واشنطن تحض على «عملية ديمقراطية سلمية» في رومانيا بعد إلغاء الانتخابات

رجل يلوح بالأعلام الرومانية في ساحة النصر بعد إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية في بوخارست (رويترز)
رجل يلوح بالأعلام الرومانية في ساحة النصر بعد إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية في بوخارست (رويترز)
TT

واشنطن تحض على «عملية ديمقراطية سلمية» في رومانيا بعد إلغاء الانتخابات

رجل يلوح بالأعلام الرومانية في ساحة النصر بعد إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية في بوخارست (رويترز)
رجل يلوح بالأعلام الرومانية في ساحة النصر بعد إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية في بوخارست (رويترز)

دعت واشنطن إلى «عملية ديمقراطية سلمية» في رومانيا، بعد إعلان المحكمة الدستورية إلغاء الانتخابات الرئاسية، قبل يومين من الجولة الثانية، وسط شكوك بحصول تدخلات روسية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان «ندعو جميع الأطراف إلى التمسك بالنظام الدستوري في رومانيا والانخراط في عملية ديمقراطية سلمية خالية من التهديدات بالعنف والترهيب وتعكس الإرادة الديمقراطية للشعب الروماني».

وألغت المحكمة الدستورية في رومانيا الجمعة الانتخابات الرئاسية، قبل يومين من دورتها الثانية، في فصل جديد من عملية فوضوية تشوبها شكوك في حصول تدخّل روسي لمصلحة مرشّح اليمين المتطرّف، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المحكمة في بيان إنها «تلغي عملية انتخاب رئيس روماني برمّتها» من أجل «ضمان صحة التصويت وقانونيته»، كما طلبت بدء «العملية الانتخابية» مجدداً.

وفي الدورة الأولى، تصدر النتائج المرشّح القومي كالين جورجيسكو، ما أحدث صدمة. وأضافت المحكمة أنّ «الحكومة ستحدّد موعداً جديداً» للانتخابات لاحقاً، بعدما كانت صادقت على نتائج الدورة الأولى في وقت سابق من الأسبوع إثر إعادة فرز الأصوات.

لكن في الأثناء، رفعت السلطات السرية عن وثائق استخبارية تدعم الاتهامات بشأن «دور» كبير لمنصة «تيك توك» في الحملة لصالح جورجيسكو، مع الإشارة إلى أنّ روسيا أدت دوراً في هذا المجال.

وقالت المحكمة إنها بناء على الوثائق، خلُصت بالإجماع إلى قرار إلغاء العملية الانتخابية برمّتها حرصاً على «صحّة» التصويت و«قانونيته».

ولفتت المحكمة إلى أن العملية الانتخابية «شابتها طوال مدّتها وفي كل مراحلها مخالفات وانتهاكات متعددة للتشريعات الانتخابية شوّهت الطابع الحر وصحة تصويت المواطنين».

وفاز في الدورة الأولى المرشح القومي كالين جورجيسكو، متغلّبا على المرشّحين الأوفر حظاً في صفوف الأحزاب الموجودة في السلطة.

ولطالما أعلن هذا المسؤول الكبير السابق تأييده الوقف التام للمساعدات العسكرية لأوكرانيا المجاورة. وينتقد جورجيسكو (62 عاماً) الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بشكل منتظم.

ورغم أنّه أبدى في الماضي إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإنه تجنّب مؤخراً اتخاذ موقف واضح بشأنه.

ولاحقاً علّق جورجيسكو في رسالة بالفيديو على القرار بالقول «إنه انقلاب رسمي... إن ديمقراطيتنا تتعرض لاعتداء»، داعياً الرومانيين إلى «البقاء أوفياء لمثلنا المشتركة». وجاء في تصريح أدلى به لوسيلة إعلامية محلية «لن يتمكّنوا من إيقافي. ولن يتمكّنوا من منع الشعب الروماني من تحقيق التغيير الذي يريد».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة لعرض تبادل أراض مع روسيا

أوروبا صورة ملتقطة في 4 فبراير 2025 تظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مكالمة هاتفية في مكتبه بكييف (أ.ف.ب)

زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة لعرض تبادل أراض مع روسيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة نشرت اليوم (الثلاثاء)، إن أوكرانيا مستعدة لعرض تبادل أراضٍ مع روسيا في إطار مفاوضات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائهما في نيويورك... سبتمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تعرض على ترمب معادن نادرة مقابل الأسلحة الأميركية

عرضت أوكرانيا إبرام صفقة مع الرئيس الأميركي ترمب لمواصلة المساعدات العسكرية الأميركية مقابل تطوير صناعة المعادن في أوكرانيا. فما القصة؟

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رسمٌ يوم 10 فبراير 2025 يظهر محاكمة إبراهيم عويساوي الذي طعن 3 أشخاص حتى الموت في كنيسة بمدينة نيس جنوب فرنسا عام 2020 (د.ب.أ)

بدء محاكمة متهم بقتل 3 أشخاص في هجوم على كنيسة بمدينة نيس الفرنسية

بدأت في محكمة بالعاصمة الفرنسية باريس، اليوم (الاثنين)، محاكمة تونسي متهم بقتل 3 أشخاص من الزوار والعاملين بكاتدرائية «نوتردام» في نيس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوّح بيده أثناء صعوده إلى الطائرة الرئاسية في نيو أورليانز بالولايات المتحدة في 9 فبراير 2025 (أ.ب)

مؤتمر ميونيخ للأمن: اقتراح ترمب «الاستيلاء على الأراضي» يعني أن أميركا تُعَد الآن خطراً

قال منظمو مؤتمر ميونيخ الأمني إن اقتراح الرئيس الأميركي ترمب «الاستيلاء على الأراضي» يعني أن أميركا لم تعد مرساة للاستقرار، بل أصبحت خطراً يجب التحوّط ضده.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
العالم البابا فرنسيس (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس: الجيوش يجب أن تكون «للدفاع الشرعي» وليس «للهيمنة»

قال البابا فرنسيس، اليوم (الأحد) إن القوات المسلحة يجب أن يكون دورها محصوراً في «الدفاع الشرعي» وليس «الهيمنة» على دولة أخرى.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

محادثة ترمب - بوتين «هزت أوروبا وأضعفت زيلينسكي»

الرئيس الأميركي يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء عام 2018 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء عام 2018 (أ.ف.ب)
TT

محادثة ترمب - بوتين «هزت أوروبا وأضعفت زيلينسكي»

الرئيس الأميركي يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء عام 2018 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء عام 2018 (أ.ف.ب)

بعد مرور أقل من 24 ساعة على إجراء أول مكالمة هاتفية، يعلن عنها رسمياً، بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والروسي فلاديمير بوتين، بدا الكرملين متأهباً لاتخاذ خطوات سريعة تلبي تطلعات واشنطن، خصوصاً في إطار تأكيد اقتراب إطلاق مسار تفاوضي ينهي الحرب في أوكرانيا. وأعلن الناطق الرئاسي الروسي، ديميتري بيسكوف، أن موسكو بدأت الاستعدادات لتشكيل مجموعة تفاوضية لتسوية ملف أوكرانيا. في حين تواصلت ردود الفعل على مضمون المكالمة التي أثارت ارتياحاً واسعاً في روسيا، مقابل إحداثها «هزة في أوروبا» وفقاً لتعليق دبلوماسيين رأوا أن التطور أضعف سلفاً موقف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في أي مفاوضات مقبلة.

فلاديمير بوتين ودونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)

ولم تُخفِ الأوساط الروسية والتغطيات الإعلامية مشاعر الارتياح، خصوصاً أن الاتصال الرئاسي الأميركي جاء «من دون تنسيق مع الحلفاء الغربيين» الذين جاءت ردود الفعل منهم معبرة عن استياء؛ بسبب «تقديم تنازلات لبوتين سلفاً وقبل انطلاق المسار التفاوضي»، كما تردد في تعليقات عدد من المسؤولين الأوروبيين.

