندرا: «بإمكاني ببساطة إجراء محادثة مع (كلاود)، مثلاً: مرحباً (كلاود)، لقد تحدثتُ للتو مع محرر. يبحث عن مقالات حول خصوصية البيانات. هل يمكنك الاطلاع على مستندي على (كودا) ومعرفة أفكار القصص التي قد تكون ذات صلة؟». وتؤكد ألكسندرا أهمية الاعتبارات الأمنية: يجب على الصحافيين الذين يغطون مواضيع حساسة تجنب هذا النوع من سير العمل التجريبي إذا كانوا يحمون معلومات من مصادر مجهولة.

تؤكد ألكسندرا أهمية مراعاة الجوانب الأمنية: يجب على الصحافيين الذين يغطون مواضيع حساسة تجنب هذا النوع من سير العمل التجريبي إذا كانوا يحمون معلومات من مصادر مجهولة.

* جرّبه في: الاستعلام عن قواعد البيانات المعقدة، والعثور على أعمال سابقة ذات صلة بالمشاريع الجديدة، وتحليل الأنماط في مستنداتك، ودمج مصادر بيانات متعددة لاستخلاص رؤى قيّمة.

* بدائل أخرى: موصل Google Drive في Claude أو ChatGPT؛ أو إعداد مخصص لـ NotebookLM.

إنجاز المهمات بسرعة

5. «كلاود كود Claude Code»: قلّل من العمل المتكرر.

* ما «كلاود كود»؟ مساعد برمجة مدعوم بالذكاء الاصطناعي يعمل محلياً على جهاز الكمبيوتر الخاص بك، ويساعد المطورين على كتابة التعليمات البرمجية بشكل أسرع، كما يساعد غير المبرمجين على إنجاز المهام التقنية باستخدام توجيهات اللغة الطبيعية. يمكنك استخدامه لتنظيم الملفات على حاسوبك المحمول، أو إنشاء برامج Python النصية، أو تصميم تطبيقات أو ألعاب تفاعلية صغيرة.

على الرغم من تدريبه المحدود في البرمجة، فقد كتبت الكسندرا نحو 200 برنامج Python نصي باستخدام «كلاود كود». وقد ساعدت نصوص ألكسندرا البرمجية في دمج ملفات PDF وإنشاء ترجمات مُرمّزة زمنياً للفيديوهات. كما استخدمت «كلاود كود». لإنشاء إضافة خاصة بها لمتصفح «فايرفوكس» لتطبيق تتبع مالي.

* جرّبه في: معالجة الملفات دفعة واحدة، أو تحويل البيانات، أو إنشاء إضافات للمتصفح لحل مشكلاتك الخاصة.

- مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

Your Premium trial has ended


فيديوهات الذكاء الاصطناعي المُضللة تغمر مواقع التواصل الاجتماعي

فيديوهات الذكاء الاصطناعي المُضللة تغمر مواقع التواصل الاجتماعي
TT

فيديوهات الذكاء الاصطناعي المُضللة تغمر مواقع التواصل الاجتماعي

فيديوهات الذكاء الاصطناعي المُضللة تغمر مواقع التواصل الاجتماعي

انتشر، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقطع فيديو على تطبيق «تيك توك» يُظهر امرأة تُجري مقابلة مع مراسلة تلفزيونية حول بيع قسائم الطعام (التي تمنح في أميركا لضعيفي الدخل)، كما كتب ستيفن لي مايرز وستيوارت إيه طومسون(*).

لم تكن المرأة حقيقية، ولم يحدث هذا الحوار أصلاً؛ فقد تم توليد الفيديو بواسطة الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، بدا أن الناس يعتقدون أن هذا حوار حقيقي حول بيع قسائم الطعام مقابل المال، وهو ما يُعد جريمة.

وقد انخدعت قناة «فوكس نيوز» بفيديو مزيف مماثل، معتبرة إياه مثالاً على الغضب الشعبي إزاء إساءة استخدام قسائم الطعام، وذلك في مقال تم حذفه لاحقاً من موقعها الإلكتروني.

