الأمم المتحدة: انخفاض أعداد 44 % من الحيوانات المهاجرة حول العالم

خمس هذه الأنواع مهدد بالانقراض

طائر القطرس ليسان الذي يبلغ من العمر 66 عاما على الأقل وأقدم طائر بري معروف في العالم يحتضن بيضته في محمية ميدواي أتول الوطنية للحياة البرية بالولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)
طائر القطرس ليسان الذي يبلغ من العمر 66 عاما على الأقل وأقدم طائر بري معروف في العالم يحتضن بيضته في محمية ميدواي أتول الوطنية للحياة البرية بالولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)
TT

الأمم المتحدة: انخفاض أعداد 44 % من الحيوانات المهاجرة حول العالم

طائر القطرس ليسان الذي يبلغ من العمر 66 عاما على الأقل وأقدم طائر بري معروف في العالم يحتضن بيضته في محمية ميدواي أتول الوطنية للحياة البرية بالولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)
طائر القطرس ليسان الذي يبلغ من العمر 66 عاما على الأقل وأقدم طائر بري معروف في العالم يحتضن بيضته في محمية ميدواي أتول الوطنية للحياة البرية بالولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)

نبّه تقرير جديد أصدرته هيئة تابعة للأمم المتحدة إلى أن وضع الأنواع الحيوانية المهاجرة التي تُعدّ ضرورية لتوازن الطبيعة، كطيور القطرس والسلاحف وسمك الحفش، آخذ في التدهور.

وقالت مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن إن «الأنواع المهاجرة تتعرض لضربات قوية».

وأشار التقرير الذي صدر أمس (الاثنين) إلى أن خُمس الأنواع المدرجة في اتفاقية بون لعام 1979 بشأن الحفاظ على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية، مهدد بالانقراض، فيما يشهد 44 في المائة منها انخفاضاً في أعدادها.

كما أن جميع أنواع الأسماك المدرجة تقريباً (97 في المائة) والبالغ عددها 58 نوعاً مهددة بالانقراض، مثل بعض أسماك القرش.

سلاحف صغيرة تمشي في البحر على شاطئ تشاكوسينتي وهو جزء من ملجأ الحياة البرية ريو إسكالانتي - تشاكوسينتي سانتا تيريزا في نيكاراغوا (رويترز)

وقالت الأمينة التنفيذية للاتفاقية إيمي فرانكل لـ(وكالة الصحافة الفرنسية) إن «ظاهرة هجرة الأجناس نفسها في خطر، لأن هناك حواجز، كما أن الموائل التي تحتاجها هذه الحيوانات قد تكون تحت الضغط».

وتجتمع الدول الموقعة على الاتفاقية (وعددها 130 ليس من بينها الولايات المتحدة أو الصين) في مؤتمر الأطراف الرابع عشر في مدينة سمرقند التاريخية في أوزبكستان في الفترة من 12 إلى 17 فبراير (شباط).

وينظر المشاركون في المؤتمر في مصير هذه الأنواع المهاجرة، والتي تشمل حيوانات لها أهمية رمزية على صعيد الحياة على الأرض، مثل السلاحف البحرية والحيتان وأسماك القرش والفيلة وأنواع من القطط البرية، وأجناس كثيرة من الطيور.

وتُضطر هذه الأجناس إلى الهجرة جراء عوامل عدة، من بينها البحث عن ظروف مناخية ملائمة أو الحصول على الغذاء أو السعي إلى بيئة مثالية لوضع صغارها.

مستقبل أجناس في خطر

ترتبط التهديدات التي تتعرض لها هذه الحيوانات ارتباطاً مباشراً بالنشاط البشري: فقدان الموائل أو تدهورها أو تجزئتها بسبب الزراعة المكثفة أو الاستغلال المفرط عن طريق الصيد وصيد الأسماك، فضلاً عن تغير المناخ.

وتتعرض الحيوانات أيضاً لضغوط إضافية مثل التلوث (المبيدات الحشرية والبلاستيك وغيرها)، أو الضوضاء تحت الماء أو الأضواء التي تزعجها.

متطوعة تحمل إحدى السلاحف البحرية في البرازيل (أ.ب)

تؤكد إنغر أندرسن أن «هذا التقرير يوضح أن الأنشطة البشرية غير المستدامة تعرّض مستقبل الأنواع المهاجرة للخطر».

وتلفت إلى أن هذه المخلوقات «لا تعمل كمؤشرات للتغير البيئي فحسب، بل تؤدي أيضاً دوراً في الحفاظ على وظائف النظم البيئية المعقدة لكوكبنا وضمان مرونتها».

وتوفر هذه الأنواع في الواقع خدمات بيئية عدة مثل التلقيح، ونقل العناصر الغذائية من بيئة إلى أخرى، أو القضاء على الآفات.

فالخفافيش، على سبيل المثال، تؤدي دورا مهما في تلقيح الزهور ونشر البذور، ما يسمح بتكاثر أشجار المانغا أو البابايا في بعض البلدان.

أنواع أخرى مهددة بالانقراض

ولا يقتصر التقرير على هذه الملاحظة القاتمة فحسب، بل يدعو أيضاً إلى التعاون الدولي لمساعدة الحيوانات التي، بطبيعتها، لا تعرف حدوداً ويمكنها أحياناً السفر آلاف الكيلومترات. ومن هذه الأجناس، الفراشة الملكية التي يمكنها السفر لمسافة أربعة آلاف كيلومتر في أميركا الشمالية.

وقال ماثيو كوليس من الصندوق الدولي لرعاية الحيوان في بيان «هذه تحديات من صنع الإنسان ولا يمكن حلها إلا من جانب الإنسان».

وأضاف «الحياة البرية لا تعرف حدوداً، ومن مسؤوليتنا المشتركة التأكد من أن هذه الأنواع يمكنها اتباع مسارات الهجرة التي سلكها أسلافها طويلاً، من أجل الحفاظ على أنواعها وخدمات النظام البيئي المهمة التي تقدمها للعالم».

«هذه تحديات من صنع الإنسان ولا يمكن حلها إلا من جانب الإنسان»

ماثيو كوليس من الصندوق الدولي لرعاية الحيوان

 

كما أن المسارات التي سيعتمد عليها مؤتمر سمرقند، ستعكس أيضا اتفاقية كونمينغ-مونتريال بشأن التنوع البيولوجي، التي أنشئت في عام 2022، والتي تخطط للحفاظ على 30 في المائة من أراضي الكوكب وبحاره بحلول عام 2030. لذلك يدعو التقرير إلى «تحديد وحماية ربط وإدارة المواقع المهمة للأنواع المهاجرة».

ومن الأولويات الأخرى: مكافحة الصيد غير القانوني أو غير المستدام، والعناية بشكل عاجل بالأنواع الأكثر عرضة للانقراض أو تكثيف الجهود لمعالجة مظاهر التلوث المختلفة (الضوء، والضوضاء، والبلاستيك، والمواد الكيميائية...) وتغير المناخ.

ويقترح التقرير كذلك توسيع قائمة الأنواع المدرجة في الاتفاقية لتسليط الضوء على حيوانات أخرى مهددة بالانقراض.

وتتضمن القائمة ما يقرب من 400 نوع مهدد أو شبه مهدد بالانقراض، لم تظهر بعد في قوائم الاتفاقية، مثل البيسون الأميركي والأوروبي أو دلفين السند.


مقالات ذات صلة

موقع في غزة يتعرض لإطلاق نار أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة

العالم العربي موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات البحرية (أ.ب)

موقع في غزة يتعرض لإطلاق نار أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، اليوم، إن فريقاً تابعاً للمنظمة الدولية في قطاع غزة كان يتفقد موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن (أرشيفية - رويترز)

بيدرسن: سوريا صارت ساحة تصفية حسابات

رأى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن هذا البلد «تحول ساحة لتصفية الحسابات».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون (رويترز)

المبعوث الأممي: لا مؤشرات على الهدوء في أي مكان في سوريا

اعتبر المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون، اليوم الخميس، أنّه لا مؤشرات على الهدوء في أي مكان في سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية يوم الأحد في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)

ذعر أممي من «المقابر الجماعية» في غزة... ومطالبات بتحقيق

كثفت إسرائيل ضرباتها في أنحاء عدة بقطاع غزة، فيما أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن «الذعر» من التقارير عن «مقابر جماعية» في مستشفيات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة) «الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا أشخاص يُعتقد أنهم مهاجرون ينزلون من زورق إنقاذ في ميناء دوفر الثلاثاء (رويترز)

حكومة سوناك تمرر «خطة رواندا» وتصرّ على تنفيذها رغم التنديدات

بدأت بريطانيا الثلاثاء تعدّ العدّة لاحتجاز لاجئين خلال أيّام قبل ترحيلهم إلى رواندا بموجب خطّة مثيرة للجدل اعتمدها البرلمان ليل الاثنين - الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مخلّفات الغذاء عالمياً تتجاوز حاجة الجياع

متطوعة تطبخ الطعام للصائمين النازحين داخل السودان (أ.ف.ب)
متطوعة تطبخ الطعام للصائمين النازحين داخل السودان (أ.ف.ب)
TT

مخلّفات الغذاء عالمياً تتجاوز حاجة الجياع

متطوعة تطبخ الطعام للصائمين النازحين داخل السودان (أ.ف.ب)
متطوعة تطبخ الطعام للصائمين النازحين داخل السودان (أ.ف.ب)

يعرِض تقرير دولي جديد صورة متناقضة عن واقع الغذاء حول العالم.

