​هجوم صاروخي على القرم... وموسكو «تحمّل واشنطن المسؤولية»

روسيا تهدد بتقليص وقت اتخاذ القرار بشأن استخدام الأسلحة النووية

سكان محليون أمام بناية استهدفت بغارة في وسط مدينة خاركيف الأحد (أ.ف.ب)
سكان محليون أمام بناية استهدفت بغارة في وسط مدينة خاركيف الأحد (أ.ف.ب)
TT

​هجوم صاروخي على القرم... وموسكو «تحمّل واشنطن المسؤولية»

سكان محليون أمام بناية استهدفت بغارة في وسط مدينة خاركيف الأحد (أ.ف.ب)
سكان محليون أمام بناية استهدفت بغارة في وسط مدينة خاركيف الأحد (أ.ف.ب)

أعلنت موسكو أنها تحمّل واشنطن مسؤولية الهجوم الصاروخي الذي استهدف الأحد شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، كونه نفذ بواسطة صواريخ «أتاكمس» التي سلمتها واشنطن لكييف.

وقال مسؤولون روس إن أوكرانيا قصفت الأحد مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم بخمسة صواريخ من طراز «أتاكمس» التي زودتها بها الولايات المتحدة مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم طفلان، وإصابة نحو 100 آخرين.

صواريخ «أتاكمس»

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوية الروسية أسقطت أربعة من الصواريخ، بينما انفجرت الرأس الحربية للصاروخ الخامس في الجو. وأضافت الوزارة أن أوكرانيا قصفت «البنية التحتية المدنية لمدينة سيفاستوبول بصواريخ (أتاكمس) التكتيكية التي أمدتها بها الولايات المتحدة، والمزودة برؤوس حربية عنقودية». وقال حاكم سيفاستوبول الذي عينته روسيا، ميخائيل رازفوزاييف، عبر قناته على «تلغرام» بأن نحو 100 شخص أصيبوا جراء شظايا الصواريخ التي سقطت.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن «مسؤولية الضربة الصاروخية المتعمدة على مدنيين في (مدينة) سيفاستوبول تقع في الدرجة الأولى على واشنطن التي زودت أوكرانيا بأسلحة»، وكذلك على سلطات كييف، مؤكدة أن «أفعالا مثل هذه لن تبقى من دون رد».

وضمت روسيا القرم في 2014، وأعلنت واشنطن في أبريل (نيسان) أنها أرسلت إلى أوكرانيا صواريخ «أتاكمس»، بعدما طالبت بها لوقت طويل للتمكن من إصابة أهداف بعيدة من خط الجبهة. واستخدمت كييف هذه الصواريخ للمرة الأولى ضد موسكو في أكتوبر (تشرين الأول)، لكن ما أرسلته واشنطن في الآونة الأخيرة يمتاز بمدى أبعد يمكن أن يصل إلى 300 كلم. ولم تعلق أوكرانيا إلى الآن على قصف سيفاستوبول.

جندي أوكراني يعد مدفع «هاوتزر» لإطلاق النار على القوات الروسية في خط المواجهة بمنطقة خاركيف (رويترز)

غارة على خاركيف

من جهة أخرى، أوقعت غارة روسية على مبنى سكني في خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، قتيلين وأكثر من 50 جريحاً، على ما أفاد جهاز الطوارئ معدلاً حصيلة سابقة أشارت إلى سقوط ثلاثة قتلى. وتقع خاركيف على مقربة من الحدود مع روسيا التي أطلقت في مايو (أيار) هجوماً في المنطقة، وسيطرت على مساحات كبيرة منها.

وقال مسؤولون أوكرانيون إن مبنى سكنياً من خمسة طوابق تعرض لأضرار عند قصف مدينة خاركيف السبت بقنابل موجهة، وأعلن جهاز الطوارئ الحكومي انتهاء أعمال الإنقاذ بحلول صباح الأحد. وكتب على تطبيق «تلغرام»: «نتيجة لهذه الغارة الجوية، قُتل شخصان وأصيب 53 آخرون، بينهم 3 أطفال».

وكان الرئيس فولوديمير زيلينسكي أعلن السبت مقتل ثلاثة أشخاص، وأدان «الإرهاب المتعمد» الذي تمارسه روسيا.

والأحد، أعلن حاكم زابوريجيا إيفان فيدوروف أن مهندساً أصيب في غارة جوية روسية على منشأة للطاقة في جنوب المنطقة، توفي في المستشفى.

في المقابل، قال قائد القوات الجوية الأوكرانية ميكولا أوليشوك الأحد إن روسيا شنت هجوماً خلال الليل بثلاثة صواريخ، وإن الدفاعات الجوية تمكنت من تدمير اثنين منها فوق منطقة كييف. ولم يحدد أوليشوك في بيان على «تلغرام» ما حدث للصاروخ الثالث. ولم ترد تقارير على الفور عن الأضرار أو الإصابات الناجمة عن الهجوم.

رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب الروسي أندريه كارتابولوف (أرشيفية - رويترز)

تقليص وقت استخدام النووي

في سياق متصل، أفاد رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب الروسي أندريه كارتابولوف، بأن روسيا، أكبر قوة نووية في العالم، قد تقلص الوقت المنصوص عليه في السياسة الرسمية لاتخاذ قرار باستخدام الأسلحة النووية إذا ارتأت ازدياداً في التهديدات التي تحيق بها.

