قمة الاحتفال بميلاد «الناتو» تُعقد «في وقت كئيب»

لورا كينغ: التحولات السياسية الغربية والإحباط في أوكرانيا والانقسامات... تبدد الأجواء بعد 75 عاماً من تأسيسه

واشنطن تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تنطلق الثلاثاء وتستمر 3 أيام (أ.ب)
واشنطن تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تنطلق الثلاثاء وتستمر 3 أيام (أ.ب)
TT

قمة الاحتفال بميلاد «الناتو» تُعقد «في وقت كئيب»

واشنطن تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تنطلق الثلاثاء وتستمر 3 أيام (أ.ب)
واشنطن تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تنطلق الثلاثاء وتستمر 3 أيام (أ.ب)

كانت العاصمة الأميركية، واشنطن، تمني نفسها باستضافة قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تنطلق الثلاثاء، وتستمر 3 أيام في أجواء مبهجة؛ احتفالاً باليوبيل الماسي للحلف الذي شكّل حجر الزاوية في هيكل أمن أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الولايات المتحدة و31 دولة أخرى عضواً في الحلف الموجود مقره في العاصمة البلجيكية، بروكسل.

علم أوكرانيا يظهر أمام شعار حلف «الناتو» في كييف (رويترز)

فقمة واشنطن تأتي في وقت يمكن فيه اعتبار بعض من قادة أهم دوله «جرحى سياسيين» مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تلقى هزيمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية المبكرة، والرئيس الأميركي جو بايدن الذي يواجه صعوبة كبيرة في حملته للفوز بفترة حكم ثانية. وإلى جانب ذلك تمرّ الحرب في أوكرانيا بمرحلة محبطة لدول الحلف التي أظهرت دعماً هائلاً لكييف في مواجهة الغزو الروسي الذي بدأ في فبراير (شباط) 2022.

الأعلام ترفرف خارج مقر الحلف الأطلسي في بروكسل (أرشيفية - رويترز)

وفي تحليل نشرته صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية تحت عنوان «قمة الاحتفال بميلاد الناتو تُجرى في وقت كئيب»، قالت الكاتبة الأميركية لورا كينغ، كما نقلت عنها «وكالة الأنباء الألمانية»، إن كل هذا يحدث في الوقت الذي يخشى فيه قادة أوروبا من فوز المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. فالرجل في ولايته الأولى تبنّى موقفاً معادياً لحلف «الناتو»، في حين تعهّد في حال عودته إلى البيت الأبيض بعدم احترام التزامات بلاده تجاه الحلف، بما في ذلك مبدأ الدفاع المشترك عن الدول الأعضاء. ففي فبراير الماضي قال إنه إذا تعرّضت دولة عضو في «الناتو» لا تدفع التزاماتها المالية، لأي عدوان من جانب روسيا مثلاً فإنه سيقول للأخيرة إنها «تستطيع أن تفعل ما تشاء».

مخاوف أوروبية من سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تجاه حلف «الناتو» إذا فاز بالانتخابات وعاد إلى البيت الأبيض (أ.ب)

وكما هو واضح، يستضيف الرئيس بايدن القمة وهو يواجه دعوات، من داخل حزبه الديمقراطي ومعسكر أنصاره، للانسحاب من السباق الرئاسي والسماح بتقديم مرشح ديمقراطي آخر لمواجهة ترمب. في الوقت نفسه تواجه فرنسا فوضى سياسية كبيرة بعد فوز اليسار بالأغلبية في انتخابات البرلمان التي أُجريت جولتها الأخيرة، في حين جاء تكتل يمين الوسط الذي يقوده الرئيس ماكرون في المركز الثاني.

صورة مركبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان (أ.ف.ب)

وفي بريطانيا اجتاح حزب «العمال» المعارض الانتخابات النيابية، ليطيح بحكومة حزب المحافظين. ومن ناحية أخرى، تعرّض المستشار الألماني أولاف شولتس لصدمة قوية عندما جاء معسكر اليمين المتطرف في المركز الثاني في انتخابات البرلمان الأوروبي التي أُجريت في الشهر الماضي.