وكتبت وسائل إعلام حكومية روسية أن أوروبا وجدت نفسها في مأزق مباشرة بعد أول خطوة من جانب ترمب لتنفيذ تعهداته الانتخابية بإنهاء الحرب سريعاً. ودعا معلقون روس زيلينسكي إلى الاستعداد لمرحلة صعبة تنهي وجوده على الساحة السياسية. وقال دبلوماسيون إن ترمب تعمد عقد جولة مفاوضات شاملة مع بوتين استمرت 90 دقيقة وتناولت كل الملفات المطروحة على أجندة الطرفين، في حين تحدث مع زيلينسكي بعد ذلك لمدة 30 دقيقة بلغة واضحة تؤكد على ضرورة إنهاء الحرب والقبول بتقديم تنازلات مهمة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نيويورك يوم 27 سبتمبر 2024 قبل عودته إلى البيت الأبيض (أ.ب)

تحضيرات عاجلة للقمة

وانعكست هذه الأجواء في تعليقات الكرملين ووزارة الخارجية الروسية، خصوصاً لجهة التأكيد أن «مسار التطبيع وتسوية الملفات المتراكمة مع واشنطن قد بدأ. ورغم صعوبة الملفات المطروحة؛ فإن المهم أن القطار تحرك»؛ وفق تعبير دبلوماسي روسي. وقال بيسكوف في إفادة صحافية: «بالطبع بدأ الأمر. شرعنا في تشكيل فريق تفاوضي للنقاش مع الجانب الأميركي. وبمجرد أن يتخذ الرئيس القرار المناسب، فسنبلغكم».

وفي الوقت نفسه، قال بيسكوف إنه «لا توجد اتفاقات محددة حتى الآن بشأن زيارة الممثلين الأميركيين إلى روسيا»، علماً بأن بوتين كان وجّه دعوة رسمية إلى ترمب لزيارة موسكو خلال المكالمة، وأبلغه بترحيب بلاده بأي وفد يرسَل إلى روسيا. وأوضح بيسكوف أن الكرملين «يرى ضرورة تنظيم لقاء سريع بين الرئيسين، لكن العمل على هذه المسألة بدأ للتو، ومن المستحيل الحديث عن مواعيد محددة حتى الآن».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) ونظيره الأميركي دونالد ترمب قبيل اجتماع في هيلسنكي عام 2018 (أ.ف.ب)

ومع ذلك، بات واضحاً أن الرئيسين اتفقا على أنهما سيعطيان التعليمات على الفور لمساعديهما حتى يتمكنوا من بدء العمل المناسب، وأضاف الناطق الرئاسي: «الآن سيبدأ العمل بسرعة بطبيعة الحال. وسيتعين علينا انتظار التطورات، وربما مع الأخذ في الحسبان المكان والإطار الزمني». وتعمد عقد مقارنة بين أداء الإدارتين الجديدة والسابقة في واشنطن، وزاد: «لقد بذلت الإدارة الأميركية السابقة كل ما في وسعها لضمان استمرار الحرب، لكن الإدارة الجديدة تسعى جاهدة لضمان سيادة السلام (...). لقد أعجبنا كثيراً بموقف الإدارة الحالية. نحن منفتحون على الحوار».

الرئيسان الأميركي والروسي خلال مؤتمر صحافي مشترك في هيلسنكي عام 2018 (أ.ب)

ملفات صعبة للحوار

ما بات معلوماً عن تفاصيل المكالمة ليس كثيراً رغم إعلانات البيت الأبيض والكرملين عن الملامح العامة للحوار. ووفقاً لتصريحات المسؤولين الروس، فإن المؤكد أن ملفات بالغة الصعوبة لم يُتطرق إليها بشكل تفصيلي؛ بينها موضوع الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، و4 مناطق جديدة في روسيا قبل عامين. والأمر ذاته انسحب على ملف العقوبات الغربية واسعة النطاق المفروضة على روسيا، التي يرى الكرملين أن رفعها نهائياً أحد الشروط الأساسية للتسوية الأوكرانية.

