ترمب يعلن انتهاء «حرب غزة» ويتعهد تشكيل «مجلس السلام» سريعاً

قال إنه سيجري تشكيل «مجلس سلام»... و«حماس» لن تشارك في حكم القطاع في المرحلة الانتقالية

TT

ترمب يعلن انتهاء «حرب غزة» ويتعهد تشكيل «مجلس السلام» سريعاً

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للمراسلين قبل الصعود للطائرة الرئاسية المتوجهة إلى جولة في الشرق الأوسط (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للمراسلين قبل الصعود للطائرة الرئاسية المتوجهة إلى جولة في الشرق الأوسط (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، انتهاء حرب غزة، مشيراً إلى أن «الأمور ستصير بشكل جيد في غزة».

وقال الرئيس الأميركي قبيل مغادرته إلى إسرائيل ومصر في رحلة تكتسي أهمية كبرى: «لدينا الكثير من الضمانات الشفهية بشأن غزة وربما يجري إطلاق سراح الرهائن مبكراً بعض الشيء». وأضاف ترمب: «أعتقد أن وقف إطلاق النار بين (حماس) وإسرائيل سيصمد، وسيجري تشكيل مجلس سلام على نحو سريع من أجل غزة»، مشيراً إلى أن غزة «تبدو مثل موقع هدم».

وقبيل إقلاع طائرته من قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن، وصف ترمب رحلته إلى الشرق الأوسط بأنها ستكون «مميزة جداً». وقال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في رد على سؤال عما إذا كان واثقاً من انتهاء النزاع بين إسرائيل وحركة حماس: «الحرب انتهت. حسناً، هل فهمتم ذلك»، معرباً عن ثقته بأن وقف إطلاق النار «سيصمد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للمراسلين قبل الصعود للطائرة الرئاسية المتوجهة إلى جولة للشرق الأوسط (أ.ف.ب)

وتوجّه الرئيس الأميركي، الأحد، إلى إسرائيل ومصر في إطار الجهود لإنهاء الحرب في غزة. وأقلعت الطائرة الرئاسية من قاعدة أندروز قرب واشنطن في أجواء ماطرة. ويرافق ترمب في رحلته وزراء الخارجية ماركو روبيو، والدفاع بيت هيغسيث، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، وفق البيت الأبيض.

وسيقضى ترمب بضع ساعات في إسرائيل التي يصلها صباح اليوم (الاثنين) في أول زيارة له منذ أعادة انتخابه رئيساً. واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب أن العودة المرتقبة للرهائن المُحتجزين في قطاع غزّة ستشكل «حدثاً تاريخيا»، قائلاً: «لقد أنجزنا معاً انتصارات هائلة أدهشت العالم كله. وأريد أن أقول لكم: في أي مكان قاتلنا فيه أحرزنا نصراً، ولكن في الوقت نفسه، أقول لكم إن المعركة لم تنته»، وفق قوله. وأضاف: «ما زالت أمامنا تحديات أمنية كبيرة جداً. البعض من أعدائنا يحاولون التعافي لضربنا من جديد. لكننا (...) سنتولى أمرهم»، من دون تفاصيل إضافية.

وتنص الخطة التي وضعها ترمب لوقف الحرب على الإفراج عن الرهائن الـ47 المتبقين في غزة من أصل 251 رهينة، وبينهم عشرون تعتقد إسرائيل أنهم ما زالوا على قيد الحياة، إضافة إلى رفات رهينة احتجز في عام 2014. وفي المقابل، ستُفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً فلسطينياً محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب.

وتتوقع الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن الرهائن العشرين الأحياء معاً (وتسليمهم جميعاً) في نفس الوقت إلى الصليب الأحمر ونقلهم في ست إلى ثماني سيارات. مساء، قال مسؤول عسكري إسرائيلي إنه من غير المتوقّع أن تُعاد إلى إسرائيل الاثنين كل جثامين الرهائن المحتجزة في غزة. وأضاف المسؤول خلال إحاطة صحافية ليل أمس (الأحد): «للأسف، نتوقع ألا تُعاد غداً كل جثامين الرهائن المتوفين».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً للصحافيين خلال توجهه إلى إسرائيل ومصر (رويترز)

