الأسئلة الصعبة أمام الإدارة الأميركية بعد انتهاء الهدنة

غموض خططها للمرحلة التالية يثير التساؤلات

فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)
TT

الأسئلة الصعبة أمام الإدارة الأميركية بعد انتهاء الهدنة

فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إنه سيسعى إلى تمديد الهدنة في غزة خلال زيارته المرتقبة لإسرائيل.

وأوضح بلينكن بعد اجتماع لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل: «سنركز خلال اليومين المقبلين، على بذل كل ما في وسعنا لتمديد الهدنة حتى نتمكن من مواصلة إخراج المزيد من الرهائن وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية».

وأضاف، بحسب «رويترز»: «نود أن نرى تمديد الهدنة بسبب ما حققت - أولاً وقبل كل شيء الإفراج عن الرهائن وعودتهم إلى ديارهم وكنف عائلاتهم». وقال بلينكن، إنه يعتقد أن التمديد يصبّ أيضاً في مصلحة إسرائيل. لافتاً إلى «أنهم يركّزون أيضاً بشكل كبير على إعادة مواطنيهم إلى إسرائيل؛ لذا نكثف جهودنا لتحقيق ذلك».

ومن المقرر أن يقوم بلينكن بزيارته الثالثة إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب، للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله. ومن المقرر أن تنتهي الهدنة الحالية في غزة صباح الخميس، التي بدأت قبل ستة أيام بعد الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة إثر هجوم «حماس» غير المسبوق في إسرائيل.

وتركزت الجهود الأميركية خلال الأسابيع الماضية على مساندة إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، ثم مارست بعض الضغوط لتجنب سقوط عدد كبير من المدنيين الإسرائيليين في القصف الإسرائيلي المتواصل على شمال قطاع غزة، ثم انخرطت بشكل مباشر في جهود إقرار الهدنة لأربعة أيام ثم ليومين والحفاظ على تنفيذ صفقة إطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية. وحرصت على الترويج لاستراتيجيتها في دبلوماسية التفاوض والتواصل للإفراج عن الرهائن، واستعادة الرهائن الأميركيين لدى «حماس». إلا أن الإدارة الأميركية تواجه ضغوطاً متزايدة لتوضيح خططتها خلال الفترة المقبلة.

الرهائن وثمن الصفقات

وتواجه الإدارة الأميركية أسئلة صعبة تتعلق بقدرتها على إطلاق سراح الأميركيين الثمانية المحتجزين حالياً لدى «حماس»، فكل الانخراط الأميركي مع الوسطاء القطريين والمصريين لم تسفر سوى عن إطلاق سراح الطفلة الأميركية الإسرائيلية ابيجيل ايدان البالغة من العمر أربع سنوات.

جدار في مدينة القدس يظهِر صور 240 شخصاً من الرهائن الذين تحتجزهم حركة «حماس» (إ.ب)

ودفعت الإدارة الأميركية بأبرز مسؤوليها إلى المنطقة لبحث قضية إطلاق سراح الرهائن الأميركيين لدى «حماس». ويسعى كل من وليام بينز مدير الاستخبارات الأميركية وبريت ماكغورك كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، إلى صفقة تحقق الإفراج عن الرهائن من الرجال الأميركيين والجنود الإسرائيليين؛ وهو ما يثير أسئلة حول الثمن والحوافز الذي يمكن تقديمها مقابل إبرام هذه الصفقة؟

ولا تملك الإدارة الأميركية إجابات حول العدد المؤكد للأميركيين المحتجزين في غزة، وما إذا كانوا أسرى لدى «حماس» أم لدى «الجهاد الإسلامي». وتتزايد الانتقادات من الحزب الجمهوري ضد إدارة بايدن وضعف نفوذها وعدم قدرتها على إبرام صفقة تفرج بها عن الرهائن الأميركيين، في حين نجحت جهود دولة تايلاند في الإفراج عن الرهائن التايلانديين والفلبينيين المحتجزين لدى «حماس».

الطفلة الأميركية التي أعلن بايدن عن إطلاق سراحها يوم الأحد ضمن صفقة الرهائن لدى «حماس» (أ.ب)

ويزيد احتمال استئناف القتال بعد انتهاء الهدنة، من حالة عدم اليقين حول مصير هؤلاء الرهائن؛ ما يجعل الإدارة الأميركية تكثف الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتمديد فترة توقف إطلاق النار وتمديد الهدنة ولو مؤقتاً، حتى تحقق هذا الهدف.

