لماذا يعد التدخل العسكري في النيجر عملية صعبة ومحفوفة بالمخاطر؟

متظاهرون مؤدون للانقلاب أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي 11 أغسطس 2023 (رويترز)
متظاهرون مؤدون للانقلاب أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي 11 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

لماذا يعد التدخل العسكري في النيجر عملية صعبة ومحفوفة بالمخاطر؟

متظاهرون مؤدون للانقلاب أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي 11 أغسطس 2023 (رويترز)
متظاهرون مؤدون للانقلاب أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي 11 أغسطس 2023 (رويترز)

إن كانت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أعطت الأولوية للحوار بحثاً عن حل في النيجر، فهي أعطت في المقابل ضوأها الأخضر لتدخل عسكري ضد الانقلابيين الذين استولوا على السلطة في نيامي من خلال تفعيلها «قوة الاحتياط».

غير أن الخبراء يشككون في إمكانية شن عملية عسكرية يصفونها بأنها عالية المخاطر ويصعب تنفيذها.

صعوبة تعبئة قوة تدخل

تكلف «إيكواس»، «قوة الاحتياط»، مهمات على ارتباط بحفظ السلام، وسبق أن نشرتها في سيراليون وليبيريا وغينيا بيساو وغامبيا.

لكن مارك أندريه بوافير، الباحث والمستشار حول منطقة الساحل بمركز «فرنكوبيه» (FrancoPaix) في مونتريال، أوضح أن المنظمة الإقليمية «لم تتوافق يوماً على نوع المهام المحددة التي ينبغي أن تضطلع بها هذه القوات».

وقال إن تشكيل مثل هذه القوة «يتوقف على إرادة المساهمين» فيها، الأمر الذي «يتطلب كثيراً من المفاوضات بين الدول»، لافتاً إلى أن «هناك كثيراً من الريبة بين بلدان (إيكواس)».

وأبدت السنغال وبنين ونيجيريا وساحل العاج استعدادها لإرسال قوات، لكنها تواجه انتقادات داخلية كما تصطدم بتردد دول أخرى من غرب أفريقيا.

ورأى إيلي تيننباوم من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن «قوة الاحتياط الأفريقية في جوهرها لم تصمم لإعادة الانتظام الدستوري في بلد شهد انقلاباً... الدول الأفريقية في غالب الأحيان شديدة الحرص على سيادتها، لا سيما في مسائل الأمن والدفاع».

كما أنه «من الصعب فصل قوات من هذه الجيوش التي تعدّ هشّة وتفتقر إلى الوسائل»، على حد وصفه.

توازن قوى لصالح نيامي

وحدها دولة ساحل العاج أوضحت حتى الآن عديد القوات التي يمكنها إرسالها لمثل هذا التدخل، وهو ألف عسكري.

وعدّ الجنرال السنغالي منصور سيك أنه «يجب تعبئة من 3 إلى 4 آلاف جندي لعملية كهذه».

وبحسب ما أعلن الرئيس النيجري المخلوع محمد بازوم عام 2022، فإن عديد الجيش النيجري يقارب 30 ألف عنصر، بينهم نحو 11 ألفاً منتشرون في ساحة القتال.

من جهة أخرى، حذرت مالي وبوركينا فاسو «إيكواس» من أن أيّ تدخل في النيجر سيكون بمثابة «إعلان حرب». لكن قدرة قواتهما على مساندة العسكريين الانقلابيين في نيامي تبقى موضع شكّ، في وقت يواجه فيه جيشا البلدين داخلياً مجموعات متطرفة مسلحة.

عملية عسكرية محفوفة بالمخاطر

يتفق جميع الخبراء على صعوبة تنفيذ مثل هذه العملية العسكرية في النيجر أو في عاصمتها.

ففي حال شنّ هجوم بري، ستضطرّ قوات دول غرب أفريقيا لعبور مئات الكيلومترات من الأراضي المعادية. كما تحيط شكوك مماثلة بإمكانية شن عملية جوية على القصر الرئاسي، حيث يحتجز الرئيس المخلوع.

وفي حال شن هجوم على القصر الرئاسي، يشير المحللون إلى أن مطار نيامي ستكون له أهمية استراتيجية لنشر قوات محمولة جوياً.

وأكد المحلل والعسكري النيجري السابق أمادو باونتي ديالو، أن رؤساء أركان دول «إيكواس»، «يريدون السيطرة على مطار نيامي وقصف القصر الرئاسي، لكنّ لدينا دفاعاً جوياً حديثاً قادراً على إسقاط طائراتهم».

عناصر من قوات الأمن في النيجر يقفون خلال مظاهرة مؤيدة للانقلاب العسكري أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي 11 أغسطس 2023 (رويترز)

ولفت الجنرال سيك إلى أنه «من السهل على الانقلابيين السيطرة على مدرج الهبوط، يكفي أن يحشدوا عليه آلاف الشبان»، ولن يتمكن الطيارون من إطلاق النار عليهم من أجل تحريره. وأضاف: «لن تكون هذه عملية عسكرية بسيطة... ومن المخاطر المطروحة أن يطول أمد النزاع، وهذا يتوقف أيضاً على تصميم الناس محلياً».

