ألمانيا تفتح باب الترحيل إلى أفغانستان وسوريا وتبعِد 28 مخالفاً إلى كابل

برلين وصفت العملية بأنها «رسالة» لكل طالب لجوء يفكر بارتكاب جرائم

نانسي فايزر وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية تشارك في الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية في «البوندستاغ» بشأن هجوم السكين في زولينغن وترحيل اللاجئين إلى أفغانستان (د.ب.أ)
نانسي فايزر وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية تشارك في الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية في «البوندستاغ» بشأن هجوم السكين في زولينغن وترحيل اللاجئين إلى أفغانستان (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تفتح باب الترحيل إلى أفغانستان وسوريا وتبعِد 28 مخالفاً إلى كابل

نانسي فايزر وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية تشارك في الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية في «البوندستاغ» بشأن هجوم السكين في زولينغن وترحيل اللاجئين إلى أفغانستان (د.ب.أ)
نانسي فايزر وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية تشارك في الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية في «البوندستاغ» بشأن هجوم السكين في زولينغن وترحيل اللاجئين إلى أفغانستان (د.ب.أ)

بدأت تداعيات اعتداء زولينغن الإرهابي في ألمانيا الظهور بخطوات عملية تتخذها الحكومة الألمانية، بعضها قد يكون حتى مثيراً للجدل. فلم تمضِ أيام قليلة على طعن لاجئ سوري كان مفترضاً ترحيله إلى بلغاريا، رواد حفل وقتله ثلاثة منهم، حتى أعلنت الحكومة الألمانية عن ترحيل 28 لاجئاً أفغانياً مدانين بجرائم إلى أفغانستان، في سابقة منذ عودة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية نانسي فيزر (الثانية من اليمين) تحضر الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان الألماني في برلين - الجمعة 30 أغسطس 2024 (أ.ب)

ورغم أن عملية الترحيل هذه جاءت بعد أسبوع على عملية زولينغن التي تباناها «داعش»، فإن الحكومة الألمانية كانت تعدّ لها منذ أشهر.

وفتحت برلين مفاوضات عبر قطر مع «طالبان» لاستعادة اللاجئين المدانين بجرائم جنسية بمعظمهم، علماً بأن برلين لا تقيم علاقات مع أفغانستان منذ عودة «طالبان».

ونُقِل المدانون الـ28 من مختلف الولايات الألمانية إلى مطار لايبزغ في شرق ألمانيا، ومنها إلى كابل على طائرة للخطوط الجوية القطرية.

وأُخرج بعض اللاجئين من السجون، حيث كانوا يقضون محكوميات بجرائم ارتكبوها، لترحيلهم. وبحسب وسائل إعلام ألمانية، فقد تلقى كل لاجئ مبلغ 1000يورو للمغادرة. وعلى عكس طائرات الترحيل التي تحمل لاجئين ويرافقهم عناصر من الشرطة الألمانية، فإن الشرطة لم ترافق الأفغان في الطائرة إلى كابل.

ومن بين الذين تم ترحيلهم، أفغاني يقدّر عمره 16 عاماً، اغتصب فتاة ألمانية بعمر 11 عاماً قبل عامين في ماكلنبيرغ، إضافة إلى 5 أفغان من ولاية بادن فورتمبيرغ من بينهم أفغاني مدان بـ160 جريمة. وتم كذلك ترحيل أفغاني اغتصب إلى جانب اثنين من اللاجئين فتاة في سن الـ14، وقضى في السجن قرابة عامين أُطلق سراحه بعد خروجه عام 2022، بحسب ما نقل موقع مجلة «بيلد».

وأصدرت الحكومة الألمانية بياناً أعلنت فيه عن عملية الترحيل من دون تقديم تفاصيل، وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفان هيبرشترايت إن الحكومة بذلت في الأشهر الماضية «جهوداً ضخمة لاستئناف إعادة حالات كهذه وطلبت دعماً من الشركاء الإقليميين في تسهيل عمليات الترحيل؛ بسبب الظروف الصعبة للغاية». وأضاف أن الحكومة الألمانية «ملتزمة بتنفيذ عمليات إعادة شبيهة» لأشخاص ليس لديهم الحق في البقاء في ألمانيا وصدرت بحقهم قرارات ترحيل. وأضاف أن «أمن ألمانيا أهم من حماية أشخاص مجرمين وخطيرين».

المستشار الألماني أولاف شولتس يعتمر خوذة أثناء زيارته منتزه تكنولوجيا التعدين وإعادة زراعة مناجم الليغنيت في غروسبويسنا بالقرب من لايبزيغ - شرق ألمانيا 30 أغسطس (أ.ف.ب)

ووصف المستشار الألماني أولاف شولتس عملية ترحيل الأفغان بأنها «إشارة واضحة لأي شخص يريد ارتكاب جرائم»، وأضاف: «لقد أعلنا بأننا سنرحّل مجرمين إلى أفغانستان، وقد حضّرنا لذلك بشكل دقيق من دون أن نتحدث بالأمر كثيراً؛ لأن خططاً كهذه يمكن أن تنجح فقط ببذل جهود وتنفيذها بتكتم، وهذا ما حصل».

