حملة بايدن تكثف الهجوم على ترمب وسياساته

قارنت بعض تصريحاته بـ«لغة ألمانيا النازية»

ترمب مشاركاً في فعالية انتخابية بساوث كارولاينا في 25 سبتمبر (رويترز)
ترمب مشاركاً في فعالية انتخابية بساوث كارولاينا في 25 سبتمبر (رويترز)
TT

حملة بايدن تكثف الهجوم على ترمب وسياساته

ترمب مشاركاً في فعالية انتخابية بساوث كارولاينا في 25 سبتمبر (رويترز)
ترمب مشاركاً في فعالية انتخابية بساوث كارولاينا في 25 سبتمبر (رويترز)

تعتزم حملة الرئيس الأميركي جو بايدن العودة إلى الرسالة التي يعتقد الديمقراطيون أنها نجحت عام 2020، في حمل الناخبين على التصويت بكثافة ضد الرئيس السابق دونالد ترمب، عبر تصويره أكبر تهديد للديمقراطية الأميركية، والتحذير من أنه سيستخدم عودته إلى الرئاسة لمعاقبة أعدائه السياسيين، ومكافأة مؤيديه بمناصب رفيعة.

ويرى استراتيجيون ديمقراطيون أن تجارب بعض الرؤساء السابقين الذين كانوا يعانون من تراجع كبير في استطلاعات الرأي، مثل بايدن اليوم، قد تشكل نموذجاً لتمكينه من الفوز بولاية ثانية، وذلك عبر تكثيف الهجمات على منافسه الجمهوري، وفق تقرير لموقع «سيمافور» الأميركي.

«هتلر وموسوليني»

تصاعدت هجمات الديمقراطيين إلى مستوى جديد في الأيام الأخيرة، خصوصاً بعدما وصف ترمب أعداءه السياسيين بأنهم «حشرات». وخلال حفل لجمع التبرعات يوم الثلاثاء، عد بايدن تصريحات ترمب بأنها «لغة سمعتها في ألمانيا النازية في الثلاثينات»، بعد أن أصدر البيت الأبيض بياناً مشابهاً في وقت سابق، مشيراً إلى تقارير إخبارية تربط خطابه بهتلر وموسوليني. وذكر الديمقراطيون أن تصريحات بايدن مؤشر على مرحلة أكثر تصادمية، بعد أشهر من تركيز حملته الانتخابية على الرسائل الإيجابية لأجندته الاقتصادية. كما شجعت حملة بايدن الصحافة الأميركية علناً على مناقشة التقارير التي توضح بالتفصيل خطط ترمب المحتملة «لاستخدام الحكومة الفيدرالية ضد الأعداء، وتنفيذ حملات قمع واسعة النطاق ضد الهجرة».

بايدن لدى وصوله إلى مقر قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو الجمعة (إ.ب.أ)

وفي سلسلة من البيانات الصحافية، حذرت حملة بايدن الديمقراطية من أن الرئيس السابق «يعتزم تقويض مؤسساتنا الديمقراطية»، وفقم وقع «سيمافور»، كما أشارت إلى خطر «حظر الإجهاض» الذي يعتزم الديمقراطيون إدراجه على بطاقات الاقتراع، رغم أن موقف ترمب من هذه القضية لا يتطابق مع الجمهوريين المحافظين الذين يدعمون حظره.

تحديات ترمب

تمثل هذه الاستراتيجية الجديدة تحدياً كبيراً لترمب، الذي يواصل تقدمه الكبير على منافسيه الجمهوريين، خصوصاً بعدما عانى المرشحون الجمهوريون المتحالفون معه من الخسارة تلو الأخرى في الولايات التي تمثل ساحة المعركة السياسية خلال الانتخابات المحلية السابقة.