وسيشكل الحرس الجمهوري الذي تصدر الانقلاب وعديده 700 عنصر، محور أي مقاومة، غير أن استعداد الوحدات الأخرى في الجيش النيجري للقتال في حال حصول تدخل يبقى موضع جدل.

ورأى مستشار للرئيس المخلوع أن هذه الوحدات انضمت إلى الانقلاب «لتفادي حمام دم، هي لا تريد الوصول إلى حالة حرب. وما إن تتحقق (هذه الفرضية) سترون وحدات كثيرة تنأى بنفسها».

في المقابل، يؤكد مصدر أمني نيجري أن «الجنود النيجريين لن يهربوا... التدخل سوف يوحد صفوفهم».

عواقب غير محسوبة

لا يمكن التكهن بعواقب تدخل في نيامي قد يتسبب بوقوع ضحايا مدنيين.

ويبدي كثير من أنصار الانقلابيين الذين يتظاهرون بانتظام في العاصمة استعدادهم لمساندة جيشهم.

وقال إيلي تيننباوم: «كل هذا من أجل تحرير رئيس يقول الانقلابيون إنهم سيعدمونه في حال شنت (إيكواس) عملية».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
TT

مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)

أطلق جيش النيجر عملية عسكرية واسعة لتأمين المزارعين على الضفة اليمنى من نهر النيجر، حيث يستعد هؤلاء القرويون لموسم الحصاد، في منطقة تيلابيري المحاذية للحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وهي المنطقة التي تنتشر فيها جماعات مسلحة موالية لتنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، وأخرى موالية لتنظيم «القاعدة».

وقال الجيش إنه أطلق على العملية العسكرية اسم «لاكال كاني»، ونفذ في ذلك الإطار طلعات جوية وتحركات ميدانية على الأرض، أسفرت عن القضاء على 68 إرهابياً كانوا يسعون لشن هجمات ضد المزارعين المحليين.

تعبئة مئات الجنود لحماية الحقول الزراعية في النيجر (صحافة محلية)

زراعة الخوف

تعد النيجر من أفقر بلدان العالم، ويعتمد عدد كبير من مواطنيها على الزراعة للحصول على قوتهم اليومي، خصوصاً سكان الريف البعيدين عن المدن الكبيرة، وقد استفاد هؤلاء القرويون من موسم أمطار مهم، أسفر عن فيضانات في نهر النيجر، تشكل فرصة ذهبية للزراعة في السهول القريبة منه.

ولكن الخوف من الجماعات الإرهابية التي تفرض سيطرتها على هذه المناطق، يجعل مهمة المزارعين محفوفة بالمخاطر، خصوصاً في منطقة تيلابيري التي توصف بأنها «بؤرة الإرهاب» بمنطقة الساحل، وتصنف ضمن «مثلث الموت» الواقع على الحدود بين دول الساحل الثلاث؛ النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

ولمواجهة هذا الخطر، ولحث المزارعين على التوجه نحو حقولهم، نشر جيش النيجر وحدات عسكرية في إطار عملية «لاكال كاني»، وهي مهمة مخصصة لتأمين الأنشطة الزراعية، وحماية موسم الحصاد الذي يعول عليه البلد لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وأعلن الجيش أنه «بفضل العملية العسكرية، بدأ الحصاد الأول في عدة مناطق، مما يؤكد نجاح المهمة»، وأكد أن العملية العسكرية «كانت ناجحة بفضل التعاون بين قوات الدفاع والأمن واللجان المحلية للمراقبة التي تلعب دوراً حاسماً في رصد النشاطات المشبوهة، مما يسمح بتدخل سريع للقوات في حال وجود تهديد»، وفق نص بيان صادر عن الجيش.

قصف وملاحقة

بعد أسبوع من إطلاق العملية العسكرية، عرض الجيش حصيلة أولية، قال فيها إن دورياته «اعترضت مسلحين واستعادت 220 رأساً من الماشية المسروقة بمنطقتي تينواشي وإنازي، وأرجعتها إلى ملاكها الشرعيين».

كما قال الجيش إن دورياته ألقت القبض على «جاسوس مزعوم»، اتهمته بالعمل لصالح مجموعة إرهابية في ماكولوندي، كانت بحوزته ذخائر بالقرب من قاعدة عسكرية، وأشار الجيش إلى أنه «يُعتقد أن الجاسوس كان يجمع معلومات حساسة لصالح مشغليه الإرهابيين».

ولكن العملية الأهم، تلك التي قال الجيش إن القوات الجوية النيجيرية نفذتها على الضفة اليمنى من نهر النيجر، بعد أن تمكنت من تحديد مواقع تجمعات إرهابية بين بانزومبو وكوكولوكو، ليتم تنفيذ ضربات جوية عنيفة «أسفرت عن القضاء على أكثر من 50 إرهابياً وتدمير مستودع لوجيستي للعدو».

أما على الضفة اليسرى، فقال الجيش إن المراقبة الجوية قادت إلى «تنفيذ ضربات جوية على مواقع العدو في شمال منطقة أبالا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 18 إرهابياً وإصابة عدد كبير منهم وتدمير معدات نقل وأسلحة».

وخلص الجيش إلى تأكيد أن «هذه النجاحات، سواء على الأرض أو في الجو، تؤكد فاعلية قوات الدفاع والأمن في حماية السكان والاقتصاد الريفي».