وكانت وزيرة الداخلية نانسي فيزر أعلنت قبل يومين أن ألمانيا ستبدأ في تنفيذ عمليات ترحيل «قريباً جداً إلى أفغانستان وسوريا»، من دون أن توضح كيف وحتى قانونية ذلك، علماً أنه لا توجد علاقات بين برلين وحكومتي الدولتين. وأعلنت فيزر في تغريدة على منصة «إكس» عن ترحيل «28 مجرماً مداناً إلى أفغانستان»، بأن «أمننا مهم والحكومة تتصرف» للحفاظ عليه.

ولكن قرار الترحيل إلى أفغانستان أثار انتقادات وتساؤلات حول مدى قانونيته، وجاءت الانتقادات حتى من حزب الخضر المشارك في الحكومة الألمانية، وقال زعيم الحزب أوميد نوريبوري إن الحكومة لن تكون قادرة على إجراء عمليات ترحيل أكبر إلى أفغانستان من دون أن تقيم علاقات مع «طالبان». وقال رغم ترحيبه بترحيل مجرمين مدانين، إن تنفيذ عمليات ترحيل أوسع «سيتطلب تعاوناً مباشراً بين الدولتين، وهو أمر غير ممكن»، مضيفاً: «هذه الرحلة لا يجب أن تؤدي إلى شرعنة (طالبان)».

وطالب حزب المعارضة الرئيسي، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، بعمليات ترحيل إضافية لمجرمين إلى أفغانستان وسوريا، وقال رئيس حكومة ولاية هسن بوريس راين: «أتوقع من الحكومة الفيدرالية أن تنفذ عمليات ترحيل إضافية لمجرمين وأشخاص خطيرين بأسرع وقت ممكن».

وقبل يوم، أعلنت الحكومة الألمانية عن مجموعة من الخطوات لتشديد ترحيل اللاجئين المدانين بجرائم، إضافة إلى وقف الإعانات المالية عن اللاجئين غير الشرعيين المرفوضة طلبات لجوئهم وصدرت بحقهم قرارات ترحيل في حال قبول الدولة الأوروبية التي دخلوها أولاً، بحسب اتفاقية دبلن، باستعادتهم. وبحسب اتفاقية دبلن، فإن على طالبي اللجوء تقديم طلب في أول دولة يدخلونها في الاتحاد الأوروبي. ولكن عدداً كبيراً من طالبي اللجوء يكملون إلى ألمانيا رغم تسجيل دخولهم في دول أخرى، بسبب الإعانات المالية المرتفعة التي يحصلون عليها، مقارنة بالدول الأخرى.

الزهور والشموع بالقرب من مكان وقوع هجوم بالسكين في مهرجان مدينة زولينغن. قُتل وأُصيب أشخاص عدة في هجوم بالسكين مساء الجمعة في مهرجان المدينة الذي يحتفل بالذكرى الـ650 لتأسيس مدينة زولينغن (د.ب.أ)

وتتزايد الدعوات منذ عمليات زولينغن بوقف هذه الإعانات والتوقف عن تقديم حوافز مالية للاجئين للقدوم إلى ألمانيا.

وكان اللاجئ السوري الذي نفذ العملية الإرهابية في زولينغن قد صدر بحقه قرار بالترحيل إلى بلغاريا، الدولة الأوروبية الأولى التي دخلها. وحاولت السلطات في ولاية شمال الراين فستفاليا، حيث كان قد تقدم بطلب لجوء، ترحليه مرة واحدة، وعندما لم تعثر عليه لم تحاول مرة جديدة. وبحسب القانون، إذا لم تنجح السلطات بترحيل الأشخاص خلال 6 أشهر، يمكن لهم أن يبقوا في ألمانيا. وقد أثار تصرف سلطات الهجرة تساؤلات كثيرة حول طريقة عملهم والأسباب التي دفعتهم إلى عدم محاولة ترحيله مرة ثانية. وحتى المستشار الألماني قال عندما سئل عن سبب عدم ترحيل السوري: «أنا أيضاً أريد أن أعرف ذلك»، مضيفاً أن على السلطات المحلية في ولاية شمال الراين فستفاليا أن توضح ما الذي حصل «بهدف تعلم العبر وتفادي تكرار ذلك في المستقبل، وليس لتوزيع اللوم». وأضاف شولتس في تصريحات لمجلة «دير شبيغل»: «لا يمكن أن نفسر لأحد لماذا حاولت السلطات مرة واحدة فقط ترحيله، لماذا لم يعودوا عندما لم يعثروا عليه المرة الأولى، ولماذا لم يتقدموا بطلب تمديد الفترة التي يمكن خلالها ترحيله». وأضاف بأنه يتفهم قلق الألمان من هذه الناحية، وقال: «أنا لا أفهم ما حصل أيضاً، لقد خلقنا قواعد لتسهيل عمليات الترحيل كهذه لو تم اتباعها».

