هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

إيقاف نقل مجموعة من السجناء اليمنيين جواً إلى سلطنة عمان

سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)
سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)
TT

هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)
سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)

كان البيت الأبيض قد علّق مهمةً سريةً لنقل المعتقلين إلى سلطنة عمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن أعرب أعضاء في الكونغرس عن قلقهم إزاء عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

السياج الخارجي لمعسكر «دلتا» في غوانتانامو (نيويورك تايمز)

وكان من المقرر أن ترسل إدارة بايدن نحو 12 معتقلاً في خليج غوانتانامو إلى سلطنة عمان؛ لإعادة توطينهم في العام الماضي، ولكنها أوقفت على نحو مفاجئ العملية السرية وسط تساؤلات من الكونغرس حول الأمن في الشرق الأوسط بعد هجوم «حماس» على إسرائيل، بحسب مسؤولين في الإدارة. ولم يتم أبداً توجيه تهم جنائية لأي من السجناء، وتمت الموافقة لهم جميعاً بنقلهم من قبل فرق مراجعة الأمن القومي. وكانت طائرة شحن عسكرية على مهبط الطائرات في خليج غوانتانامو لنقل مجموعة من السجناء اليمنيين جواً إلى سلطنة عمان عندما تم وقف الرحلة، وفقاً لما قاله أشخاص على دراية بالعملية العسكرية.

وقد جُمعت المتعلقات التي يمكن أن يأخذوها معهم، مما يشير إلى أن السجناء سوف يغادرون قريباً. ثم حلقت الطائرة بعيداً خالية، وأُعيدت إليهم متعلقاتهم. تُصنَّف تفاصيلُ هذه العمليات بالسرية من أجل أمن أطقم الطائرات العسكرية الأميركية التي تنقل الرجال.

إلا أن مسؤولين أميركيين، رفضوا الكشف عن هوياتهم؛ لأن تحركات المعتقلين تعدّ سريةً إلى أن تُستكمل، اعترفوا بفشل المهمة بعد أن نشرت شبكة «إن بي سي» تقريراً عنها يوم الاثنين، يوضح النقل المتأخر وسط جهود إدارة بايدن المستمرة للعثور على دول مستعدة لإعادة توطين 16 محتجزاً تم إخلاء سبيلهم، وهم من بين 30 رجلاً محتجزين في غوانتانامو. وتتطلب مثل هذه الصفقات الدبلوماسية ومشاركة مجتمع الاستخبارات وتوجيه إشعار مسبق إلى الكونغرس. تعدّ الولايات المتحدة سلطنة عمان منذ فترة طويلة حليفاً قوياً ووفياً، ودولة مسالمة تبعد 1500 ميل، وبلداً بعيداً عن غزة.

معسكر غوانتانامو حيث يُحتجَز سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

وسيط محايد

وتفخر سلطنة عمان بأنها وسيط محايد بين القوى الإقليمية المتصارعة. في ليلة الاثنين، وصفت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، سلطنة عمان بأنها «شريك موثوق به... يتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة بشأن مجموعة من الأولويات، بما في ذلك إعادة تأهيل المعتقلين في غوانتانامو». توصّل المسؤولون الدبلوماسيون ومسؤولو الأمن القومي الأميركي إلى اتفاق مع سلطنة عمان لإرسال السجناء إلى هناك العام الماضي. لكن الخطة واجهت معارضة خلال جلسة مغلقة في الكونغرس في أكتوبر (تشرين الأول)، عشية عملية النقل.

إعادة التوطين

وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، إن الديمقراطيين أثاروا مخاوف مع مسؤولي وزارة الخارجية والاستخبارات من احتمال زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط في أعقاب هجوم «حماس» على إسرائيل. وافقت الإدارة على تأجيل النقل ومراجعة الترتيبات، وهي عملية قال مسؤولان حكوميان، يوم الاثنين، إنها مستمرة. ولا تسمح سياسة وزارة الدفاع بالكشف عن تاريخ نقل جديد إلا بعد مغادرة السجناء. إن سجناء غوانتانامو الذين ينتظرون نقلهم هم من بلدان تعدّ غير مستقرة أو خطرة للغاية للحد الذي يحُول دون إعادتهم إلى أوطانهم، لا سيما اليمن، الأمر الذي يتطلب من الولايات المتحدة طلب المساعدة من الحلفاء والشركاء لاستقبالهم لإعادة التأهيل أو إعادة التوطين. على مدى عقدين من تاريخ مركز الاعتقال في كوبا، نُقل نحو 750 محتجزاً عن طريق العودة إلى الوطن أو إعادة التوطين، ومعظمها في عمليات عسكرية سرية.