تُظهر مقاطع الفيديو، مثل المقابلة المُفبركة التي تم إنشاؤها باستخدام تطبيق «سورا» الجديد من «أوبن إيه آي»، مدى سهولة التلاعب بالرأي العام، بواسطة أدوات قادرة على خلق واقع بديل، من خلال سلسلة من التوجيهات البسيطة.

وفي الشهرين الماضيين منذ إطلاق «سورا»، انتشرت مقاطع الفيديو المُضللة بشكل كبير على منصات «تيك توك»، و«إكس»، و«يوتيوب»، و«فيسبوك»، و«إنستغرام»، وفقاً لخبراء مُختصين في رصدها. وقد أثار هذا الانتشار الواسع مخاوف بشأن جيل جديد من المعلومات المُضللة والأخبار الكاذبة.

عدم كفاية وسائل ضبط التضليل

تتبنى معظم شركات التواصل الاجتماعي الكبرى سياسات تُلزم بالإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحظر بشكل عام المحتوى الذي يهدف إلى التضليل. إلا أن هذه الضوابط أثبتت عدم كفايتها بشكل كبير، لمواكبة التطورات التكنولوجية الهائلة التي تُمثلها أدوات «أوبن إيه آي».

وبينما يُقدم العديد من مقاطع الفيديو صوراً ساخرة أو صوراً مُفبركة لأطفال وحيوانات أليفة؛ فإن بعضها الآخر يهدف إلى تأجيج الكراهية التي غالباً ما تُهيمن على النقاشات السياسية على الإنترنت. وقد استخدمت هذه المقاطع بالفعل في عمليات التأثير الأجنبي.

مسؤوليات الشركات

وقال باحثون تتبعوا الاستخدامات الخادعة إن المسؤولية تقع الآن على عاتق الشركات لبذل المزيد من الجهد لضمان معرفة الناس بالحقيقي والمزيف.

وتساءل سام غريغوري، المدير التنفيذي لمنظمة «ويتنس Witness» (الشاهد) المعنية بحقوق الإنسان التي تركز على مخاطر التكنولوجيا: «هل بإمكانهم تحسين إدارة المحتوى ومكافحة المعلومات المضللة والمغلوطة؟ من الواضح أنهم لا يفعلون ذلك. هل بإمكانهم بذل المزيد من الجهد في البحث الاستباقي عن المعلومات المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي وتصنيفها بأنفسهم؟ الإجابة هي: (نعم) أيضاً - أي أنهم لا يفعلون ذلك».

ولم تستخدم الفيديوهات المُفبركة للسخرية من الفقراء فقط، بل من الرئيس ترمب أيضاً.

وحتى الآن، اعتمدت هذه المنصات بشكل كبير على مُنشئي المحتوى للكشف عن أن المحتوى الذي ينشرونه غير حقيقي، لكن هؤلاء لا يفعلون ذلك دائماً. ورغم وجود طرق تُمكّن منصات، مثل «يوتيوب» و«تيك توك» وغيرهما، من اكتشاف أن الفيديو مُفبرك باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا تُنبّه المشاهدين دائماً على الفور.

وقالت نبيهة سيد، المديرة التنفيذية لمؤسسة «موزيلا»، وهي مؤسسة غير ربحية تُعنى بسلامة التكنولوجيا وتدعم متصفح «فايرفوكس»، مُعلقة على شركات التواصل الاجتماعي: «كان ينبغي عليهم أن يكونوا مُستعدين».

