تصاعدت الضغوط التي يمارسها الجمهوريون والديمقراطيون، كل لأسبابه الخاصة، من أجل التوصل إلى تسوية، تنهي الخلاف المستمر حول تقديم حزمة المساعدات الطارئة التي طلبها البيت الأبيض، بقيمة 106 مليارات دولار، لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان وأمن الحدود. ومع توقع أن يكشف مفاوضو الحزبين في مجلس الشيوخ، عن مشروع موحد وطرحه على التصويت في الأيام القليلة المقلة، لا يزال المشككون في نجاح «الصفقة» يتساءلون عن كيفية إقناع رئيس مجلس النواب مايك جونسون والجمهوريين، بطرح مشروع مماثل، ولو بتعديلات «مقبولة»، في الوقت الذي يتعرض فيه لضغوط من زعيم الحزب دونالد ترمب، وحلفائه المحافظين، لرفض صيغة أي اتفاق، مهما بلغت التنازلات التي سيقدمها الديمقراطيون.
جونسون مقابل الصفقة
ويرى ترمب وحلفاؤه أن تمرير صفقة «أوكرانيا – الحدود»، من شأنها أن تحرمهم ورقة ضغط، كانت من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في خفض أرقام الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، في استطلاعات الرأي، ولا يرغبون في التفريط فيها مع انطلاق قطار الانتخابات هذا العام.
ويهدد الجناح اليميني المحافظ في الحزب الجمهوري، علناً بإطاحة جونسون، إذا سمح بتمرير صفقة المساعدات لأوكرانيا، مقابل تنازلات في قضية أمن الحدود. وقالت النائبة اليمينية، مارغوري غرين، الموالية بشدة لترمب، إنها ستطرح مع زملائها، عزله من منصبه، مثلما حصل قبل أشهر قليلة مع رئيس المجلس السابق، كيفين مكارثي.
لكن تطورات سياسية عدة، طرأت في الأيام الأخيرة، على تفكير التيار التقليدي في الحزب الجمهوري، وكذلك لدى الديمقراطيين. ويرى هؤلاء أن الأخطار في أوكرانيا، والأزمات الدولية الأخرى، والتداعيات السياسية الناجمة عن أزمة المهاجرين، دفعت الطرفين إلى تبني مواقف توفيقية، يجري التعبير عنها علناً في مجلسي الشيوخ والنواب.
بالنسبة للديمقراطيين، تنقل وسائل إعلام أميركية عدة عنهم، استعدادهم لقبول صفقة مقايضة أمن الحدود بحماية رئيس مجلس النواب جونسون. ويقول العديد منهم إن قبول جونسون بالصفقة، لا شك سيعرضه لخطر العزل من اليمينيين. لكنهم هذه المرة على استعداد لحمايته، خلافاً لما جرى مع مكارثي، حينما فشل في الحصول على صوت ديمقراطي واحد. وقال النائب الديمقراطي، بيني طومسون، عضو لجنة الأمن الداخلي: «مهمتنا ليست إنقاذ جونسون، لكنني أعتقد أنه سيكون من المؤسف للغاية، إذا فعل الشيء الصحيح... ألا ندعمه»... «حتى هذه اللحظة، كان وسيطاً نزيهاً إلى حد ما». وهو ما يؤكد عليه الديمقراطيون، بالقول إن هناك فرقاً كبيراً بين جونسون ومكارثي، ولديهم نظرة سلبية عن الأخير، ويعتقدون أنه سيئ النية، وكذب عليهم مرات عدة، ولعب دوراً فعالاً في إعادة صعود دونالد ترمب بعد أحداث 6 يناير (كانون الثاني) 2021. في حين أن جونسون، وعلى الرغم من أنه أكثر تحفظاً ويمينية من مكارثي، لكنه أظهر حتى الآن أنه جدير بالثقة.
يأس ديمقراطي جمهوري
لكن حقيقة أن بعض الديمقراطيين يتحدثون عن الفكرة تظهر مدى اليأس من إيجاد حل، في الوقت الذي يدرك فيه العديد منهم، أن الوقت ينفد لمساعدة أوكرانيا، فضلاً عن تعرضهم لضغوط سياسية كبيرة بشأن قضية الحدود، ويحتاجون إلى القيام بشيء ما للتخفيف من حدة الوضع، لأسباب تتجاوز سعيهم لتجديد انتخابهم في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
لكن الديمقراطيين ليسوا وحدهم يائسين من إيجاد حل؛ حيث يريد العديد من الجمهوريين، تمرير المساعدات لأوكرانيا، وفي الوقت نفسه حل مشكلة الحدود، التي تضغط أرقام المهاجرين غير الشرعيين على مناطقهم الحدودية. وعبّر العديد من النواب الجمهوريين، من ولايات حدودية مهمة، كتكساس، عن رغبتهم في التوصل إلى حل هذا العام، وليس العام المقبل، متجاهلين ضغوط ترمب والتيار اليميني لتأجيل أي اتفاق، بانتظار ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية والعامة في الخريف المقبل.
