لافروف: السلطات السورية تواجه مشكلات... والحوار الوطني «يسير بصعوبة»

حذر من محاولات إقصاء روسيا والصين وإيران

سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي (الشرق الأوسط)
سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي (الشرق الأوسط)
TT

لافروف: السلطات السورية تواجه مشكلات... والحوار الوطني «يسير بصعوبة»

سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي (الشرق الأوسط)
سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي (الشرق الأوسط)

وجّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انتقادات غير مباشرة لأداء السلطات السورية الجديدة، وقال إنها «لم تنجح» في إطلاق الحوار الداخلي بين الهياكل المختلفة.

وحذر مما وصفها «محاولات غربية لإقصاء روسيا والصين وإيران»، ورأى أن توحيد جهود اللاعبين الخارجيين ضروري لدفع الحوار الوطني السوري الداخلي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مشاركاً في مؤتمر الشرق الأوسط الرابع عشر لنادي «فالداي» للحوار (سبوتنيك)

وحملت عبارات الوزير الروسي خلال مشاركته في مؤتمر «فالداي» للحوار حول قضايا الشرق الأوسط، إشارات غير مسبوقة، على خلفية الحديث الروسي المتكرر في الأيام الأخيرة عن أهمية تطوير الحوار السوري – الروسي، وعقد جولات جديدة من المفاوضات لترتيب العلاقة المستقبلية.

وجاء تقييم لافروف للوضع السوري الحالي، لافتاً، خصوصاً أنه تجنب إطلاق صفة «الرئيس» على الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، واكتفى بإشارة إلى «السلطات التي يمثلها الشرع»، وقال إن هذه السلطات «تواجه مشكلات كبيرة»، و«الحوار والتفاهم لم يسيرا بشكل جيد داخل البلاد».

وقال الوزير رداً على سؤال حول تقييمه للوضع الراهن في سوريا: «يمكننا بالطبع مناقشة هذا الأمر بشكل منفصل لاحقاً، لكن هناك مشاكل كبيرة، بما في ذلك مشكلة السلطات التي يجسدها الآن الزعيم أحمد الشرع، وتلك المجموعات التي كانت جزءاً من هذا الهيكل، والتي بعد تغيير السلطة في سوريا، لم ينجح الحوار والتفاهم معها بشكل جيد للغاية».

ورأى أنه «من الضروري أن نفكر بشكل نشط وبنّاء للغاية، من دون محاولة تسجيل نقاط جيوسياسية، ولكن أن نفكر بمستقبل الشعب السوري لتعزيز الحوار الوطني، ولهذا من الضروري توحيد جهود جميع اللاعبين الخارجيين».

مقاتلون تابعون للقيادة السورية الجديدة يقفون عند نقطة تفتيش عند مدخل قاعدة «حميميم» العسكرية السورية بمحافظة اللاذقية 29 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وحذر لافروف من أن الغرب يطلب تقليص حضور روسيا والصين وإيران، ودفعها إلى «مواقف ثانوية في سوريا».

وقال إن «محاولات إخراج روسيا والصين وإيران من عملية الدعم الخارجي للتسوية السورية، لا تتماشى مع النوايا الحسنة، لكنها تكشف مع ذلك عن خطط الغرب لدفع منافسيه إلى مواقف ثانوية».

مقاتلون تابعون للقيادة السورية الجديدة يقفون عند نقطة تفتيش عند مدخل قاعدة «حميميم» العسكرية السورية بمحافظة اللاذقية 29 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

اللافت أن كلام الوزير الروسي جاء بعد مرور يوم واحد على إعلان الكرملين أن الحوار مع السلطات السورية الجديدة سوف يتواصل، وأن البحث في جولات حوار مقبلة سوف يتناول كل الملفات المطروحة على أجندة الطرفين، بما في ذلك موضوع الوجود العسكري الروسي في قاعدتي «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية.

لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في دمشق (أ.ف.ب)

وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي يحمل أيضاً صفة المبعوث الرئاسي الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قام بزيارة مهمة، الأسبوع الماضي، إلى سوريا على رأس وفد ضم ممثلين عن وزارتي الدفاع والخارجية والقطاع الاقتصادي في الحكومة الروسية.

وأسفرت اللقاءات التي أجراها عن اتفاقات على مواصلة الحوار بين الطرفين في دمشق وموسكو. ورأت أوساط روسية أن الزيارة نجحت في كسر الجليد بين الطرفين، وتحديد أولويات الحوار بالنسبة إلى دمشق وموسكو في الجولات المقبلة.

وفي وقت سابق، أعلنت موسكو استعدادها للعب دور في دفع الحوار الوطني السوري، عبر تنشيط العمل مع مجموعة آستانة والمنصات الحوارية للمعارضة السورية السابقة التي كانت موسكو استضافتها أكثر من مرة في جولات حوار في موسكو وسوتشي وآستانة.