وقال مصدر مطلع على المفاوضات إن «حماس» أنهت التحضيرات لتسليم الرهائن الأحياء، لكنه شدد على أن الحركة تصر على أن تفرج إسرائيل عن 7 قادة فلسطينيين في عملية التبادل. وأضاف المصدر أن «حماس تصر على أن تشمل القائمة النهائية القادة السبعة الكبار وأبرزهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وعباس السيد»، الأمر الذي أكده مصدر آخر، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية»، وأعلنت المتحدثة باسم رئاسة الحكومة الإسرائيلية أنه «سيتم الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين بمجرد أن تؤكد إسرائيل وصول جميع رهائننا المقرر إطلاق سراحهم غداً عبر الحدود».

برنامج زيارة ترمب... وخطة غزة

ويبدأ ترمب زيارته للمنطقة بمحطة في إسرائيل حيث يلقي كلمة في الكنيست ويلتقي عائلات رهائن الاثنين، قبل الانتقال إلى شرم الشيخ في مصر لحضور قمة السلام التي سيتم خلالها وبحضور أبرز قادة العالم «توقيع وثيقة تقضي بإنهاء الحرب في قطاع غزة» وفق الخارجية المصرية.

وأكد ترمب على متن الطائرة الرئاسية حصوله على «ضمانات» شفهية من الجانبين ومن لاعبين إقليميين رئيسيين آخرين بشأن المرحلة الأولى من الاتفاق، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن أحداً «يريد أن يخذله». وقال إن علاقته بنتنياهو «جيدة للغاية»، مضيفاً: «كانت لدي بعض الخلافات معه وسُويت بسرعة». وأبدى ترمب رغبة بزيارة غزة أو على الأقل أن «يطأ أرضها»، متعهداً بأن يتم تشكيل مجلس السلام الجديد برئاسته المخصص للقطاع «بسرعة جداً».

رد فعل إسرائيليين في انتظار إطلاق سراح الرهائن في ميدان الرهائن بتل أبيب (أ.ف.ب)

وتتهيّأ مستشفيات إسرائيلية عدة لاستقبال الرهائن المفرج عنهم، في حين أشارت سلطات السجون في إسرائيل إلى نقل سجناء فلسطينيين إلى سجنين تمهيداً لإطلاق سراحهم.

وستكون إدارة قطاع غزة، الذي مزقته حرب مستمرة منذ عامين، إحدى القضايا المطروحة. وقال مصدر دبلوماسي أُبلغ بمراسم التوقيع في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مشترطاً عدم كشف هويته، إن «الموقعين سيكونون الأطراف الضامنة وهي الولايات المتحدة ومصر وقطر وربما تركيا». وأعلنت إسرائيل الأحد أنها لن توفد أي ممثل لها إلى القمة، الأمر الذي سبق أن أعلنه مسؤول في «حماس» أول من أمس (السبت).

وبالرغم من التقدم الذي تم إحرازه، ما زال يتحتم على الوسطاء التوصل إلى تسوية سياسية طويلة الأمد تقضي بتسليم «حماس» سلاحها وتخليها عن حكم غزة. وأفاد مصدر في «حماس» مقرب من الوفد المفاوض بأن الحركة لن تشارك في حكم غزة في المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب.

وقال المصدر طالباً عدم كشف هويته بسبب حساسية المسألة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «بالنسبة لـ(حماس) موضوع حكم قطاع غزة هو من القضايا المنتهية. (حماس) لن تشارك بتاتاً في المرحلة الانتقالية، مما يعني أنها تخلت عن حكم القطاع ولكنها تبقى عنصراً أساسياً من النسيج الفلسطيني».

مركبة تابعة للصليب الأحمر تتحرك على طول الطريق قبل إطلاق سراح الرهائن كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة (رويترز)

في المقابل، رد على المطالب المتعلقة بتخلي الحركة عن سلاحها قائلاً إن «حماس» موافقة على هدنة طويلة وألا يستخدم السلاح بتاتاً طوال هذه المدة إلا في حال عدوان إسرائيلي على غزة.

