غوانتانامو: محاكمة تفجير المدمرة «كول» تنطلق بعد 25 عاماً

أودى بحياة 17 بحاراً أميركياً قبالة سواحل اليمن

قصف الإرهابيون المدمرة «كول» بمياه ميناء عدن في 12 أكتوبر 2000 وكان يُنظر إليه على أنه مقدمة لهجمات 11 سبتمبر (نيويورك تايمز)
قصف الإرهابيون المدمرة «كول» بمياه ميناء عدن في 12 أكتوبر 2000 وكان يُنظر إليه على أنه مقدمة لهجمات 11 سبتمبر (نيويورك تايمز)
TT

غوانتانامو: محاكمة تفجير المدمرة «كول» تنطلق بعد 25 عاماً

قصف الإرهابيون المدمرة «كول» بمياه ميناء عدن في 12 أكتوبر 2000 وكان يُنظر إليه على أنه مقدمة لهجمات 11 سبتمبر (نيويورك تايمز)
قصف الإرهابيون المدمرة «كول» بمياه ميناء عدن في 12 أكتوبر 2000 وكان يُنظر إليه على أنه مقدمة لهجمات 11 سبتمبر (نيويورك تايمز)

تقرر انطلاق محاكمة سجين متهم بالتخطيط لتفجير المدمرة الأميركية «كول» في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، والتي يمكن أن تصل عقوبة الإدانة فيها إلى الإعدام. وإذا مضت الخطة المقررة، فستتزامن المحاكمة مع الذكرى الخامسة والعشرين للهجوم الذي شنه تنظيم «القاعدة»، وأودى بحياة 17 بحاراً أميركياً قبالة سواحل اليمن.

العقيد ماثيو فيتزغيرالد مكلف إدارة جلسات المحاكمة في قضية المدمرة «كول» العام المقبل (نيويورك تايمز)

وبالفعل، حجز الكولونيل ماثيو إس. فيتزغيرالد، قاضي بالجيش، قاعة المحكمة في خليج غوانتانامو للمحاكمة في الفترة من 6 أكتوبر 2025 حتى 19 ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام، وفقاً لأمر أصدرته المحكمة، الجمعة. واستناداً إلى تقويم المحكمة، فإن هذه القضية ستصل إلى المحاكمة قبل قضية هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، التي حدد قاضيها 23 أسبوعاً من العام المقبل لعقد جلسات استماع تمهيدية.

6 مواعيد مقترحة للمحاكمة

جدير بالذكر أن القضاة العسكريين في قضية المدمرة «كول» سبق أن حددوا أكثر من 6 مواعيد مقترحة للمحاكمة، ثم تخلوا عنها لاحقاً، وذلك منذ استدعاء السجين عبد الرحيم النشيري للمحاكمة عام 2011. يذكر أن النشيري، ألقي القبض عليه عام 2002. ويواجه اتهامات بالمساعدة في تدبير الهجوم الانتحاري على المدمرة البحرية الأميركية، بينما كانت في محطة للتزود بالوقود بميناء عدن، اليمن. ويجري النظر إلى التفجير الذي وقع في 12 أكتوبر 2000، بمثابة مقدمة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية.

من جهته، لم ينشر الكولونيل فيتزغيرالد بعد المواعيد النهائية للمسائل السابقة لانعقاد المحاكمة، وهي خطوة تصاحب عادةً إعلان موعد المحاكمة. ويقوم جدول أعماله على تصور مفاده عقد جلسات الاستماع السابقة للمحاكمة على مدار 12 أسبوعاً العام المقبل.

عبد الرحيم النشيري متهم بتفجير المدمرة «كول» (متداولة)

وقال القاضي فيتزغيرالد داخل المحكمة في 31 مايو (أيار): «أشعر بتفاؤل حذر»، وكشف عن خطط لتحديد المواعيد. وأضاف: «أعتقد أن هذا تاريخ عادل ومعقول، بناءً على مراجعتي الشاملة للسجل الضخم».

