إصلاح تاريخي... الاتحاد الأوروبي يُقرّ نهائياً ميثاق الهجرة واللجوء

آلاف المهاجرين يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب لأوروبا بواسطة قوارب الموت (أرشيفية - أ.ب)
آلاف المهاجرين يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب لأوروبا بواسطة قوارب الموت (أرشيفية - أ.ب)
TT

إصلاح تاريخي... الاتحاد الأوروبي يُقرّ نهائياً ميثاق الهجرة واللجوء

آلاف المهاجرين يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب لأوروبا بواسطة قوارب الموت (أرشيفية - أ.ب)
آلاف المهاجرين يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب لأوروبا بواسطة قوارب الموت (أرشيفية - أ.ب)

قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، التي يُتوقع أن تشهد صعوداً لأحزاب اليمين المتطرّف، أعطى الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، الضوء الأخضر النهائي لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء، وذلك بعد نحو عقد من الجدل حولها.

ومع عبور الحزمة التشريعية الضخمة خط النهاية، تسعى بعض الدول إلى بذل مزيد من الجهود لتشديد سياسات الكتلة الأوروبية وإرسال المزيد من الوافدين إلى دول ثالثة تعالج طلباتهم، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وصوّتت المجر وبولندا ضد التشريعات كلها، وقد أُقرّت بأغلبية مؤهلة (55 بالمائة من الدول الأعضاء التي تمثّل 65 بالمائة على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي)، فيما صوّتت النمسا وسلوفاكيا ضدّ بعض هذه القوانين.

وتشريعات الهجرة واللجوء هذه هي ثمرة سنوات من المفاوضات الشاقّة بدأت بسبب التدفق الهائل للمهاجرين غير النظاميين من سوريا وأفغانستان في عام 2015 إلى أوروبا.

وأثارت القوانين الجديدة انتقادات من جانب الجمعيات المعنيّة بحقوق المهاجرين، كما من بعض الحكومات القومية، التي عدتها «ضعيفة».

وتُشدّد هذه الحزمة الإجراءات عند حدود الاتحاد الأوروبي، وتُجبر كل الدول الأعضاء على تقاسم مسؤولية الوافدين إليها.

وبذل مؤيدو الحزمة جهوداً حثيثةً للدفع من أجل الموافقة عليها قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في يونيو (حزيران)، وذلك خشية أن يُنتخب برلمان أكثر يمينية يدفن حزمة الإصلاحات.

ومن المتوقع أن تدخل الإجراءات حيز التنفيذ في عام 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها.

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (أرشيفية - رويترز)

بموجب التشريعات الجديدة، ستحتجز مراكز حدودية مستحدثة المهاجرين غير النظاميين أثناء درس طلبات لجوئهم، على أن تُسرّع كذلك عمليات ترحيل المرفوضين من دخول الاتحاد الأوروبي.

وتُلزم الحزمة دول التكتّل باستقبال آلاف طالبي اللجوء من دول «الخطوط الأمامية» مثل إيطاليا واليونان، أو - في حال رفضها ذلك - بتقديم الأموال وموارد أخرى للدول التي تتعرض لضغوط جراء استقبال اللاجئين.

وانتقد رئيس الحكومة المجرية، فيكتور أوربان، النظام التشريعي الجديد الذي يتطلّب تمريره أغلبية مرجحة من دول الاتحاد الأوروبي.

ولأسباب مختلفة تماماً، انتقدت منظمات حقوق المهاجرين الإصلاحات. وعدّت منظمة العفو الدولية أنها «ستؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية».

«عدة أسئلة»

تزامناً مع توقيع الإصلاحات الجديدة، يكثّف الاتحاد الأوروبي استخدامه لصفقاته مع دول العبور والمنشأ، التي تهدف إلى الحدّ من عدد الوافدين، بحيث أبرم في الأشهر الأخيرة اتفاقات مع تونس وموريتانيا ومصر.

وأبرمت إيطاليا على انفراد اتفاقاً مع ألبانيا لإرسال المهاجرين الذين تنقذهم روما في المياه الإيطالية إلى ألبانيا حتى معالجة طلبات لجوئهم.

علاوة على ذلك، تستعد مجموعة من الدول، على رأسها الدنمارك وجمهورية تشيكيا، لإرسال رسالة للضغط من أجل نقل مهاجرين يتم إنقاذهم في البحر إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي.

وستكون هذه المقترحات من حصة السلطة التنفيذية المقبلة للاتحاد الأوروبي، التي ستتولى مهامها بعد الانتخابات الأوروبية.

لكن لا تزال هناك «عدة أسئلة» حول كيفية نجاح هكذا مبادرات، حسب الخبيرة لدى «معهد سياسات الهجرة في أوروبا» كامي لو كوز. وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي، يمكن إرسال المهاجرين إلى دولة خارج الكتلة، حيث يمكنهم تقديم طلب اللجوء شرط أن تكون لديهم صلة كافية بتلك الدولة.

ولا ينطبق ذلك حتى الآن على اتفاقات مثل التي أبرمتها المملكة المتحدة مع رواندا لإرسال الوافدين إلى الدولة الأفريقية.