وبموجب خطة ترمب، تسحب إسرائيل قواتها على مراحل من مدن قطاع غزة، على أن تحل محلها قوة متعددة الجنسيات تضم قوات من مصر وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة، يتولى تنسيق عملها مركز قيادي تحت إشراف أميركي في إسرائيل. وستعهد الحكومة وفق الخطة الأميركية إلى «لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير سياسية» توضع «تحت إشراف وسيطرة هيئة انتقالية دولية جديدة» برئاسة ترمب.

شاحنات تنتظر

ميدانياً، توجّه غزّيّون إلى الأسواق حيث انخفضت أسعار المواد الغذائية، وسط ترقّب لتخفيف الحصار مع وقف إطلاق النار. وشهد اليوم الثالث من وقف إطلاق النار دخول بعض الشاحنات إلى القطاع، لكن فلسطينيين في خان يونس بجنوب القطاع قالوا إن سكاناً جائعين نهبوا بعض الشحنات وسط فوضى عارمة.

وقال محمد زرب: «لا نريد العيش في غاب» مطالباً بأن يتم تأمين المساعدات وتوزيعها بصورة لائقة. وأضاف: «انظروا كيف أن الطعام مرمي على الأرض». وانتشرت عناصر الشرطة البلدية في مخيم النصيرات، في وسط القطاع، وسط الأنقاض والنفايات، بينما عاد مئات الآلاف من النازحين إلى شمال القطاع، ليجدوا غالباً منازلهم مدمرة.

وأدت الحرب الإسرائيلية إلى سقوط ما لا يقل عن 67806 قتلى، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ويُظهر الإحصاء أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال.

إلى ذلك، شكك ترمب فيما إذا كان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير سينضم إلى «مجلس السلام» الجديد الذي يهدف إلى الإشراف على إدارة قطاع غزة، وسط انتقادات مستمرة لبلير لدوره في حرب العراق. وقال ترمب: «لطالما أحببت توني، لكنني أريد أن أتأكد من أنه خيار مقبول للجميع»، دون أن يذكر أسماء قادة محددين يمكن أن يكون لهم رأي في اختياره لبلير. وكانت خطة السلام في غزة التي طرحها البيت الأبيض الشهر الماضي قد أدرجت اسم بلير كعضو في المجلس المقترح.

وقال ترمب إن مجلس السلام سيبدأ العمل بسرعة، لكنه بدا غير متأكد مما إذا كان بلير سيحظى بقبول جميع المعنيين. وقال ترمب: «أريد أن أعرف ما إذا كان توني سيحظى بقبول لدى الجميع لأنني لا أعرف ذلك». وقوبلت فكرة تعيين بلير في مجلس السلام بحالة من عدم التصديق بين السياسيين والمحللين الفلسطينيين، وبين أعضاء حزب العمال الذي ينتمي إليه بلير في بريطانيا، نظراً لتضرر سمعته بسبب قراره دعم غزو العراق عام 2003. وفي أعقاب ذلك الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، تبين في نهاية المطاف أن مزاعم الولايات المتحدة وبريطانيا بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل كانت كاذبة.


مقالات ذات صلة

الدور الأميركي المتزايد في غزة يعزز قلق الإسرائيليين

شؤون إقليمية نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ) play-circle

الدور الأميركي المتزايد في غزة يعزز قلق الإسرائيليين

يتزايد القلق الإسرائيلي مع تزايد تدخل الولايات المتحدة في قطاع غزة بينما يريدون بناء قاعدة عسكرية على الحدود. التدخل يغير خريطة النفوذ ووضعاً قائماً منذ 1967.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ من اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا في يونيو الماضي (رويترز)

مجموعة الـ7 تناقش وقف حرب أوكرانيا ودعم وقف النار في غزة

هيمنت الحرب بين روسيا وأوكرانيا والمرحلة التالية لوقف النار في غزة على اجتماعات وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا رغم التوترات حول التجارة والإنفاق الدفاعي.

