هل ينضمّ «آل ترمب» إلى قائمة العائلات السياسية الأكثر نفوذاً في أميركا؟

بعد تلميح نجله إريك إلى احتمال ترشحه لانتخابات 2028

TT

هل ينضمّ «آل ترمب» إلى قائمة العائلات السياسية الأكثر نفوذاً في أميركا؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحتفل مع عائلته بعد أدائه اليمين الدستورية خلال حفل تنصيبه في واشنطن 20 يناير (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحتفل مع عائلته بعد أدائه اليمين الدستورية خلال حفل تنصيبه في واشنطن 20 يناير (إ.ب.أ)

تُعدّ الولايات المتحدة من كبرى الديمقراطيات في العالم، ومع ذلك، فهي لا تخلو من سلالات عائلية نافذة لطالما كان لها حضور فاعل في بناء الدولة ورسم توجهاتها السياسية والاقتصادية. وتميل هذه الأسر التي أصبحت تُعرف بـ«السلالات السياسية» إلى تركيز نفوذها على منطقة جغرافية محدّدة، بهدف وضع أُسس متينة للفوز بمناصب حكام الولايات ومقاعد مجلس الشيوخ، التي غالباً ما تُمهّد الطريق إلى البيت الأبيض.

ويُحدّد خبراء السياسة والتاريخ الأميركي «السلالات السياسية» في 11 عائلة أميركية تُعدّ الأكثر نفوذاً في الولايات المتحدة؛ بناءً على إرثها التاريخي، وصافي ثروتها، ونفوذها المستمر، وقدرتها على إنتاج «ورثة» سياسيين. ومن بين أبرز هذه العائلات، أُسر هاريسون وآدامز وروزفلت وبوش.

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يقف مع أفراد عائلته الممتدة (رويترز)

وتستعد هذه اللائحة إلى إضافة اسم محتمل جديد، بعد تلميح إريك ترمب، الابن الأوسط للرئيس دونالد ترمب، إلى اهتمامه بخلافة والده، مُنضمّاً بذلك إلى شقيقه دونالد جونيور وشقيقته إيفانكا اللذين أثارا تكهّنات واسعة حول رغبتهما في تولي هذا المنصب. وأشار إريك، الذي يركّز عادةً على الأعمال التجارية، خلال مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز» إلى أنه قد يكون مُهتمّاً أيضاً بخوض غمار السياسة يوماً ما.

وبرز إريك، البالغ 41 عاماً، مدافعاً شرساً عن والده على شبكات التلفزيون، بينما يُعدّ شقيقه الأكبر دونالد جونيور لاعباً رئيسياً في الدائرة السياسية المقربة من الرئيس ترمب، ويُشكّل مع نائبه جي دي فانس ثنائياً مثالياً في قيادة حركة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، ويستخدم «بودكاسته» وحضوره على وسائل التواصل الاجتماعي لتحفيز قاعدة الرئيس.

لائحة «ورثة» محتملين

ألمح إريك ترمب إلى أن عائلته لم تستبعد السعي إلى تأسيس سلالة سياسية، مع احتمال ترشحه هو وأفراد آخرين من العائلة للمنصب الأعلى في الولايات المتّحدة. وعدّ السعي إلى العمل السياسي «سهلاً» على أفراد العائلة، بعد انتهاء الولاية الثانية لوالده عام 2029. وقال إن «السؤال الحقيقي هو: هل ترغب في إشراك أفراد آخرين من عائلتك في ذلك؟»، مضيفاً: «هل أرغب في أن يعيش أطفالي التجربة نفسها التي عشتها خلال العقد الماضي؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فأعتقد أن المسار السياسي سيكون سهلاً، أي أنني أعتقد أنني قادر على ذلك».

إريك وأعضاء من العائلة يراقبون خلال ليلة الإعلان عن نتائج الانتخابات في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وأشادت حركة «ماغا» بإريك، واصفةً إياه بأنه «الاستمرار المثالي» لوالده. ولطالما انخرط أبناء الرئيس وعائلته المقربة في حياته المهنية، وتولّوا أدواراً رئيسية مع انتقاله إلى السياسة وفوزه بالرئاسة للمرة الأولى عام 2017. وفي ولايته الأولى، شغلت إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر مناصب إدارية عليا، إلا أنهما انسحبا من العمل السياسي العلني في ولايته الثانية.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يظهر أمام إريك ولارا ترمب يناير 2024 (أ.ب)

كما شاركت زوجة إريك، لارا ترمب، في قيادة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، وحظيت بإشادة الرئيس ترمب. وأصبح لدى لارا برنامجها الخاص على قناة «فوكس نيوز»، ما يُعزّز حضورها في المجال السياسي. وقالت أخيراً إنها تُفكّر جدياً في الترشح لمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية نورث كارولاينا، بعدما أعلن السيناتور الجمهوري توم تيليس عدم ترشحه مرة أخرى، إثر معارضته لمشروع ميزانية ترمب «الضخم والجميل»، الأسبوع الماضي.

بارون ترمب تفاعل مع تصفيق الحاضرين بعد أن رحَّب به الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد تنصيبه 20 يناير 2025 (أ.ف.ب)

وفيما يتوقّع البعض أن يكون بارون ترمب، الابن الوحيد للرئيس من زوجته ميلانيا، والبالغ 19 عاماً، التالي على قائمة «الورثة السياسيين»، أشار والده إلى أنه مهتم بالسياسة، وبأنه ساعده في جذب الناخبين الشباب عبر «البودكاست» و«تيك توك» في حملته الانتخابية الناجحة التي فاز فيها بجميع الولايات المتأرجحة في مواجهة الديمقراطية كامالا هاريس.

بانتظار ترشيح الرئيس

ومع اتّساع لائحة المرشّحين المحتملين لـ«وراثة» إنجازات ترمب السياسية من بين أفراد أسرته، رفض إريك تأكيد عزمه - أو أحد أشقائه- عن دخول المعترك السياسي أو حتى الترشّح للرئاسة عام 2028. كما تحفّظ ابن ترمب الأوسط استبعاد ترشّح والده مجدّداً على الرغم من العائق الدستوري، واكتفى بالقول: «الوقت كفيل بالكشف عن ذلك. وبالمناسبة، أعتقد أن أفراداً آخرين من عائلتنا يستطيعون القيام بذلك أيضاً».

إيفانكا ترمب وزوجها جاريد كوشنر خلال تجمّع انتخابي بعد الانتخابات الرئاسية في فلوريدا 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

وفيما يتساءل البعض عمّا ستتحوّل عائلة ترمب إلى «سلالة سياسية» جديدة، يجادل البعض الآخر أنها «سلالة اقتصادية» بالفعل. وبحسب مسلسل وثائقي بعنوان «سيرة ذاتية»، عُرض على قناة أميركية أخيراً، فقد أسّست ثلاثة أجيال من عائلة ترمب، شُهرة دونالد ترمب وثروته. ففي عام 1885، جاء فريدريك ترمب إلى أميركا من ألمانيا ليُحقق لنفسه اسماً وثروة. مُستغلاً «حُمّى الذهب»، افتتح ترمب الجدّ أعمالاً تجارية تُوفر الغرف والطعام والمشروبات لعُمّال المناجم في مدن التعدين الحدودية. ثم عاد إلى نيويورك، حيث وضع بذور إمبراطورية العقارات الخاصة بمنظمة «ترمب».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يسلم الرئيس الأميركي دونالد ترمب شهادة ميلاد جده فريدريش ترمب المولود في ألمانيا (أ.ف.ب)

وبدأ ابنه، فريد ترمب، مسيرته المهنية ببناء المنازل، ثم انتقل إلى إدارة العقارات. وفي عام 1968، وبقرضٍ شهير من والده، وضع دونالد ترمب نصب عينيه الاستثمار في العقارات بمانهاتن، ليبدأ بعدها مسيرته وطموحه وشهرته في مجال الأعمال والسياسة.

ووفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز»، فقد أصبحت استثمارات العائلة في العملات المشفرة، سواء من شراء العملات الرقمية المشهورة أو من عملتها الخاصة «ترمب ميمكوين» -التي تعرّضت لانتقادات شديدة لأنها خلقت فرصة لشراء النفوذ في البيت الأبيض-، تُنافس استثماراتها العقارية والأندية الخاصة والسلع والمنتجات الفاخرة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يظهر برفقة زوجته ميلانيا وابنهما بارون في فلوريدا 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وفيما قال إريك إن عائلة ترمب أنفقت ما يقرب من نصف مليار دولار «للدفاع عن نفسها من التدليس السياسي حول (التدخل) الروسي، والأكاذيب، والملفات القذرة»، رفض أيضاً مزاعم تضارب المصالح. وقال: «إذا كانت هناك عائلة واحدة لم تستفد من السياسة، فهي عائلة ترمب». ومع ذلك، أقرّ بأن قيمة «منظمة ترمب» تتراوح الآن بين 8 و12 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

العالم وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)

رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

​قال رئيس وزراء غرينلاند، ينس-فريدريك نيلسن، الثلاثاء،  إنه يشعر بـ«الحزن» ‌إزاء تعبير ‌الرئيس ⁠الأميركي ​دونالد ‌ترمب مجدداً عن اهتمامه بالاستحواذ على الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن )
خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خاص ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عرض تصوّري للسفينة «يو إس إس ديفاينت» المقترحة من «فئة ترمب» خلال إعلان الرئيس الأميركي مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية (أ.ف.ب)

«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الاثنين)، خططاً لإطلاق فئة جديدة من السفن الحربية تحت اسم «فئة ترمب»، وهو تقليد عادة ما يخصص للقادة الذين غادروا مناصبهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري الذي عين مبعوثاً خاصاً إلى غرينلاند (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: نحتاج غرينلاند للأمن القومي الأميركي

شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حاجة بلاده الى غرينلاند لضرورات «الأمن القومي»، بعد غضب دنماركي من إعلان واشنطن تعيين موفد خاص للجزيرة ذات الحكم الذاتي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أفراد من الجيش الأميركي يرافقون أعضاء مزعومين في عصابة ترين دي أراغوا الفنزويلية وعصابة إم إس-13 رحّلتهم الحكومة الأميركية إلى مركز احتجاز في السلفادور (رويترز) play-circle

قاضٍ أميركي يأمر بإعادة 137 فنزويلياً جرى ترحيلهم إلى السلفادور

أصدر قاضٍ أميركي حكماً بأنه يتعين على إدارة الرئيس دونالد ترمب ‌أن ترتب ‌على ‌ وجه ⁠السرعة ​عودة ‌نحو 137 رجلاً فنزويلياً جرى ترحيلهم إلى السلفادور.


نشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية إبستين

جيفري إبستين (رويترز)
جيفري إبستين (رويترز)
TT

نشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية إبستين

جيفري إبستين (رويترز)
جيفري إبستين (رويترز)

نشرت وزارة العدل الأميركية ما يقرب من 8000 وثيقة جديدة مرتبطة بفضيحة جيفري إبستين على موقعها الإلكتروني، بعدما اتُّهمت بحجب المعلومات، وانتُقدت من المعارضة الديمقراطية بسبب البطء الشديد في نشر تفاصيل الملف.

وتحتوي الملفات الجديدة، بحسب تحليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على مئات مقاطع الفيديو، والتسجيلات الصوتية، بما في ذلك لقطات من كاميرات مراقبة تعود إلى أغسطس (آب) 2019، عندما عُثر على إبستين المدان بالاعتداء الجنسي متوفياً داخل زنزانته.

ونشرت الوزارة نحو 11 ألف رابط لمستندات على الإنترنت، لكن بدا أن بعضها لا يؤدي إلى أي وثيقة.