إذ بينما يعاني 780 مليون إنسان من الجوع، يذهب أكثر من مليار وجبة منزلية إلى مكبّات النفايات يومياً. ولا تمثّل هذه القضية مصدر قلق للدول المتقدمة فحسب، وإنما يعد تحدياً ملحّاً بالنسبة للبلدان العربية أيضاً، حيث تتطلب العادات والتقاليد الاجتماعية، إلى جانب العوامل الاقتصادية، اتباع نهج مخصص لمكافحة هدر الطعام.

خُمس الغذاء يذهب إلى مكبّات النفايات

يخلص تقرير «مؤشر هدر الطعام 2024»، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، إلى أن الأُسَر حول العالم رَمَت أكثر من مليار وجبة في سلال المهملات خلال عام 2022، وهي كمية كانت تكفي لسد حاجة 780 مليون إنسان يعاني من الجوع، فيما يواجه ثلث البشرية انعداماً في الأمن الغذائي. ولا يزال هدر الغذاء يُلحق ضرراً بالاقتصاد العالمي، ويسهم في تغيُّر المناخ وتناقص الموارد الطبيعية وانتشار التلوّث. ويقدم التقرير ما تعده المنظمة الأممية «التقدير العالمي الأكثر دقّة» بشأن هدر الأغذية في مرحلتي البيع بالتجزئة والاستهلاك، كما يعرض إرشادات للبلدان لتحسين جَمع البيانات والانتقال من القياس إلى الحدّ من هدر الغذاء.

شخص يوزع الطعام على الناس لتناول وجبة إفطار رمضان في كراتشي (إ.ب.أ)

ويقدّر التقرير أن هدر الطعام في 2022 تجاوز المليار طن، أي ما يعادل 132 كيلوغراماً للفرد، وما يقرب من خُمس جميع المواد الغذائية المتاحة للمستهلكين. وكانت الأُسَر مسؤولة عن 60 في المائة من إجمالي هدر الطعام، فيما يُعزى باقي الهدر إلى خدمات الإطعام مثل الفنادق والمطاعم (28 في المائة) وإلى تجارة التجزئة مثل الأسواق ومحلات البقالة وغير ذلك (12 في المائة).

ويترجَم هذا إلى هدر للفرد يبلغ 79 كيلوغراماً سنوياً خلال مرحلة الاستهلاك في المنزل، مع ملاحظة اختلاف بسيط في معدلات الهدر وفقاً لمستوى الدخل بين البلدان، حيث يبلغ التباين 7 كيلوغرامات فقط للشخص الواحد بين الدول المرتفعة والمتوسطة الدخل من جهة والدول المنخفضة الدخل من جهة أخرى.

تتشارك بعض الأسر في تحضير الطعام للغبقة والاستمتاع بالوجبات التقليدية والمعاصرة (واس)

وتعد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أن الحدّ من الفاقد والمهدر من الأغذية يسهم في تحويل النظم الزراعية والغذائية نحو الاستدامة، من خلال زيادة توافر الأغذية، والمساهمة في ضمان الأمن الغذائي وإيجاد أنماط غذائية صحية وبناء القدرة على الصمود. ويعمل أيضاً بوصفه استراتيجية مناخية رئيسية من خلال الحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وبالتالي، يمكن أن يساعد البلدان والأعمال التجارية على النهوض بالطموح المناخي، بموازاة صَون وحماية النظم الإيكولوجية والموارد الطبيعية التي يعتمد عليها مستقبل الأغذية.

ولا يمكن إنكار العلاقة بين هدر الطعام وتغيُّر المناخ، حيث تُعزى 8 إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية إلى هذه المشكلة. ومع ذلك، فمن اللافت أن 21 دولة فقط قامت بدمج الحدّ من فقد الغذاء وهدره في خطط عملها المتعلقة بالمناخ بموجب اتفاق باريس. ولذلك يجب على الدول اغتنام المراجعات القادمة للمساهمات المحددة وطنياً لسنة 2025 بوصفها فرصة حاسمة لرفع طموحاتها المناخية، من خلال دمج استراتيجيات الحدّ من هدر الطعام.

أسر وشركات رمت طعاماً بقيمة أكثر من تريليون دولار في حين كان قرابة 800 مليون شخص يعانون الجوع (إ.ب.أ)

وبينما يوجد تحسّن في جمع البيانات، لا تزال هناك فجوة معطيات كبيرة، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وخاصة فيما يتعلّق بقطاعي البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية. ويعوق هذا النقص في البيانات غياب القياس الدقيق والضعف في تتبع التقدم المحرز نحو تحقيق الغاية الثالثة من الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة العالمية، المتمثّلة في خفض هدر الغذاء إلى النصف بحلول 2030.

ويدعو تقرير «يونيب» إلى اتخاذ إجراءات منهجية، مع التركيز على دور السياسات القوية والشراكات بين القطاعين العام والخاص في معالجة هدر الأغذية. ويعرض أمثلة ناجحة مثل اليابان والمملكة المتحدة اللتين حققتا تخفيضات كبيرة في هذا المجال بلغت 31 و18 في المائة على التوالي، مما يثبت أن التغيير على نطاق واسع أمر ممكن التحقيق.

هدر الطعام في الدول العربية

لا تزال البيانات المتعلقة بهدر الطعام في الدول العربية قليلة وغير موثوقة، ومع ذلك يقدم تقرير «مؤشر هدر الطعام 2024» لمحة بسيطة عن هذه المشكلة. ووفقاً للتقرير، تتباين تقديرات الكمية التي يهدرها الشخص الواحد سنوياً بشكل كبير بين الدول العربية، وهي في حدها الأدنى 84 كيلوغراماً في ليبيا، وتصل في حدها الأعلى إلى 207 كيلوغرامات في محافظة قنا المصرية.

وعلى نحو لافت، تُشير أرقام التقرير إلى أن الدول العربية الأعلى دخلاً هي الأقل هدراً للطعام. فكمية الطعام المهدور في قطر والسعودية تقارب 100 كيلوغرام للشخص الواحد سنوياً، وهي في حدود 130 كيلوغراماً في العراق ولبنان، بينما تتجاوز 170 كيلوغراماً في سوريا وتونس ومصر. ولعل ذلك ناشئ عن توافر الإنتاج الغذائي المحلي في معظم الدول العربية الأقل دخلاً، وما يرافق ذلك من انخفاض الأسعار وصعوبات تصريف المنتجات ومشاكل النقل والتخزين.

طبق من الطعام (أ.ب)

لكن هذا الوضع يتغيّر بسبب الحروب والتحديات الاقتصادية. ففي سوريا، التي يعاني أكثر من نصف سكانها من الجوع وفق معطيات برنامج الغذاء العالمي، أصبح الإنتاج الزراعي مهدداً بسبب رفع الدعم الحكومي عن المحروقات وقلّة اليد العاملة الشابة ومصاعب تصدير المنتجات الزراعية. ويقابل ذلك تراجع كبير في القوة الشرائية للمواطنين وتعذّر تخزين الطعام نتيجة انقطاع الكهرباء يومياً لفترات مديدة. وتعزز هذه العوامل المجتمعة في سلسلة الإنتاج والتخزين والنقل والاستهلاك، من فرص تلف الغذاء وهدره. وينطبق هذا الوضع على دول أخرى مثل العراق واليمن.