علي بردى (واشنطن)
العالم العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

أبو الغيط يطالب بقرارٍ أممي للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الثلاثاء، أهمية استصدار قرار من مجلس الأمن بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون دون سن الثالثة يتلقون التطعيمات التي يقدمها «الهلال الأحمر»  الفلسطيني و«اليونيسف» في مركز صحي بمدينة غزة (أ.ب)

«اليونيسف»: إسرائيل تمنع وصول مليون محقن لتطعيم أطفال غزة

كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) اليوم الثلاثاء عن أن إسرائيل تمنع دخول مواد أساسية من بينها محاقن تطعيم وزجاجات حليب للأطفال إلى غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز) play-circle

تعثر تقدّم «خطة ترمب» ينعش مخاوف تقسيم غزّة

قالت مصادر متعددة لوكالة «رويترز»، الثلاثاء، إن احتمالية تقسيم قطاع غزة بحكم الأمر الواقع بين منطقة تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تديرها حركة «حماس» صارت مرجحة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«زيارة الشرع» بداية مسار تفاوضي جديد بين واشنطن ودمشق

الشرع في مأدبة عشاء أقامتها غرفة التجارة الأميركية بحضور وزير الخارجية وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين الأميركيين
الشرع في مأدبة عشاء أقامتها غرفة التجارة الأميركية بحضور وزير الخارجية وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين الأميركيين
TT

«زيارة الشرع» بداية مسار تفاوضي جديد بين واشنطن ودمشق

الشرع في مأدبة عشاء أقامتها غرفة التجارة الأميركية بحضور وزير الخارجية وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين الأميركيين
الشرع في مأدبة عشاء أقامتها غرفة التجارة الأميركية بحضور وزير الخارجية وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين الأميركيين

كان استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض، مشهداً غير مسبوق منذ استقلال سوريا، وحمل من الرمزية السياسية ما يتجاوز الدبلوماسية البروتوكولية، ليتحول إلى اختبار دقيق لإمكانية إعادة دمج دمشق في النظام الدولي بعد أكثر من عقد من العزلة والعقوبات.

اللقاء، الذي وصفته وكالة «أسوشييتد برس» بأنه «لحظة تاريخية»، لم يكن مجرد استعراض لعلاقات عامة، بل جسَّد بداية مسار تفاوضي جديد بين واشنطن ودمشق، يقوم على مبدأ «الانفتاح المشروط» مقابل التزامات سورية محددة، تتعلق بالأمن الإقليمي، ومحاربة الإرهاب، وتوازنات ما بعد الحرب في المنطقة.

وهو ما حاول الشرع تعزيزه عبر سلسلة اللقاءات المكثفة مع هيئات وشخصيات سياسية واقتصادية ومالية، والمقابلات الإعلامية التي أجراها في واشنطن، مع صحف ومحطات تلفزة.

ووفقاً لرئيس «المنظمة السورية الأميركية للطوارئ»، معاذ مصطفى، حققت الزيارة 4 إنجازات أولية. أولاً، انضمام سوريا إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» بعد سنوات من القطيعة والاتهامات المتبادلة بشأن دعم الإرهاب.

ثانياً، الإعلان عن إعادة فتح السفارة السورية في واشنطن بعد إغلاق دام أكثر من 12 عاماً، إيذاناً بعودة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية تدريجياً.

ثالثاً، تجميد تطبيق قانون قيصر لمدة 6 أشهر، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة لاختبار نيات دمشق، وإرسال رسالة طمأنة إلى الشركات والمستثمرين الأميركيين والدوليين.

ورابعاً، تم الاتفاق على استئناف قنوات الاتصال الأمنية والعسكرية بين الجانبين، خصوصاً في ملفات الحدود السورية - العراقية وملاحقة فلول «داعش».

وقال الرئيس الأميركي بعد لقائه الشرع، إن بلاده «ستفعل كل ما بوسعها لجعل سوريا بلداً ناجحاً وآمناً»، مؤكداً أن «الوقت حان لفتح صفحة جديدة مع الشعب السوري».

لقطة وزعتها وكالة «سانا» السورية تظهر الشرع جالساً قبالة ترمب بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والسوريين (أ.ب)

قيود الكونغرس والعقبات السياسية

لكن هذا الانفتاح لا يعني أن صفحة العقوبات أُغلقت، فـ«قانون قيصر» الذي فُرض عام 2019 لا يمكن رفعه بقرار رئاسي فقط؛ إذ يتطلب موافقة الكونغرس الذي لا يزال منقسماً حيال الموقف من دمشق.

