​تركيا تطالب «الناتو» بمراعاة حساسيتها المتعلقة بمكافحة الإرهاب

إردوغان: أنقرة مع جميع الإجراءات الداعمة لأوكرانيا التي تشهد حرباً مستمرة للعام الثالث

إردوغان توجه إلى واشنطن الثلاثاء للمشاركة في قمة زعماء «الناتو» (الرئاسة التركية)
إردوغان توجه إلى واشنطن الثلاثاء للمشاركة في قمة زعماء «الناتو» (الرئاسة التركية)
TT

​تركيا تطالب «الناتو» بمراعاة حساسيتها المتعلقة بمكافحة الإرهاب

إردوغان توجه إلى واشنطن الثلاثاء للمشاركة في قمة زعماء «الناتو» (الرئاسة التركية)
إردوغان توجه إلى واشنطن الثلاثاء للمشاركة في قمة زعماء «الناتو» (الرئاسة التركية)

طالبت تركيا حلف شمال الأطلسي (ناتو) بتعزيز جهوده ومراعاة حساسية أعضائه فيما يتعلق بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن أنقرة تنتظر من قمة زعماء «الناتو» نتائج تأخذ بعين الاعتبار حساسية الأمن القومي للدول الحليفة، وتعزز روح التضامن والتحالف والوحدة بينها.

إردوغان مع قرينته لدى وصوله واشنطن (رويترز)

وانتقد إردوغان في مؤتمر صحافي عقده في مطار إيسنبوغا في أنقرة قبل توجهه إلى واشنطن للمشاركة في القمة التي تعقد بمناسبة مرور 75 عاماً على تأسيس الحلف، وتستمر حتى يوم الخميس، عدم تقديم حلفاء تركيا داخل «الناتو» الدعم الكافي لبلاده في مكافحة الإرهاب.

إردوغان مع قادة دول «الناتو» بواشنطن في ذكرى تأسيس الحلف (رويترز)

«الناتو» ومكافحة الإرهاب

وأكد إردوغان، أهمية تنفيذ القرارات المتخذة خلال قمة فيلنيوس التي عقدت في يوليو (تموز) 2023، خصوصاً فيما يخص مكافحة الإرهاب، وإزالة العراقيل أمام تجارة الصناعات الدفاعية بين الحلفاء.

وتنتقد تركيا فرض حظر بيع بعض الأسلحة وقطع غيارها من جانب بعض الدول الغربية الأعضاء في «الناتو» عليها منذ عام 2019؛ بسبب عمليتها العسكرية «نبع السلام» ضد القوات الكردية في شمال سوريا.

الرئيس فلاديمير بوتين اجتمع مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في آستانة عاصمة كازاخستان (أ.ب)

كما تنتقد الدعم الأميركي والغربي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية قوامها الرئيسي، والتي تقاتلها تركيا خوفاً من تأسيس ما تسميه «دويلة إرهابية» على حدودها.

ودعا إردوغان «الناتو» لتعزيز جهوده على صعيد مكافحة الإرهاب بشكل «حازم وشامل»، قائلاً إنه سيطرح قضية التهديدات الإرهابية الزائدة في محيط تركيا وحول العالم، على طاولة مباحثاته الثنائية على هامش القمة. وأضاف الرئيس التركي أنه سيجري مشاورات خلال قمة «الناتو» بواشنطن، بهدف تعزيز قدرات الحلفاء وهيكلية الردع والدفاع للحلف، ومتابعة القرارات المتخذة خلال القمة الماضية بالعاصمة الليتوانية فيلنيوس.

«الناتو» وأوكرانيا

ولفت إلى أن القمة ستتخللها كذلك جلسة مع ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وأخرى حول أوكرانيا. وقال إردوغان إنه وفي الوقت الذي يعلم فيه الجميع دعم تركيا لسيادة واستقلالية الأراضي الأوكرانية، فإن أنقرة تدعم جميع الإجراءات الداعمة للبلد الذي يشهد حرباً مستمرة للعام الثالث. وشدّد على أن تركيا تحافظ، في الوقت ذاته، على موقفها المبدئي الحريص على الحيلولة دون انخراط «الناتو» في هذه الحرب، ومستعدة لفعل ما يلزم من أجل وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى، ومن ثم تحقيق السلام الدائم في أوكرانيا.

إردوغان (يسار) والرئيس الأميركي بايدن (يمين) (رويترز)

وعد إردوغان أن قمة «الناتو» الحالية تحمل أهمية أخرى من حيث إسهامها في تحديد رؤية الحلف إزاء منطقته الجنوبية، لافتاً إلى أن العالم السيبراني ومكافحة التضليل المعلوماتي والتحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة، ستكون على جدول الأعمال أيضاً. وأشار إلى أن تركيا ضمن البلدان الخمسة الأولى الأكثر إسهاماً في بعثات وعمليات «الناتو»، وأن دعمها للحلف واضح، خاصة في هذه المرحلة التي تزداد فيها التهديدات المختلفة.