وكان المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) أَولى مسألة الغذاء في البلدان العربية أهمية معتبرة في تقاريره السنوية، وعلى نحو خاص في تقرير «البيئة العربية - خيارات البقاء»، وتقرير «الأمن الغذائي - التحديات والتوقعات»، وتقرير «الاستهلاك المستدام». وتخلص هذه التقارير إلى إخفاق معظم الدول العربية، في تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها، ذلك أن منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا هي الوحيدة في العالم التي تشهد زيادة في عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص في التغذية.

عمال يطبخون الطعام في تكية إبراهيم (مطبخ النبي إبراهيم الخيري) في مدينة الخليل القديمة بالضفة الغربية (رويترز)

وتسهم عوامل عدة في تعزيز هدر الطعام لدى الأُسَر العربية، في مقدَّمها الأعراف الثقافية وكرم الضيافة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإفراط في تحضير الطعام وزيادة المخلّفات. وعلى نحو متناقض، يمكن أن تسهم التحديات الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي في هدر الطعام، حيث قد تبالغ الأُسَر في الشراء عندما تكون الموارد متاحة ثم تتلف المشتريات مع الوقت. كما تُعد محدودية البنية التحتية عاملاً مهماً في هدر الطعام، إذ تُعيق مرافق التخزين غير الكافية وسلاسل التبريد غير الموثوقة وبرامج استعادة بقايا الطعام المرتجلة، الجهود المبذولة لإدارة وإعادة توزيع فائض الغذاء.

وتتطلب معالجة هذه المشكلة في العالم العربي نهجاً متعدد الأوجه، يتضمن زيادة حملات التوعية العامة لتثقيف المستهلكين حول العواقب الاقتصادية والبيئية والأخلاقية المترتبة عن هدر الطعام، وتعزيز الاستهلاك الواعي والممارسات المسؤولة لإدارة الأغذية. كما يجب أن تحترم الجهود المبذولة للحدّ من هدر الطعام العادات والتقاليد المحلية وتتكيّف معها، كأن تلحظ الاستخدام المخطط والذكي لبقايا الطعام مع الحفاظ على روح الضيافة السخية.

وإلى جانب الاستثمار في البنية التحتية لسلاسل التبريد، وتحسين مرافق التخزين وبرامج الاستعادة التي تساعد في منع تلف الأغذية، وضمان وصول الفائض إلى المحتاجين، يجب على البلدان العربية إعطاء الأولوية لجمع بيانات دقيقة وشاملة عن هدر الأغذية؛ لتوجيه التدخلات، وتتبع التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف الحدّ من الهدر.

إن مشكلة هدر الطعام ليست مسألة فردية خالصة، وإنما مسؤولية جماعية تتطلب جهداً مشتركاً، ويقع على الحكومات والشركات والمنظمات الأهلية وقادة المجتمع رفع مستوى الوعي، وتنفيذ الحلول العملية، وتعزيز ثقافة الاستدامة والأمن الغذائي.


أي دور للمرأة في تحقيق العدالة المناخية؟

دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)
دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)
TT

أي دور للمرأة في تحقيق العدالة المناخية؟

دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)
دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)

لا تُميّز أزمة المناخ بين الجنسين، فالنساء والفتيات يتحملن عواقبها المدمرة بطرق عميقة وفريدة، لا سيما في البلدان النامية والمجتمعات المهمشة. وتساهم أوجه عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القائمة في جعلهن أكثر عرضة لتأثيرات تغيُّر المناخ، مما يعرّض سبل عيشهن وحقوقهن الأساسية للخطر.

وتشير التوقعات إلى أنه بحلول 2050 ستكون هناك زيادة في عدد النساء اللاتي يواجهن انعدام الأمن الغذائي بمقدار 236 مليون امرأة وفتاة، بالمقارنة مع زيادة مقابلة مقدارها 131 مليون رجل وصبي، مما سيفاقم الفجوة الحالية بين الجنسين في مسألة الجوع والتغذية. ووفقاً لأرقام عام 2022، يواجه نحو 2.4 مليار إنسان انعداماً متوسطاً أو شديداً في الأمن الغذائي، وهؤلاء يمثّلون ربع سكان الكوكب، بنسبة 27.8 في المائة من النساء و25.4 في المائة من الرجال.

آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)

وتقع مسؤولية تأمين الاحتياجات الأساسية للأسرة، مثل المياه والوقود والغذاء، في كثير من الأحيان على عاتق النساء. وتؤدي الكوارث المتعلقة بالمناخ وندرة الموارد إلى زيادة هذا العبء، مما يترك لهن وقتاً وطاقةً أقل لتحصيل العلم، وزيادة الدخل، وتعزيز فرصهن في القيادة. وعلى الصعيد العالمي، ووفق أسوأ السيناريوهات المناخية، قد يدفع تغيُّر المناخ نحو 158 مليون امرأة إضافية إلى براثن الفقر في منتصف القرن، بما يزيد عن 16 مليوناً من الرجال.

وتتقاطع أزمة المناخ أيضاً مع العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتُظهِر الدراسات وجود علاقة مباشرة بين المصاعب المتعلقة بالمناخ وارتفاع معدلات العنف المنزلي والاعتداء الجنسي والممارسات الضارة مثل زواج القاصرات. فمع معاناة المجتمعات من فقدان سبل العيش والنزوح والاضطرابات الاجتماعية، تصبح النساء والفتيات أكثر عرضة للاستغلال والعنف.

نشطاء يشاركون في احتجاج مناهض لتغير المناخ في برلين (إ.ب.أ)

وتزداد هذه التحديات مع محدودية وصول النساء في كثير من الأحيان إلى الموارد ومفاصل صنع القرار. وتقيّد الأعراف الاجتماعية والأطر القانونية التمييزية ملكيتهن للأراضي، ووصولهن إلى التمويل والتكنولوجيا والمعلومات، وهي أصول ضرورية للتكيُّف مع تغيُّر المناخ وبناء القدرة على الصمود. وغالباً ما يتم استبعاد أصواتهن من عملية صنع القرار المتعلقة بالمناخ، مما يعوق قدرتهن على المساهمة في الحلول، وتشكيل السياسات التي تؤثر بشكل مباشر على حياتهن.

ورغم أوجه الضعف غير المتناسبة التي تضغط على النساء، فهن يحظين بقدرة كبيرة على التغيير، وفي مقدورهن قيادة مسيرة الحلول المستدامة بفاعلية، وتعزيز القدرة على الصمود داخل مجتمعاتهن. كما تمتلك النساء ثروة من المعرفة التقليدية حول النظم البيئية، والممارسات الزراعية المستدامة، والاستعداد للكوارث، واحترام التوازن البيئي.

وتمثّل الدعوى القضائية التي رفعتها مجموعة من 2000 امرأة سويسرية تزيد أعمارهن عن 64 عاماً ضد حكومة بلادهن إحدى قصص النجاح اللافتة في سعي النساء لتحقيق العدالة المناخية. وقد طالبت هذه المجموعة الحكومة السويسرية بتحمُّل مسؤولياتها في العمل بشكل كافٍ لمنع تغيُّر المناخ الذي يساهم في زيادة خطر الوفاة بسبب الحرارة الشديدة.

صورة لمنطقة زراعية في سوريا أنهكتها الحرب والتغير المناخي (موقع الأمم المتحدة)

وأيّدت محكمة حقوق الإنسان في أوروبا مؤخراً هذه المطالبة، معتبرةً أن الحكومة السويسرية فشلت في تحقيق أهدافها الخاصة بانبعاثات غازات الدفيئة، وأشارت إلى «ثغرات خطيرة» في جهود سن قوانين مكافحة تغيُّر المناخ. ويُعتبر هذا الحكم، الذي قضت به محكمة يشمل اختصاصها معظم الأراضي الأوروبية، الأول من نوعه أوروبياً في قضية تتعلق بتغيُّر المناخ.

وتمتد مساهمات النساء إلى بناء قدرة المجتمعات على الصمود، حيث يلعبن دوراً حاسماً في الاستعداد للكوارث والاستجابة لها، وتنظيم جهود الإغاثة، وتوفير الخدمات الأساسية، ودعم تعافي المجتمع. وتُعدّ قيادتهن وشبكاتهن المجتمعية ضرورية لعدم تخلُّف أحد عن الركب، وتعزيز التماسك الاجتماعي، وبناء مجتمعات أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغيُّر المناخ.

نحو عدالة مناخية نسوية

وتوجد حاجة لاتباع نهج تحويلي من أجل معالجة أزمة المناخ وتأثيراتها الجنسانية بفاعلية. ويوفّر إطار عمل العدالة المناخية النسوية، كما حددته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، خريطة طريق شاملة للعمل تشمل أربع قضايا مترابطة هي الاعتراف، وإعادة التوزيع، والتمثيل، وجبر الضرر.