وتواجه الإدارة الأميركية أيضاً أسئلة صعبة حول المرحلة المقبلة بعد انتهاء الهدنة، خاصة أن استئناف القتال أمر مرجح للغاية، بما يحمله من زيادة أعداد الضحايا المدنيين، وتكرار ما حدث قبل الهدنة من قصف للمناطق المدنية وحصار للمستشفيات. وإذا أقدمت إسرائيل على عمليات عسكرية جنوب القطاع المكدس بالسكان الفلسطينيين، فإن احتمالات سقوط ضحايا مدنيين بأعداد كبيرة تظل احتمالات عالية للغاية.

لكن السردية الإسرائيلية تشدد على أن التمديد الطويل يعطي «حماس» فرصة لإعادة تنظيم صفوفها، والترويج لانتصارات سياسية، وكسب شعبية أكبر بين الفلسطينيين والتأثير على النفسية الإسرائيلية، وبالتالي تؤكد التصريحات الإسرائيلية استئناف القتال بعد انتهاء الهدنة.

آثار الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويثير استئناف القتال مرة أخرى رد فعل إقليمياً ودولياً متزايداً ضد إسرائيل، وما له من تداعيات تتعلق بخسارة الولايات المتحدة دعم حلفاء وشركاء إقليميين ودوليين. وهو ما يثير أسئلة ما إذا كان بايدن سيتحول عن مساندته لنتنياهو في استئناف ملاحقة «حماس» واستئناف القتال في جنوب قطاع غزة، أم سيكون بإمكانه ممارسة ضغوط تدفع إلى وقف دائم لإطلاق النار، كما تطالب الهيئات الأممية والدول الغربية.

وأشار المسؤولون في البيت الأبيض للصحافيين، مساء الاثنين، إلى أن الولايات المتحدة أرسلت تحذيرات واضحة لإسرائيل بضرورة تجنب سقوط المدنيين في القتال واستئناف العمليات العسكرية «بشكل أكثر دقة» لا تعيق وصول الإمدادات الإنسانية، مع تجنب التهجير الجماعي للفلسطينيين وتجنب أزمة إنسانية تطغي على قدرة العالم على الاستجابة لها. وهو ما يبدو «أقوى تحذير» تصدره إدارة بايدن للجانب الإسرائيلي منذ بدء الحرب، إلا أنه يعطي في النهاية الضوء الأخضر لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، دون وضع خطوط حمراء واضحة لهذه العمليات.

ضغوط داخلية مستمرة

يواجه بايدن ضغوطاً داخلية أكثر دراماتيكية، وهو ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن بوست» من انقسام بين موظفي البيت الأبيض حول سياسات الإدارة في الحرب الدائرة، والانقسام داخل الحزب الديمقراطي نفسه، إضافة إلى مخاطر ابتعاد الناخبين الأميركيين عن بايدن، من شباب الحزب الديمقراطي والتقدميين والناخبين من الجاليتين العربية والمسلمة؛ ما سيمثل صداعاً سياسياً أكثر حدة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة إذا استمر القتال في غزة.

الكابيتول الأميركي وتساؤلات لدى المشرعين حول المرحلة المقبلة في حرب إسرائيل وغزة (إ.ب.أ)

أسئلة من المشرّعين

ويواجه بايدن أسئلة متلاحقة من المشرّعين في الكونغرس، المطالبين بتصورات حول خطط الإدارة في وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب، والمدة المطلوبة لتحقيق ذلك. ويزيد الجدل داخل الأوساط التشريعية في الكونغرس حول مبلغ 14 مليار دولار طلبه الرئيس بايدن من الكونغرس كمساعدات عسكرية لإسرائيل. وانتقد السيناتور الديمقراطي بيرني سانذرز، ما أسماه «نهج الشيك على بياض» الذي تتبعه الولايات المتحدة مع إسرائيل.

وأثار بعض المشرّعين مسألة وضع شروط على المساعدات الأميركية لإسرائيل، وكيفية كبح جماح حملتها العسكرية الشعواء في غزة والاستماع إلى النصائح الأميركية. وذهب البعض إلى المطالبة بوضع خطوط أميركية حمراء للحكومة اليمينية - الإسرائيلية.

ويطرح المشرّعون تساؤلات مهمة حول المسؤولية عن المعاناة الإنسانية الهائلة في غزة، واحتمالات نفاذ العتاد العسكري الإسرائيلي ومدى قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في إمداد إسرائيل بالذخيرة، وتصورات الإدارة حول من سيحكم قطاع غزة إذا تمت ملاحقة «حماس» وإخراجها من الصورة الكلية، وقدرة السلطة الفلسطينية على القيام بهذه المهمة، ثم خطط إعادة البناء والإعمار لقطاع غزة. إضافة إلى مطالبات لتوضيح خطط الإدارة الأميركية حول تنفيذ «حل الدولتين»، ومستقبل غزة والقضية الفلسطينية برمتها.

