بين روسيا وأوكرانيا... حرب المسيّرات على نطاق غير مسبوق

طائرة قتالية من دون طيار من طراز «بيرقدار» (Bayraktar TB2) من النوع الذي تستخدمه القوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي خلال استعراض في مهرجان «تكنوفست» للفضاء والتكنولوجيا في باكو عاصمة أذربيجان في 27 مايو 2022 (رويترز)
طائرة قتالية من دون طيار من طراز «بيرقدار» (Bayraktar TB2) من النوع الذي تستخدمه القوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي خلال استعراض في مهرجان «تكنوفست» للفضاء والتكنولوجيا في باكو عاصمة أذربيجان في 27 مايو 2022 (رويترز)
TT

بين روسيا وأوكرانيا... حرب المسيّرات على نطاق غير مسبوق

طائرة قتالية من دون طيار من طراز «بيرقدار» (Bayraktar TB2) من النوع الذي تستخدمه القوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي خلال استعراض في مهرجان «تكنوفست» للفضاء والتكنولوجيا في باكو عاصمة أذربيجان في 27 مايو 2022 (رويترز)
طائرة قتالية من دون طيار من طراز «بيرقدار» (Bayraktar TB2) من النوع الذي تستخدمه القوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي خلال استعراض في مهرجان «تكنوفست» للفضاء والتكنولوجيا في باكو عاصمة أذربيجان في 27 مايو 2022 (رويترز)

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، استخدمت قوات كييف وموسكو عدة مئات من الطائرات المسيرة كل يوم. ورجح مركز أبحاث بريطاني أن الأوكرانيين يفقدون نحو 10 آلاف طائرة من دون طيار شهرياً في ساحة المعركة، وفق تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية.

وأشارت «لوموند» إلى أنه وفق تقرير نشره في 19 مايو (أيار) «المعهد الملكي للخدمات المتحدة» (RUSI)، وهو مركز أبحاث بريطاني متخصص في قضايا الدفاع، يخسر الأوكرانيون حالياً 10 آلاف طائرة من دون طيار شهريا، أي أكثر من 300 طائرة في اليوم، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ النزاعات العسكرية الحديثة.

وظهرت الطائرات المسيّرة في السنوات الأخيرة في نزاعات مختلفة، لا سيما في ناغورني قره باغ (2020) وسوريا (منذ 2011)، واتخذت بعداً جديداً منذ بدء الحرب في أوكرانيا، التي أطلقتها روسيا في 24 فبراير 2022، فأصبحت المسيرات سلاحاً أساسياً للطرفين المتحاربين.

وأكد الهجوم المضاد الذي شنته قوات كييف في 4 يونيو (حزيران) أهمية المسيرات، مع عدد لا يحصى من الطائرات من دون طيار، التي يستخدمها الجانبان الروسي والأوكراني لتنفيذ عمليات استطلاع، لكن أيضاً لدعم القوات البرية أو ضرب عتاد العدو.

وبينما تميزت بداية الصراع بوجود طائرات من دون طيار تكتيكية واسعة النطاق، مثل «بيرقدار» (Bayraktar TB2) التركية، استخدمتها قوات كييف لمهاجمة المدرعات الروسية، فإن المسيرات الأكثر استخداماً في الأجواء الأوكرانية اليوم هي طائرات من دون طيار أصغر حجماً، غالباً كانت مصممة للاستخدام المدني.

وفي حين أنها أقل عدداً، لكنها حاضرة كثيراً في مقاطع الفيديو التي يتم بثها على الشبكات الاجتماعية، تلعب الطائرات المسيرة «الانتحارية» دورا مهما كذلك في الصراع. يتم إطلاق هذه الطائرات من دون طيار، المجهزة بشحنة متفجرة، فوق خط المواجهة دون هدف محدد مسبقاً. وأثناء الطيران، يتم اكتشاف الهدف واستهدافه.

وقد أصبحت الطائرات من دون طيار أيضاً، منذ فصل الشتاء الماضي، مستخدمة بشكل أساسي من الروس لضرب المدن الأوكرانية الواقعة على مسافات بعيدة. ففي مايو وحده، استخدمت موسكو نحو 300 طائرة من دون طيار إيرانية من طراز «شاهد» موجهة بنظام تحديد المواقع (GPS) ومحملة بنحو 30 كيلوغراماً من المتفجرات (لكل مسيرة)، لتدمير البنية التحتية الأوكرانية وإرهاب السكان المدنيين، وفقاً لوزارة الدفاع البريطانية.

وتمكن الجيش الأوكراني المجهز بمعدات دفاعية مضادة للطائرات من أصل سوفياتي، لكن أيضاً بمعدات غربية، بما في ذلك بطاريات «باتريوت» الأميركية وبطاريات IRIS-T الألمانية، من اعتراض معظم هذه المسيرات. ويقول الأوكرانيون إنهم دمروا نحو 800 من أصل 900 طائرة مسيرة من طراز «شاهد» أطلقت ضدهم منذ بداية الحرب، بمعدل اعتراض يزيد على 80 في المائة.