من ناحية أخرى، توفي حتى اليوم ما لا يقل عن 8 من آباء البحارة الذين سقطوا في الهجوم، في أثناء انتظار المحاكمة، وحرص الكثيرون منهم على حضور الإجراءات التمهيدية للمحاكمة بانتظام.

في المقابل، عبر أنتوني جيه. ناتالي، المحامي الرئيسي للنشيري، عن شكوكه في إمكانية وصول القضية إلى المحاكمة خلال 15 شهراً.

وقال في مقابلة: «من غير المنطقي، في أحسن الأحوال، الاعتقاد بأنه يمكن إنجاز كل شيء، وإنجازه على النحو الصحيح في هذا الإطار الزمني».

وتابع: «ما لم يعقد القاضي جلسات تمهيدية كاملة وعادلة، مع وجود الشهود وجدول زمني مناسب للاطلاع على القضايا، سيكون من المستحيل تقريباً، إن لم يكن من المستحيل، أن يقدم الدفاع مساعدة قانونية فاعلة».

جدير بالذكر أن هناك كثيراً من العقبات التي يمكن أن تعرقل هذا الطموح، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالأدلة التي تريد الحكومة استخدامها في هذه القضية.

معتقَل غوانتانامو حيث احتُجِز النشيري المتهم الرئيسي في تفجير المدمرة «كول» (رويترز)

يُذكر أنه العام الماضي، حكم القاضي السابق بأن اعترافات النشيري للعملاء الفيدراليين في غوانتانامو عام 2007 كانت مستمدة من التعذيب على يد مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). واستبعد الاعترافات المستخلصة من التحقيق من القضية.

وقد جرى احتجاز النشيري بمعزل عن العالم الخارجي من قبل الوكالة لمدة 4 سنوات، بدءاً من عام 2002. وخلال تلك الفترة، جرى إيهامه بالغرق، واحتجازه في صناديق خشبية، وحرمانه من النوم، واغتصابه، وتهديده بقتله وقتل والدته. وقال القاضي، الكولونيل لاني جيه. أكوستا جونيور، إن قدرة السجين على مقاومة المحققين «قد جرى تجريده منها عمداً وحرفياً عبر الضرب».

اليوم، يستأنف المدعون هذا القرار أمام لجنة الاستئناف في البنتاغون، وقد تصل القضية إلى محكمة الاستئناف الأميركية في مقاطعة كولومبيا قبل بدء المحاكمة.

من جهتهم، يسعى محامو النشيري إلى استدعاء الشهود قبل المحاكمة في طعون أخرى للأدلة الحكومية المقترحة التي يقولون إنها ملوثة كذلك بالتعذيب. في الوقت نفسه، يمر الفريق القانوني الممثل للسجين بمرحلة انتقالية.

من جهته، طلب لفتنانت كوماندر ألاريك إيه. بييت، جندي سابق في القوات البحرية الأميركية، والذي يتمتع بأطول علاقة مع النشيري مقارنة بأي محامٍ، الإذن من القاضي بترك القضية بعد 7 سنوات في الوظيفة. وقد تولى بييت تمثيل النشيري وحده لبعض الوقت، لأن محامي الدفاع الآخرين تركوا القضية بعد اكتشاف جهاز تنصت في غرفة الاجتماعات الخاصة بهم.

واليوم، يتقاعد ناتالي، لكن بديلته، المحامية أليسون ميلر، لم تحصل بعد على تصريح أمني لمقابلة النشيري، وتمثيله أمام محكمة غوانتانامو. وحكم القاضي فيتزغيرالد بأنه يمكن لناتالي ترك القضية بعد تكليف ميلر بشكل كامل ومقابلة النشيري.

وتعد ميلر، مثل ناتالي، «محامية مثقفة» أو محامية تتمتع بخبرة معترف بها في الدفاع عن المتهمين في قضايا تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهو دور مطلوب قانوناً في قضايا غوانتانامو.