ويوضح معاذ مصطفى، الذي لعب دوراً كبيراً في صدور «قانون قيصر» مع كثير من الناشطين السوريين، أن «السبب الرئيس لعدم رفع القانون بالكامل يعود إلى اعتراض شخصيتين نافذتين في الكونغرس، هما، السيناتور ليندسي غراهام، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والنائب برايان ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب».

ويضيف أن «غراهام وماست يشترطان تحقيق إنجازات سياسية وأمنية ملموسة داخل سوريا ومع الخارج، ويرفضان إعطاء دمشق مكاسب مجانية قبل اختبار التزاماتها». ويضيف أن حكومة بنيامين نتنياهو تمارس ضغوطاً على الرجلين لحضهما على عدم رفع عقوبات قيصر.

وبحسب البعض، تسعى إسرائيل للإبقاء على أوراق ضغط إضافية على دمشق، وربط أي تنازلات بملف الجولان والوجود الإيراني في سوريا.

كبار المحررين في صحيفة «واشنطن بوست» في جلسة مع الرئيس الشرع (سانا)

فرصة مشروطة

من منظور استراتيجي، يرى محللون أن زيارة الشرع تمثل «نافذة تاريخية» لسوريا للعودة إلى الخريطة السياسية، لكنها في الوقت نفسه فرصة مشروطة بسلوك النظام السوري في الأشهر المقبلة.

مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (منصة إكس)

فواشنطن، بحسب مصادر مطلعة في وزارة الخارجية الأميركية، تتعامل مع سوريا على أنها «حالة اختبار»، لا بوصفها شريكاً كاملاً بعد، وتربط أي خطوات إضافية في مسار التطبيع أو رفع العقوبات بمدى التزام دمشق بثلاثة محاور رئيسية: ضبط السلوك الإقليمي، والتوقف عن دعم جماعات مسلحة في لبنان والعراق. التعاون الكامل في ملف مكافحة الإرهاب، وإغلاق مراكز احتجاز مقاتلي «داعش»، وتقديم ضمانات حول حقوق الأقليات، والإصلاح السياسي الداخلي.

وتشير ورقة تحليلية صادرة عن «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» إلى أن «الزيارة تمثل اختباراً لمعادلة جديدة قوامها: مكاسب اقتصادية تدريجية مقابل التزامات سياسية وأمنية». وترى أن الإدارة الأميركية «تمنح دمشق فترة سماح تمتد حتى منتصف العام المقبل لتبيان مدى جدّيتها في تطبيق هذه الالتزامات».

أنصار الرئيس أحمد الشرع يتجمعون خارج البيت الأبيض في أثناء لقاء الشرع بالرئيس الأميركي ترمب في واشنطن 10 نوفمبر في أول زيارة رسمية لرئيس دولة سوري (إ.ب.أ)

تحديات داخلية وإقليمية

في المقابل، يواجه الرئيس الشرع تحديات ضخمة في الداخل السوري. فرغم الحفاوة التي رافقت الزيارة، يواجه نظامه أزمة ثقة متنامية نتيجة الأوضاع المعيشية المتدهورة والانقسامات الطائفية والإثنية. وأشار تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية، إلى أن الشرع «يحاول موازنة الانفتاح الخارجي مع إصلاحات داخلية محدودة»، لكنه ما زال يواجه مقاومة من داخل النخبة الأمنية والعسكرية التي تتحفظ على الانفتاح السريع نحو الغرب.

في الإقليم، تراقب القوى العربية تطورات الزيارة بحذر إيجابي؛ فهذه الدول التي كانت حتى وقت قريب جزءاً من الجبهة العربية المناهضة لدمشق (نظام الأسد)، تدرك أن عودة سوريا إلى المعادلة الإقليمية يمكن أن تصنع توازناً جديداً مع إيران وتركيا، لكنها لا تريد في الوقت نفسه منح دمشق شرعية كاملة قبل أن تثبت التزامها بمسار إصلاحي حقيقي.

بعض المراقبين في واشنطن لا يستبعدون أن تكون الزيارة مقدمة لصفقة أوسع تشمل تفاهمات غير معلنة بين سوريا وإسرائيل، برعاية أميركية. واشنطن تدرك أن الملف السوري لا يمكن فصله عن الأمن الإسرائيلي، وأن أي تخفيف للعقوبات على دمشق سيُربط بمستوى التنسيق الأمني في الجولان والحدود الجنوبية. ويسعى ترمب إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي يُضاف إلى رصيده الانتخابي، تماماً كما فعل في «اتفاقات إبراهيم».