علاقات تركيا و«الناتو»

وعن مستقبل العلاقات بين تركيا و«الناتو»، خاصة بعد أن يتسلم رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، منصب الأمين العام للحلف في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قال إردوغان إن أنقرة ستواصل تعزيز مكانتها داخل الحلف. وأضاف أن هناك لقاءً سيجمعه مع روته في واشنطن، على هامش القمة، مشيراً إلى أنه وعده بزيارة تركيا قبل توليه مهامه رسمياً أميناً عاماً لـ«الناتو». وأردف: «خصوصاً فيما يتعلق بالمسألة الإسرائيلية - الفلسطينية، فإننا لم نحصل من (الناتو) على ما كنا نتوقعه وننتظره من الحلف. وآمل أن نحصل عليها خلال لقاءاتنا في واشنطن».

وأوضح أن وزيري خارجية ودفاع تركيا سيجريان مباحثات في هذا الإطار، على هامش قمة الحلف بواشنطن، مضيفاً: «سنوجه تحذيرات خلال اللقاءات هذه».

قضية «إف 35»

في سياق متصل، انتقد رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، استبعاد بلاده من المشروع متعدد الأطراف الذي يشرف عليه «الناتو» لإنتاج وتطوير مقاتلات «إف 35» الشبحية الأميركية بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» عام 2017. وقال إن تركيا قادرة على إنتاج ما تحتاجه من الصناعات الدفاعية إذا تجاهل حلفاؤها تلبية احتياجاتها بهذا المجال. وذكر كورتولموش، خلال لقاء مع الصحافيين الأتراك على هامش قمة رؤساء برلمانات الدول الأعضاء في الناتو أن «حقيقة استبعادنا من مشروع مقاتلة (إف 35) هي ازدواجية معايير خطيرة».

وأضاف: «استبعدت تركيا من مشروع كانت من مؤسسيه منذ البداية دون أي مبرر معقول، أصبحت تركيا دولة قادرة على المنافسة في العالم في هذه المجالات، وهي بوصفها دولة ذات سيادة تراعي أولوياتها في الأمن القومي مثلما تراعي تحالفاتها».

وفيما يتعلق بشراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» على الرغم من اعتراض «الناتو»، قال كورتولموش إن «موقف تركيا من التطورات في العراق وشمال سوريا واضح، ترى تركيا في المنظمات الإرهابية التي تقدم لها بعض الدول دعماً سياسياً ولوجيستياً واستخبارياً وعسكرياً بين الحين والآخر، تهديداً كبيراً، والغرض من شراء المنظومة الروسية هو حماية سلامة الأراضي التركية فقط». وعد أن «قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات» (كاتسا) يستخدم بوصفه أداة سياسية ضد تركيا، مضيفا: «أعتقد أنها عقوبة غير عادلة وازدواجية في المعايير، لو لبى الغرب حاجاتنا من أنظمة الدفاع الجوي بالفعل، لما وصلنا إلى هذه الحالة».


مقالات ذات صلة

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أفريقيا وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا تحسين إقبال تحمل صورة لابنها آصف إقبال الذي قُتل مع آخرين في هجمات مميتة لمسلحين انفصاليين في بلوشستان 27 أغسطس 2024 (رويترز)

باكستان: موجة من الهجمات الإرهابية تهز بلوشستان المضطربة

لقي ما لا يقل عن 38 شخصاً مصرعهم في عدة هجمات في مقاطعة بلوشستان منذ الأحد، فيما يبدو أنه جزء من حملة شنها انفصاليون مسلحون في المنطقة.

كريستينا غولدبوم (واشنطن - إسلام آباد) كريستينا غولدبوم
أوروبا نانسي فايزر وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية تشارك في الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية في «البوندستاغ» بشأن هجوم السكين في زولينغن وترحيل اللاجئين إلى أفغانستان (د.ب.أ)

ألمانيا تفتح باب الترحيل إلى أفغانستان وسوريا وتبعِد 28 مخالفاً إلى كابل

بدأت تداعيات اعتداء زولينغن الإرهابي في ألمانيا الظهور بخطوات عملية تتخذها الحكومة الألمانية، بعضها قد يكون حتى مثيراً للجدل.

راغدة بهنام (برلين)

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)
القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)
TT

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)
القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

بات القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء الدينوف وجهاً مألوفاً للروس على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يطل عليهم معتمراً خوذة أو قبعة عسكرية ليقدم أخباراً إيجابية دائماً حول سير المعارك ضد القوات الأوكرانية المتوغلة في منطقة كورسك.

وقال في اليوم الأول من هذا الهجوم المباغت عبر الحدود في مطلع أغسطس (آب): «فلنهدأ، ونتناول بعض الفشار، ونشاهد بهدوء رجالنا وهم يدمرون العدو».

بعد ثلاثة أسابيع من بدء العملية، يفضّل كبار ضباط الجيش الروسي التزام الصمت بسبب عدم قدرتهم على صد القوات الأوكرانية.

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

ويملأ أبتي علاء الدينوف (50 عاماً) هذا الفراغ عبر نشر مقاطع فيديو بشكل منتظم يبدو أنه تم تصويرها قرب الجبهة.

يبلغ عدد متابعي العسكري الشيشاني 275 ألف مشترك على تطبيق «تلغرام»، ما يجعله بعيداً عن أن يكون نجماً على الإنترنت، لكن مداخلاته تنقلها وسائل الإعلام الروسية، وخصوصا التلفزيون.

يرأس أبتي علاء الدينوف «قوات أحمد» الشيشانية المشكلة من قوات خاصة، وقد أرسل الرئيس الشيشاني رمضان قديروف العديد من عناصرها للقتال في أوكرانيا.

وبالاعتماد على وضعه العسكري، يسعى إلى طمأنة الروس من خلال التأكيد أن «العدو أوقف تقريباً» أو أن الوضع «يستقر»، بينما يواصل الأوكرانيون التقدم.

كما ادعى مؤخراً أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر.

«الكرملين يحركه»

يتعجب الصحافي تيخون دزيادكو من وسيلة الإعلام الروسية المستقلة «دوزد»، لبروز أبتي علاء الدينوف.

وكتب على «تلغرام»: «جزء من روسيا تحت سيطرة دولة أخرى (...) والمعلق الرئيسي على ما يحدث في منطقة كورسك هو هذه الشخصية المضحكة علاء الدينوف».

وأكد خبراء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن مثل هذا الحضور الإعلامي يحظى بالضرورة بموافقة السلطات العليا.

تقول سارة أوتس، المتخصصة في الدعاية الروسية في الجامعة الأميركية في ميريلاند: «أنا مقتنعة بأن الكرملين هو الذي يحركه».

ويرى جورجي بوفت، المحلل السياسي المقيم في موسكو، أنه «من الواضح أنه ينال رضا القادة حتى الآن».

ويبدو أن أبتي علاء الدينوف يحظى على غرار رمضان قديروف بقدر غير عادي من حرية التعبير، حتى إن مراقبين قدموه خليفة محتملاً للزعيم الشيشاني الذي يشاع أنه يعاني مشكلات صحية.

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

عندما أعربت عائلات عن قلقها من تعبئة أبنائها البالغين 18 عاماً للقتال ضد الجيش الأوكراني، وهو موضوع حساس للغاية في روسيا، لم يُظهر أبتي علاء الدينوف أي تعاطف معها.

وقال في مقطع فيديو إنه إذا كان هؤلاء الشباب «لا يدافعون عن الوطن (...) فلماذا يحتاج وطنكم إليكم وإلى أطفالكم؟».

«جيش تيك توك»

يتناقض الأسلوب الواقعي والتقني البحت للمتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، بشكل جذري، مع أسلوب أبتي علاء الدينوف.

ويعتقد جورجي بوفت أن الأخير «يقدم المعلومات بطريقة أكثر عاطفية، ربما يكون من الأسهل على الجمهور استيعابها».

رئيس الشيشان رمضان قديروف والقائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (قناة دينوف عبر «تلغرام»)

وترى سارة أوتس أن تصريحات أبتي علاء الدينوف التي تصفها بـ«الفجة» تذكر بأسلوب الرئيس فلاديمير بوتين في أيام حكمه الأولى، عندما وعد «بمطاردة الإرهابيين وقتلهم حتى في المراحيض». وتضيف: «أعتقد أنه متحدث فعّال في نشر الدعاية».

نشأ أبتي علاء الدينوف في منطقة ستافروبول في جنوب روسيا. وقُتل والده وأحد إخوته في الشيشان التي شهدت حربين ضد القوات الاتحادية الروسية في التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وأصبح فيما بعد قائد الشرطة الشيشانية ونائب وزير الداخلية.

وقد فرضت دول عدة عقوبات عليه، من بينها الولايات المتحدة، بتهمة الخطف والتعذيب.

كتبت صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية المستقلة عام 2016 أن أبتي علاء الدينوف «القوي والخطير»، كان منذ فترة طويلة جزءاً من «الحرس المقرب من قديروف».

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

وأقيل من الحكومة الشيشانية بقرار من فلاديمير بوتين عام 2021، وهو ما عُدّ مؤشر خلاف مع رمضان قديروف.

لكن في الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، أعلن قديروف أن «أخاه العزيز» سيقود المقاتلين الشيشانيين.

وحصل أبتي علاء الدينوف على ميدالية بطل روسيا المرموقة، لكن «قوات أحمد» التي يقودها يُطلق عليها أحيانا اسم «جيش تيك توك» في ظل اتهامات بأنها تعطي الأولوية للدعاية على الشبكات الاجتماعية على حساب الفاعلية القتالية في ميدان المعركة.

وكانت «قوات أحمد» تساعد في حماية كورسك عندما هاجمت القوات الأوكرانية المنطقة الروسية. وفي مقطع فيديو، اعترف أبتي علاء الدينوف بنبرة حزينة على غير عادته بأن جنود كييف «قاموا بعمل جيد»، لكن «الشيء الوحيد الذي لم يأخذوه في الاعتبار هو أن الله يحب روسيا».