وتدعو الهيئة إلى الاعتراف بالخبرات والحقوق والمعارف المتنوعة للنساء والفتيات، باعتبارها أساسية لتطوير حلول مناخية فعالة وعادلة. ويتطلّب ذلك تقدير عمل الرعاية غير مدفوع الأجر الذي تقوم به المرأة، وتثمين معرفتها التقليدية كمصدر للممارسات المستدامة، والتصدي بفاعلية لأشكال التمييز المتعددة والمتداخلة التي تواجهها.

كان 2023 العام الأكثر حراً على الإطلاق بسبب التغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة ظاهرة النينيو (أ.ب)

ويجب التركيز على التوزيع العادل للموارد والفرص من أجل تعزيز قدرة النساء والفتيات على التكيُّف مع تغيُّر المناخ والاستفادة من التحوُّل إلى اقتصاد أكثر اخضراراً. ويشمل ذلك إعادة توزيع ملكية الأراضي، والاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة المراعية للنوع الاجتماعي، وإنشاء أنظمة للحماية الاجتماعية تدعم القدرة على الصمود الاقتصادي والرفاهية للمرأة.

كما يجب تضمين أصوات النساء ووجهات نظرهن على نحو هادف في صنع القرار المتعلق بالمناخ على جميع المستويات. ويستلزم ذلك زيادة مشاركة المرأة في هياكل إدارة المناخ، ودعم قيادتها في الحركة البيئية، وضمان حقها في المعلومات والمشاركة الفعالة في صياغة السياسات، وتطبيقها.

وتؤكد هيئة الأمم المتحدة للمرأة على أهمية جبر الضرر في تحقيق العدالة المناخية من خلال معالجة المظالم التاريخية، وتعويض الخسائر والأضرار الناجمة عن تغيُّر المناخ. ويتطلّب ذلك الاعتراف بالدَيْن البيئي المستحق على الشمال الغني لصالح الجنوب الفقير الذي تحمّل وطأة آثار تغيُّر المناخ برغم مساهمته الأقل في انبعاثات غازات الاحترار العالمي. ويُعدّ توفير تمويل مناخي كافٍ ويمكن الوصول إليه، ومعالجة مسألة الخسائر والأضرار، والاعتراف بالخسائر غير الاقتصادية التي تتعرض لها المجتمعات، وخاصةً النساء والفتيات، قضايا أساسية لجبر الضرر.

إن رحلة العدالة المناخية النسوية تتطلب عملاً جماعياً، وجهداً منسقاً من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد. ويُعدّ الاستثمار في سياسات وبرامج مناخية مراعية للنوع الاجتماعي، وتحسين آليات المساءلة، وتوفير التعليم والتوعية، وتعزيز التضامن والتعاون العالميين، ودعم المبادرات الشعبية، خطوات حاسمة في بناء مستقبل أكثر عدالة واستدامة للجميع. ومن خلال الاعتراف بالمساهمات القيّمة للنساء والفتيات وتبنّي مبادئ العدالة المناخية، يمكن تعزيز فرص المجتمع بأكمله في مواجهة تغيُّر المناخ.


عدد قياسي لأيام «الإجهاد الحراري الشديد» في أوروبا خلال 2023

كان 2023 العام الأكثر حراً على الإطلاق بسبب التغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة ظاهرة النينيو (أ.ب)
كان 2023 العام الأكثر حراً على الإطلاق بسبب التغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة ظاهرة النينيو (أ.ب)
TT

عدد قياسي لأيام «الإجهاد الحراري الشديد» في أوروبا خلال 2023

كان 2023 العام الأكثر حراً على الإطلاق بسبب التغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة ظاهرة النينيو (أ.ب)
كان 2023 العام الأكثر حراً على الإطلاق بسبب التغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة ظاهرة النينيو (أ.ب)

شهدت أوروبا خلال عام 2023 عدداً قياسياً من الأيام التي كانت فيها الحرارة المحسوسة «شديدة» للأجسام البشرية، بسبب تسجيل درجات حرارة تخطّت 35 و40 درجة مئوية وتفاقمت آثارها على الكائنات الحية بسبب الرطوبة وغياب الرياح والحرارة الناجمة عن المباني الخرسانية في المدن.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أفاد تقرير أصدره اليوم (الاثنين)، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بأنّ «سنة 2023 سجّلت رقماً قياسياً من ناحية عدد الأيام التي شهدت إجهاداً حرارياً شديداً، أي الأيام التي تجاوزت فيها درجة الحرارة المحسوسة ما يعادل 46 درجة مئوية».

ومؤشر «الإجهاد الحراري» يأخذ في الاعتبار تأثير درجة الحرارة مع عوامل أخرى مثل الرطوبة والرياح والإشعاع على جسم الإنسان.

وبالإضافة إلى موجات الحر، سُجل في أوروبا عدد كبير من الظواهر المناخية الحادة خلال العام، إذ تأثر مليونا شخص بفيضانات أو عواصف، في حين طالت موجات جفاف شديد شبه الجزيرة الأيبيرية وأوروبا الشرقية. وقد دمّر أكبر حريق غابات في تاريخ القارة 96 ألف هكتار في اليونان، حسب التقرير السنوي الذي أنجزته الخدمة المتعلقة بالتغير المناخي في مرصد كوبرنيكوس «سي3 إس» بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مسائل الطقس والمناخ والمياه.

وأشار التقرير إلى أنّ الخسائر التي تم تكبدها جراء هذه الكوارث بلغت 13.4 مليار يورو، يعزى 80 في المائة منها إلى الفيضانات التي حصلت خلال عام شهد معدلات أمطار أعلى بكثير من المتوسط.

تأثير صحي

ركّز التقرير خصوصاً على التأثير الصحي لموجات الحر، في وقت تصبح فصول الصيف بسبب الاحترار الحراري أكثر حرّاً وتسبباً بتسجيل وفيات في أوروبا.

وقالت عالمة المناخ في «كوبرنيكوس» ريبيكا إميرتون: «نلاحظ اتجاهاً تصاعدياً في عدد الأيام التي تشهد إجهاداً حرارياً في أوروبا، ولم يكن عام 2023 استثناءً» مع هذا الرقم القياسي الجديد الذي لم يحدده التقرير.

ولقياس الراحة الحرارية، لجأت «سي 3 إس» والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى المؤشر المناخي الحراري العالمي الذي يمثل الحرارة التي يتعرض لها جسم الإنسان مع الأخذ في الاعتبار ليس فقط درجة الحرارة ولكن أيضاً الرطوبة وسرعة الرياح وأشعة الشمس والحرارة المنبعثة من البيئة المحيطة، والذي يكون تأثيرها واضحاً أكثر في المدن التي تمتص فيها المواد السائدة (خرسانة، زفت...) كميات أكبر من أشعة الشمس.

ويتضمن المؤشر الذي يُعبَّر عنه بما يعادل «درجة الحرارة المحسوسة» بالدرجات المئوية، 10 فئات مختلفة: من الإجهاد البارد الشديد (أكثر من -40) إلى الإجهاد الساخن الشديد (+46) مروراً بعدم تسجيل إجهاد حراري (بين 9 و26).

ومن شأن التعرّض لفترات طويلة من الإجهاد الحراري أن يزيد من خطر الإصابة بالأمراض، بالإضافة إلى أنه يحمل خطورة خصوصاً على الأشخاص الضعفاء.

التدابير الراهنة لا تكفي

في 23 يوليو (تموز)، حين كان الحر في ذروته، تأثر 13 في المائة من أوروبا بدرجة واحدة أقلّه من الإجهاد الحراري، وهو أمر غير مسبوق.

وضرب الحرّ الشديد بشكل رئيسي جنوب أوروبا، حيث وصلت درجة حرارة الهواء إلى 48.2 درجة مئوية في صقلية، أي أقل بمقدار 0.6 درجة من الرقم القياسي القاري.

ولم يجرِ التوصّل بعد إلى نسبة الوفيات المرتبطة بالحرّ عام 2023، لكنّ التقرير أشار إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين لقوا مصرعهم في أوروبا خلال فصول الصيف الحارة في 2003 و2010 و2022.

ويؤدي الاحترار المناخي الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة من الأنشطة البشرية، إلى زيادة حدّة موجات الحر ومدتها وتواترها.