حكم قضائي في يوتاه يمنح الديمقراطيين فوزاً مفاجئاً

الكونغرس الأميركي (أ.ب)
الكونغرس الأميركي (أ.ب)
TT

حكم قضائي في يوتاه يمنح الديمقراطيين فوزاً مفاجئاً

الكونغرس الأميركي (أ.ب)
الكونغرس الأميركي (أ.ب)

رفضت القاضية ديانا غيبسون في يوتاه خريطة انتخابية جديدة رسمها مشرعون جمهوريون، واعتمدت اقتراحاً بديلاً لإنشاء دائرة انتخابية ذات ميول ديمقراطية، قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي لعام 2026.

وكان الجمهوريون، الذين يسيطرون على كل المقاعد الأربعة المخصصة لولاية يوتاه في مجلس النواب، قدموا خريطة تهدف إلى إبقاء هذه المقاعد في حوزتهم. غير أن القاضية غيبسون حكمت بأن الخريطة الجديدة للهيئة التشريعية «تميل إلى الجمهوريين بشكل مفرط وتسيء إلى الديمقراطيين». وأمرت المشرعين برسم خريطة «تتوافق مع المعايير التي وضعها الناخبون لضمان عدم تحيز الدوائر الانتخابية عمداً لحزب معين، ومنعاً للتلاعب بالدوائر الانتخابية».

علم أميركا على مجلس الشيوخ في العاصمة واشنطن (رويترز)

وفي حال الفشل في ذلك، فقد حذرت غيبسون بأنها يمكن أن تنظر في خرائط أخرى قدمها المدعون في الدعوى القضائية التي دفعتها إلى رفض خريطة يوتاه الحالية. وفي النهاية، اختارت غيبسون خريطة رسمها المدعون من «رابطة ناخبات يوتاه»، ومنظمة «نساء المورمون من أجل حكومة أخلاقية». ويُبقي هذا القرار مقاطعة سولت لايك شبه منحصرة ضمن دائرة انتخابية واحدة، بدلاً من تقسيم المركز السكاني الديمقراطي الكثيف بين الدوائر الأربع، كما كانت الحال سابقاً.

ويُمثّل قرار القاضية مفاجأة للجمهوريين في ولاية توقعوا فيها فوزاً ساحقاً؛ إذ يسعون جاهدين لإضافة مقاعد قابلة للفوز في أماكن أخرى.

وعلى الصعيد الوطني، يحتاج الديمقراطيون إلى الفوز بـ3 مقاعد في مجلس النواب العام المقبل لانتزاع السيطرة على المجلس من الحزب الجمهوري، الذي يحاول كسر نمط تاريخي لخسارة حزب الرئيس مقاعد في الانتخابات النصفية للكونغرس.

زعيم الديمقراطيين في «الشيوخ» تشاك شومر بالكونغرس يوم 9 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتمنح الخريطة المعتمدة حديثاً الديمقراطيين فرصة أقوى بكثير للفوز بمقعد في ولاية لم يمثلها ديمقراطي في الكونغرس منذ أوائل عام 2021. وقال الديمقراطيون في مجلسَي النواب والشيوخ التابعَين للولاية في بيان مشترك، إن «هذا فوز لكل يوتاه. أقسمنا على خدمة شعب يوتاه، والتمثيل العادل هو أصدق مقياس لهذا الوعد».

وكانت القاضية غيبسون ألغت في أغسطس (آب) الماضي خريطة الكونغرس ليوتاه المعتمدة بعد إحصاء عام 2020، بسبب «تحايل المجلس التشريعي على معايير مكافحة التلاعب بالدوائر الانتخابية التي أقرها الناخبون».

