مؤتمر مناخي بكينيا يبحث كيفية تحويل أفريقيا لمعقل ثورة «الطاقة الخضراء»

ينعقد الأسبوع المقبل ضمن سلسلة اجتماعات قبل «كوب 28»

رجل يحرس توربينات في محطة طاقة الرياح في بحيرة توركانا في السادس من أغسطس 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)
رجل يحرس توربينات في محطة طاقة الرياح في بحيرة توركانا في السادس من أغسطس 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مؤتمر مناخي بكينيا يبحث كيفية تحويل أفريقيا لمعقل ثورة «الطاقة الخضراء»

رجل يحرس توربينات في محطة طاقة الرياح في بحيرة توركانا في السادس من أغسطس 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)
رجل يحرس توربينات في محطة طاقة الرياح في بحيرة توركانا في السادس من أغسطس 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)

تستضيف كينيا الأسبوع المقبل مؤتمراً مناخياً مهماً يهدف إلى إظهار أفريقيا قوةً محتملة في مجال الطاقة الخضراء، في أول سلسلة من اجتماعات كبيرة في هذا الصدد قبل نحو ثلاثة أشهر من انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 28)، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

مع ابتعاد العالم عن هدفه المتمثل في خفض انبعاثات الكربون وتعرّض مناطق عدة في العالم لظواهر مناخية عنيفة، ستهيمن رؤى متضاربة بشأن الطاقة على مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 28) الذي تستضيفه الإمارات اعتباراً من نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

قال الرئيس الكيني وليام روتو إنه يريد أن يساهم المؤتمر المناخي الأفريقي الأول، الذي تستضيفه نيروبي من الاثنين حتى الأربعاء، في «تقديم حلول أفريقية».

والهدف يتمثل في تحويل القارة إلى معقل الثورة العالمية في مجال الطاقة الخضراء، لكن تحقيق ذلك يستوجب تدفق تمويل ومساعدة لتغطية عبء ديونها.

وتقول نائبة المدير التنفيذي في المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي مافيس أووسو-غيامفي، إن روتو وقادة أفارقة آخرين يسعون إلى إظهار أن «أفريقيا ليست ضحية، بل لاعب حاسم في حلّ أزمة المناخ العالمية».

وتشتهر أفريقيا، التي يسكن فيها نحو 1.2 مليار شخص موزّعين في 54 بلداً، بتنوّعها السياسي والاقتصادي.

ورغم ذلك، ركّز القادة الأفارقة على مجموعة من الأولويات المناخية، من تخفيف الديون والتنمية المنخفضة الكربون إلى إصلاح الهيكلية المالية العالمية، وفق أووسو-غيامفي.

ويأمل القادة بتوليد زخم لسلسلة من الاجتماعات الدولية المهمة التي تسبق انعقاد مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 28).

وتشمل هذه الاجتماعات محادثات بين دول «مجموعة العشرين» في الهند وانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة والاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مراكش.

وتشير أووسو-غيامفي إلى أنه في حال اتحدت أفريقيا حول مسألة ما، «يستحيل أن يتجاهل بقية العالم ذلك».

الطاقة الخضراء

يُتوقّع أن يشارك في مؤتمر نيروبي عدد من رؤساء دول أفريقية، بالإضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وقادة آخرين.

تسلّط مسوّدة للبيان الختامي اطّلعت عليها «الوكالة الفرنسية» الضوء على الإمكانات الهائلة للطاقة المتجددة في أفريقيا، وعلى القوى العاملة الشابة والثروات الطبيعية.

وتضمّ هذه الثروات الطبيعية 40 في المائة من الاحتياطات العالمية من الكوبالت والمنغنيز والبلاتين الضرورية للبطاريات وخلايا الوقود الهيدروجينية.

ويعد مدير معهد «باور شيفت أفريكا» للدراسات محمد عدو، أن مؤتمر نيروبي يشكل فرصة لتحويل القارة الأفريقية إلى مكان للتصنيع بدلاً من الاستخراج، ولتجاوز المنافسات بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «مثلما كنّا قادرين على تجاوز حقبة خطوط الهاتف الثابتة، يمكننا أن نتجاوز بشكل فعال في هذه القارة - إذا اتّحدت واستغلت هذه اللحظة المحورية التي نعيشها - الطاقة القذرة، وأن نصبح قادة طاقة خضراء».

وتشمل مسوّدة الإعلان التزاماً مؤقتاً بزيادة إمكانات الطاقة المتجددة ثلاث مرات في جميع أنحاء القارة من 20 في المائة في عام 2019 إلى 60 في المائة في عام 2030.

وتقدّمت كينيا على جاراتها، متعهّدة أن تشكّل مصادر الطاقة المتجددة لديها 100 في المائة من مزيج الكهرباء على أراضيها بحلول عام 2030، لكن التحديات كثيرة بالنسبة لقارة تُعدّ من الأكثر تأثراً بالتغير المناخي وحيث يعجز مئات الملايين عن الوصول إلى الكهرباء.

ورغم أنها تضم 60 في المائة من أفضل موارد الطاقة الشمسية في العالم، تملك أفريقيا القدر نفسه تقريباً من القدرات المركّبة في بلجيكا، حسبما ورد في تحليل نشره الشهر الماضي ويليام روتو والمدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول.

«تحول مشهدي»

رحّب الخبير في المناخ والتجارة لدى معهد «إي 3 جي» للدراسات شارا تسفايي تيرفاسا بـ«تحول المشهد» بشأن التنمية الأفريقية، لكنه شدّد على ضرورة عدم الاستهانة بافتقار القارة إلى النفوذ السياسي وضعف إمكاناتها المالية.

وعاد التذكير بعدم الاستقرار الأمني في أفريقيا ليظهر هذا الأسبوع مع انقلاب عسكري في الغابون حدث بعد أكثر من شهر على انقلاب في النيجر.

ولا يزال العالم بعيداً من مسار اتفاق باريس الهادف إلى الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقلّ من درجتين مئويتين، وإذا أمكن 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.

ولتحقيق هدف التحول إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية، يجب أن تزيد الاستثمارات ثماني مرات وترتفع إلى تريليوني دولار سنوياً خلال عقد، وفق الوكالة الدولية للطاقة. غير أن 3 في المائة فقط من استثمارات الطاقة العالمية حالياً تسجل في أفريقيا.

على الصعيد العالمي، لم تفِ الدول الغنية بعدُ بتعهدها تقديم 100 مليار دولار سنوياً من التمويل المناخي للدول الفقيرة بحلول عام 2020، ما يؤدي إلى تأكّل الثقة بأن الدول الملوِّثة ستساعد الدول الضعيفة التي هي أقلّ مسؤولية عن ظاهرة الاحتباس الحراري، على مواجهات التحديات الناجمة عن التغير المناخي.

في ظلّ ذلك، تزداد ديون الدول الأفريقية. ويشير البنك الدولي إلى أن ثماني من الدول التسع الغارقة في مديونية حرجة في مارس (آذار) كانت دولاً أفريقية.


مقالات ذات صلة

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.