موظفة سابقة في «هارودز» تتهم الفايد بالاتجار بالبشر

محمد الفايد (أ.ف.ب)
محمد الفايد (أ.ف.ب)
TT

موظفة سابقة في «هارودز» تتهم الفايد بالاتجار بالبشر

محمد الفايد (أ.ف.ب)
محمد الفايد (أ.ف.ب)

في سياق الاتهامات الأخيرة المثيرة للجدل ضد الملياردير الراحل محمد الفايد، رفعت موظفة سابقة دعوى قضائية أمام محكمة فيدرالية في الولايات المتحدة، تتهم فيها الفايد بالاتجار بالبشر والانتهاك الجنسي. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

وزعمت الموظفة، التي تشير إليها وثائق المحكمة باسم جين دو، حفاظاً على سرية هويتها، أنها كانت ضحية لسوء المعاملة والانتهاك الجسدي في أثناء عملها في متجر «هارودز» الشهير، الذي امتلكه الفايد منذ عام 1985 حتى عام 2010. وتشير الدعوى إلى أن شقيق الفايد، علي، قد تكون لديه أدلة على هذه الانتهاكات.

علي الفايد (نيويورك تايمز)

وقالت دو، المقيمة في الولايات المتحدة، إنها تعرّضت للاغتصاب والانتهاك بشكل ممنهج، مضيفةً أن علي الفايد، البالغ من العمر 80 عاماً، كان على علم بتلك الانتهاكات ويملك أدلة عليها. وأوضحت الوثيقة المقدَّمة للمحكمة أن علي قد يكون شاهداً رئيسياً في هذا الملف، إذ ورد أنه كان على علم بالنشاطات غير القانونية التي تُتهم بها الشركة.

تأتي هذه الدعوى ضمن سلسلة متزايدة من الادعاءات ضد الفايد، التي أشارت إلى استخدام «هارودز» واجهةً لاستدراج النساء الشابات للعمل هناك واستغلالهن. وقد شبّه البعض جرائم الفايد المزعومة بجرائم مشاهير متهمين بالتحرش الجنسي مثل هارفي واينستين وجيفري إبستين، مشيرين إلى وجود نمط مماثل من الانتهاكات.

الفايد وُصف بـ«الوحش» خلال مؤتمر صحافي عقده الفريق القانوني (أ.ف.ب)

وتسعى دو إلى جمع أدلة من علي الفايد لتقديمها في دعوى قضائية أخرى في المملكة المتحدة. وأضافت في التماسها، أن التحقيقات يجب أن تتناول الخلل النظامي الذي سمح بوقوع هذه الانتهاكات لسنوات طويلة، مما أدّى إلى إفلات المتهمين من المحاسبة.

في سياق آخر، أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) مؤخراً إلى تقارير من عشرات الموظفين السابقين في «هارودز» الذين أفادوا بتعرضهم لانتهاكات مماثلة. وقد أثارت تلك التقارير ضجة في الأوساط البريطانية، حيث دعت إلى إعادة النظر في ثقافة العمل السائدة داخل المتجر البريطاني ومساءلة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

«هارودز» تشعر بصدمة واستياء بشأن اعتداءات ارتكبها الفايد (أ.ف.ب)

وأضافت المحامية ليندا سينغر، التي تمثل دو، أن شهادة علي الفايد ستكون حاسمة، ليس فقط من أجل قضية موكلتها، بل أيضاً لمساعدة ضحايا آخرين في المطالبة بحقوقهم ومحاسبة كل من ساهم أو أخفى هذه الانتهاكات.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق المؤلف البريطاني نيل غيمان (أ.ب)

المؤلف البريطاني الأكثر مبيعاً نيل غيمان يرد على مزاعم الاعتداء الجنسي على نساء

أصدر المؤلف البريطاني الأكثر مبيعاً، نيل غيمان، بياناً، اليوم الأربعاء، ينفي فيه تورطه بممارسة الجنس مع أخريات بشكل قسري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الملياردير محمد الفايد المالك الراحل لمتجر «هارودز» الفاخر (أ.ب)

الشرطة البريطانية تواجه تحقيقاً بشأن تعاملها مع مزاعم تورط محمد الفايد بجرائم جنسية

تعتزم هيئات مراقبة الشرطة البريطانية التحقيق فيما إذا كانت قوة شرطة لندن قد أخفقت في تعاملها مع المزاعم بشأن تورط الملياردير محمد الفايد بجرائم جنسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شعار سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة (أ.ب)

بريطانيا: أكثر من 700 موظف ينضمون إلى دعوى ضد «ماكدونالدز»

انضم أكثر من 700 موظف في سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة إلى الدعوى الجماعية المقامة في المملكة المتحدة على المجموعة الأميركية بتهمة المضايقات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا جيزيل بيليكو (أ.ف.ب)

ضحية حادث الاغتصاب الجماعي في فرنسا تتحدث عن «محاكمة جبانة»

انتقدت ضحية حادث الاغتصاب الجماعي، جيزيل بيليكو، بشدة شهادة عدد من المتهمين في المحاكمة المتعلقة بعدد من جرائم الاغتصاب في جنوب فرنسا.