الصعوبات الدبلوماسية

وقد تم تهميش عدد قليل منهم أو تأخيره؛ بسبب الصعوبات الدبلوماسية، أو تغيير القيادة في الدولة المستقبلة، أو المخاوف العملياتية العسكرية الأميركية. في أواخر عام 2014، على سبيل المثال، عادت طائرة شحن عسكرية تحمل 5 محتجزين إلى آسيا الوسطى، كانت قد غادرت غوانتانامو في عملية نقل مخططة منذ فترة طويلة، وذلك بسبب مشكلة ميكانيكية في الجو. وقد أرجأ البنتاغون الإفصاح العلني عمّا عدّها «عملية أمنية حساسة للأمن القومي» حتى تم إرسال طائرة شحن جديدة من طراز «سي-17» وطاقمها إلى القاعدة لنقل السجناء وقوة حراسة خاصة ونقلهم إلى كازاخستان.

المعسكر السادس حيث يُحتجز سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

برنامج إعادة التأهيل

واستقبل برنامج إعادة التأهيل في سلطنة عمان 30 محتجزاً في الفترة من 2015 إلى 2017. وكان معظمهم من اليمن الذي يشترك بحدود مع سلطنة عمان. وقد تزوج كثير منهم وأنجبوا الآن أطفالاً هناك، على الرغم من أنه من غير المعروف ما إذا كانوا قد اندمجوا بنجاح في المجتمع من عدمه. كان اثنان من الرجال الذين أُرسلوا إلى سلطنة عمان من مواطني أفغانستان الذين أُعيدوا في وقت سابق من هذا العام، وفقاً لما ذكرته حركة «طالبان»، بعد 7 سنوات من الإقامة الجبرية. وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية في ذلك الوقت، إن الرجلين أُعيدا إلى وطنهما لأن الظروف الأمنية التي تم التفاوض عليها بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان في وقت نقلهما، في عام 2017، قد انتهت.

وقالت واتسون إن سلطنة عمان، من خلال برنامجها لإعادة التأهيل، «تواصل الوفاء بالمعاملة الإنسانية والضمانات الأمنية للمحتجزين الذين تم إرسالهم إلى هناك في السنوات الأخيرة، وفي بعض الحالات أطول بكثير مما كان متوقعاً». وأضافت: «نظراً لقوة برنامج سلطنة عمان، سوف نواصل التعاون الوثيق مع المسؤولين العمانيين بشأن المضي قدماً في هذه القضايا». رفض محامو السجناء المفرج عنهم التعليق على عملية النقل التي أجهضت، أو مناقشة الحالة المزاجية في «المعسكر 6»، الذي يخضع للحد الأدنى من الحراسة الأمنية في غوانتانامو، حيث يتم فصل الرجال الذين تمت الموافقة على الإفراج عنهم عمّا يُسمون «المعتقلين ذوي القيمة العالية».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007 واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)

غوانتانامو: قضية النطق بالحكم ضد عبد الهادي العراقي وصلت إلى مرحلة حاسمة

قضية جرائم حرب نادرة في ساحة المعركة تصل إلى مرحلة إصدار الأحكام في خليج غوانتانامو واعترف سجين عراقي بالتآمر مع أسامة بن لادن و«القاعدة».

كارول روزنبرغ (واشنطن *)
الولايات المتحدة​ غوانتانامو: المدعون المدنيون يرفضون أدلةً في قضية هجمات سبتمبر يعدّها الجيش حاسمةً

غوانتانامو: المدعون المدنيون يرفضون أدلةً في قضية هجمات سبتمبر

لسنوات طويلة، سيطر سؤال شائك على جلسات استماع ما قبل المحاكمة في قضية المحاكم العسكرية لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001: هل اعترف المتهمون بالتخطيط لها طواعية؟

كارول روزنبرغ (واشنطن) إيريك تشارلي سافاج (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سمحت بليز لماجد خان بالاستقرار هناك بعد إطلاق سراحه من غوانتانامو في بادرة إنسانية (نيويورك تايمز)

حياة جديدة لسجين سابق في «غوانتانامو»

في ليلة الخامس عشر من رمضان، في إحدى ضواحي مدينة بليز (شمال أميركا الوسطى)، جلس ماجد خان خريج غوانتانامو رفقة عائلته المكونة من 4 أفراد لتناول وجبة إفطار.