وسبق لها تمثيل المتهمين في 10 محاكمات أمام هيئة محلفين في محاكم فلوريدا، وأسفرت إحداها عن حكم بالإعدام. وكانت كذلك مستشارة قانونية في قضية رجل أقر بأنه مذنب بقتل 17 شخصاً في مدرسة ثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا، في فبراير (شباط) 2018، وصدر بحقه حكماً بالسجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط، بدلاً عن الإعدام.

*«نيويورك تايمز »


مقالات ذات صلة

«عملية غوانتانامو» لاحتجاز المهاجرين احتجزت أقل من 500 معتقل

الولايات المتحدة​ تجمُّع المهاجرين في قاعدة «غوانتانامو»... (نيويورك تايمز)

«عملية غوانتانامو» لاحتجاز المهاجرين احتجزت أقل من 500 معتقل

لم تتوسع العملية التي مضى عليها 3 أشهر، لتحقيق رؤية الرئيس ترمب بإيواء 30 ألف شخص في القاعدة البحرية الأميركية بغوانتانامو.

كارول روزنبرغ
الولايات المتحدة​ عمار البلوشي في صورة سابقة قدمها محاموه (نيويورك تايمز )

غوانتانامو: قاضٍ عسكري يُسقط اعترافات في قضية 11 سبتمبر بوصفها «انتُزعت تحت التعذيب»

أسقط قاضٍ عسكري، الجمعة، اعترافاً أدلى به متهم بالتآمر في هجمات 11 سبتمبر أمام عملاء فيدراليين عام 2007 في غوانتانامو، مؤكداً أن هذه الاعترافات كانت تحت التعذيب

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ جندي سلفادوري يقف حارساً خلال جولة إعلامية في سجن مركز احتجاز الإرهابيين (CECOT) في تيكولوكا - السلفادور - 4 أبريل 2025 (رويترز)

ترمب لا يمانع نقل أميركيين إلى سجن للإرهابيين في السلفادور

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه لا يمانع في نقل سجناء من مواطنيه إلى السلفادور، بينما أخفقت إدارته في تنفيذ حكم قضائي بإعادة مهاجر سلفادوري.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أرسلت الإدارة الأميركية نحو 400 رجل نصفهم على الأقل من الفنزويليين إلى غوانتانامو منذ فبراير كجزء من حملة الرئيس ترمب على الهجرة غير الشرعية (نيويورك تايمز)

واشنطن تنفق 40 مليون دولار لسجن نحو 400 مهاجر في غوانتانامو

وجه 5 أعضاء في مجلس الشيوخ، زاروا قاعدة خليج غوانتانامو بكوبا، انتقادات إلى المهمة المتعلقة بالمهاجرين، واصفين إياها بإهدار للموارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)

«طالبان» تعلن مقايضة سجينين أميركيَّين مقابل «مساعد بن لادن الخاص»

اعترفت «طالبان» باحتجازها سجينين أميركيَّين، مشددة على أنها لن تمنحهما حريتهما دون إطلاق سراح مواطن أفغاني (المساعد الخاص لأسامة بن لادن)، محتجز في غوانتامو.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد - كابل)

«فخاخ» المكتب البيضاوي قد تدفع القادة الأجانب بالتفكير مرتين قبل دخوله

خفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأضواء في المكتب البيضاوي وواجه رامابوسا باتهامات زائفة حول الإبادة الجماعية ضد البيض في جنوب أفريقيا عبر شريط فيديو (إ.ب.أ)
خفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأضواء في المكتب البيضاوي وواجه رامابوسا باتهامات زائفة حول الإبادة الجماعية ضد البيض في جنوب أفريقيا عبر شريط فيديو (إ.ب.أ)
TT

«فخاخ» المكتب البيضاوي قد تدفع القادة الأجانب بالتفكير مرتين قبل دخوله

خفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأضواء في المكتب البيضاوي وواجه رامابوسا باتهامات زائفة حول الإبادة الجماعية ضد البيض في جنوب أفريقيا عبر شريط فيديو (إ.ب.أ)
خفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأضواء في المكتب البيضاوي وواجه رامابوسا باتهامات زائفة حول الإبادة الجماعية ضد البيض في جنوب أفريقيا عبر شريط فيديو (إ.ب.أ)

خفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأضواء في المكتب البيضاوي أمس الأربعاء وجعل رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا هدفا لأحدث فخ جيوسياسي يعده لزعيم أجنبي أمام كاميرات التلفزيون.