«الشرق الأوسط» (أفينون (فرنسا))

أوروبا قلقة من سياسات ترمب... والصين تستعدّ لاقتناص الفرصة

دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)
دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)
TT

أوروبا قلقة من سياسات ترمب... والصين تستعدّ لاقتناص الفرصة

دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)
دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)

غير خافٍ أن الدول الأوروبية عموماً ودول الاتحاد الأوروبي خصوصاً، تتهيّب مرحلة إقامة دونالد ترمب الثانية في البيت الأبيض، لأن رجل الأعمال الجمهوري يتّبع سياسة الصقور في العلاقات الخارجية، وربما مع الحليف قبل الخصم، انطلاقاً من «حق» الولايات المتحدة في قيادة العالم، و«واجب» المستظلين بحمايتها من حيث تأدية ما يستحق عليهم من واجبات، ليس أقلها - على سبيل المثال – كلامه عن ضرورة رفع الإنفاق الدفاعي للدول المنتمية إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) من 2 إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي عتبة قد لا تستطيع الولايات المتحدة نفسها بلوغها.

سياسة الصقور هذه تتمثل أيضاً في أن المحيطين بترمب يدعون إلى الانسحاب السريع للقوات الأميركية المنتشرة في أوروبا تحضيراً لمواجهة الصين بشكل أفضل، على أساس أن العملاق الأصفر هو مصدر التهديد الأكبر للولايات المتحدة، وبالتالي يجب توجيه الجهود إلى عملية احتوائه ودرء الأخطار التي يمثلها، بينما الدول الأوروبية «غنية»، وقادرة على الاعتناء بأنفسها.

من المؤكد أن القادة الصينيين، وعلى رأسهم الرئيس شي جينبينغ، يدركون أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض سوف تؤدي إلى تعقيد العلاقات الجيوسياسية بين صاحبَي الاقتصادين الأول والثاني في العالم؛ ما يرفع منسوب خطر التسبب باضطرابات اقتصادية وأزمات سياسية وعسكرية على مستوى الكرة الأرضية، غير أنهم بحنكتهم وسياسة الصبر والتروّي التي يعتمدونها قد يرون في نهج ترمب فرصاً دسمة. والمقصود هنا تحديداً استثمار الصين في أي تباعد أميركي – أوروبي لتعزيز الحضور في القارة العجوز، ففي مشهد خلافيّ بين ضفّتي الأطلسي، سوف يضاعف الأوروبيون حكماً علاقاتهم التجارية مع بكين (بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي 739 مليار يورو عام 2023)، لأنهم سيحتاجون إليها للحفاظ على الحد الأدنى من المستوى الاقتصادي الذي يسمح لهم بتمويل جهودهم الدفاعية المتزايدة.

رئيس قرغيزستان صدير جاباروف خلال الاحتفال بإطلاق خط السكك الحديدية الرابط بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان (أ.ف.ب)

* الطريق إلى أوروبا

في ظل الراهن والمتوقّع، تعمل القيادة الصينية على تأمين طرق النفاذ إلى أوروبا ضماناً لحسن انسياب السلع بين الجانبين، وهذا ليس بمستغرب على من أطلق «مبادرة الحزام والطريق»؛ لذلك تسعى الصين بنشاط إلى إيجاد طريق إلى أوروبا يتجاوز روسيا - ممرها الأول نحو «الغرب القديم»، لأن العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب حرب أوكرانيا تعرقل التجارة، وتزيد أخطار عدم الاستقرار على طول الطرق البحرية. ومن شأن الطريق البديل أن يمكّن الصين من توسيع صادراتها، وتعزيز قدرتها التنافسية وتسريع تسليم السلع والمنتجات إلى المستوردين مع زيادة أحجام التجارة.

يكفي النظر إلى الخرائط للتأكد من أن طريق الصين البديل إلى أوروبا يمر عبر آسيا الوسطى وبالتحديد كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان. وقد شهدت الأخيرة أواخر العام الماضي الاحتفال بإطلاق خط السكك الحديدية الرابط بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان، وهو مشروع طال انتظاره على امتداد طريق الحرير التاريخي. والواقع أن المشروع، الذي اقترحته أوزبكستان عام 1996، اكتسب زخماً، وازداد أهمية بسبب الضغوط الجيوسياسية الناجمة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات القاسية المفروضة على روسيا وجارتها بيلاروسيا.