وتتجلى هذه الظاهرة خصوصاً في أوروبا التي تشهد احتراراً أسرع بمرتين من احترار الكوكب الذي بات مناخه العالمي أكثر حراً بما لا يقل عن 1.2 درجة مئوية عمّا كان عليه قبل العصر الصناعي.

ويلفت التقرير إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا، إلى جانب الشيخوخة السكانية وزيادة عدد قاطني المدن، ستكون له «عواقب وخيمة على الصحة العامة»، مضيفاً أن «التدابير الراهنة لمكافحة موجات الحر لن تكون كافية» للتعامل معها.

على الصعيد العالمي، كان 2023 العام الأكثر حراً على الإطلاق، في نتيجة مدفوعة بالتغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة ظاهرة النينيو.

ووصلت درجة حرارة المحيطات التي تمتص 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية، منذ عام إلى أرقام لم تُسجّل في السابق.


الهيدروجين مِحوَر «حوار برلين» حول تحوُّلات الطاقة

شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)
شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)
TT

الهيدروجين مِحوَر «حوار برلين» حول تحوُّلات الطاقة

شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)
شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)

عدالة الوصول إلى الطاقة كانت أحد محاور نقاشات «حوار برلين لتحوُّل الطاقة» في نسخته العاشرة (حوار التحول الطاقي في برلين 19 - 20 مارس/آذار الماضي). فقد ركَّز المندوبون الأفارقة على أن نحو 600 مليون نسمة في القارة لا يحصلون على حاجاتهم من الكهرباء، وأن نحو نصف مليون امرأة في جنوب الصحراء الأفريقية يموتون سنوياً بسبب التلوّث الناتج عن حرق الأخشاب لطهي الطعام. فكيف لهؤلاء الملايين من البشر أن يساهموا في عملية التحوُّل في الطاقة، بينما هم لا يحصلون على حاجاتهم من الكهرباء ومعظمهم لم يعرفها طوال حياته؟

فما هي عملية تحوُّل الطاقة التي دار حولها الحوار السنوي العاشر في برلين؟

ليس هناك من شك أن الاستجابة لتغيُّرات المناخ تتطلب تحوُّلاً لتخفيض الانبعاثات الكربونية، يقوم على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات التقاط الكربون من حرق الوقود، لتدويره أو تخزينه بأمان. وهذا ما اتُّفِق عليه مؤخراً في مؤتمر دبي، حيث وافقت 196 دولة على زيادة مساهمة الطاقات المتجددة بثلاثة أضعاف، وتحسين كفاءة الطاقة بضعفين، والتخلُّص التدريجي من استخدام الوقود بلا معالجة صحيحة.

تصميم لمصنع مخصص لانتاج الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة (شاترستوك)

ونظراً لارتباط الطاقة بكثير من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك القضاء على الفقر وتحقيق الأمن الغذائي والصحة والتعليم وخلق الوظائف والنقل والمياه والصرف الصحي، فإن إدخال حلول الطاقة المأمونة لأولئك الذين يفتقرون إلى الكهرباء يمكن أن يوفّر كثيراً من الخدمات الحيوية، مثل تحسين الرعاية الصحية والتعليم والمياه النظيفة واللحاق بثورة الاتصالات. إلا أن ذلك ليس بالأمر السهل، نظراً للتفاوت الكبير في التقدم العلمي والتكنولوجي بين البلدان النامية والمتقدمة. لذا يتطلّب تحقيق التحوُّل الطاقي العالمي المنشود تسهيل نقل التكنولوجيات المنخفضة الكربون إلى البلدان النامية، وإزالة كل المعوقات التي تعترض تدفُّق تلك التكنولوجيات من خلال الإصلاح اللازم للأطر القانونية والمؤسسية في البلدان النامية، بما يخلق بيئة تمكينية تفضي إلى نقل التكنولوجيا واجتذاب استثمارات القطاع الخاص. وقد كانت قضية نقل التكنولوجيات النظيفة بنداً ثابتاً على جدول أعمال مؤتمرات الأطراف منذ توقيع الاتفاقية الإطارية لتغيُّر المناخ عام 1992.

وبالنسبة إلى البلدان التي تعاني فقر الطاقة، سيكون الحصول على الطاقة الكافية والمأمونة هو الأولوية الإنمائية العادلة، خاصة أنه رغم المساهمات الهامشية لتلك البلدان في انبعاثات غازات الدفيئة، فإن بعضها هي الأكثر عرضة للتهديدات المحتملة لتغيُّر المناخ. على سبيل المثال، كانت موزمبيق وزيمبابوي أكثر البلدان تضرراً على مستوى العالم من الظواهر الجوية المتطرفة في عام 2019.

إلا أنه على الجانب الآخر، فإن إمكانات الطاقة المتجددة في أفريقيا هائلة، حيث إن لديها فرصة ذهبية للتحوُّل إلى مسار إنمائي منخفض الكربون، من خلال الاعتماد على أنظمة الطاقة النظيفة، خاصة المتجددة اللامركزية، على نحو مباشر بلا حاجة إلى مرحلة انتقالية. ولذلك ينبغي على البلدان المتقدمة أن تفي بالتزاماتها بدعم مثل هذه التحوُّلات من خلال تسهيل التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

لكن التحوُّل إلى اقتصاد قائم على الطاقات النظيفة والمتجددة ليس بالمهمة السهلة، لأنه لا توجد وصفة موحدة تناسب الجميع، بسبب اختلاف مستويات التنمية الاقتصادية وتوافر الموارد الطبيعية، والسياقات الوطنية، التي تعكس أولويات متباينة، وتستلزم مزيجاً من القدرات والتقنيات والسياسات وآليات التمويل. ولأن كل دولة تواجه تحدياتها الفريدة الخاصة بها، سيتعيّن عليها اتباع مسار مناسب لأوضاعها. وبالتالي، فإن مسارات التحوُّل العادل للطاقة ستختلف من أجل تقاسم الأعباء والفوائد على نحو عادل، تطبيقاً لمبدأ «المسؤوليات المشتركة، ولكن المتباينة» المنصوص عليه بوضوح في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس.

بدايات التحوُّل الطاقي: نجاحات وخيبات

أظهرت مناقشات الحوار في برلين أن طريق التحوُّل الطاقي في بداياتها، إلا أن هناك كثيرا من النجاحات التي تحققت في كثير من بلدان العالم. حيث عُرضت في القاعات أرقام تستحق التمعُّن. فقد نجحت ألمانيا في زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء بأكثر من 50 في المائة منذ 2015، وهي تستهدف زيادتها إلى 80 في المائة بحلول 2030. كما أعلن وزير الطاقة في بريطانيا أنهم في الطريق إلى التخلُّص نهائياً من آخر محطات توليد الكهرباء من الفحم في ديسمبر (كانون الأول) من هذه السنة. كما نجحت أوروغواي في توليد 98 في المائة من احتياجاتها من الطاقة المتجددة. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة أن واحدة من كل خمس سيارات بيعت في أوروبا عام 2022 كانت تعمل بالكهرباء، وأن الصين هي السوق الكبرى في العالم لهذا النوع من السيارات، إذ تمثّل نحو 60 في المائة من حجم السوق العالمية، علماً أن شحن تلك السيارات بكهرباء مولّدة من مصادر نظيفة ومتجددة سوف يجعل منها وسيلة نقل منعدمة الانبعاثات.

وقد احتلّت صناعة الهيدروجين الأخضر جانباً كبيراً من المناقشات، باعتبارها من مسارات التحوُّل الطاقي الواعدة. ونظراً لموارد الطاقة النظيفة والمتجددة الهائلة المتاحة، تتمتع المنطقة العربية، ومن بينها مصر والسعودية والإمارات وعُمان والجزائر والمغرب، بميزة تنافسية عالية في توليد الكهرباء الخالية من الانبعاثات والمنخفضة التكلفة، حيث وصلت التكلفة للكهرباء المتجددة في المنطقة إلى مستويات قياسية عالمياً تقترب من 10.4 دولار أميركي لكل ميغاواط-ساعة في مشروع الشعيبة للطاقة الشمسية الفوتوفولطية بقدرة 1100 ميغاواط في السعودية. كما يعدّ الهيدروجين الأخضر فرصة كبيرة لتنويع الاقتصادات الخليجية وخلق فرص عمل جديدة. فوفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، يمكن أن يُسهم الهيدروجين الأخضر بنحو 7 في المائة من الناتج الإجمالي للسعودية بحلول عام 2030، حيث تخطط المملكة لإنتاج 4 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً في ذلك التاريخ، وذلك من خلال عدد من المشروعات مثل «نيوم»، الذي يهدف إلى إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، باستثمارات تبلغ 500 مليار دولار.