ترمب مخاطباً أنصاره في نيوهامبشير الأسبوع الماضي (رويترز)

ويرى بعض خبراء الانتخابات أن الرئيس بايدن ليس أول رئيس يواجه استطلاعات سلبية، خلال حقبة من الانقسام والاستقطاب الشديدين؛ فقد واجه رؤساء سابقون تحديات مماثلة في هذه المرحلة من الانتخابات، مثل جورج بوش وباراك أوباما. لكن حملات إعادة انتخابهما نجحت في عكس نتائج الاستطلاعات السيئة، عبر تركيز هجماتهما على منافسيهما، رغم اهتمام الناخب الأميركي بحرب العراق عام 2004، والاقتصاد المهتز عام 2012، جراء تداعيات الأزمة المالية العالمية عام 2008. وتحرك بوش وأوباما لتحويل حملات إعادة انتخابهما من الاستفتاء على رئاستهما، إلى الهجوم على خصميهما الأساسيين.

ضعف استراتيجية بايدن

لكن الاختلاف الجوهري بين هذين المثالين والسباق الانتخابي الحالي، هو الشعبية الكبيرة التي يحظى بها ترمب بين الناخبين الجمهوريين، وسن بايدن المتقدم وتأثيره على قدرته على القيام بمهامه كرئيس للولايات المتحدة.

بايدن قبل لقائه مع الرئيس المكسيكي في سان فرنسيسكو الجمعة (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن استطلاعات الرأي السلبية ضد بايدن مدفوعة بشكل كبير من تقدم سنه. ويعتقد الناخبون أنه ليس مؤهلاً لهذا المنصب، فهو كبير جدا ويفتقر إلى القدرة على التحمل والتركيز الذهني اللازم. وفي استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" وكلية "سيينا" في خمس ولايات متأرجحة، قال 71 في المائة من المشاركين إن بايدن "كبير في السن" بحيث لا يمكنه أن يكون رئيسا فعالا. كما ان هجوم حملته المضادة على ترمب ليس لديها الكثير مما يمكن ان تكشفه للناخبين عن الرئيس السابق. إذ وعلى الرغم من كل الانتقادات لخطاباته وهجماته والقضايا المرفوعة ضده، لم تتراجع مستويات دعمه في صفوف ناخبيه. وهو ما قد يشكل مشكلة حقيقية أمام استراتيجية الديمقراطيين وبايدن، من تكرار حملتي بوش واوباما للفوز بولاية ثانية.


مقالات ذات صلة

كبار مسؤولي إدارة ترمب يشاركون بتمرين على الانتقال في البيت الأبيض

الولايات المتحدة​ البيت الأبيض في واشنطن (رويترز)

كبار مسؤولي إدارة ترمب يشاركون بتمرين على الانتقال في البيت الأبيض

شارك كبار المسؤولين من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، بمَن فيهم غالبية مرشحيه للوزارات، في تمرين للانتقال إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بايدن يقبل حفيده بو بالقرب من زوجته جيل داخل المكتب البيضاوي عقب إلقاءه خطابه الوداعي (أ.ب)

في خطاب اتّسم بسوداوية شديدة... بايدن يحذّر من «أوليغارشية تتشكّل في أميركا»

قال الرئيس الديموقراطي إنّ الولايات المتحدة تواجه «تركّزا خطرا للسلطة في أيدي حفنة من الأشخاص الفاحشي الثراء».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء بالبيت الأبيض في 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بايدن يهنئ نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار

تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهنئته على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو يشكر ترمب وبايدن بعد التوصل لاتفاق غزة

وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، الشكر للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ضمان التوصل لاتفاق لإعادة الرهائن في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأمريكي جو بايدن محاطاً بنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس... ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين يتحدث بعد أن توصل المفاوضون إلى اتفاق على مراحل لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس (رويترز)

بايدن ينسب نجاح التوصل لاتفاق غزة إلى الدبلوماسية المكثفة وجهود أفراد إدارته

أعرب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن عن سعادته الكبيرة بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس».