وبدا أن حديث لافروف، الثلاثاء، ارتبط بأن الحكومة السورية تجاهلت تلك الدعوات الروسية للمساهمة في دفع الحوار الوطني، وتحدثت تقارير عن أن الرئيس السوري طالب خلال لقائه مع بوغدانوف، بدعم مسار العدالة الانتقالية، ما فسر بأنه طلب مباشر لتسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد ومجموعة كبيرة من رموز النظام السابق الذين يحظون حالياً بحماية روسية.

كما طالب الجانب السوري موسكو، بإجراء مراجعة لعلاقاتها مع سوريا في إطار التعويض، ولعب دور في عمليات إعادة الإعمار.


مقالات ذات صلة

تركيا تربط وجودها العسكري في سوريا بالقضاء على حزب العمال الكردستاني

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في جلسة نقاش حول سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن (رويترز)

تركيا تربط وجودها العسكري في سوريا بالقضاء على حزب العمال الكردستاني

قال وزير الخارجية التركي، إن بلاده ستعيد النظر في وجودها العسكري في شمال شرفى سوريا إذا قام القادة الجدد في هذا البلد بالقضاء على حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الشرع خلال زيارته مخيماً للاجئين في محافظة إدلب (سانا)

الشرع زار إدلب في أول رحلة داخلية له

قام الرئيس السوري، أحمد الشرع، بزيارة سريعة إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، أمس، في أول زيارة داخلية له منذ توليه سدة الحكم.

كمال شيخو
المشرق العربي قوة مشتركة من «الحشد الشعبي» والجيش العراقي عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)

العراق ينفي «بشكل قاطع» أنشطة معادية لسوريا

نفت الحكومة العراقية أي أنشطة معادية لسوريا داخل أراضيها، تحت إشراف أي جهة خارجية، وشددت على أن العراق لن يكون ملاذاً لأي عناصر أجنبية تعمل خارج القانون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)

من «إدارة إدلب» إلى «حكم سوريا»... الفارق بين «النموذج» و«الواقع»

تساؤلات في الشارع السوري عن مدى قدرة حكومة دمشق الجديدة على إيصال البلاد كاملة إلى بر الأمان، متجاوزة تحديات جمة تفوق بكثير تلك التي كانت تحيط بعملها في إدلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لافتة للعلم الإيراني مكتوب عليها باللغة الفارسية «أرض الأمل» في ميدان وسط طهران (إ.ب.أ)

طهران ودمشق تتبادلان رسائل غير مباشرة

قالت طهران إنها تبادلت رسائل مع الإدارة الجديدة في دمشق، خلال تواصل غير مباشر معها، في حين أجرت مباحثات مع روسيا حول التطورات التي تشهدها سوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)

هل اقتربت نهاية الناتو بسبب سياسات ترمب؟

علم الناتو (رويترز)
علم الناتو (رويترز)
TT

هل اقتربت نهاية الناتو بسبب سياسات ترمب؟

علم الناتو (رويترز)
علم الناتو (رويترز)

طرحت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية سؤالا بشأن مستقبل حلف شمال الأطلسي (الناتو) وهل نهايته اقتربت؟ وذلك تعليقاً على مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بشروط تخشى كييف وحلفاؤها الأوروبيون في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن تكون مواتية لروسيا.

وقالت الصحيفة إن ترمب من أشد المعجبين برئيس وزراء بريطانيا السابق خلال الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل، وتساءلت: ماذا قد يفعل الزعيم الأسطوري لبريطانيا إذا حضر مؤتمر ميونيخ للأمن في عام 2025؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال قمة «الناتو» ببريطانيا في 4 ديسمبر 2019 (أ.ب)

وذكرت مقولة تشرشل لرئيس وزراء بريطانيا آنذاك نيفيل تشامبرلين هذه المدينة البافارية قبل 87 عاماً، ممسكاً بقطعة ورق تبين أنها لا معنى لها بعد توقيع معاهدة ميونيخ مع زعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر: «لقد أعطيت الاختيار بين الحرب والعار. لقد اخترت العار وستحصل على الحرب».

وتابعت: «هل سيكون هذا رد فعل تشرشل على مساعي ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بشروط تخشى كييف وحلفاؤها الأوروبيون أن تكون مواتية لموسكو ولا تعني سوى حرب أكبر أخرى في المستقبل؟».

وذكرت أن كلمة «التهدئة» التي تتردد على ألسنة الأوروبيين في المؤتمر، وبالنسبة لأولئك الأكثر حساسية للتاريخ ــ مثل وزير الدفاع البريطاني السابق بن والاس ـ لها الصدى نفسه الذي قيلت فيه بميونيخ نحو عام 1938 قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية لاحقاً بسنوات قليلة.

وذكرت أنه بينما يجتمع المسؤولون الأوروبيون لحضور المؤتمر، ما زالوا يشعرون بحالة ذهول من المكالمة الهاتفية التي استمرت 90 دقيقة بين ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن الخطاب الذي ألقاه وزير الدفاع الأميركي بيتر هيغسيث في منتصف الأسبوع في بروكسل. وبالنسبة لوزير الخارجية الليتواني السابق غابريليوس لاندسبيرجيس، كان التحذير الأكثر تجاهلاً ورعباً لهيغسيث من أن «الحقائق» ستمنع الولايات المتحدة من أن تكون ضامنة لأمن أوروبا، بعبارة أخرى لا دعم أميركي.