وأقر الكونغرس بالإجماع تقريباً «قانون الشفافية في قضية إبستين» الذي فرض نشر كامل الملفات المرتبطة بالقضية بحلول يوم الجمعة الماضي.

وشكت مجموعة من الضحايا في وقت سابق من أن «جزءاً» فقط من الملفات تم نشره، وأنه تعرّض حتى إلى تنقيح «غير طبيعي، ومفرط من دون أي تفسير».

وهدد النائبان الديمقراطي رو خانا، والجمهوري توماس ماسي بتوجيه تهم الازدراء إلى وزيرة العدل بام بوندي، لفشلها في الامتثال إلى القانون.

واقترح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قراراً الاثنين يدعو إلى تحرّك قانوني ضد إدارة دونالد ترمب، لفشلها في نشر ملفات إبستين كاملة.

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون في اللجنة في واشنطن (رويترز)

وأرجع نائب وزيرة العدل تود بلانش التأخير إلى الحاجة لإخفاء هويات ضحايا إبستين البالغ عددهن أكثر من ألف، ونفى الأحد الاتهامات بحماية ترمب الذي كان صديقاً مقرّباً لإبستين.

حاول ترمب بداية منع الكشف عن الملفات. لكن الرئيس الذي قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيف الأخير، ولا يواجه أي اتهامات في هذه القضية، خضع أخيراً لضغوط الكونغرس، ووقّع القانون الذي يلزم الإدارة نشر الملفات.


ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
TT

ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

«لا للحروب الأبدية»، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا، وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً. قال إنه سيسحب القوات الأميركية من العراق، وسوريا، وأكد أنه أنهى ثماني حروب، وتفاخر بأنه الرئيس الأميركي الأول منذ أجيال لم يبدأ حرباً جديدة.

لكن القول أسهل بكثير من الفعل في عالم متعدد الأقطاب، ومتشعب التحديات؛ فها هو ترمب يقف على مشارف نهاية العام 2025 ويقترب من ذكرى عام على تسلمه لولايته الثانية، والحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، مع تغيرات بارزة في منطقة الشرق الأوسط أدت إلى إعادة تموضع القوات الأميركية في العراق، وسوريا، وتحول الأنظار إلى منطقة أميركا اللاتينية مع فتح جبهات جديدة تحت عنوان الحرب على المخدرات مع فنزويلا.

عقيدة مونرو بنفحة ترمبية

ترمب مع مجموعة من الجنرالات في البيت الأبيض في 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

تحركات أربكت الكثيرين في الداخل، والخارج، خاصة أنها تتناقض بشكل كبير مع سياسة «أميركا أولاً» التي يتغنى بها ترمب، لتأتي استراتيجيته للأمن القومي الجديدة، وتوفر بعض الأجوبة للمتسائلين. فهذه الاستراتيجية التي غيرت بشكل جذري من الأولويات الأميركية، مستعيدة بعضاً من عقيدة مونرو بنفحة ترمبية، أظهرت بشكل واضح أن التصدي للهجرة غير الشرعية، وحماية الحدود يشكلان أساس الاستراتيجية الأمنية، وهذان من أحد الأسباب التي دفعت ترمب إلى فتح جبهة فنزويلا، على حد قوله، إضافة إلى حرب على المخدرات التي تهرب إلى الولايات المتحدة، وتؤذي الأميركيين، لتصب المواجهة أيضاً في خانة «أميركا أولاً»، وتهدف إلى حماية الولايات المتحدة.

معركة فنزويلا و«الفناء الخلفي»

مظاهرات في نيويورك معارضة للحرب على فنزويلا في 6 ديسمبر 2025 (رويترز)

لكن ما هو بارز في الاستراتيجية التركيز على أميركا اللاتينية، أو «فناء أميركا الخلفي» على حد تعبير البيت الأبيض، إذ وضعت خطاً أحمر يمنع أي نفوذ غير أميركي من التوسع هناك، ليس هذا فحسب، بل أشارت بعض التقارير إلى أن الأهداف الأميركية هناك تتخطى التصدي للمخدرات، والهجرة غير الشرعية هناك، وتصل إلى حد تغيير الأنظمة، بدءاً من نظام مادورو في فنزويلا، ووصولاً إلى نظام كاسترو في كوبا، لتتناقض تحركاته مع الاستراتيجية الأمنية التي انتقدت مساعي الإدارات السابقة لتغيير الأنظمة. لكنها سياسة تتناغم مع حلم لوزير خارجية ترمب ماركو روبيو الكوبي الأصل، والذي بنى تاريخه السياسي متوعداً بالتصدي للأنظمة الشيوعية اليسارية في أميركا اللاتينية. وهذا ما تحدث عنه هيوغو لورانس السفير الأميركي السابق إلى هندوراس، ومستشار الرئيس الأميركي سابقاً لشؤون فنزويلا قائلاً: «روبيو هو من أصول كوبية، وهو متشدد ضد اليسار في أميركا اللاتينية. بالنسبة له فنزويلا عدو وهو من بين أعضاء الإدارة الذين يودون تغيير النظام في فنزويلا. بالمقابل هناك أعضاء من حركة ماغا مثلاً الذين يحذرون من الدخول في هذه المعركة، لهذا يحاول ترمب التركيز على قضية المخدرات الشعبوية، والسعي دبلوماسياً للضغط على مادورو لمغادرة البلاد من دون الدخول في عملية عسكرية مع فنزويلا».

وزارة الحرب

ختم وزارة الحرب الجديد بعد تغيير اسمها (أ.ب)

رئيس السلام لم يكتفِ بفتح جبهة أميركا اللاتينية، بل عمد إلى تغيير آخر في إدارته أربك هو الآخر الأوساط السياسية في واشنطن، هذه المرة من وزارة الدفاع الأميركية التي أصبحت في عهده الثاني رسمياً وزارة الحرب، ما أرسل رسائل متناقضة حيال وعوده بإنهاء الحروب. وهو أمر يحذر جيم تاونسند نائب مساعد وزير الدفاع السابق لسياسة الناتو وكبير الباحثين في مركز الأمن الجديد تاونسند من أنه يشتت الانتباه عن الأمور المهمة التي يتعين على الولايات المتحدة القيام بها، ومنها تفاصيل تطبيق استراتيجية الأمن القومي بشكل واضح وتموضع القوات الأميركية «في هذا العالم الخطير للغاية الذي نعيش فيه الآن» على حد تعبيره.

لكن الجنرال مارك كيميت مساعد وزير الخارجية السابق ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي فيذكّر بأن وزارة الدفاع كانت تسمى وزارة الحرب من عام 1776 إلى عام 1947، مضيفاً: «إن ما فعلوه هو العودة إلى الاسم الأصلي بدلاً من ابتكار اسم جديد، فقد أرسلنا الكثير من الجنود إلى الحرب من وزارة الحرب على مدار 175 عاماً. ولا مانع لدي في تغيير الاسم». وهذا ما يؤكد عليه أنتوني شافر المسؤول الاستخباراتي السابق في الجيش الأميركي، ومدير مركز لندن للأبحاث الذي يعتبر أن التغيير كان ضرورياً لإظهار الهوية الجديدة لأميركا، والتشديد على وجود «أسلوب جديد في النظر للأمور، والتعاطي معها». وهي فعلياً تحركات تجسد الهوية التي يسعى إليها ترمب ويكررها، تحت عنوان «السلام من خلال القوة».