علامات رصد التزييف

تؤكد الشركات المطورة لأدوات الذكاء الاصطناعي أنها تسعى لتوضيح طبيعة المحتوى المُنشأ بواسطة الكومبيوترات، للمستخدمين. وتقوم كل من «سورا» والأداة المنافسة «فيو» التي تقدمها «غوغل»، بوضع علامة مائية مرئية على مقاطع الفيديو التي تنتجها. فعلى سبيل المثال، تضع «سورا» علامة «سورا» على كل فيديو. كما تُضيف الشركتان بيانات وصفية غير مرئية، يمكن قراءتها بواسطة الحاسوب، لتحديد مصدر كل فيديو مزيف.

وتتمثل الفكرة في إعلام المستخدمين بأن ما يشاهدونه ليس حقيقياً، وتزويد المنصات التي تعرض هذه الفيديوهات بالإشارات الرقمية اللازمة لكشفها تلقائياً.

تستخدم بعض المنصات هذه التقنية؛ فقد أعلنت منصة «تيك توك»، استجابة على ما يبدو للمخاوف بشأن مدى إقناع الفيديوهات المزيفة، الأسبوع الماضي، أنها ستشدد قواعدها المتعلقة بالإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي. كما وعدت بأدوات جديدة تُمكّن المستخدمين من تحديد مقدار المحتوى المُصطنع - مقارنة بالمحتوى الحقيقي - الذي يرغبون بمشاهدته.

ويستخدم «يوتيوب» العلامة المائية غير المرئية لتقنية «سورا» لإضافة ملصق صغير يُشير إلى أن فيديوهات الذكاء الاصطناعي «مُعدّلة أو مُصطنعة».

وقال جاك مالون، المتحدث باسم «يوتيوب»: «يرغب المشاهدون بشكل متزايد في مزيد من الشفافية حول ما إذا كان المحتوى الذي يشاهدونه مُعدّلاً أم مُصطنعاً».

سهولة التحايل

مع ذلك، قد تظهر الملصقات أحياناً بعد أن يشاهد الفيديوهات آلاف أو حتى ملايين الأشخاص. وفي بعض الأحيان، لا تظهر على الإطلاق.

وقد اكتشف أصحاب النيات الخبيثة سهولة التحايل على قواعد الإفصاح. فبعضهم يتجاهلها ببساطة، بينما يقوم آخرون بالتلاعب بالفيديوهات لإزالة العلامات المائية التعريفية. ووجدت صحيفة «نيويورك تايمز» عشرات الأمثلة على فيديوهات «سورا» التي تظهر على «يوتيوب» من دون العلامة الآلية.

وقد ظهرت عدة شركات تقدم خدمات إزالة الشعارات والعلامات المائية. كما أن تعديل الفيديوهات أو مشاركتها قد يؤديان إلى إزالة البيانات الوصفية المضمنة في الفيديو الأصلي، التي تشير إلى أنه تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وحتى عندما تبقى الشعارات ظاهرة، قد لا يلاحظها المستخدمون أثناء التصفح السريع على هواتفهم.

انخداع المشاهدين

ووفقاً لتحليل التعليقات الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تصنيف محتوى التعليقات، فإن ما يقرب من الثلثين، من ضمن أكثر من 3000 مستخدم علّقوا على فيديو «تيك توك» حول قسائم الطعام، تعاملوا معه كما لو كان حقيقياً.

وفي بيان لها، قالت «أوبن إيه آي» إنها تحظر الاستخدامات الخادعة أو المضللة لـ«سورا»، وتتخذ إجراءات ضد منتهكي سياساتها. وأضافت الشركة أن تطبيقها ليس سوى واحد من بين عشرات الأدوات المماثلة القادرة على إنشاء فيديوهات واقعية بشكل متزايد لا يطبق العديد منها أي ضمانات أو قيود على الاستخدام.

وأضافت الشركة: «تُنشأ مقاطع الفيديو المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتُشارك عبر العديد من الأدوات المختلفة، لذا فإنّ معالجة المحتوى المُضلّل تتطلّب جهداً شاملاً من جميع الأطراف المعنية».