رئيس مجلس النواب مايك جونسون في مؤتمر صحافي بالكونغرس يوم 6 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ودفع هذا الحكم الولاية نحو معركة وطنية لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية، في ظل دعوات من الرئيس، دونالد ترمب، لولايات أخرى يقودها الجمهوريون إلى إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية، في محاولة لمساعدة الحزب الجمهوري على الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس النواب في انتخابات عام 2026. ورد بعض الولايات الديمقراطية بإعداد خرائط جديدة خاصة بها، فوافق ناخبو كاليفورنيا الأسبوع الماضي على خريطة تمنح الديمقراطيين فرصة للفوز بـ5 مقاعد إضافية. غير أن الجمهوريين لا يزالون متقدمين في هذه المعركة.

وعادة ما تجرى إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية مرة كل عقد، بعد الإحصاء السكاني. ولا توجد قيود فيدرالية على إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في منتصف العقد، لكن بعض الولايات - التي يقودها الديمقراطيون أكثر من الجمهوريين - تضع قيودها الخاصة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب معتمراً قبعة «فلنجعل أميركا عظيمة مجدداً»... (رويترز)

ويعطي الحكم في يوتاه دفعة غير متوقعة للديمقراطيين، الذين لديهم فرص أقل، للفوز بمقاعد من خلال إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية. ولو وافقت غيبسون على الخريطة التي رسمها المشرعون، لكانت الدوائر الأربع كلها تميل إلى الجمهوريين، لكن اثنتين منها كانتا ستصيران تنافسيتين بعض الشيء مع الديمقراطيين. وراهن اقتراحهم على قدرة الجمهوريين على حماية كل المقاعد الأربعة بهوامش أضعف بكثير بدلاً من إنشاء دائرة واحدة.

وصدر الحكم في يوتاه قبيل تصريح من كبير مسؤولي الانتخابات بالولاية بأنه آخر موعد ممكن لإقرار خريطة جديدة للكونغرس، حتى يتسنى لموظفي المقاطعات الوقت الكافي للتحضير لتقديم ملفات المرشحين لانتخابات التجديد النصفي لعام 2026.

وجادل الجمهوريون بأن غيبسون «لا تملك السلطة القانونية لإقرار خريطة لم يوافق عليها المجلس التشريعي». ووصف ممثل الولاية، مات ماكفيرسون، الحكم بأنه «إساءة استخدام جسيمة للسلطة»، مضيفاً أنه يُعدّ مشروع قانون لمتابعة إجراءات لعزل غيبسون.


ترمب: واجهنا كثيراً من المشكلات مع فرنسا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ترمب: واجهنا كثيراً من المشكلات مع فرنسا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاداً مفاجئاً لفرنسا، بقوله، في مقابلة تلفزيونية، إن واشنطن واجهت «كثيراً من المشكلات مع الفرنسيين».

وسألت مذيعة شبكة «فوكس نيوز»، لورا إنغراهام، الرئيس الأميركي عن التحاق الطلاب الصينيين بالجامعات الأميركية، قائلة، في مقابلة، أمس الاثنين: «ليسوا الفرنسيين، إنهم الصينيون، إنهم يتجسسون علينا، إنهم يسرقون ملكيتنا الفكرية».

إلا أن ترمب قاطعها قائلاً: «هل تعتقدين أن الفرنسيين أفضل حقاً؟ سأقول لكِ: لست متأكداً من ذلك».

وأقام ترمب، الذي يشنّ حرباً تجارية على بكين، علاقة وثيقة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تميزت بمصافحات حارة والتربيت على الظهر. واتصل به ماكرون مباشرة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، ليخبره بأنه أُوقف في الشارع بسبب الموكب الرئاسي الأميركي، بينما كان في طريقه إلى اجتماع بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.

لكن هذه العلاقة تخلَّلها بعض التوتر، مثل معارضة ترمب اعتراف فرنسا بدولة فلسطين، وسياسات باريس بشأن المناخ. وضغط الرئيس الأميركي على أوروبا لزيادة الإنفاق الدفاعي من خلال حلف شمال الأطلسي «ناتو»، في حين كان ماكرون جزءاً من الجهود الأوروبية لكسب تأييد ترمب للدعم العسكري لأوكرانيا ضد روسيا.

وتطرَّق ترمب، خلال مقابلته، إلى السياسة الضريبية الفرنسية التي أكد أنها تمثل مشكلة للولايات المتحدة. وقال: «واجهنا كثيراً من المشكلات مع الفرنسيين، إذ تُفرض ضرائب غير عادلة على تقنياتنا».