وتتزايد المخاوف داخل الأوساط السياسية الأميركية حول الانزلاق إلى صراع إقليمي واسع بعد تعرّض المنشآت الأميركية لهجمات متكررة في سوريا والعراق، ثم المخاطر التي يتعرض لها الأميركيون من ناحية الحوثيين في اليمن بعد قيام جماعة الحوثي المدعومة من إيران، بإطلاق صاروخين باليستيين تجاه سفينة حربية أميركية في خليج عدن يوم الأحد الماضي.

المسؤولية الأخلاقية!

هناك أسئلة كثيرة وجدل على المديين المتوسط والطويل، حول مسؤولية الإدارة الأميركية من الناحية القانونية الأخلاقية وارتباطها بحملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 13 ألف فلسطيني وتشريد الآلاف وتدمير واسع وكارثة إنسانية لم يشهدها العالم منذ القرن الماضي. وأسئلة حول مدى تأثير هذه الحرب على الإضرار بسمعة الولايات المتحدة وثقلها السياسي في المنطقة، والمعايير المزدوجة والمواقف الأميركية المغايرة في تناولها لمعطيات الحرب الإسرائيلية في غزة ومعطيات الحرب الروسية في أوكرانيا.

ورغم أن الرئيس بايدن حمل رسالة توحيد الشعب الأميركي عند مجيئه للسلطة في يناير (كانون الثاني) 2021، فإن الانقسامات الحالية داخل الإدارة وداخل الحزب الديمقراطي وفي الشارع الأميركي، تتسبب في صداع سياسي واسع قد يعصف بإدارة بايدن بسبب هذه الحرب. وأظهرت استطلاعات الرأي أن التعاطف الأميركي تحول من إسرائيل إلى الفلسطينيين وأصبحت النظرة إلى إسرائيل بمثابة «القوة الغاشمة» في مقابل الفلسطينيين المستضعفين الذين يقاتلون من اجل البقاء على قيد الحياة.

ويأمل المسؤولون ألا يمتد الصراع لأشهر بحيث يطغى على حملة بايدن الانتخابية للفوز بولاية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسط سباق انتخابي صعب وشاق. وحتى إذا نجح بايدن من الإفلات من العاقبة السياسية لتأثير الحرب على حملته الانتخابية، فإن هذه الحرب ستظل عالقة في ثوب إرثه التاريخي.

معضلة «الدولتين»

رغم التصريحات المتفائلة التي تصدر من الإدارة الأميركية ومسؤوليها حول حل الدولتين بكونه المسار الوحيد لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، فإنها تواجه شكوكاً كبيرة. وتستهدف زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة وضع خطوط عريضة لاستئناف محادثات حل الدولتين بعد الحرب، بما يؤدي إلى إنشاء دولة قومية فلسطينية إلى جانب إسرائيل. لكن لا توجد مؤشرات إيجابية من الجانب الإسرائيلي حول هذا الأمر إضافة إلى شكوك الجانب الفلسطيني.

وقد دعا بلينكن إلى توحيد غزة والضفة الغربية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، لكن هناك شكوكاً جدية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قدرة الرئيس محمود عباس (88 عاماً)، على توحيد الفلسطينيين وفرض السيطرة على الضفة وقطاع غزة.

ويشير محللون إلى أن هذه الحرب أدت إلى زيادة صعوبة التوصل إلى حل الدولتين وإنهاء الصراع الممتد لعقود عدة، والذي استعصى على قدرات الكثير من الإدارات الأميركية المتعاقبة سواء ديمقراطية أم جمهورية.

من جهتها، تشير مجلة «نيوزويك»، إلى أن التباعد النفسي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في المرحلة الحالية، يعقّد فرص الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق يقضي إلى تنفيذ حل الدولتين.

وينبع التشاؤم حول قدرة إدارة بايدن على فرض ضغوط لتنفيذ حل الدولتين، من ضبابية الرؤية الأميركية، وعدم وجود إجابات واضحة على الأسئلة المعقدة التي تشكل جوهر هذا الصراع، فما هي الحدود التي سيتم رسمها بين الدولة الإسرائيلية والدولة الفلسطينية المأمولة؟ وما مصير مدينة القدس ومصير المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها؟ وماذا بشأن حق العودة للاجئين، وكيف ستتعامل الإدارة الأميركية مع المطالب الإسرائيلية من ضمانات أمنية وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح؟

والأسئلة المهمة: هل توجد نية حقيقة لدى الأطراف نحو الاتفاق على التوصل لحل دبلوماسي بمجرد انتهاء الحرب؟


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في 2 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.