كما تخطط الحكومة المصرية إلى أن تصبح مركزاً إقليمياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر من خلال استراتيجية وطنية تهدف إلى زيادة قدرة مصر على إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 8 غيغاواط بحلول 2030، وخفض تكلفة الإنتاج إلى دولارين للكيلوغرام بحلول 2030، بالإضافة إلى خلق 30 ألف وظيفة جديدة. وأعلنت الإمارات استراتيجية وطنية تهدف إلى زيادة قدرتها على إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 25 غيغاواط بحلول 2030، مع خفض تكلفة الإنتاج إلى 1.5 دولار للكيلوغرام الواحد.

وفي جلسة خصصت للهيدروجين الأخضر في «حوار برلين»، عرض وزير الطاقة العُماني خطة لاستغلال مصادر بلاده الوفيرة من الشمس والرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته. ومن المقرر أن يولِّد المشروع ما يزيد على 4 غيغاواط من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتحويله إلى أمونيا خضراء للاستعمال المحلي، بالإضافة إلى التصدير. وتطمح سلطنة عُمان إلى أن تكون أحد أكبر منتجي الهيدروجين على مستوى العالم بحلول 2030. وكانت الحكومة العُمانية قد أعلنت الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في فبراير (شباط) 2020 بهدف إنتاج نحو 1.25 مليون طن سنوياً بحلول 2030، وزيادته إلى نحو 8 ملايين طن بحلول 2050، مع استثمارات قدرها 140 مليار دولار.

وبرزت خلال جلسة الحوار حول سوق الهيدروجين الواعدة قضية تعريف ما هو «الهيدروجين الأخضر»، نظراً لأهمية ذلك لنمو هذه السوق في العالم في إطار من الشفافية للمساهمة في الوفاء بهدف الحدّ من ارتفاع معدلات الحرارة بما دون 1.5 درجة. فمن المعروف أن هناك أنواعاً مختلفة الألوان من الهيدروجين، وفقاً لأسلوب إنتاج كل منها، مثل الهيدروجين الرمادي المنتج من الوقود الأحفوري، والهيدروجين الأزرق الذي ينتج أيضاً من الوقود الأحفوري مع احتجاز ثاني أكسيد الكربون ومنع تصاعده للغلاف الجوي. ثم هناك الهيدروجين الأخضر، وهو الناتج عن عملية التحليل الكهربائي للماء باستخدام كهرباء مولّدة من مصادر متجددة كالشمس والرياح، وهذا النوع الأخير هو الذي لا ينتج عند إنتاجه أو استخدامه أي انبعاثات كربونية. وقد صدرت عام 2020 «المواصفات القياسية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته» عن منظمة الهيدروجين الأخضر في سويسرا، التي حددت مجموعة من الاشتراطات، أهمها ألا تزيد انبعاثات الكربون أثناء عملية الإنتاج على كيلوغرام واحد لكل كيلوغرام من الهيدروجين المنتج. وبطبيعة الحال فإن الحصول على هذه البطاقة سوف يكون جواز مرور لتسهيل عملية تصدير الهيدروجين الأخضر واستيراده، كما ستكون عاملاً هاماً في حسابات شهادات الكربون في أسواق الكربون العالمية، التي يزداد عددها يوماً بعد يوم. ويساهم تعميم تقنيات احتجاز الكربون من حرق الوقود في توسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الخالي من الانبعاثات. كما صدرت عن الاتحاد الأوروبي مؤخراً مواصفات قياسية للهيدروجين ومشتقاته المنتج من مصادر متجددة، على المنتجين الأوروبيين والمصدّرين لدول الاتحاد الأوروبي الالتزام بها. وبرزت خلال الحوار أهمية الاتفاق عالمياً على تعريف موحد لما يُطلق عليه «الهيدروجين الأخضر».

في ختام يومين من المناقشات، ودَّع المتحاورون برلين حاملين قناعة راسخة بأنه لا بديل عن التعاون الدولي على طريق التحوُّل الطاقي حتى منتصف هذا القرن، لمجابهة التحديات المناخية.

* الدكتور إبراهيم عبد الجليل، خبير الطاقة والبيئة المصري، شارك في «حوار برلين» ممثلاً «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» (أفد)


التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا

التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا
TT

التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا

التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا

من الدور المهم للفطريات في نظامنا البيئي وتأثيرها المحتمل على صحة الإنسان، وحماية الغابات في أميركا، إلى مشاريع طموحة لمكافحة تغيُّر المناخ مثل إعادة تخضير شبه جزيرة سيناء، تتنوّع المواضيع البيئية التي اهتمت بها المجلات العلمية الصادرة هذا الشهر. وتستكشف هذه المجلات انبعاثات الميثان من مدافن النفايات، واتجاهات البستنة الكسولة والمستدامة. كما تعرِض التحديات التي تواجه هجرة السلاحف العملاقة في جزر غالاباغوس، وحماية الذئاب في بريطانيا.

«ناشيونال جيوغرافيك»

عالم الفطريات الآسر كان موضوع غلاف العدد الجديد من «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic). ويسلّط المقال الضوء على دورها المهم في نظامنا البيئي وتأثيرها المحتمل على صحة الإنسان. وتُعدّ الفطريات ضرورية للحفاظ على التوازن البيئي، فهي تشكّل علاقات تكافلية مع النباتات، مما يساعد في امتصاص العناصر الغذائية والتحلل. ومع ذلك، يمكن أن تكون بعض أنواع الفطريات غازية ومدمرة، مما يجعلها تهديداً للنظم البيئية المحلية. ويزيد تغيُّر المناخ من تفاقم هذه التحديات؛ حيث يسمح للفطريات بالازدهار في بيئات لم تكن مناسبة لها في السابق.

«نيو ساينتست»

اختارت «نيو ساينتست» (New Scientist) خمسة «مشاريع خضراء عملاقة» طموحة تهدف إلى مكافحة تغيُّر المناخ والتخفيف من آثاره. وتقترح هذه المشاريع حلولاً مبتكرة مثل إنشاء محطة للطاقة الشمسية في الفضاء لتسخير ضوء الشمس دون انقطاع، وبناء جزر طاقة في بحر الشمال لتكون بمثابة مراكز لمزارع الرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتثبيت نهر ثويتس الجليدي في أنتاركتيكا لمنع ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل كارثي، وإعادة تخضير شبه جزيرة سيناء لاستعادة نظامها البيئي، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مباشرة لتخفيف تركيزاته.

«ساينس»

عرضت مجلة «ساينس» (Science) نتائج دراسة عن انبعاثات الميثان من مطامر النفايات في الولايات المتحدة. وتكشف الدراسة عن وجود أعمدة دخان في أكثر من نصف مدافن النفايات التي تم مسحها، مما يشير إلى انبعاثات مركّزة من غاز الميثان، حتى بعد سنوات من إقفالها. وتسلّط الدراسة الضوء أيضاً على التناقض بين معدلات الانبعاثات المُقاسة وتلك التي تم الإبلاغ عنها إلى وكالة حماية البيئة؛ حيث غالباً ما تتجاوز عمليات الرصد الجوي القِيَم المبلغ عنها بهامش كبير. وهذا يؤكد الحاجة إلى مراقبة شاملة ومستمرة لانبعاثات غاز الميثان من مدافن النفايات لمعالجة أوجه القصور.

«ساينتفك أميركان»

سلّطت «ساينتفك أميركان» (Scientific American) الضوء على جهود حماية وادي ياك، وهي منطقة نائية في مونتانا، من عمليات قطع الأشجار التي تهدد الغابات البكر القديمة. وتعدّ ياك موطناً لنظام بيئي متنوّع من النباتات والحيوانات، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض مثل الدببة الرمادية ووشق كندا. ومع ذلك، أدّت عقود من قطع الأشجار على نحو واسع من قِبَل الشركات إلى تدمير الكثير من الغابات في المنطقة، متسببة في تعطيل التوازن البيئي الدقيق. وتعود أهمية الغابات القديمة في النظام البيئي لوصفها مصارف كربون حيوية ونقاطاً ساخنة للتنوُّع البيولوجي.