(ويكيميديا)

من المتوقع أن ينقل خط القطارات هذا نحو 15 مليون طن من البضائع سنوياً، ما يخفض أوقات التسليم إلى أوروبا 7 أيام مقارنة بالطرق الحالية، لكنّ الوصول إلى هذا الواقع ليس بالأمر السريع، فإنشاء الخط سيبدأ في يوليو (تموز) المقبل على أن يكون المشروع منجَزاً بعد 6 سنوات. وفي انتظار ذلك، يبقى «الممر الأوسط» الذي يبدأ في تركيا، ويمر عبر منطقة القوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى هو أقصر طريق بين غرب الصين وأوروبا.

الطرق البديلة أمر لن يعجب روسيا التي ترى في دول آسيا الوسطى منطقة نفوذ لها بحكم حقائق الجغرافيا ووقائع التاريخ، لكن موسكو لا تملك وسائل ضغط كبيرة على بكين، خصوصاً مع ظل غرقها في وحول الحرب الأوكرانية التي ستكمل الشهر المقبل عامها الثالث؛ فالصين تستورد من روسيا كميات ضخمة من النفط الخام والغاز الطبيعي، في عملية تلبي حاجة الصناعة الصينية إلى مصادر الطاقة، وترفد الاقتصاد الروسي بالمال اللازم للصمود في مواجهة متطلبات الحرب وعبء العقوبات.

ويقول إدوارد ليمون، الأكاديمي المتخصص في شؤون آسيا الوسطى في جامعة «تكساس آي إن إم» الأميركية: «كان اعتماد آسيا الوسطى على روسيا كدولة عبور للتجارة عاملاً رئيسياً في نفوذ الأخيرة إقليمياً، لكن في نهاية المطاف، ومع انشغالها بالحرب في أوكرانيا وحاجتها الماسة إلى حلفاء في المنطقة، ليس بوسع روسيا أن تفعل الكثير حيال التمدد الصيني».

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوّضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (رويترز)

* الشباك الصينية

أحجم الرئيس الأميركي السابع والأربعون حتى الآن عن تنفيذ تهديده بفرض رسوم جمركية باهظة على الصين، وقال إن البلدين يمكن أن ينسجا «علاقة جيدة للغاية». وأكد شي جينبينغ في المقابل أن محادثته الهاتفية مع ترمب قبل أيام من تنصيبه هي «نقطة بداية جديدة»، وأرسل نائبه هان تشنغ إلى العاصمة الأميركية لحضور احتفال التنصيب، وهو أرفع مسؤول صيني يحضر هذا الحدث على الإطلاق.

غير أن ترمب لا يزال يلوّح بعصا الرسوم الجمركية، وقال في هذا الصدد: «لدينا ورقة قوة واحدة كبيرة جداً حيال الصين، وهي الرسوم الجمركية. هم لا يريدونها، وأفضل ألا أضطر إلى استخدامها، لكنها ورقة قوة هائلة». وبالتالي فإن «شهر العسل» الأميركي – الصيني قد لا يطول كثيراً، فتتلبّد الغيوم، وتقع المواجهة، وتندلع حرب تجارية جديدة بين الجانبين.

إذا استعمل سيّد البيت الأبيض هذه الورقة، فستكون الصين سعيدة للغاية بتوجيه قسط كبير من عملياتها التجارية من الولايات المتحدة إلى أوروبا. وسيرتاح الأوروبيون بدورهم، ويتمسكون بوسيلة تخفف عبء التكاليف الاقتصادية للسياسات الأميركية حيالهم، لكن هذا قد يجعل أوروبا مع الوقت تعتمد أكثر على الصين. فأين مصلحة أميركا في دفع حليفها الغربي الطبيعي بعيداً عنها؟

يرى محللون وخبراء أن أي استراتيجية أميركية لاحتواء الصين وردعها يجب أن تأخذ في الاعتبار مراعاة أكبر كتلة تجارية في العالم، أي الاتحاد الأوروبي بدوله السبع والعشرين. فبقاء الاتحاد في تحالف وثيق مع واشنطن يتوقف إلى حد كبير على إدارة الثانية للعلاقة عبر الأطلسي. أما دفع الأوروبيين نحو الاعتماد على الصين اقتصادياً والطلب منهم في الوقت نفسه أن يعززوا إنفاقهم الدفاعي لتعزيز حائط الصد الغربي في وجه الصين وروسيا فأمر يجافي المنطق، ويضرّ بالمصلحة الأميركية بالذات، لأن شنّ ترمب المحتمل لحربين تجارتين ضد الاتحاد الأوروبي والصين في آنٍ واحد سيؤدي إلى تحولات حتمية في المشهد الجيوسياسي.