وفي مشهد استثنائي بدا واضحا أن البيت الأبيض أعده لتحقيق أقصى قدر من التأثير وأعاد للذاكرة زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير (شباط)، واجه ترمب رامابوسا باتهامات زائفة حول الإبادة الجماعية ضد البيض في جنوب أفريقيا، بما في ذلك مزاعم تتعلق بقتل جماعي واستيلاء على الأراضي.

وأظهر الموقف مرة أخرى استعداد ترمب الواضح لاستخدام المكتب البيضاوي، الذي كان تاريخيا مكانا للتعبير عن تقدير كبار الشخصيات الأجنبية، لإحراج الزوار من الدول الأقل قوة أو الضغط عليهم في الأمور التي يركز عليها بشدة.

وقد يدفع استخدام ترمب غير المسبوق للمقر الرئاسي لمثل هذه العروض، القادة الأجانب إلى التفكير مرتين قبل قبول دعواته لما قد تحمله من احتمالات تعرضهم لإذلال علني، وهو ترددٌ قد يجعل من الصعب تعزيز العلاقات مع الأصدقاء والشركاء الذين تسعى الصين للتقارب معهم.

وقال باتريك جاسبارد السفير الأميركي السابق لدى جنوب أفريقيا في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما إن ترمب حول الاجتماع مع رامابوسا إلى «مشهد مخز». وكتب جاسبارد، وهو الآن زميل بارز في مركز أميركان بروجرس في واشنطن، في منشور على إكس «التعامل بشروط ترمب لا يسير على ما يرام بالنسبة لأي شخص».

وكان من المفترض أن يكون اجتماع المكتب البيضاوي فرصة لإعادة ضبط العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، خصوصا بعد فرض ترمب لرسومه الجمركية. كما كان يهدف لتهدئة التوتر المتصاعد بشأن اتهاماته التي لا أساس لها من الصحة «بإبادة جماعية ضد البيض» وعرضه إعادة توطين الأقلية البيضاء.

وبعد بداية ودية للاجتماع، أمر ترمب، نجم تلفزيون الواقع السابق، بتخفيف الأضواء وعرض مقطع فيديو ومقالات مطبوعة قُصد بها إظهار أن البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون للاضطهاد. وبدا أن رامابوسا كان مستعدا للرد على اتهامات ترمب لكن من غير المرجح أنه كان يتوقع مثل هذا المسرح السياسي. وظهر منتبها وهادئا بينما كان يسعى إلى دحض ما قدمه مضيفه، لكنه لم يوجه انتقادا مباشرا للرئيس الأميركي.

وقال رامابوسا مازحا «أنا آسف ليس لدي طائرة أقدمها لك»، في إشارة إلى الطائرة الفاخرة التي قدمتها قطر لترمب كبديل لطائرة الرئاسة الأميركية (إير فورس وان).

ولم يرد البيت الأبيض على الفور على سؤال بشأن ما إذا كان الاجتماع تم إعداده لوضع رامابوسا في موقف محرج أو ما إذا كان هذا الأسلوب قد يثني القادة الأجانب عن القيام بمثل هذه الزيارات. ولم يتطور الاجتماع مع رامابوسا لمثل ما حدث خلال اجتماع ترمب قبل أشهر فقط مع زيلينسكي، والذي تحول إلى مواجهة صاخبة مع الرئيس ونائب الرئيس جيه.دي فانس.