هبة القدسي (واشنطن)

بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
TT

بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)

حذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن «ادعاء» الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مؤخراً بأن الصين تسيطر على قناة بنما واقتراحه استخدام القوة العسكرية لاستعادة الممر المائي، قد يخفف من رغبة الحكومة البنمية توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة، ويدفعها للاقتراب أكثر من الصين، حسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

جاء رد الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو على كلام ترمب حازماً. قال: «القناة بنمية وستظل كذلك»، في تحد لترمب بشكل مباشر. وفيما يقول بعض المحللين إن ترمب يتخذ موقفاً (بمطالبته بإعادة ضم قناة بنما) فقط للضغط على بنما لخفض الرسوم على السلع الأميركية التي تعبر القناة، يحذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن طرح ترمب قد ينفّر بنما في وقت تحاول فيه الصين جذب بنما كحليف وتوسيع نفوذها في أميركا اللاتينية.

وقال رامون إسكوبار، الذي خدم حتى سبتمبر (أيلول) في مجلس الأمن القومي الأميركي ويشغل حالياً منصب المدير الإداري في شركة أكتوم الاستشارية العالمية: «قد يؤدي تهديد ترمب بالحرب إلى إضعاف رغبة الحكومة البنمية في توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة اقتصادياً».

وأضاف إسكوبار: «قد ينتهي به الأمر إلى دفعهم (البنميين) بعيداً (عن أميركا) في وقت توجد فيه فرصة حقيقية لإعادة بنما إلى مدارنا».

القناة تثير اهتمام الصين

بنت الولايات المتحدة قناة بنما في أوائل القرن العشرين، لكن القناة أصبحت تحت السيطرة الكاملة لبنما في عام 1999، والتي منذ ذلك الحين، قامت بتشغيل الممر المائي من خلال هيئة قناة بنما. اليوم، تتمتع بنما بأهمية استراتيجية خاصة بالنسبة للصين بسبب القناة، حيث إن بكين تعمل على توسيع نفوذها في أميركا اللاتينية، وبين البلدان النامية على نطاق أوسع.

صوّرت الصين نفسها بديلا لما تسميه «الهيمنة الأميركية» و«البلطجة»، وتصوّر نفسها دولة نامية أكثر تعاطفاً (مع الدول النامية). ومع الاستثمارات الكبيرة في بناء الموانئ في جميع أنحاء العالم، تعمل الصين على وضع نفسها للتأثير على التجارة العالمية ومراقبة الأنشطة الدولية. وعلى وجه التحديد، أصبح المسؤولون الأميركيون قلقين بشكل متزايد بشأن ميناءين بحريين في كل طرف من قناة بنما، والتي تديرها منذ عقود شركة «سي كيه هاتشيسون» CK Hutchison Holdings، وهي شركة مقرها هونغ كونغ بالصين. ورغم أن الشركة هي شركة مدرجة في البورصة وأكبر مالك لها هو عائلة ملياردير من هونغ كونغ، فإن بكين لا تزال قادرة على استخدام قوانين الأمن القومي لإجبار الشركة على المساعدة في جمع المعلومات الاستخباراتية أو العمليات العسكرية. ومع ذلك، يزعم المسؤولون البنميون أن الصين لا تشكل خطرا. ويقولون إن القناة مفتوحة للجمهور، وأي تدخل صيني سيكون واضحا جدا.

قالت إيليا إسبينو دي ماروتا، نائبة مدير قناة بنما، في مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي: «يمكن لأي شخص استخدام قمر اصطناعي لمعرفة ما يدخل ويخرج من الميناء. فالقناة تمر عبر البلاد، على طول الطرق الوطنية ويمكن للجمهور رؤيتها».

إغفال لتنامي النفوذ الصيني

خلال إدارته الأولى، أثار ترمب قضية قناة بنما داخلياً، مشيراً إلى أنه يرى الممر المائي كعمل غير مكتمل، وفق جون فيلي، الذي شغل منصب السفير الأميركي في بنما من عام 2015 حتى عام 2018. في 19 يونيو (حزيران) 2017، التقى ترمب بالرئيس البنمي في ذلك الوقت، خوان كارلوس فاريلا، واشتكى من أن البحرية الأميركية تدفع الكثير لعبور القناة - حوالي مليون دولار سنوياً، بحسب فيلي.