أيضاً بدا من التعليقات الأولى للدبلوماسية الروسية أن موضوع الأطراف التي يمكن أن تشارك مستقبلاً في مفاوضات إنهاء الحرب، ما زال قيد الدرس. وقال الكرملين إنه «من السابق لأوانه الحديث عن تشكيلة الأطراف في المفاوضات بشأن أوكرانيا؛ بما في ذلك مشاركة الصين أو أوروبا». ويحظى هذا الموضوع بأهمية كبيرة، خصوصاً أن الأطراف الأوروبية المتضررة بشكل رئيسي من الحرب ترى ضرورة ضمان حضورها ومشاركتها في صياغة أي اتفاقات للتسوية، في إطار الحصول على ضمانات أمنية لأوكرانيا ولأوروبا.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الألماني (أ.ب)

ورأى معلقون روس أن ثمة ملفات صعبة أخرى لم تتضح بعد آليات التعامل معها في حال انطلقت المفاوضات الروسية - الأميركية، بينها السعي الروسي لربط كل الملفات العالقة ووضعها في سلة مفاوضات موحدة. في إشارة إلى مسائل الأمن الاستراتيجي ونشر القوات في أوروبا، والرقابة على التسلح، وضمان حياد أوكرانيا، وعدم اقتراب «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» أكثر من الفضاء السوفياتي السابق، خصوصاً مولدوفا التي أطلقت أخيراً مسار التكامل مع «الحلف»... فضلاً عن ملفات أخرى اقتصادية؛ بينها، بالإضافة إلى العقوبات، موضوع التوجه الروسي نحو الاستغناء عن الدولار في التعامل مع الشركاء، وهذا أمر برزت أهميته عبر تركيز ترمب بعد مكالمته مع بوتين على أنه طرح مسألة «قوة الدولار» وأن بوتين بدا متحمساً للطرح، لكن اللافت هنا أن بيان الكرملين بشأن المكالمة وكل تعليقات المسؤولين الروس تجاهلت نهائياً الإشارة إلى هذا الملف.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الفرنسي (أ.ب)

شخصان مهذبان يوقظان الغرب

في غضون ذلك، بدا أن الرسالة الأولى التي سعت موسكو إلى إبرازها هي أن التطبيع مع واشنطن سوف يعني إلحاق هزيمة بالنخب الغربية التي راهنت طويلاً على «هزيمة روسيا».

أعرب لافروف عن أمله في أن تؤدي المحادثة بين الرئيسين إلى «إيقاظ الغرب الذي نسي كيفية إجراء الحوارات»... (سبوتنيك)

وأعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن أمله في أن تؤدي المحادثة بين الرئيسين إلى «إيقاظ الغرب الذي نسي كيفية إجراء الحوارات». وقال الوزير الروسي، خلال مؤتمر صحافي: «عندما يُظهر شخصان مهذبان كيفية الانخراط في السياسة، فإنني آمل أن يؤدي هذا إلى إيقاظ أولئك الذين نسوا هذا الأمر قليلاً، وجعلهم يعيدون قراءة كتب التاريخ المدرسية، وأيضاً الكتب المدرسية في العلوم السياسية».

زيلينسكي يعاين مركبة عسكرية فرنسية (أ.ب)

ورأى لافروف أن مسألة إمكانية تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، بعد المحادثة الهاتفية بين الرئيسين، تُظهر «حال الشذوذ التي عاشها الغرب في عهد الرئيس (الأميركي) السابق جو بايدن». وأوضح أن تلك الحال برزت عبر «الحرص فقط على اتهام روسيا بجميع الخطايا بعد بدء العملية العسكرية الخاصة، عندما لم يسمع أحد تحذيراتنا بشأن الأسباب الجذرية للأزمة لسنوات طويلة، وعندما لم يستجب أحد للاتفاقيات التي جرى التوصل إليها مرات عدة متتالية بشأن كيفية إنقاذ أوكرانيا بعد الانقلاب النازي، الذي حفزه وموله الغرب». وأكد أن روسيا لم يكن أمامها خيار آخر حينها «سوى حل المشكلة بنفسها، عبر إعلان إطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا».