كشفت وثائق حكومية عن أن الولايات المتحدة تُطالب الدولَ بالموافقة على تسليم معلومات عن الجراثيم التي قد تُسبب تفشي أمراض واسعة النطاق، مقابل استئناف المساعدات المُخصصة لمعالجة مشكلات صحية مثل فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، بحسب ما نقلته صحيفة «الغارديان».
تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إبرام اتفاقات مساعدات ثنائية جديدة مع عشرات الدول، بعد انسحابها المفاجئ من الترتيبات القائمة في بداية هذا العام. تُشكِّل هذه الاتفاقات جزءاً من استراتيجية «أميركا أولاً» الجديدة للصحة العالمية، التي أُعلن عنها في سبتمبر (أيلول).
يُقدِّم نموذج مُسوّدة اطلعت عليه صحيفة «الغارديان»، والمُخصَّص لمذكرات التفاهم مع الدول الشريكة، تمويلاً لمعالجة أمراض مثل الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة البشرية وشلل الأطفال، بالإضافة إلى أنشطة مثل المراقبة وأنظمة المختبرات والسجلات الصحية الإلكترونية.
يُشير هذا النموذج إلى أنه من المُتوقع أن تتولى الدول تدريجياً تمويل هذه المجالات بنفسها على مدار الاتفاقات التي تمتد لـ5 سنوات.
في المقابل، يتضمَّن هذا النموذج شروطاً تُلزم الدول بمشاركة العينات البيولوجية والتسلسلات الجينية «لمسببات الأمراض ذات القدرة الوبائية» مع الولايات المتحدة، في غضون أيام من تحديدها.
وقال المدافعون عن حقوق الإنسان إن هذه الخطوة قد تقوّض الجهود العالمية الرامية إلى وضع اتفاقية جديدة بشأن الوباء موضع التنفيذ، وضمان حصول الدول على وصول عادل إلى اللقاحات والعلاجات والتشخيصات.
أشارت المذكرة إلى أن اتفاقية كاملة لتقاسم العينات - من المقرَّر أن تشكِّل التزاماً لمدة 25 عاماً - لا تزال قيد الصياغة، ولكن لا توجد إشارة في الوثيقة الحالية إلى حصول الدول على أي فوائد محددة مقابل مشاركة المعلومات، مثل ضمان الوصول إلى الأدوية المُطورة نتيجةً لذلك.
شكَّل الوصول إلى هذه الفوائد نقطة خلاف رئيسية في مفاوضات اتفاقية الجائحة، التي تمّ التوصُّل إليها في وقت سابق من هذا العام، والتي تُنظّم كيفية استجابة العالم لتفشي الأمراض في المستقبل. تخشى الدول النامية تكرار جائحة «كوفيد - 19 » عندما واجهت صعوبة في الحصول على اللقاحات والأدوية التي أصبحت متاحة.
تم تأجيل اتخاذ قرار بشأن هذا العنصر من الاستجابة للجائحة - نظام «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم المنافع (Pabs)» - لإجراء مزيد من المفاوضات. سيُشكّل النظام ملحقاً للاتفاقية الرئيسية، ولكن يجب أن يكون جاهزاً قبل فتح باب التوقيع على الاتفاقية.
كما تُشير مسوّدة المذكرة والإرشادات الفنية المُرفقة بها إلى أنه يُتوقع من الدول الاعتراف بموافقة الجهات التنظيمية الأميركية على الأدوية بوصفها تُلبي المتطلبات التنظيمية المحلية، لا سيما في حالة وجود «أسواق محلية كبيرة، أو أسباب استراتيجية أخرى».
انتشر خبر مسوّدة مذكرة الولايات المتحدة خلال اجتماع ممثلي الدول والمجتمع المدني في جنيف؛ لإجراء محادثات حول نظام «Pabs» المقترح.
صرَّح ميشال كازاتشكين، نيابةً عن اللجنة المستقلة للتأهب والاستجابة للأوبئة: «نرى أن هذه الاتفاقات الثنائية ستقوِّض النظام متعدد الأطراف. ستتجاوز منظمة الصحة العالمية وأسس التضامن والإنصاف التي نسعى إلى بنائها هنا».
وأضاف: «لا يُقدّم هذا النموذج أي ضمانات للوصول إلى التدابير المضادة، ويمنح هيمنة تجارية لدولة واحدة. إنه يُهدّد الأمن الصحي وأمن البيانات، وفي نهاية المطاف، السيادة الوطنية».

