رغم غياب المشرعين عن الكونغرس في العطلة الصيفية، لا تزال قضية جيفري إبستين تتفاعل بسرعة في الأروقة التشريعية والسياسية في واشنطن، في خير دليل على أن زخمها لن يتراجع بوجه مساعي الرئيس الأميركي إنهاء الحديث عنها. والمفارقة في هذا الملف هي أنه حظي باهتمام جمهوري بارز خاصة من قاعدة ترمب الشعبية التي تريد من الرئيس الأميركي الحفاظ على وعوده الانتخابية ورفع السرية عن وثائق مرتبطة بالقضية، تحديداً ما يصفه البعض بـ«لائحة عملاء» ابستين، وهي لائحة يزعمون أنها تتضمن أسماء لأشخاص نافذين ابتزهم رجل الأعمال السابق.

وبطبيعة الحال، استغلّ الديمقراطيون هذه الفجوة في العلاقة، وتمكّنوا من حشد الدعم لإصدار مذكرة استدعاء في لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي تُرغم وزارة العدل على تسليمهم الوثائق المطلوبة، وهو مسار يتوقع أن يبدأ يوم الجمعة حسب تصريحات لرئيس اللجنة الجمهوري جايمس كومر. ويقول كومر في تصريح إن لجنته سترفع السرية عن بعض هذه الوثائق بعد مراجعتها، من دون تحديد جدول زمني. لكنها إجابة لم تُعجب المشككين، كالنائب الجمهوري توماس ميسي، وهو من منتقدي ترمب، والديمقراطي رو خانا اللذين تعهدا بالدفع نحو تصويت في مجلس النواب للكشف عن الوثائق بعد عودة الكونغرس من إجازته مطلع الشهر المقبل. وتحظى هذه الجهود بدعم 11 جمهورياً حتى الساعة.
انشقاق جمهوري

لن يتوقف دعاة الكشف عن الوثائق عند هذا الحد، بل سيعقدون مؤتمراً صحافياً مع ضحايا إبستين بمجرد عودتهم من إجازاتهم؛ ما سيضع القيادات الجمهورية في موقف حرج. فرئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ جون ثون، يريدان التركيز على الأجندة الجمهورية وتجنُّب الإغلاق الحكومي عبر إقرار التمويل قبل انتهائه نهاية شهر سبتمبر (أيلول).
كلّها معارك سيضطران إلى تأجيلها مع تفاعل قضية إبستين. ويُذكّر الجمهوريون الداعمون لترمب في هذا الإطار بمطالب الإدارة الأميركية الإفراج عن وثائق في 3 من القضايا المتعلقة بإبستين، ومعارضة المحاكم لهذه الخطوات، كما يُحذّرون من الكشف عن أسماء ضحايا ابستين من القُصّر وانتهاك خصوصيتهم. وهذا ما تحدث عنه كومر، وهو داعم شرس لترمب، قائلاً إن «هناك كثيراً من السجلات بحوزة وزارة العدل، وسيستغرق الأمر بعض الوقت لنشر جميع هذه السجلات والتأكد من حجب هويات الضحايا، وأي مواد تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال». وأضاف: «أُقدّر التزام إدارة ترمب بالشفافية وجهودها لتزويد الشعب الأميركي بالمعلومات حول هذا الموضوع».
استجواب مسؤولين سابقين

بالإضافة إلى الوثائق، استدعت لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي 10 مسؤولين سابقين لاستجوابهم في جلسات مغلقة، منهم الرئيس السابق بيل كلينتون الذي يتّهمه البعض بوجوده على اللائحة وزوجته هيلاري كلينتون، بالإضافة إلى وزير عدل ترمب السابق بيل بار الذي حقّق في وفاة إبستين في عام 2019 عندما تم العثور عليه ميتاً في زنزانته؛ ما حرّك أيضاً نظريات مؤامرة بشأن وفاته. وقد مثُل بار مطلع هذا الأسبوع أمام اللجنة في جلسة مغلقة، خرج منها كومر ليؤكد للصحافيين أن وزير العدل السابق لا علم له بما يسمى «لائحة الزبائن»، نافياً التقارير التي تفيد بأن اسم ترمب موجود على اللائحة. وأوضح كومر: «قال بار إنه إذا كان اسم ترمب موجوداً في لائحة إبستين، لكانت إدارة (جو) بايدن سربت هذه المعلومات».
وكانت وزارة العدل الأميركية برئاسة بام بوندي قد أصدرت تقريراً عن ملف إبستين ينفي كلامها السابق عن وجود لائحة من هذا النوع، أو أي دليل بأن إبتسين ابتزّ شخصيات نافذة؛ ما أغضب قاعدة الرئيس الشعبية التي تطالب بالمزيد من الشفافية عبر الكشف عن الوثائق.