كارول روزنبرغ (واشنطن )
الولايات المتحدة​ مدخل محكمة العدالة في معسكر غوانتانامو التي تنظر قضية المتهمين بـ«هجمات سبتمبر» (نيويورك تايمز)

مفاوضات الإقرار بالذنب في «محاكمات سبتمبر» لا تزال جارية في غوانتانامو

حرصَ المدعي العام الرئيسي على إطلاع القاضي على تفاصيل المحادثات، في محاولةٍ منه لدحض الادعاء بأن أعضاء الكونغرس تدخلوا بشكل غير قانوني في المفاوضات.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

سباق البيت الأبيض: ترمب يلتقي الناخبين السود في ميشيغان

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)
TT

سباق البيت الأبيض: ترمب يلتقي الناخبين السود في ميشيغان

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)

التقى دونالد ترمب الناخبين السود، السبت، في مسعى للتقرب من مجتمع دعَمَ قبل أربع سنوات إلى حد كبير منافسه جو بايدن لكنه يشهد تغيير عدد ملحوظ من الأميركيين من أصل أفريقي ولاءهم قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وحضر الرئيس الجمهوري السابق أيضاً حدثاً انتخابياً آخر في وقت لاحق من اليوم مع جمهور أكثر يمينية، وهو تجمع لمجموعة «تورنينغ بوينت أكشن» المحافظة المثيرة للجدل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصافح الحضور في الكنيسة 180 في ديترويت (رويترز)

واستغل ترمب أول ظهور له، في الكنيسة 180 في ديترويت، أكبر مدينة في ولاية ميشيغان التي تعتبر ساحة معركة انتخابية، للإشارة إلى أنه قد يعين مشرّعاً أسود هو بايرون دونالدز (45 عاماً)، نائباً له، وهي استراتيجية تهدف إلى انتزاع دعم السود لبايدن.

وأقر ترمب (78 عاماً) بأن هذا النائب عن فلوريدا هو من بين الأسماء الموجودة في لائحته المختصرة لتولي منصب نائب الرئيس، قائلاً أمام الحشد المبتهج الذي ضم في صفوفه مئات الأشخاص «هل ترغب في أن تكون نائباً للرئيس؟ أعتقد أنه يود ذلك. أقول لكم شيئاً واحداً، سيكون نائباً جيداً للرئيس أيضاً».

وجاءت الطاولة المستديرة لترمب مع القادة المدنيين والدينيين ورجال الأعمال السود في ديترويت في وقت أعلنت حملته عن تحالف «الأميركيين السود من أجل ترمب» وأشارت إلى أن مكاسب المجتمع الأسود «البارزة» في ظل إدارة الجمهوريين قد تراجعت خلال رئاسة جو بايدن.

لافتة تحالف «الأميركيين السود من أجل ترمب» أمام الكنيسة 180 في ديترويت (رويترز)

ووجه ترمب الرسالة نفسها خلال الطاولة المستديرة، قائلاً «لقد فعلنا من أجل السكان السود أكثر من أي رئيس منذ أبراهام لينكولن»، مستشهداً خصوصاً بما أسماه انتشال ملايين الأشخاص من الفقر وزيادة في ملكية السود للعقارات. وأضاف «جو بايدن المحتال لم يفعل شيئاً من أجلكم سوى الكلام».

وكان ترمب نفى أن يكون «عنصرياً»، مؤكداً في مقابلة بثت الجمعة أن لديه الكثير من «الأصدقاء السود». وقال لوسيلة الإعلام «سيمافور»: «لدي كثير من الأصدقاء السود، ولو كنت عنصرياً لما كانوا أصدقائي. لم يكونوا ليبقوا معي دقيقتين لو كانوا يعتقدون أنني عنصري، وأنا لست كذلك».

وتعرض ترمب مراراً لانتقادات بسبب تعليقات بشأن الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية اعتبرها الديمقراطيون والجمهوريون عنصرية.