ويقول المحللون إن هذه التكلفة ضئيلة للغاية لدرجة أنها ستكون أشبه بخطأ تقريبي في ميزانية البنتاغون. لكن ترمب آنذاك لم يتطرق أبداً إلى وجود الصين أو نفوذها المفترض على القناة على الرغم من أن بنما كانت قطعت علاقاتها مع تايوان (في 13 يونيو 2017) وتحالفت مع بكين قبل أقل من أسبوع على لقاء الرئيس البنمي مع ترمب، بحسب السفير فيلي، الذي حضر اجتماع البيت الأبيض بين الزعيمين.

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل توقيع في بكين... 17 نوفمبر 2017 (رويترز)

وقال السفير السابق إنه حاول حينها دفع البيت الأبيض إلى التركيز على النفوذ الصيني المتزايد في بنما، لكن القضية لم تتطور أبداً إلى مستوى من الإنذار الخطير. في ذلك الوقت، كانت الصين تعد بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية الكبرى في بنما، بما في ذلك جسر القناة، كجزء من مبادرة الحزام والطريق. ومن خلال المبادرة، زادت بكين من نفوذها عالمياً من خلال الاستثمار في الموانئ البحرية والطرق والقطارات من كينيا إلى سريلانكا، ومؤخراً في أميركا اللاتينية. ويقول المنتقدون إن بكين تستخدم البرنامج لإرهاق الحكومات الأجنبية بمشاريع فاشلة أو ديون غير مستدامة من أجل ممارسة نفوذ الصين.

صورة عامة من قناة بنما (رويترز-أرشيفية)

وقال السفير فيلي إنه حاول إقناع الشركات الأميركية بتقديم عطاءات لمثل هذه المشاريع لمواجهة الصين. لكنه قال إن السفارة الأميركية في مدينة بنما لم تحصل أبداً على دعم البيت الأبيض لإقناع الشركات الأميركية بتقديم عطاءات. قال فيلي: «ليس الأمر أننا نخسر أمام الصين في أميركا اللاتينية؛ في معظم الحالات لا نظهر حتى في ساحة المعركة التجارية».

وقد اشتكت حكومات أميركا اللاتينية مثل بنما من أن الولايات المتحدة غالبا ما تكون غائبة عندما تطرح عطاءات لمشاريع البنية الأساسية الباهظة الثمن، ما يضطر هذه الحكومات إلى الاعتماد على آخرين من أوروبا إلى الصين لإنجاز العمل.

 

«أميركا دائماً حليفنا الأكثر أهمية»

ويتردد بعض البنميين في السماح للصين بالاستثمار بشكل أكبر في بلدهم. وعلى الرغم من أن الرئيس البنمي السابق فاريلا حوّل اعتراف بنما الدبلوماسي بالصين من الصين الوطنية (تايوان) إلى الصين الشعبية ودخل في العديد من الاتفاقيات التجارية مع بكين، إلا أن الحكومات البنمية اللاحقة سعت إلى تقليص هذه الالتزامات، وفق «نيويورك تايمز».

سفينة شحن تعبر قناة بنما في 19 أبريل 2023 (رويترز)

أعرب رامون مارتينيز، الذي شغل منصب وزير التجارة في بنما بعد تنحي الرئيس فاريلا، عن عدم ارتياحه للاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي أبرمتها الإدارة السابقة مع الصين. وقال إنه أوقف اتفاقية التجارة الحرة مع الصين التي كانت قيد التفاوض. كما تم إيقاف الجسر فوق القناة الذي تعهدت الصين ببنائه. وأكد مارتينيز أن حليف بنما الأكثر أهمية سيكون دائماً الولايات المتحدة.