من جهته قال متحدث باسم شركة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام»، إنّه ليس من الممكن دائماً تصنيف جميع مقاطع الفيديو المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، لا سيما مع التطور السريع لهذه التقنية. وأضاف أنّ الشركة تعمل على تحسين أنظمة تصنيف المحتوى.

ولم تستجب منصتا «إكس» و«تيك توك» لطلبات التعليق على انتشار مقاطع الفيديو المُزيّفة المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

لا يوجد حافز مالي لتقييد نشر الفيديوهات

وقال ألون يامين، الرئيس التنفيذي لشركة «Copyleaks»، وهي شركة تُعنى بكشف محتوى الذكاء الاصطناعي، إنّ منصات التواصل الاجتماعي لا تملك أي حافز مالي لتقييد انتشار مقاطع الفيديو طالما استمرّ المستخدمون في النقر عليها.

وأضاف: «على المدى البعيد، عندما يُصبح 90 في المائة من حركة المرور على المحتوى في منصّتك مُولّداً بواسطة الذكاء الاصطناعي، فإنّ ذلك يُثير تساؤلات حول جودة المنصّة والمحتوى.. لذا ربما على المدى الطويل، قد تكون هناك حوافز مالية أكبر لضبط محتوى الذكاء الاصطناعي فعلياً. لكن على المدى القصير، لا يمثل ذلك أولوية رئيسية».

* خدمة «نيويورك تايمز»


من الطاقة إلى الرقاقة: تحالف سعودي - أميركي نحو عصر تقني جديد

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبا بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبا بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT

من الطاقة إلى الرقاقة: تحالف سعودي - أميركي نحو عصر تقني جديد

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبا بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبا بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

في عام 1945، وعلى سطح البارجة الأميركية «كوينسي»، وُلد تحالف غيّر وجه العالم. لقاء جمع الملك عبد العزيز آل سعود بالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، وكانت لحظته انطلاقة شراكة نفطية، وولادة تحالف سعودي - أميركي أعاد تشكيل خريطة الطاقة الدولية.

واليوم، يتكرر هذا اللقاء الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ولكن بلغة مختلفة تواكب تحولات العصر. إذ تمثل زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى واشنطن ولقاؤه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب انطلاقة عصر جديد لاقتصاديات المستقبل التقنية من الرقائق الإلكترونية الدقيقة والحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي.

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب خلال حضورهما منتدى الاستثمار الأميركي - السعودي في واشنطن (رويترز)

فمنذ اللحظة الأولى لهذه الزيارة، برز التحول نحو عصر تقوده التكنولوجيا واضحاً. ففي أول ظهور إعلامي مشترك لولي العهد السعودي والرئيس الأميركي، لم يكن السؤال الافتتاحي للصحافيين عن الأمن أو السياسة أو الطاقة، بل كان عن الرقائق الإلكترونية.

ومن هنا، تعكس أولوية السؤال عن الرقائق الإلكترونية قبل ملفات استراتيجية أخرى الدور المحوري الذي باتت تؤديه هذه الرقائق في تشكيل عالمنا التقني، حيث أصبحت هذه الرقائق بنية تحتية غير مرئية للاقتصادات العالمية، وبها تُقاس القوة الأمنية والسيادة التقنية للدول.

الرقائق الإلكترونية نفط هذا العصر

في عالم اليوم، باتت أشباه الموصلات (أو ما تُعرف بالرقائق الإلكترونية) الأساس لكل تقنية نعتمد عليها في حياتنا المعاصرة. فهي تُعدّ المحرك الخفي لكل ما نستخدمه من هواتف، وسيارات، وطائرات، وصولاً إلى الأجهزة الطبية وأنظمة الذكاء الاصطناعي. جميعها تعتمد بشكل رئيسي على هذه الرقائق. عملياً، لا يمكن لأي جهاز إلكتروني حديث أن يعمل من دونها.