وأشعلت الحرب في أوكرانيا أكبر مواجهة بين روسيا والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في 1962 فيما قال الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي إن موسكو قد تغير عقيدتها النووية، التي تحدد الظروف التي يمكن فيها استخدام مثل هذه الأسلحة.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية الأحد عن كارتابولوف أنه إذا ازدادت التهديدات، فهذا يعني أنه يمكن تغيير الوقت اللازم لاتخاذ قرار باستخدام هذه الأسلحة. وأضاف كارتابولوف: «إذا رأينا أن التحديات والتهديدات تزداد، فهذا يعني أنه يمكننا تصحيح شيء ما (في العقيدة) فيما يتعلق بالتوقيت المناسب لاستخدام الأسلحة النووية وقرار استخدامها». وتابع كارتابولوف، الذي كان في السابق قائداً للقوات الروسية في سوريا، وهو الآن عضو في البرلمان عن حزب «روسيا المتحدة» الحاكم، أنه من السابق لأوانه الحديث عن تغييرات بعينها في العقيدة النووية.

وتحدد المبادئ النووية الروسية لعام 2020 الظروف التي قد يدرس فيها رئيس البلاد استخدام سلاح نووي، وذلك بشكل عام في حال وقوع هجوم بسلاح نووي أو غيره من أسلحة الدمار الشامل، أو بأسلحة تقليدية «عندما يكون وجود الدولة ذاته معرضاً للتهديد». ويقول اتحاد العلماء الأميركيين إن روسيا والولايات المتحدة هما أكبر قوتين نوويتين في العالم ويملكان نحو 88 في المائة من الأسلحة النووية الموجودة على سطح الكرة الأرضية. ويحدث البلدان ترسانتهما النووية، فيما تسرع الصين من تعزيز ترسانتها.

وقال بوتين الشهر الحالي إن روسيا لا تحتاج إلى استخدام الأسلحة النووية لتحقيق النصر في أوكرانيا، وهو أقوى تلميح حتى الآن من الكرملين بأن الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية لن يتحول إلى حرب نووية.


مقالات ذات صلة

روسيا تبلور خطة لوقف النار في أوكرانيا وسط تكتم

أوروبا 
زار بوتين منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها (أ.ب)

روسيا تبلور خطة لوقف النار في أوكرانيا وسط تكتم

أعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس (الأربعاء)، أن بلاده بدأت إعداد مذكرة تفاهم حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذا المسار قطع أشواطاً.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا أجرى ترمب وبوتين 3 مكالمات هاتفية منذ يناير 2025 (أ.ف.ب) play-circle

موسكو تبلور مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها

تبلور موسكو مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها، فيما يزور بوتين كورسك، وهناك مؤشرات على ضغط عسكري يواكب المفاوضات.

رائد جبر (موسكو)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (يسار) ونظيره الأرميني أرارات ميرزويان خلال مؤتمر صحافي يوم 21 مايو 2025 (د.ب.أ)

لافروف: حرب أوكرانيا تؤخّر تسليم الأسلحة لأرمينيا

تجد موسكو صعوبة في تزويد حليفتها التقليدية يريفان بالأسلحة بسبب حرب أوكرانيا، بحسب ما أفاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في القصر الكبير بالكرملين 10 مايو 2025 (رويترز)

الكرملين: يتم العمل على مذكرة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا بشكل سري

أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأربعاء، أن معظم العمل على مذكرة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا «يتم بشكل سري، ولا ينبغي أن يكون مفتوحاً للجمهور».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا عناصر شرطة يعملون بالقرب من جثة النائب الأوكراني السابق أندريه بورتنوف بعد أن قُتل بالرصاص أمام مدرسة أطفاله في بوسويلو دي ألاركون بالقرب من مدريد (أ.ف.ب) play-circle 00:33

مقتل مسؤول أوكراني سابق مقرّب من روسيا بإطلاق نار قرب مدريد

قُتل أندريه بورتنوف، النائب والمساعد السابق لكبير موظفي الرئاسة الأوكرانية في عهد فيكتور يانوكوفيتش المقرب من روسيا، بإطلاق نار عليه.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

روسيا تبلور خطة لوقف النار في أوكرانيا وسط تكتم


زار بوتين منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها (أ.ب)
زار بوتين منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها (أ.ب)
TT

روسيا تبلور خطة لوقف النار في أوكرانيا وسط تكتم


زار بوتين منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها (أ.ب)
زار بوتين منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها (أ.ب)

أعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس (الأربعاء)، أن بلاده بدأت إعداد مذكرة تفاهم حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذا المسار قطع أشواطاً خلال اليومين الماضيين وأن المشروع «يتقدم بشكل ديناميكي».

ورد بيسكوف، أمس، على اتهامات أوكرانية وأوروبية لروسيا بمحاولة المماطلة وكسب الوقت، مؤكداً التزام بلاده العمل بسرعة لإنجاز المذكرة، ومضيفاً: «لا أحد يرغب في تأخير العملية. الجميع يعمل بنشاط وحيوية».

لكن اللافت، أن الناطق الرئاسي تحدث عن إحاطة العمل الجاري لإعداد المذكرة بتكتم. وأوضح أنه «يتم تنفيذ معظم العمل بموجب المذكرة بطريقة سرية وينبغي ألا تكون علنية».

وكشف عن أنه فضلاً عن مذكرة التفاهم على الهدنة، سيتم وضع لائحة منفصلة بالشروط التي يطرحها الطرفان لوقف إطلاق النار.

في غضون ذلك، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها الشهر الماضي. والتقى حاكمها بالإنابة ألكسندر خينشتين وممثلي منظمات تطوعية. وأعلن بوتين عن خطط لإعادة الإعمار في المنطقة، كما محطة الطاقة النووية «كورسك-2» بالقرب من المدينة.