ورغم معاناة روسيا بسبب العقوبات الغربية التي تحد من إمداداتها من المكونات الإلكترونية، فإن موسكو شرعت أيضا في دعم مجهودها الحربي في مجال صناعة المسيرات. ووفقاً لأجهزة المخابرات الأميركية، ستبدأ موسكو على سبيل المثال بناء مصنع في المنطقة الاقتصادية الخاصة في ألابوغا، الواقعة على مسافة 900 كيلومتر شرق العاصمة الروسية، لتصنيع طائرات من دون طيار انتحارية وفق التصميم الإيراني، مثل «شاهد 136». و«من المتوقع أن يعمل المصنع بطاقته الكاملة أوائل العام المقبل».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
TT

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا ليل السبت - الأحد فوق كثير من المناطق.

وقال الكرملين في بيان إنه يتعين على روسيا أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا. وأضاف أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل زائد مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا. وذكّر الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي من القيود المفروضة على العقيدة النووية ليصبح من الممكن عدّ أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجوماً مشتركاً على روسيا.

«أضرار بالغة خلال دقائق»

وفي وقت لاحق، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن ميدفيديف قوله: «صاروخ أوريشنيك الروسي يمكنه إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق»، داعياً أوروبا إلى التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا. وأضاف ميدفيديف، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»: «تتساءل أوروبا عن الضرر الذي يمكن أن يسببه نظام (أوريشنيك) إذا كان مزوداً برؤوس نووية، وما إذا كان من الممكن إسقاط هذه الصواريخ ومدى سرعة وصولها إلى عواصم العالم القديم»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال ميدفيديف إن «الضرر سيكون بالغاً، ومن المستحيل إسقاط الصاروخ بالوسائل الحديثة، نحن نتحدث عن دقائق»، مشيراً إلى أن «الملاجئ لن تساعد في شيء، وأن الأمل الوحيد هو أن تقدم روسيا على إصدار تحذير مسبق قبل عمليات الإطلاق... ولذلك من الأفضل للعواصم الغربية التوقف عن دعم الحرب في أوكرانيا». وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف قد أكد أن المواجهة الحالية يتم إشعالها من قبل الدول الغربية، مشيراً إلى أن المرسوم الخاص بتحديث العقيدة النووية لروسيا يمكن عدّه إشارة للغرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر دولي في كييف السبت (د.ب.أ)

هجوم بـ73 مسيّرة

بدوره، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده بحاجة إلى تعزيز دفاعاتها الجوية لحماية المدنيين بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية فوق كثير من المناطق. وأضاف عبر تطبيق «تلغرام» أنه «تم إطلاق إنذارات من هجمات جوية بشكل يومي تقريباً في أنحاء أوكرانيا هذا الأسبوع». وتابع قائلاً إن روسيا استخدمت خلال الأسبوع الماضي أكثر من 800 قنبلة جوية موجهة ونحو 460 طائرة مسيّرة هجومية، وما يزيد على 20 صاروخاً من أنواع مختلفة. وذكر أن «أوكرانيا ليست أرضاً لتجربة الأسلحة فيها. أوكرانيا دولة ذات سيادة ومستقلة. لكن روسيا لا تزال تواصل مساعيها لقتل شعبنا ونشر الخوف والذعر وإضعافنا».

«إقالة» قائد عسكري روسي

في سياق متصل، قال مدونون موالون لروسيا ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إقصاء القادة غير الأكفاء. ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر لم تحددها قولها إن الكولونيل جنرال جينادي أناشكين قائد الجيش في المنطقة الجنوبية أقيل من منصبه. لكن لم يصدر بعد تأكيد رسمي.

واشتكى مدونون روس معنيون بالحرب منذ فترة طويلة من طريقة قيادة العمليات حول سيفيرسك، إذ قالوا إن الوحدات الروسية هناك يزج بها في معارك طاحنة دون دعم مناسب، مقابل ما بدا أنها مكاسب تكتيكية ضئيلة. وقال ريبار، وهو مدون مؤيد لروسيا يحظى باحترام: «فقط الكسالى لم يكتبوا عن المشاكل هناك... بشكل عام، استغرق الأمر من النظام نحو شهرين حتى يستجيب للأمر بالشكل المناسب». وأضاف ريبار: «أقيل أناشكين من منصبه بسبب تقارير كاذبة عن جبهة سيفيرسك»، مستخدماً الاسم الذي تطلقه روسيا على المنطقة، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز».

ونقلت صحيفة «آر بي سي» عن مصدر لم تذكر اسمه في وزارة الدفاع قوله إن أناشكين نُقل ضمن عمليات «تغيير مناصب مخططة» للقادة. وفي تقاريره عن تغيير القيادات، نقل المدون الحربي البارز المؤيد لروسيا يوري بودولياكا عن وزير الدفاع بيلوسوف قوله: «يمكن أن ترتكب الأخطاء لكن الكذب مرفوض».

وقبل حلول فصل الشتاء، تقدمت القوات الروسية بأسرع وتيرة في أوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022، رغم أن التقدم جاء أبطأ بكثير في بعض المناطق، خصوصاً حول سيفيرسك في منطقة دونيتسك في الشرق. وإذا تمكنت روسيا من السيطرة على منطقة سيفيرسك، فيمكنها بعد ذلك التقدم نحو كراماتورسك وهي مدينة رئيسة في المنطقة.