أثر هذا الاعتماد الكبير على هذه الرقائق (أو ما يُعرف بالرقاقات) انكشف بشكل واضح، خصوصاً خلال جائحة «كورونا». فقد أدى النقص في إمداد رقاقات متناهية الصغر إلى التسبب في شلل خطوط إنتاج مصانع سيارات عملاقة حول العالم، نظراً لاعتماد السيارات الحديثة في عملها على هذه الرقاقات، إذ يصل عددها من 1000 إلى 3000 في السيارة الواحدة بحسب النوع والمواصفات.

والمفارقة أن هذه الرقائق، رغم أهميتها الاستراتيجية، فإنها صغيرة جداً لا تُرى بالعين المجردة. فعلى سبيل المثال، يضم معالج (A19) الأحدث من شركة «آبل» لجهاز «آيفون 17»، الذي لا يتجاوز حجم ظفر الإصبع، ما بين 25 و30 مليار ترانزستور تم تصنيعها بتقنية (3 نانومتر) من شركة (TSMC).

شعار شركة الرقائق «إنفيديا» في مقرها الرئيسي بوادي السيليكون (د.ب.أ)

لذلك أصبحت هذه الرقائق الصغيرة جداً تمثل القلب النابض للعالم التقني، بل وأساس القوة الاقتصادية للدول. لذا برزت شركات أشباه الموصلات مثل «إنفيديا» (Nvidia)، و«تي إس إم سي» (TSMC)، و«برودكوم» (Broadcom) ضمن قائمة أعلى عشر شركات قيمة سوقية في العالم، بل إن شركة «إنفيديا» - المتخصصة فقط في تصميم الرقائق الإلكترونية - تصدرت القائمة كأعلى شركة قيمة سوقية في العالم منذ الربع الثاني من عام 2025. وبهذا يمكن اعتبار الرقائق الإلكترونية نفط القرن الحادي والعشرين، ومن يمتلك هذه التقنية يمتلك مفاتيح القوة الاقتصادية والقيادة العالمية.

الرقائق والطاقة: عنوان سباق الذكاء الاصطناعي

أدى التسارع الهائل في قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الرقائق الإلكترونية المتقدمة، مثل وحدات المعالجة الرسومية (GPUs)، والدوائر المتخصصة (ASICs)، والمعالجات الأخرى عالية الأداء. وفي ضوء هذا التحول، أصبحت هذه الرقائق أصولاً وطنية استراتيجية، تؤثر في التنافسية الاقتصادية والسيادة التكنولوجية للدول، مما دفع الحكومات حول العالم إلى تسريع جهودها لتأمين سلاسل الإمداد، وتوطين الإنتاج، وحماية تقنيات أشباه الموصلات الحساسة.

ومع ذلك، في هذه المرحلة الجديدة من سباق الذكاء الاصطناعي، لم يعد أداء الرقائق الإلكترونية سوى نصف المعادلة، بينما يتمثل النصف الآخر في القدرة على توفر كميات هائلة من الطاقة اللازمة لتدريب وتشغيل هذه الرقائق داخل مراكز بيانات الحوسبة المتقدمة. وهنا تكمن الميزة التنافسية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية لتكون لاعباً عالمياً في هذا السباق.

إيلون ماسك خلال حفل عشاء بالبيت الأبيض أقامه الرئيس دونالد ترمب احتفاءً باستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (رويترز)

فكما تكتسب مادة السيليكون الخام قيمتها الحقيقية عندما تتحول إلى رقاقة إلكترونية، يكتسب النفط السعودي بُعداً استراتيجياً مختلفاً عندما يُستخدم لتوليد الطاقة لتشغيل وتبريد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. فالمملكة، من خلال تحويل مواردها النفطية إلى كهرباء موثوقة ومنخفضة التكلفة للحوسبة المتقدمة، تُعظّم القيمة الاقتصادية لمواردها الطبيعية، وتضع نفسها في قلب الاقتصاد الرقمي العالمي. وبهذا، لم يعد دور المملكة مقتصراً على تصدير الطاقة فحسب، بل امتد ليشمل تمكين القدرة الحاسوبية التي تقوم عليها اقتصاديات المستقبل.