ترمب والحروب الثماني

ترمب مع رئيسي الكونغو ورواندا في واشنطن إثر توقيع اتفاق السلام بين البلدين في 4 ديسمبر 2025 (رويترز)

رغم إعادة تسمية وزارة الدفاع وفتح جبهة أميركا اللاتينية الجديدة، وحرب ترمب على المخدرات، فإن الرئيس الأميركي يقول إنه تمكن من إنهاء ثماني حروب في عهده الثاني، ويستاء أشد الاستياء بأنه لم يحظَ بجائزة نوبل للسلام تتويجاً لجهوده، فما هذه الحروب التي أنهاها؟

هو يذكر الحروب التالية: الكونغو ورواندا، إسرائيل وإيران، الهند وباكستان، أرمينيا وأذربيجان، كمبوديا وتايلاند، صربيا وكوسوفو، إثيوبيا ومصر، «حماس» وإسرائيل. لكن تأكيداته بإنهاء هذه النزاعات فضفاضة، خاصة أن معظم هذه «الحروب» هي نزاعات وخلافات تاريخية تمتد جذورها، وتتشعب، ولا يمكن مقارنتها بحروب «أبدية» تدخلت فيها أميركا، منها الحرب على الإرهاب التي تجسدت بشكل أساسي في حربي العراق وأفغانستان، وامتدت إلى سوريا، ومكافحة تنظيم «داعش»، ومنع عودته، وهي مهمة مستمرة حتى يومنا هذا. فهل تمكن ترمب من إنهاء هذه النزاعات؟

الكونغو-رواندا

فيما احتفلت إدارة ترمب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا في يونيو 2025 لإنهاء عقود من النزاع، إلا أن أعمال العنف لا تزال مستمرة بين الجيش في كونغو وحركة إم 23 المسلحة.

إسرائيل-إيران

أما الحرب بين إسرائيل وإيران فقد تمكن ترمب من خلال الضربات الجوية على المفاعلات النووية في إيران من كبح جماح طهران، لكن التوترات بين الطرفين مستمرة في غياب اتفاق سلام ملموس.

الهند-باكستان

وفيما يتعلق بـ«الحرب» بين الهند وباكستان، فقد تمكن ترمب من وقف التصعيد بين الطرفين الذي قد يؤدي إلى حرب عبر التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في مايو (أيار) 2025، لكن التوترات التاريخية مستمرة بين القوتين النوويتين.

أرمينيا-أذربيجان

في 8 أغسطس (آب) 2025 شهد البيت الأبيض توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان أنهى صراعاً تاريخياً وحرباً مستمرة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، وحلت النزاع على إقليم ناغورني قرة باغ.

تايلاند-كمبوديا

في صيف 2025، بعد اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبوديا على الحدود، تدخل ترمب مستخدماً سلاحه المفضل، الرسوم الجمركية، ليدفع الدولتين للموافقة على هدنة مؤقتة. وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أثناء قمة آسيان في كوالالمبور، تم التوقيع على اتفاق تهدئة موسّع بين قادة البلدين.

صربيا وكوسوفو

«صربيا وكوسوفو كانتا على وشك الاشتباك، وكانت ستندلع حرب كبيرة. قلت لهما: إذا اشتبكتما، فلن تكون هناك تجارة مع الولايات المتحدة. فقالا: حسناً، ربما لن نفعل ذلك». هذا ما كتبه ترمب في 27 يونيو على منصته «تروث سوشيال»، لكن ورغم وجود نزاع قديم بين البلدين، فإنهما لم يكونا في حالة حرب فعلية، لكن البيت الأبيض يذكر بالجهود الدبلوماسية التي بذلها ترمب في ولايته الأولى حين وقع البلدان اتفاقات لتطبيع العلاقات الاقتصادية في المكتب البيضاوي عام 2020، لكنهما لم يكونا في حالة حرب في ذلك الوقت.

إثيوبيا ومصر

لا حرب فعلية بين البلدين لإنهائها، بل اختلافات على سد النهضة لم تشهد أي حلحلة بعد.

«حماس»-إسرائيل

أما حرب غزة، والنزاع مع إسرائيل، فهو موضوع معقد وشائك، صحيح أن ترمب تمكن بعد جهد جهيد من التوصل إلى وقف إطلاق نار في الحرب المستعرة منذ هجمات أكتوبر، إلا أن اتفاق السلام الشامل الذي طرحه يشهد عراقيل وتحديات جمة، ويغيب عن أي ذكر لحل الدولتين الذي تطالب به دول المنطقة.

حرب السودان

هي شوكة في خاصرة ترمب وفريقه، فبعد وعود الرئيس الأميركي بالتدخل شخصياً لحل الأزمة، لا تزال جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مستمرة من دون حلحلة تذكر في حرب مستعرة منذ أكثر من عامين.

ترمب وبوتين في آلاسكا في 15 أبريل 2025 (أ.ب)

رئيس السلام

من الواضح أن ترمب يسعى جاهداً إلى تصوير نفسه في عهده الثاني بوصفه رئيس السلام، المصر على إنهاء الحروب. لكن خلف هذا الالتزام العلني، يبرز تموضع عسكري برغماتي يُبقي الولايات المتحدة منخرطة بعمق في الخارج. فبدلاً من إنهاء الحروب التي لا تنتهي، أعاد ترمب رسم مكان وكيفية خوض الولايات المتحدة لحروبها معدلاً أهدافها من نشر الديمقراطية إلى المصالح الاقتصادية.


نائب الرئيس الأميركي يشارك في تدريبات للقوات الخاصة البحرية (صور)

فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)
فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)
TT

نائب الرئيس الأميركي يشارك في تدريبات للقوات الخاصة البحرية (صور)

فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)
فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)

أظهرت صور جديدة حصلت عليها شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، وهو يتدرب مع «قوات البحرية الأميركية الخاصة (SEALs)» في كاليفورنيا، بتمرين استمر 90 دقيقة، وصفه نائب الرئيس لاحقاً بأنه جعله يشعر كأنه «صُدم بواسطة قطار شحن».

وتُظهر الصور فانس وهو يحمل جذوع أشجار، ويجدف في المحيط، ويركض على الشاطئ، ويتسلق مساراً مليئاً بالعقبات مع مجموعة من قوات البحرية الخاصة، وقد أُخفيت وجوه كثير من أفراد القوات الخاصة لحماية هوياتهم.

فانس يتسلق مساراً للحبال خلال التدريب (مكتب نائب الرئيس)

وكتب فانس في منشور على منصة «إكس» يوم الاثنين: «انتهيتُ للتو من تدريب بدني مع (قوات البحرية الخاصة) لمدة 90 دقيقة. لقد خففوا عنّي التدريب، ومع ذلك ما زلت أشعر كأنني صُدمت بواسطة قطار شحن».

واستغلّ فانس هذه المناسبة للإشادة بقوات العمليات الخاصة التابعة للجيش، وكتب قائلاً: «أنا ممتنٌ للغاية لجميع جنودنا الذين يحافظون على أمننا ويلتزمون أعلى المعايير في أي مكان بالعالم».

فانس مع مدربي «قوات البحرية الأميركية» أمام العلم الأميركي (مكتب نائب الرئيس)

وفانس جندي سابق في سلاح مشاة البحرية الأميركية، وخدم في حرب العراق. وقد انضم إلى الخدمة عام 2003، وأُرسل إلى العراق عام 2005 مع الجناح الجوي الثاني لمشاة البحرية، حيث عمل في قسم الشؤون العامة.

وصرّح سابقاً نائب الرئيس بأن خدمته العسكرية قد أثرت في آرائه بشأن الأمن القومي، وتكاليف الحرب، ومسؤولية القادة عند إرسال القوات إلى مناطق الخطر.

فانس يركض على الشاطئ خلال التدريب (مكتب نائب الرئيس)

وتعدّ «قوات البحرية الخاصة» من بين أعلى وحدات العمليات الخاصة الأميركية تميزاً، وتشتهر بمعاييرها البدنية الصارمة ومهامها المتنوعة؛ من مكافحة الإرهاب إلى العمليات البحرية.