الأمر نفسه تكرر مع رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، الذي أصبح رئيس حكومة تسيير أعمال بعد تفوق اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي ببلاده. ومما يزيد المشهد سوءاً بالنسبة لحلف «الناتو» الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إلى أوكرانيا حيث دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى القبول بوقف لإطلاق النار مع روسيا، بشروط يقول الأوكرانيون إنها غير مقبولة بالنسبة لهم.

وبعد ذلك زار أوربان روسيا، والتقى الرئيس فلاديمير بوتين وهي الزيارة التي شدد الاتحاد الأوروبي على أنه لا يباركها. وقالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية على موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي، إن «الاسترضاء لن يوقف بوتين».

وتطغى هذه الأجواء الكئيبة على القمة التي كان يفترض أن تحتفل بانضمام السويد إلى التحالف بعد انضمام فنلندا إليه، حيث كانت الدولتان على خط المواجهة الأول في فترة شديدة التوتر مع روسيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البولندي بعد محادثات في وارسو ببولندا... الاثنين (أ.ف.ب)

واندفعت دول الحلف لدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، وقدمت مساعدات عسكرية وغير عسكرية بمليارات الدولارات لكييف. ولكن مع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، أصدر «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، وهو مركز أبحاث أوروبي، دراسةً كبيرةً عن اتجاهات الرأي العام الأوروبي نحو حرب أوكرانيا، أشارت إلى ظهور خلافات حادة بشأن كيفية إنهاء هذه الحرب قبل انطلاق قمة واشنطن.

وقال مارك ليونارد، المدير المؤسس للمجلس، «أحد التحديات الأساسية للقادة الغربيين سيكون تحقيق توافق للمواقف المتناقضة بين الأوروبيين والأوكرانيين بشأن كيفية إنهاء الحرب... في حين يدرك الجانبان الحاجة إلى استمرار الدعم العسكري لمساعدة أوكرانيا على التصدي للعدوان الروسي، فإن هناك فجوة واسعة بينهما بشأن تعريف النصر، والغرض الفعلي للدعم الأوروبي لأوكرانيا».

صورة مركبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان (أ.ف.ب)

الأمر نفسه يحدث في الولايات المتحدة مع تراجع الدعمَين الشعبي والنيابي الأميركي لأوكرانيا. وبدأ عدد من قادة الحزب الجمهوري إلى جانب ترمب يتساءلون عن جدوى الاستمرار في ضخ مليارات الدولارات إلى أوكرانيا.

وأظهر استطلاع رأي أجراه «مركز بيو للأبحاث»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن 31 في المائة من الأميركيين يرون أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر مما يجب على الحرب في أوكرانيا، في حين كانت هذه النسبة في أوائل 2022، نحو 7 في المائة فقط.

كل هذا يقول إن قمة حلف «الناتو» في واشنطن تواجه من التحديات الصعبة ما يطغى على أي أجواء احتفالية سواء بذكرى مرور 75 عاماً على تأسيس الحلف الذي لعب دوراً محورياً في الدفاع عن أوروبا الغربية ضد توسع الاتحاد السوفياتي السابق، أو بانضمام السويد لتصبح الدولة رقم 32 في الحلف رغم تهديدات روسيا واعتراضات تركيا، إحدى الدول المؤسسة للحلف.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

TT

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

وقال زيلينسكي، في مقطع مصوَّر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «وزير الدفاع الأوكراني قام بالتواصل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه أن يحمي الأرواح في مواجهة أخطار جديدة».

كذلك، عَدَّ الرئيس الأوكراني أن روسيا تسخر من دعوات حليفها الصيني إلى ضبط النفس، حين تطلق صاروخاً من الجيل الجديد على أوكرانيا.

وقال، في المقطع نفسه: «من جانب روسيا، هذا الأمر يشكل سخرية من مواقف دول مثل الصين (...) وبعض القادة الذين يدعون، في كل مرة، إلى ضبط النفس»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك»، ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بثَّ التلفزيون وقائعه: «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصاً في الأوضاع القتالية، وفقاً لتطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».