تكشف كثافة استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة طبيعة هذا التحول. فقد أظهرت دراسات حديثة أن توليد رد واحد من الذكاء الاصطناعي من 500 كلمة قد يستهلك كمية طاقة تعادل شحن هاتف ذكي لمرة واحدة. ومع نمو أحمال الذكاء الاصطناعي، بدأ السؤال المحوري الذي يُشكّل اقتصاد اليوم يتحول من: كم تبلغ تكلفة برميل النفط؟ إلى: كم تبلغ تكلفة حوسبة رمز («توكن») واحد للذكاء الاصطناعي؟

اليوم، أصبحت الرقائق الإلكترونية القلب النابض للذكاء الاصطناعي، بينما باتت الطاقة هي الأكسجين لهذه الرقائق. وضمن هذه المعادلة الثلاثية (رقائق - ذكاء اصطناعي - طاقة)، تقف المملكة العربية السعودية في موقع قوة فريد كواحدة من أكبر منتجي الطاقة في العالم.

في الوقت الحالي، يخضع الوصول إلى تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة، بما في ذلك رقائق الذكاء الاصطناعي، لقيود تنظيمية مشددة للغاية من قبل الحكومة الأميركية، تُقنّن عملية بيع هذه الرقائق كمنتجات، من دون الحديث عن نقل صناعتها. لذلك، لا تُمنح موافقات الوصول لهذه التقنيات إلا لحلفاء يتمتعون بتوافق استراتيجي ويملكون بيئات تنظيمية مستقرة وآمنة لهذه الرقائق المتقدمة، كواحدة من أكثر التقنيات حساسية وتأثيراً في ميزان القوى العالمي. وقد برزت السعودية كأحد هؤلاء الحلفاء الاستراتيجيين.

إذ لم تأتِ الشراكات التقنية الأخيرة بين المملكة وكبرى الشركات الأميركية مصادفة، بل جاءت كنتيجة للبيئة الاستثمارية التنافسية للسعودية، التي تجعلها قبلة للشركات الأميركية، كون المملكة تملك:

  • تحالفاً استراتيجياً طويل الأمد مع الولايات المتحدة.
  • ثقلاً اقتصادياً لدولة ضمن مجموعة العشرين ذات قدرة استثمارية كبيرة.
  • تكلفة استهلاك طاقة منخفضة جداً، تقل بما يصل إلى 30 - 40 في المائة مقارنة بالولايات المتحدة.

ونتيجة لذلك، لم تعد المملكة مجرد شريك للشركات الأميركية، بل امتداداً استراتيجياً لهذه الشركات لتطوير قدراتها التقنية. فبالنسبة للولايات المتحدة، يضمن التعاون مع حليف استراتيجي مثل السعودية بقاء التقنيات الحساسة ضمن منظومات موثوقة تشترك في المصالح والمعايير الأمنية. أما بالنسبة للمملكة، فيفتح هذا التعاون مساراً متسارعاً لنقل التقنية، وتوطين سلاسل الإمداد، وخلق وظائف نوعية عالية القيمة، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030».

في ضوء هذه المعطيات، شهدت المملكة مؤخراً تزايداً متسارعاً في استثمارات كبرى الشركات الأميركية، بدءاً من إنشاء «كوالكوم» (Qualcomm) مركزاً لتصميم الرقائق في المملكة، مروراً بإنتاج خوادم مراكز البيانات محلية الصنع عبر شراكات تجمع «إتش بي إي» (HPE) و«إيه إم دي» (AMD) مع شركة «الفنار» السعودية، وبناء «أمازون ويب سيرفيسز» (AWS) مراكز بيانات وحوسبة متقدمة داخل المملكة، وصولاً إلى شراكات تجمع شركات أميركية مثل «إنتل» (Intel) و«إنفيديا» (Nvidia) و«سوبرمايكرو» (Supermicro) و«غروك» (Groq) مع شركات سعودية، بهدف بناء مراكز بيانات متخصصة في الذكاء الاصطناعي.