وتأتي هذه التطورات في حين تستعد ولايتان في شرق ألمانيا، ساكسونيا وتورنغن، لإجراء انتخابات محلية الأحد المقبل، يتقدم فيها حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف. وتتخوف الأحزاب الألمانية الأخرى من استفادة «البديل لألمانيا» المعادي للاجئين والمهاجرين، من عملية زولينغن، لتحقيق مكاسب إضافية. وتأمل الحكومة بأن تساعد الخطوات التي أعلنت عنها لجهة تشديد قوانين ترحيل اللاجئين، بتخفيف الخطاب الشعبوي لدى الحزب المتطرف وتخفيف نقمة الناخبين كذلك.


مقالات ذات صلة

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

أفريقيا وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا تحسين إقبال تحمل صورة لابنها آصف إقبال الذي قُتل مع آخرين في هجمات مميتة لمسلحين انفصاليين في بلوشستان 27 أغسطس 2024 (رويترز)

باكستان: موجة من الهجمات الإرهابية تهز بلوشستان المضطربة

لقي ما لا يقل عن 38 شخصاً مصرعهم في عدة هجمات في مقاطعة بلوشستان منذ الأحد، فيما يبدو أنه جزء من حملة شنها انفصاليون مسلحون في المنطقة.

كريستينا غولدبوم (واشنطن - إسلام آباد) كريستينا غولدبوم
شؤون إقليمية تركيا تواصل حملاتها المكثفة على «داعش» (أرشيفية)

تركيا: القبض على 127 من «داعش» في عملية أمنية موسعة

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 127 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي خطط أحدهم لتنفيذ هجوم إرهابي في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا أفراد أمن من «طالبان» يقفون خارج مطعم في قندهار في 25 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«شرطة الأخلاق» التابعة لـ«طالبان» تعلن وقف «تعاونها» مع بعثة الأمم المتحدة

قالت «شرطة الأخلاق»، التابعة لحكومة «طالبان»، إنها ستوقف تعاونها مع بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، واصفة إياها بأنها «طرف معارض».

«الشرق الأوسط» (كابل)

بسبب البعوض... ألمانيا تسجل أول إصابة بحمى غرب النيل هذا العام

البعوض يسبب الإصابة بحمى غرب النيل في ألمانيا (رويترز)
البعوض يسبب الإصابة بحمى غرب النيل في ألمانيا (رويترز)
TT

بسبب البعوض... ألمانيا تسجل أول إصابة بحمى غرب النيل هذا العام

البعوض يسبب الإصابة بحمى غرب النيل في ألمانيا (رويترز)
البعوض يسبب الإصابة بحمى غرب النيل في ألمانيا (رويترز)

أعلن معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية في ألمانيا اليوم (الجمعة)، أنه جرى تسجيل حالة إصابة بحمى غرب النيل الذي ينقله البعوض المحلي في البلاد للمرة الأولى العام الجاري، بحسب «وكالة الصحافة الألمانية».

وجرى تسجيل ثلاث حالات أخرى لدى البشر، لأشخاص لحقت بهم خلال السفر إلى دول أخرى.

وقالت السلطات إن الإصابة المحلية هي لامرأة أصيبت من بعوضة في منطقة ساكسونيا براندنبورغ الحدودية بشرق البلاد.

وهناك حالات أخرى متوقعة، خصوصا أنه جرى تسجيل كثير من الإصابات لدى الخيول والطيور.

ورصدت الهيئة المسؤولة، معهد فريدريش لوفلر، 18 حالة إصابة لدى الطيور و14 لدى الخيول حتى 23 أغسطس (آب) الجاري.

وفي المجمل، هناك عدد كبير للغاية من الحالات غير المسجلة لحمى غرب النيل، حيث إن العدوى من دون إصابة في نحو 80 في المائة من الأشخاص، ووفقا لمعهد روبرت كوخ، نحو 20 في المائة من الحالات لديها أعراض خفيفة مثل الحمى أو الطفح الجلدي الذي يمكن ملاحظته بسهولة.

ما هي حمى غرب النيل؟

وحمى غرب النيل هي مرض خطير عديم العلاج بالأدوية قد يتضاعف خاصة بين أصحاب نظام المناعة الضعيف. ينتشر المرض نتيجة لسعة البعوض المصاب بالفيروس المسبب للمرض.

تتراوح فترة تطور المرض من لحظة اللدغة حتى ظهور أعراض المرض بين 5 - 21 يوماً ويستغرق المرض لدى البشر 3 - 6 أيام ويختفي من تلقاء نفسه.

ويشبه المرض الناتج عن فيروس حمى غرب النيل، الإنفلونزا، إذ يعاني المريض من الحرارة والصداع والضعف وآلام المفاصل والعضلات، والطفح الجلدي وأحياناً الغثيان والإسهال.

أما المضاعفات النادرة المحتملة فقد تكون الالتهاب الحاد في الدماغ أو التهاب السحايا، ونادراً ما ينتهي المرض بالوفاة.