جهود غربية لتحسين العلاقات مع النيجر بعد انسحاب فرنسا

وسط مخاوف من ازدياد النفوذ الروسي

آخر مجموعة من الجنود الفرنسيين يغادرون نيامي في 22 ديسمبر (رويترز)
آخر مجموعة من الجنود الفرنسيين يغادرون نيامي في 22 ديسمبر (رويترز)
TT

جهود غربية لتحسين العلاقات مع النيجر بعد انسحاب فرنسا

آخر مجموعة من الجنود الفرنسيين يغادرون نيامي في 22 ديسمبر (رويترز)
آخر مجموعة من الجنود الفرنسيين يغادرون نيامي في 22 ديسمبر (رويترز)

يستأنف الشركاء الدوليون الواحد تلو الآخر الاتصالات مع السلطات العسكرية التي تتولى حكم النيجر في أعقاب الانقلاب، آملين في سدّ الفراغ الذي تركته فرنسا بعد انسحاب آخر جنودها، الجمعة، من هذا البلد الواقع في منطقة الساحل الأفريقي، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وكانت الأسرة الدولية، بما فيها الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا، قد أدانت الانقلاب الذي أطاح في 26 يوليو (تموز) بالرئيس المنتخب محمد بازوم. وعلّقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا تعاونها العسكري ودعمها المالي للنيجر، بينما فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عقوبات اقتصادية قاسية على نيامي بانتظار إعادة النظام الدستوري.

الخروج من العزلة

وبعد 4 أشهر، ما زال الرئيس محمد بازوم محتجزاً في القصر الرئاسي، بينما لم يعلن العسكريون رسمياً أي تفاصيل عن المرحلة الانتقالية. لكن مجموعة غرب أفريقيا مهّدت الطريق لتخفيف العقوبات، شرط أن تكون الفترة الانتقالية «قصيرة» قبل عودة المدنيين إلى السلطة. بالتزامن، يخرج النظام تدريجياً من العزلة الدبلوماسية. وقال الرئيس البنيني باتريس تالون، الخميس، إنه يريد «إعادة العلاقات بسرعة» بين النيجر وبنين. بينما أعطت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين، الضوء الأخضر لطلب اعتماد سفير قدمه جنرالات نيامي.

أنصار النظام العسكري في النيجر يتظاهرون ضد الوجود الغربي في 3 أغسطس (أ.ب)

وبعد رحيل فرنسا التي دُفعت إلى الخروج، تريد الدول الغربية الأخرى الحفاظ على موطئ قدم لها في النيجر، خصوصاً لمواجهة النفوذ الروسي في المنطقة. وكانت الولايات المتحدة، التي تمتلك قاعدة جوية في شمال البلاد، أول من خفف موقفه. وأعلنت، الأربعاء، استعدادها لاستئناف تعاونها مع النيجر، شرط أن يتعهد النظام العسكري بفترة انتقالية قصيرة. أما الدول الأوروبية، فقد بدأت من جهتها النأي بنفسها عن فرنسا التي أغلقت سفارتها وما زالت على موقفها الصارم رافضة الاعتراف بشرعية السلطات العسكرية.

تباين أوروبي

وأكد وزير الدفاع الألماني الذي يزور نيامي، بوريس بيستوريوس، أن ألمانيا «مهتمة باستئناف مشاريع» في النيجر في إطار التعاون العسكري. وقال دبلوماسي أوروبي: «نحاول فهم النهج الفرنسي بعد حادثة هذا الصيف. فرنسا تفك ارتباطها بمنطقة الساحل، لكن وراء ذلك، يجب أن نكون قادرين على إيجاد أرضية مشتركة، نهج أوروبي تجاه هذه المنطقة، لا أن يتحدث كل طرف عن نفسه فقط».

ورأى دبلوماسي غربي آخر أن الاتحاد الأوروبي يواجه «موقفا لا يحتمل»، بينما تبدو الدول الأعضاء غير مستعجلة للاتفاق على موقف مشترك. وأضاف هذا الدبلوماسي: «بين الدول السبع الأعضاء التي كانت موجودة في النيجر، ترغب 6 دول (باستثناء فرنسا) في العودة بأي ثمن»، في مواجهة العسكريين النيجريين الذين «أتقنوا لعبتهم»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

جنود فرنسيون يغادرون نيامي في 22 ديسمبر (رويترز)

وعزّزت السلطات النيجرية ضغوطها على الدول الأعضاء، منهية مهمتين أمنيتين ودفاعيتين للاتحاد الأوروبي في البلاد، وألغت قانوناً يجرم نقل المهاجرين ويبعد ضغوط الهجرة عن حدود مجال شنغن. وقال فهيرامان رودريغ كونيه، المتخصص بمنطقة الساحل في معهد الدراسات الأمنية: «يجب ألا ننظر إلى علامات الانفتاح هذه على أنها استسلام للسلطات العسكرية، بل نوع من البراغماتية التي تتأكد في مواجهة المبادئ العقائدية للدبلوماسية على النمط الغربي، في إطار إعادة تشكيل التحالفات الاستراتيجية في منطقة الساحل». وأضاف: «نظراً لطبيعة الخلافات مع الحليف الفرنسي الذي يضطاع بدور مهم في الدبلوماسية الأوروبية، يمكن أن تتبع السلطات النيجرية استراتيجية تطوير التعاون الثنائي مع بعض الجهات الأوروبية الفاعلة».

دور محتمل لروسيا

رأى دبلوماسي إيطالي أن هؤلاء الشركاء الأوروبيين يجدون أنفسهم «في مواجهة معضلة». وأضاف: «مسؤوليتنا هي ألا نغادر، لأن الفراغ سيملأه الروس فوراً». وفي بداية ديسمبر (كانون الأول)، وصل وفد روسي إلى نيامي لتعزيز التعاون العسكري. وموسكو في الواقع هي الحليف المفضل للنظامين العسكريين في مالي وبوركينا فاسو، وهما الدولتان اللتان شكلتا تحالفاً مع النيجر في سبتمبر (أيلول) الماضي وتفكران في إنشاء اتحاد كونفدرالي. لكن خارج إطار المجال الأمني، «لن يتمكن الحليف الروسي من مواجهة كل التحديات»، كما يعتقد فاهيرامان رودريغ كوني. ويمكن أن يسمح استئناف محتمل للدعم الأوروبي للميزانية ومساعدات التنمية بالتخفيف من أعباء نظام نيامي، الذي أعلن عن خفض ميزانيته الوطنية بنسبة 40 في المائة. لكن يمكن للنيجر أيضاً الاعتماد على أرباح مشروع خط أنابيب النفط، الذي تم تنفيذه بالتعاون مع الصين ومن المقرر افتتاحه في يناير (كانون الثاني). وسيسمح للبلاد بتصدير نفطها الخام للمرة الأولى بكمية تبلغ نحو 90 ألف برميل يومياً نحو بنين.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناصر من القوات التركية تتولى تدريب قوات ليبية (وزارة الدفاع التركية)

​تقارير أممية تكشف عن تورط تركيا في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتجنيد آلاف المرتزقة السوريين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

القصف يدلّ على تصاعد التوتر منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو إلغاء «اتفاق السلام»، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
خاص معمّر القذافي (رويترز)

خاص «تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.