تحالف يربح فيه الجميع

على الرغم من التمويل الكبير الذي يقدمه قانون دعم برنامج أشباه الموصلات الأميركي (CHIPS Act) منذ إطلاقه عام 2022، لا تزال صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة، تشمل ارتفاع تكاليف التصنيع المحلية، ومحدودية إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها. وتتفاقم هذه التحديات مع تصاعد المنافسة العالمية، بالتوازي مع النمو المتسارع للتقنيات المتقدمة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد بشكل أساسي على توفر رقائق عالية الأداء، إلى جانب احتياج كميات هائلة من الطاقة لأغراض الحوسبة بتكلفة اقتصادية تنافسية.

لذلك، تحتاج الشركات الأميركية للحفاظ على تنافسيتها العالمية إلى شركاء يملكون أسواقاً كبيرة ومستقرة. وتبرز السعودية هنا بوصفها شريكاً استراتيجياً قادراً على توفير العمق الاستثماري والتشغيلي، إلى جانب الوصول الموثوق إلى إمدادات طاقة منخفضة التكلفة، بما يدعم توسع قدرات أشباه الموصلات الأميركية، من التصميم والتصنيع إلى استضافة وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي خارج الحدود الأميركية، مع الحفاظ الكامل على التوافق مع المصالح الأمنية والاستراتيجية للولايات المتحدة.

لهذا، جاءت زيارة ولي العهد الأخيرة في توقيت مثالي، في لحظة باتت فيها منظومة أشباه الموصلات الأميركية بحاجة إلى شراكات دولية موثوقة ومتوافقة للحفاظ على ريادتها وتنافسيتها العالمية. وقد أسفرت الزيارة عن نتائج تاريخية، من أبرزها:

  • إطلاق شراكة استراتيجية سعودية - أميركية في مجال الذكاء الاصطناعي.
  • موافقة الولايات المتحدة على تصدير 35 ألف وحدة معالجة رسومية متقدمة (GPUs) إلى المملكة، بالتوازي مع استثمارات سعودية في قطاع أشباه الموصلات تبدأ بـ50 مليار دولار لتصل مستقبلاً إلى مئات المليارات.
  • توسع واسع لكبرى شركات الرقائق والذكاء الاصطناعي الأميركية داخل المملكة.

إن حجم هذه الاتفاقيات يتجاوز إطار التقدم التدريجي، ليعكس تحولاً تقنياً استراتيجياً يضع السعودية في موقع متقدم بين القوى التقنية الصاعدة عالمياً. فبالنسبة للمملكة، يمثل هذا التحالف تحولاً نوعياً بكل المقاييس، إذ يفتح المجال أمام توطين أجزاء محورية من سلسلة القيمة لصناعة أشباه الموصلات، وتطوير رأس المال البشري المحلي في مجالات التقنية العميقة، واستضافة مراكز عالمية للحوسبة الفائقة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب استقطاب الكفاءات التقنية العالمية، وتسريع تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030» في الريادة التقنية وتنويع الاقتصاد. ولا تندرج هذه الجهود في إطار مجرد اللحاق بالركب، بل في سياق القفز إلى مقدمة الاقتصادات التكنولوجية العالمية.

ختاماً، لقد قدمت هذه الزيارة ما هو أبعد من الاتفاقيات، إذ أعادت رسم مسار تحالف استراتيجي امتد لعقود، وانتقلت به من قاعدة بنائه النفطية إلى تحالف يقوم أيضاً على اقتصاديات المستقبل التقنية. واليوم، تدخل السعودية والولايات المتحدة عصراً جديداً، لا كشريكين في الطاقة فحسب، بل كشريكين في بناء الأساس التكنولوجي الذي سيحدد معالم القيادة العالمية لعقود مقبلة.