«بي بي سي ساينس فوكاس»

«البستنة الكسولة» كانت موضع اهتمام «بي بي سي ساينس فوكاس» (BBC Science Focus)، التي تستكشف الاتجاه المتزايد للبستنة بلا حفر عميق، وهي طريقة تعطي الأولوية لصحة التربة واستدامتها. وتؤدي الفلاحة التقليدية إلى تعطيل النظام البيئي الطبيعي داخل التربة، مما يؤدي إلى إتلاف أنفاق الدود والشبكات الفطرية وإطلاق الكربون المخزّن. ونتيجة لذلك، تدعو البستنة التي لا تعتمد على الحفر إلى وضع طبقات من المواد العضوية مثل السماد أو المهاد فوق التربة، ومحاكاة العمليات الطبيعية وتشجيع نمو النباتات. وبينما تتطلّب هذه الطريقة جهداً أقل، وتحافظ على المياه، فهي تؤدي أيضاً إلى زيادة إنتاجية المحاصيل على المدى الطويل.

«ساينس نيوز»

تواجه جزر غالاباغوس تحدياً فريداً؛ حيث تهدد أشجار الأرز الإسباني الغازية وشجيرات التوت الأسود ممرات هجرة السلاحف العملاقة. وتعرض «ساينس نيوز» (Science News) معاناة هذه السلاحف في رحلاتها الموسمية للعثور على الطعام؛ حيث تنتقل من الأراضي المنخفضة إلى المرتفعات خلال موسم الجفاف. وتعوق غابات الأرز المتوسعة وغابات التوت الأسود مساراتها، ما يجبرها على التنقل عبر فجوات ضيقة أو التخلي عن رحلاتها تماماً. وتلعب السلاحف دوراً حيوياً في النظام البيئي للجزيرة، من خلال تشتيت البذور والحفاظ على الغطاء النباتي.

«سميثسونيان»

ناقشت مجلة «سميثسونيان» (Smithsonian) تجربة لاس فيغاس في مجال الحفاظ على المياه بسبب اعتمادها الكبير على نهر كولورادو المتضائل. ومع مواجهة نقص محتمل في المياه، نفّذت المدينة المعروفة بالبذخ إجراءات صارمة مثل تحديد أحجام المسابح، وحظر أنظمة التبريد التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وتقديم حوافز لإزالة العشب. وأدّت هذه الجهود إلى انخفاض كبير في استخدام المياه رغم النمو السكاني، ما يجعلها مثالاً للمدن الأخرى التي تتحضّر لمستقبل أكثر جفافاً.

«بي بي سي وايلدلايف»

التاريخ المعقد للذئاب في بريطانيا كان أحد مواضيع مجلة «بي بي سي وايلدلايف» (BBC Wildlife). ويتتبع المقال رحلة الذئاب البريطانية من العصور القديمة إلى اليوم. وكان يُنظر في البداية إلى الذئاب بدرجة من القبول، كما يتضح من كتابات العلماء الأوائل. ثم جاء غزو النورماندي عام 1066 ليصبح نقطة تحوُّل، مع تنفيذ قوانين الغابات التي أعطت الأولوية للصيد الارستقراطي وشيطنة الذئاب بوصفها تهديدات للماشية. ويسلّط المقال الضوء على التأثير الدائم للذئاب على الثقافة والمناظر الطبيعية البريطانية، وهو واضح في أسماء الأماكن العديدة التي لا تزال تحمل بصماتها.


ارتفاع منسوب المياه في أفريقيا يهدد طيور الفلامينغو

الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)
الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)
TT

ارتفاع منسوب المياه في أفريقيا يهدد طيور الفلامينغو

الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)
الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)

في كل عام يتجمع أكثر من مليون طائر نحام (فلامينعو) على بحيرات أفريقيا في مشهد مذهل. لكن الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار هذه الطيور، بحسب دراسة أوردتها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (السبت).

ووصلت هذه البحيرات، التي تتركز في كينيا وتنزانيا وإثيوبيا، إلى مستويات قياسية منذ عقود، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع كميات الأمطار الناجمة عن التغير المناخي.

وتسبب ارتفاع منسوب المياه بتخفيف قلوية المياه وملوحتها بشكل كبير في هذه البحيرات، وبـ«تراجع كبير» في كميات الطحالب التي تتغذى عليها طيور النحام، مما يعرض هذا النوع من الحيوانات، الذي يشهد أصلاً انخفاضاً في أعداده، لخطر الانقراض.

وهذه الدراسة التي نشرت في مجلة «كرّنت بايولودجي»، هي الأولى التي تستخدم صور الأقمار الاصطناعية لمراقبة البحيرات البالغ عددها 22، والتي تعيش فيها طيور النحام في شرق أفريقيا.

ودُمجت هذه البيانات مع سجلات مناخية وبيانات لمراقبة الطيور على مدى أكثر من 20 عاماً.

الأمطار الغزيرة المتوقعة في شرق أفريقيا بسبب التغير المناخي ستفاقم المشكلة وتعزز التهديد للأنواع في المنطقة (أ.ف.ب)

وأشار المعدّ الرئيسي للدراسة ايدن بيرن إلى أنّ انخفاض أعداد الطحالب يدفع الطيور ذات الريش الوردي إلى ترك موائلها واللجوء إلى مناطق غير محمية بحثاً عن الغذاء.

وموائل طيور النحام في شرق أفريقيا محمية، بينما في الخارج، تكون المراقبة صعوبة، وتتعرض هذه الحيوانات لتهديدات أخرى، خصوصاً من البشر.

وقال بيرن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «مع أنّ دراسات سابقة أخرى توصّلت إلى النتيجة نفسها، إلا أننا فوجئنا بحجم التغيرات، والتهديد الذي تواجهه موائل طيور النحام».

ولفت إلى أن الأمطار الغزيرة المتوقعة في شرق أفريقيا بسبب التغير المناخي ستفاقم المشكلة و«تعزز التهديد للأنواع في المنطقة».

ولوحظ الانخفاض الأكبر في الطحالب في كينيا وتحديداً في ناكورو، إحدى أهم البحيرات التي تتغذى فيها طيور النحام في أفريقيا.

وبينما اتّسعت رقعة هذه البحيرة بنسبة 90 في المائة تقريباً بين العامين 2009 و2022، انخفض تركز الطحالب فيها إلى النصف.


فوز نشطاء المناخ بدعوى قضائية أوروبية تاريخية على سويسرا

آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)
آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)
TT

فوز نشطاء المناخ بدعوى قضائية أوروبية تاريخية على سويسرا

آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)
آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)

فازت مجموعة من النساء، الكبيرات في السن، في سويسرا بدعوى قضائية تاريخية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي قضت بإخفاق السلطات في تخفيف حدة التغير المناخي، وهو حكم من شأنه أن يشكّل سابقة لقضايا مماثلة.

ووجدت المحكمة «ثغرات حساسة في عملية وضع الإطار التنظيمي المحلي ذي الصلة»؛ للتخفيف من حدة التغير المناخي في سويسرا، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

وأصدرت المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ، اليوم (الثلاثاء)، أحكاماً تمت مراقبتها من كثب في 3 قضايا تتعلق بتغير المناخ.

وفي القضية السويسرية، رأى أغلب القضاة أن إخفاقات الحكومة، عندما يتعلق الأمر بتحديد أهداف المناخ، ترقى إلى «انتهاك الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية».

وقال بيان صحافي، صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إن برن أخفقت في توفير الحماية «من الآثار الضارة والخطرة لتغير المناخ على الحياة، والصحة، والرفاهية، ونوعية الحياة».

ورغم ذلك، فإن الحكم لم يكن بالكامل في صف المدعيات الأربع، إذ رفضت المحكمة زعمهن بأنهن كنّ ضحايا لسياسات المناخ التي انتهجتها الحكومة السويسرية، حتى لو كانت معيبة.

ودفعت النسوة العجائز بأن سنهنّ تجعلهن عرضةً بشكل خاص لتغير المناخ، وعلى سبيل المثال بسبب موجات الحر الشديدة.

ورغم ذلك، قالت المحكمة إنه يمكن لجمعيتهن التقدم بشكوى جديدة «نيابة عمّن يمكن القول إنهن تعرضن لتهديدات محددة أو آثار ضارة لتغير المناخ».

يشار إلى أن المحكمة لم تتعامل من قبل مع مسألة الانبعاثات الكربونية في البلاد. وسافر مئات عدة من الأشخاص، وبينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، لحضور الجلسة للاستماع إلى الأحكام.

ومن ناحية أخرى، لم يحالف الحظ قضية مماثلة أقامها 6 مواطنين شباب في البرتغال ضد الدولة، و32 دولة أخرى على أساس أن هذه الدول لم تتبع إجراءات قانونية في إطار النظام البرتغالي، وأنه لا يمكن إنشاء ولاية قضائية في الدول الـ32 الأخرى.

