ساهم تغير المناخ في زيادة احتمالية حدوث حرائق الغابات الكبرى التي أودت بحياة 29 شخصاً على الأقل في يناير (كانون الثاني) في لوس أنجليس بالولايات المتحدة، وفق تحليل أجرته شبكة علمية رائدة ونشرته، الثلاثاء.
وتشير تقديرات شبكة خبراء الطقس العالمي (World Weather Attribution - WWA) إلى أن المزيج المتفجر من النباتات الجافة والرياح القوية الذي يمكن أن يؤدي إلى حرائق عنيفة أصبح أكثر احتمالاً بنسبة 35 في المائة بسبب تغير المناخ، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأضافت الشبكة، في بيان: «لقد أدى تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية إلى تفاقم حرائق الغابات المدمرة في لوس أنجليس من خلال تقليل هطول الأمطار، وتجفيف النباتات، وزيادة التداخل بين ظروف الجفاف المسببة للحرائق ورياح سانتا آنا القوية» في فصل الشتاء.
وبسبب الاحترار العالمي، «تمتد ظروف الجفاف إلى فصل الشتاء، ما يزيد من خطر اندلاع حرائق الغابات في أثناء رياح سانتا آنا القوية، والتي يمكن أن تحوّل الحرائق الصغيرة إلى حرائق مميتة»، بحسب الباحثة في «إمبريال كولدج لندن» كلير بارنز، وهي من الخبراء المشاركين في الدراسة.
إلى ذلك، فإن أمطار شهر أكتوبر (تشرين الأول) التي كانت تمثل تاريخياً نهاية موسم الحرائق، باتت نادرة.
وتشير الدراسة إلى أن هطول الأمطار المسجل بين شهري أكتوبر وديسمبر (كانون الأول) انخفض في العقود الأخيرة.
![جانب من حريق باليساديس في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا الأميركية 11 يناير 2025 (أ.ب)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937865.jpeg)
«مزيج متفجر»
وبحسب الباحثين، فإن موسم الحرائق في لوس أنجليس أصبح أطول و«أكثر خطورة». وقال هؤلاء في تقريرهم إن «ظروف الجفاف التي تزيد من احتمال اندلاع الحرائق تستمر الآن في المتوسط لمدة أطول بنحو 23 يوماً سنوياً، مقارنة بالمناخات التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية».
عادة ما تحدث رياح سانتا آنا الحارة والجافة في كاليفورنيا بين الخريف والربيع.
ولا تزال أسباب حرائق لوس أنجليس، وهي الأسوأ في تاريخ هذه المدينة الضخمة في ولاية كاليفورنيا، قيد التحقيق. ويبحث المحققون في احتمال أن يكون حادث كهربائي هو الذي تسبب في اندلاع حريق إيتون في ألتادينا، ثاني أكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا.
اندلعت الحرائق في أوائل يناير بالقرب من لوس أنجليس، في منطقة تفتقر بشدة إلى الأمطار منذ ثمانية أشهر.
وقد حصلت هذه الحرائق بعد عامين شهدا تساقط كميات كبيرة من الأمطار، ما أدى إلى ظهور نباتات خضراء مورقة جفت بعد ذلك خلال أشهر طويلة من الجفاف.
وقال أستاذ علم المناخ في جامعة كاليفورنيا جون عباس أوغلو، المشارك في إعداد التحليل، خلال مؤتمر صحافي: «انتقلنا من فترة رطبة للغاية إلى فترة جافة للغاية».
ووصلت شدة رياح سانتا آنا في يناير إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2011، وفق خبراء الأرصاد الجوية، ما أدى إلى تأجيج نيران الحرائق وجعل مهمة عناصر الإطفاء شبه مستحيلة.
واختتم عباس أوغلو حديثه قائلاً: «لقد كان مزيجاً متفجراً من حيث المناخ والظروف الجوية المواتية للحرائق».
![منظر جوي للأشجار والمنازل التي احترقت في حريق باليساديس في لوس أنجليس في 28 يناير 2025 بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937863.jpeg)
وتحذّر منظمة تقويم الطقس العالمية، التي تدرس الروابط بين الأحداث الجوية المتطرفة وتغير المناخ، من أن خطر اندلاع حرائق الغابات الشديدة مرشح للاستمرار في الارتفاع.
ويقدّر خبراء المنظمة أن «هذه الظروف المؤدية إلى الحرائق ستزداد بنسبة 35 في المائة أخرى إذا وصل الاحترار إلى +2.6 درجة مئوية في عام 2100»، مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية. وقد ارتفعت معدلات الحرارة بالفعل منذ تلك الحقبة بنحو 1.3 درجة مئوية.