ومثله كمثل الآخرين، يشعر لاندسبيرجيس بنهاية عصر الناتو، وقال: «قد يكون هذا بمثابة بداية نهاية حلف شمال الأطلسي وخاصة عندما تدمج ذلك مع ما أعتقد أن واشنطن ستعلن عنه قريباً - انسحاب 20 ألف جندي أميركي من أوروبا».

وكان هيغسيث قال للأوروبيين: «إنكم لا تستطيعون أن تفترضوا أن وجود أميركا سيستمر إلى الأبد».

وزير الدفاع الأميركي خلال حضوره جلسة لحلف «الناتو» في بروكسل (أ.ب)

وذكرت الصحيفة أن المشرعين الأميركيين الذين حضروا المؤتمر حاولوا تقديم بعض الطمأنينة لأوروبا القلقة وإن لم يكن ذلك مفيداً كثيراً، وكان من بينهم السيناتور روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، الذي قال لبوليتيكو إن هيغسيث ارتكب «خطأ يرتكبه شخص مبتدئ، ولا أعرف من كتب الخطاب لكن ربما يكون قد كتبه (الإعلامي) تاكر كارلسون الأحمق»، ولكنه لفت إلى «وجود الكثير من الأشخاص الجادين حول ترمب الذين يستمع إليهم».

وأشار ويكر إلى أن هيغسيث تراجع بالفعل عن بعض تصريحاته الأكثر قسوة، لكنه أقر بأن هيغسيث لم يفعل ذلك بعد عندما يتعلق الأمر بخسارة أوروبا للضمان الأمني الأميركي، وهو ما يقوض المادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي التي تلزم أعضاء التحالف بالدفاع الجماعي.

وهذا التصريح، أكثر أهمية، إلى جانب تصريحات قاسية مثل: «لا تخطئوا، لن يسمح ترمب لأحد بتحويل العم سام إلى عم مغفل».

وقال كير جايلز، من مركز أبحاث تشاتام هاوس في بريطانيا «إن النهج المباشر الذي يتبناه ترمب تجاه بوتين، إلى جانب إبلاغ وزير الدفاع هيغسيث للحلفاء في بروكسل بأن الولايات المتحدة تتقبل بشكل استباقي لبعض المطالب الأساسية لروسيا قبل أن تبدأ المحادثات حتى، يشكل ضربة مزدوجة ليس فقط لأوكرانيا بل وأيضاً لمستقبل أوروبا».

وأضاف: «قبول أن المعتدي يمكنه الاحتفاظ بالأراضي التي استولى عليها في مقابل مناشدة السلام لا يمكن أن تكون أوجه التشابه مع عام 1938 أكثر وضوحاً إلا إذا رفع ترمب مذكرة وقال إن بوتين أكد له أنه لا يملك أي طموحات إقليمية أخرى في أوروبا».

وفي الوقت نفسه، فإن خطاب نائب ترمب، جيه دي فانس في ميونيخ، الذي ركز على انتقاد الممارسة الديمقراطية في أوروبا، لا يفعل شيئاً لتخفيف المخاوف الأوروبية، لا مخاوف الأميركيين المؤيدين لحلف شمال الأطلسي.

وقال الأكاديمي والدبلوماسي الأميركي السابق مايكل ماكفول: «فكر في جرأة شخص ترشح مع رجل ألهم أعمال شغب ضد الكونغرس في عام 2020، ليأتي إلى أوروبا ويقول: (يا رفاق، لديكم مشاكل مع الديمقراطية، ولدينا أزمة دستورية مستمرة الآن مع تجاوز السلطة التنفيذية وصحة الديمقراطية الأميركية)».

وأضاف أن «فانس تجاهل المشكلة الأكثر وضوحاً وهى حرب أوكرانيا، كان بإمكانه استخدام الخطاب لتوضيح موقفهم التفاوضي واختار عدم القيام بذلك».

مقر قوى حلفاء «الناتو» المعروف باسم «القيادة العليا للقوات المتحالفة في أوروبا» (إكس)

وقال الدبلوماسي الألماني السابق فولفغانغ إيشنغر لبوليتيكو إن «أوروبا ربما كانت بحاجة إلى الصعق الكهربائي»، حتى تصبح أكثر ميلاً إلى التقدم والاعتماد على الذات.

وأضاف أن «القادة الأوروبيين يتحملون جزئياً اللوم على الموقف الذي يشكون منه الآن لقد تلقوا تحذيراً كافياً بشأن ما قد تنطوي عليه فترة ولاية الرئيس الأميركي الثانية، ومع ذلك تحركوا ببطء شديد لزيادة إنفاقهم الدفاعي على الحلف الأطلسي».

وقال أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، الذي سُمح له بعدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة: «لدينا الآن تحالف بين رئيس روسي يريد تدمير أوروبا ورئيس أميركي يريد أيضاً تدمير أوروبا، لقد انتهى الحلف الأطلسي».