ودفع المدعون البرتغاليون بأنه بسبب صغر سنهم، «كان التدخل في حقوقهم أكثر وضوحاً مما كان عليه في الأجيال السابقة».

ورُفضت دعوى قضائية ثالثة ضد فرنسا، أقامها عمدة فرنسي، بشأن الإخفاق في منع الاحتباس الحراري العالمي لأن المدعي لم يتمتع بمواصفات تصنفه ضحيةً.

يشار إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تابعة لمجلس أوروبا، الذي يضم 46 دولة عضواً، ولا تتبع الاتحاد الأوروبي.


الشهر العاشر للأرقام القياسية... مارس أكثر دفئاً من أي عام سابق

قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)
قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)
TT

الشهر العاشر للأرقام القياسية... مارس أكثر دفئاً من أي عام سابق

قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)
قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)

أصبح شهر مارس (آذار) هو الشهر العاشر على التوالي الذي يسجل درجات حرارة عالمية قياسية، حسبما قال علماء الاتحاد الأوروبي.

ووفقا لبيانات من خدمة تغير المناخ في الاتحاد الأوروبي «كوبرنيكوس»، نقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»، كان شهر (مارس) أيضا أكثر دفئاً في جميع أنحاء العالم من أي شهر مماثل سابق منذ بدء التسجيلات. وتعود البيانات التي استخدمها كوبرنيكوس إلى عام 1950، مع توفر بعض البيانات السابقة أيضاً.

وأوضحت نائبة مدير كوبرنيكوس سامانثا بورغيس: «يواصل مارس (آذار) 2024 سلسلة تسجيل الأرقام القياسية في درجات الحرارة الجوية، ودرجات حرارة سطح المحيطات، حيث يعد الشهر العاشر على التوالي الذي يحطم الأرقام القياسية».

وقالت الخدمة يوم الثلاثاء إن متوسط درجة حرارة الهواء على سطح الأرض بلغ 14.14 درجة مئوية في مارس. وهذا أعلى بمقدار 0.73 درجة من متوسط الفترة المرجعية من 1991 إلى 2020، وأعلى بمقدار 0.10 درجة من أحر شهر مارس تم تسجيله حتى الآن في عام 2016.

وأشار التقرير إلى أنه مقارنة بالفترة من 1850 إلى 1900، وهي الفترة المرجعية قبل الصناعة، كان الشهر أكثر دفئاً بمقدار 1.68 درجة.

وأوضحت بورغيس أن متوسط درجة الحرارة العالمية خلال الأشهر الـ12 الماضية أبريل (نيسان) 2023 إلى مارس 2024 هو الأعلى منذ بدء السجلات، وهو أعلى بمقدار 1.58 درجة من متوسط ما قبل الصناعة.

وتنشر خدمة كوبرنيكوس المناخية التابعة للاتحاد الأوروبي بانتظام بيانات عن درجة حرارة سطح الأرض، والغطاء الجليدي البحري، وهطول الأمطار.

وتستند النتائج إلى تحليلات تم إنشاؤها بواسطة الكومبيوتر تتضمن مليارات القياسات من الأقمار الاصطناعية، والسفن، والطائرات، ومحطات الطقس في جميع أنحاء العالم.


تحقيق يكشف عن تهريب غازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى أوروبا

الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)
TT

تحقيق يكشف عن تهريب غازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى أوروبا

الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)

ذكر تقرير صادر عن وكالة التحقيقات البيئية، ومقرها لندن، اليوم الاثنين، أن كميات كبيرة من غازات التبريد المسببة للاحتباس الحراري قادمة من الصين وتركيا يجري تهريبها بشكل غير قانوني إلى أوروبا، مما يقوّض اتفاقاً عالمياً للتخلص منها تدريجياً.

وهذه الغازات عبارة عن مركبات الهيدروفلوروكربون، وهي مجموعة من المواد الكيميائية التي تُستخدم في الغالب للتبريد في الصناعة وتجارة التجزئة، والتي لا تلحق الضرر بطبقة الأوزون مثل المبردات المحظورة الأخرى، لكن بوصفها غازات دفيئة يمكن أن تكون أقوى بعدة آلاف المرات من ثاني أكسيد الكربون، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وعلى الرغم من التعهدات بالحد من استخدام مركبات الكربون الهيدروفلورية، فإن وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي تكافح لتتبع الشحنات غير المشروعة التي تدخل عبر تركيا أو روسيا أو أوكرانيا، حيث يلجأ المهربون إلى تكتيكات متطورة بشكل متزايد لتجنب اكتشافهم، وفقاً لما ذكرته الوكالة، بعد أن انتهت من تحقيق سري أجرته على مدى عامين.

وتعدّ الصين أكبر منتج لمركبات الكربون الهيدروفلورية في العالم، حيث مُنحت 39 شركة مصنّعة مرخصة هناك تصاريح إنتاج تعادل 185 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، هذا العام. وأصدرت الصين قواعد جديدة في ديسمبر (كانون الأول) لمعاقبة الشركات التي تتجاوز حصصها.


أطنان النفايات البلاستيكية في قاع المحيط تهدد البيئة البحرية

التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)
التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)
TT

أطنان النفايات البلاستيكية في قاع المحيط تهدد البيئة البحرية

التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)
التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)

توصلت دراسة هي الأولى من نوعها في العالم إلى أن قاع المحيط أصبح «خزّاناً» للتلوث البلاستيكي، ما يهدد النظم البيئية البحرية.

وأشار الباحثون في وكالة العلوم الوطنية الأسترالية وجامعة تورنتو في كندا إلى وجود ما يصل إلى 11 مليون طن متري من التلوث البلاستيكي في قاع المحيط، وفق نتائج الدراسة التي نشرت، الخميس، بدورية «Deep Sea Research Part».

وذكرت أن كل دقيقة تمر، تشهد دخول ما يعادل كمية البلاستيك الموجودة في شاحنة القمامة إلى المحيط. ومع توقع تضاعف استخدام البلاستيك بحلول عام 2040، فإن فهم كيفية انتقاله أمر بالغ الأهمية لحماية النظم البيئية البحرية والحياة البرية، وفق الباحثين.

ويشكل التلوث البلاستيكي تهديداً خطيراً على الحياة البحرية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الاختناق، والتسمم، والجوع، بالإضافة إلى تأثيراته على التكاثر، والنظم البيئية.

للوصول إلى النتائج، استخدم الفريق البحثي البيانات العلمية لبناء نموذجين تنبؤيين، لتقدير كمية البلاستيك في قاع المحيط.

وكشفت التقديرات وجود ما بين 3 إلى 11 مليون طن متري من التلوث البلاستيكي في قاع المحيط.

وأضافت أن ما يقرب من نصف الكتلة البلاستيكية، أي نحو 46 في المائة في قاع المحيط العالمي، يقع على عمق يزيد على 200 متر، بينما تحتوي أعماق المحيطات، من 200 متر إلى 11000 متر، مما تبقى من الكتلة البلاستيكية المتوقعة بنسبة 54 في المائة.

وأشار الباحثون إلى أن تقدير التلوث البلاستيكي في قاع المحيط يمكن أن يصل إلى 100 مرة أكثر من كمية البلاستيك العائمة على سطح المحيط، بناءً على التقديرات الأخيرة.

ومن جانبها، قالت الباحثة الرئيسية للدراسة في وكالة العلوم الوطنية الأسترالية الدكتورة دينيس هارديستي إن نتائج دراستهم تعد التقدير الأول لكمية النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها الأمر في قاع المحيط، حيث تتراكم قبل أن تنقسم إلى قطع أصغر، وتختلط في رواسب المحيط.

وأضافت عبر موقع الوكالة: «نحن نعلم أن ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية تدخل محيطاتنا كل عام، ولكن ما لم نكن نعرفه هو مقدار هذا التلوث الذي ينتهي به الأمر في قاع المحيطات».

وتابعت: «لقد اكتشفنا أن قاع المحيط أصبح خزاناً لمعظم التلوث البلاستيكي، بداية من شباك الصيد، وانتهاءً بالأكواب والزجاجات والأكياس البلاستيكية».

ووفق الباحثين، فإن هذه النتائج تساعد في سد فجوة معرفية طويلة الأمد حول حجم البلاستيك ومدى تأثيره في البيئة البحرية، ما يساعد على توجيه جهود المعالجة البيئية، وبالتالي تقليل المخاطر التي قد يشكلها التلوث البلاستيكي على الحياة البحرية.