وأكّدت لو كوز الحاجة إلى «توضيح» كيفية عمل المقترحات بشأن استعانة الاتحاد الأوروبي بمصادر خارجية للتعامل مع طالبي اللجوء، بالإضافة إلى «من هي الجهات التي تعمل معها السلطات الأوروبية وأي دول ثالثة مستعدة للقبول» بالتعاون.


مقالات ذات صلة

حاكم ولاية بافاريا الألمانية يدعو لتغيير جذري في سياسة الهجرة

أوروبا ماركوس زودر رئيس حكومة ولاية بافاريا وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري المحافظ يتحدث في تجمع انتخابي في 26 أغسطس 2024 بدريسدن شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

حاكم ولاية بافاريا الألمانية يدعو لتغيير جذري في سياسة الهجرة

دعا رئيس حكومة ولاية بافاريا وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، الحكومة الألمانية الاتحادية مجدداً إلى إجراء تغيير جذري في سياسة الهجرة.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شمال افريقيا صورة من الحدود المغربية مع سبتة - إسبانيا 20 مايو 2021 (رويترز)

مئات المهاجرين يسبحون من المغرب إلى جيب سبتة الإسباني

قالت الشرطة المحلية في جيب سبتة الإسباني، إن مئات المهاجرين استغلوا كثافة الضباب وسبحوا من المغرب إلى الجيب، الأحد، وفي وقت مبكر من صباح الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا إنزال مهاجرين بميناء في غرب ليبيا بعد إنقاذهم من الغرق (إدارة أمن السواحل)

ليبيا: نشاط متزايد لـ«تجار البشر» براً وبحراً رغم «التعهدات الحكومية»

حالت السلطات الليبية دون غرق عشرات من المهاجرين غير النظاميين في «المتوسط»، كما «حررت المئات» منهم من قبضة «عصابات وتجار بشر».

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي قوات خفر السواحل اليمنية في محيط باب المندب (أرشيفية - أ.ف.ب)

قتلى ومفقودون بعد غرق قارب قبالة سواحل اليمن

قالت المنظمة الدولية للهجرة، الأحد، إن 13 شخصاً لقوا حتفهم، وإن 14 لا يزالون مفقودين بعد غرق قارب قبالة سواحل اليمن يوم الثلاثاء الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا أفراد من خدمات الطوارئ يحملون كيسًا للجثث بعد غرق قارب شراعي قبالة ساحل بورتيسيلو بالقرب من مدينة باليرمو (رويترز)

​فقدان 7 وإنقاذ 15 بعد غرق قارب قبالة سواحل إيطاليا

ذكرت وسائل إعلام إيطالية أن قارباً يبلغ طوله 50 متراً وعلى متنه 22 شخصاً غرق صباح اليوم قبالة ساحل مدينة باليرمو مما تسبب في فقدان 7 أشخاص

«الشرق الأوسط» (روما)

حزب «فرنسا الأبية» يسعى إلى تأمين دعم برلماني لعزل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

حزب «فرنسا الأبية» يسعى إلى تأمين دعم برلماني لعزل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

طلب حزب «فرنسا الأبية» اليساري، السبت، من المجموعات البرلمانية الأخرى دعم محاولته، التي يبدو أنها بعيدة المنال، لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون بسبب «إخفاقات خطيرة» في تأدية واجباته الدستورية.

ويدور خلاف بين ماكرون وحزب «فرنسا الأبية» وحلفائه من الخضر والاشتراكيين والشيوعيين؛ بسبب رفضه تسمية مرشحتهم لوسي كاستيه رئيسة للوزراء بعد الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة في يوليو (تموز).

ورغم أن تحالفهم «الجبهة الشعبية الجديدة» فاز بأكبر عدد من المقاعد، فإن النتائج لم تمنح أي كتلة الأغلبية في الجمعية الوطنية المنقسمة إلى حد كبير بين اليسار، ووسطيي ماكرون، والتجمع الوطني اليميني.

وكتب نواب «فرنسا الأبية» في مشروع قرار العزل، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «الجمعية الوطنية (المجلس الأدنى) ومجلس الشيوخ يمكنهما، ويجب عليهما الدفاع عن الديمقراطية ضد ميول الرئيس الاستبدادية».

وقالت زعيمتهم البرلمانية ماتيلد بانو إنهم أرسلوا الوثيقة إلى نواب آخرين لجمع التوقيعات. وتواجه أي محاولة لعزل إيمانويل ماكرون من خلال المادة 68 من الدستور الفرنسي عقبات كبيرة، إذ تتطلب موافقة ثلثَي أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مجتمعين.

ويقول حزب «فرنسا الأبية» إن الأمر لا يعود إلى الرئيس «لإجراء مقايضات سياسية»، مشيراً إلى جهود ماكرون منذ يوليو للعثور على رئيس وزراء يحظى بإجماع.

لكن العديد من الخبراء الدستوريين يرون أن دستور الجمهورية الخامسة الذي أقر عام 1958 وكتب على افتراض أن النظام الانتخابي سينتج أغلبية واضحة، غامض بشأن المسار الذي يجب اتخاذه في حال تعطل العمل البرلماني.

وبرر ماكرون رفضه تسمية كاستيه رئيسة للوزراء بقوله إنه من واجبه ضمان «الاستقرار المؤسسي».