وقال السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، جون كورنين، للصحافيين يوم الخميس، عندما سئل عن انتقادات ترمب الأخيرة: «أعتقد أن الأمر سابق لأوانه بعض الشيء لأنه لا يوجد اتفاق». «لا أعتقد أن هذا ينبغي أن يمنع مجلس الشيوخ من محاولة بذل قصارى جهدنا. وأنا لا أقبل فكرة أنه يتعين علينا الانتظار لمدة عام آخر للقيام بشيء ما عندما يكون لدينا أكثر من 10 آلاف شخص يعبرون الحدود يومياً». وقال النائب الجمهوري توني غونزاليس: «أنا أبحث عن حلول الآن، وليس بعد عام». وهو ما ردده بشكل أوضح النائب دان كرينشو؛ حيث قال: «إن تأخير التقدم لأغراض سياسية هو في الأساس أمر فادح».
وهو ما يتماشى مع التصريحات التي أدلى بها زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش ماكونيل، الذي قال إن انتظار صفقة أفضل ليس خياراً. مرجحاً عدم موافقة الديمقراطيين على قيود حدودية جديدة، حتى ولو فاز الحزب الجمهوري بانتخابات الرئاسة والشيوخ والنواب في نوفمبر (تشرين الثاني)، لأنهم سيظلون قادرين على عرقلة أي تشريعات. وقال السيناتور مايك راوندز، النائب الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، للصحافيين يوم الخميس: «أعلم أننا إذا أبرمنا هذه الصفقة، فإن ذلك سيساعد بايدن، لكنني أعتقد أنه من المهم أن نفعل ما هو مناسب للبلاد».
أعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة أنّه سيزيد إنتاج الذخيرة بشكل كبير هذه السنة استجابة لمطالب أوكرانيا المتزايدة بدعمها في حربها ضدّ روسيا. ودعا مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودوك، الحلفاء إلى تقديم المزيد من الأسلحة لبلاده للمساعدة في حملته الدفاعية في البلاد ضد الغزو الروسي، في ضوء الوضع الحالي للقتال. وقال بودوك لصحيفة «بيلد» الألمانية، إن «المشكلة في تلك المرحلة من الحرب هي أن عدد الأسلحة والطائرات من دون طيار والقنابل اليدوية ونيران المدفعية، لا يتم توزيعه بالتساوي... هذا يحتاج إلى مساواة». وأضاف أن سيناريو واحداً فقط ممكن، وهو تعزيز أوكرانيا بأسلحة عالية التقنية بأقصى حد. ودعا إلى الاستثمار في الإنتاج العسكري، مشيراً إلى «صواريخ بعيدة المدى وطائرات من دون طيار وقنابل يدوية أو نيران مدفعية». «يتعين أن يكون عدد الأسلحة كبيراً». وأشار بودولياك، الذي يقدم المشورة للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى الجبهة الطويلة؛ حيث تسعى بلاده إلى صد القوات الروسية، بهجمات في العديد من الاتجاهات. ووصف الوضع العسكري الحالي بأنه صعب، مشيراً إلى استمرار القتال بلا هوادة، رغم العوامل المناخية.
بوريس جونسون: انتخاب ترمب مجدداً قد يكون «بالضبط ما يحتاج إليه العالم»
قال بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، إن فترة رئاسية جديدة لدونالد ترمب يمكن أن تكون هي «بالضبط ما يحتاج إليه العالم».
وسخر جونسون من حالة القلق على المستوى الدولي من فوز ترمب في الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر. وقال جونسون في عموده الأسبوعي في صحيفة «ديلي ميل»، إنه إذا دعم ترمب أوكرانيا في حربها ضد روسيا، فإن قيادته المتجددة «يمكن أن تكون فوزاً كبيراً للعالم».
وكان ترمب قد أثار الشكوك بشأن استمرار الدعم لكييف حال وصوله إلى البيت الأبيض، وتفاخر كثيراً بعلاقته الودية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن جونسون، المؤيد القوي لأوكرانيا، زعم أن ترمب لن يخون الدولة التي مزقتها الحرب.
ونقلت «وكالة الأنباء البريطانية» (بي إيه ميديا) عن جونسون، قوله: «لا أعتقد ببساطة أن ترمب سيتخلى عن الأوكرانيين، على العكس، بعدما تأكد أنه لا يوجد اتفاق ليبرمه مع بوتين، أعتقد أن هناك فرصة جيدة لأن يقوم بمضاعفة جهوده ويتم ما بدأه، من خلال منحهم ما يحتاجون إليه لتحقيق النصر». وأضاف: «في هذه الحالة، هناك فرصة كبيرة، أنه في ظل حكم ترمب، سيكون الغرب أكثر قوة، وسيكون العالم أكثر استقراراً».