لماذا تتردد الإدارة الأميركية في وصف أحداث النيجر بالانقلاب؟

متظاهرون ضد العقوبات المفروضة على النيجر بعد الانقلاب في نيامي، الخميس (رويترز)
متظاهرون ضد العقوبات المفروضة على النيجر بعد الانقلاب في نيامي، الخميس (رويترز)
TT

لماذا تتردد الإدارة الأميركية في وصف أحداث النيجر بالانقلاب؟

متظاهرون ضد العقوبات المفروضة على النيجر بعد الانقلاب في نيامي، الخميس (رويترز)
متظاهرون ضد العقوبات المفروضة على النيجر بعد الانقلاب في نيامي، الخميس (رويترز)

تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحدياً كبيراً في التعامل مع الاضطرابات في النيجر، واحتمالات فقدان نفوذها وعلاقاتها بحليف أفريقي حيوي، وتخشى تأثير هذه الاضطرابات على ما تملكه من قواعد أميركية وجنود يعملون في جمع المعلومات الاستخباراتية ومكافحة الجماعات الإرهابية في النيجر.

وتتصاعد المخاطر مع ضبابية التوجهات الأميركية للتعامل مع انقلاب عسكري لا يمكن توقع خطواته المقبلة، وتهديدات من الدول المجاورة بشن حرب لإفشال الانقلاب، وتهديدات دول أخرى بالتدخل العسكري لمساعدة قادة الانقلاب.

وقد ترددت الإدارة الأميركية في وصف الاضطرابات واستيلاء قائد الحرس الرئاسي على السلطة في 26 يوليو (تموز) الماضي، بالانقلاب العسكري على السلطة الشرعية المنتخبة. ولم تقرر رسمياً بعد، ما إذا كان الوضع يشكل انقلاباً، وهو التصنيف الذي يتطلب من الولايات المتحدة قطع المساعدة الخارجية والعسكرية لحكومة النيجر.

رفع لافتات ضد فرنسا خلال مظاهرة في نيامي، الخميس (أ.ف.ب)

وتقدم الولايات المتحدة نحو 200 مليون دولار من المساعدات الإنسانية والاقتصادية للنيجر حيث تشكل المساعدات الخارجية التي تبلغ قيمتها 2.2 مليار دولار، 40 في المائة من موازنة البلاد.

وإذا اضطرت الولايات المتحدة إلى تجميد مساعداتها للنيجر، فإنها ستعرض علاقاتها مع حليف أفريقي مهم وركيزة لجهودها في مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا للخطر، وتعطي الجماعات الإرهابية مثل «القاعدة» و«داعش» و«بوكو حرام» فرصة تعزيز نفوذها وسيطرتها.

لكن الإدارة الأميركية تملك القدرة على إطلاق هذا المسمى في أي وقت، ولا يوجد إطار زمني يُطلب فيه من الولايات المتحدة وصفه بانقلاب. وبمجرد إطلاق وصف الانقلاب، فإن هذا يعني أوتوماتيكياً قطع المساعدات المقدرة بملايين الدولارات إلى النيجر.

ولوّحت واشنطن بقطع العلاقات مع النيجر وما يتبع ذلك من تداعيات، لكن المخاوف من اندلاع حرب بالوكالة زاد الموقف تعقيداً، بعد أن كشفت الاضطرابات وقعقعة السيوف انقسامات عميقة في غرب القارة الأفريقية، ومخاطر حرب إقليمية، تتصاعد مع التصريحات العلنية والتهديدات المبطنة للدول المجاورة، ومخاوف من سقوط حجارة الدومينو.

فإذا نجح الانقلاب، فستكون النيجر قطعة دومينو أخرى تسقط في سلسلة متواصلة من الدول الأفريقية التي تحكمها سلطات عسكرية ويسودها انعدام الأمن، وقد تغري بحدوث انقلابات في دول أفريقية أخرى، وهو ما دفع الإدارة الأميركية إلى النظر إلى انقلاب النيجر باعتباره خطاً أحمر للولايات المتحدة والحلفاء الغربيين.

ويواصل المسؤولون الأميركيون التأكيد أن الوضع مائع بشكل لا يصدق، وأن تركيزهم ينصب على الجهود الدبلوماسية، جنباً إلى جنب مع الشركاء الإقليميين، لاستعادة الحكم الديمقراطي في النيجر.

وخلال يومين فقط، تراجعت واشنطن عن موقفها بعدم إجلاء الأميركيين من البلاد، كما فعلت فرنسا وإيطاليا. وأعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، مساء الأربعاء، بدء عمليات إجلاء للموظفين وأسرهم من السفارة الأميركية في العاصمة نيامي.

وتنظر واشنطن إلى استحواذ قائد الحرس الرئاسي على السلطة على أنه نابع من نزاع داخلي بين الرئيس محمد بازوم (63 عاماً) والجنرال عبد الرحمن تشياني قائد الحرس الرئاسي.

وكان ينظر إلى فوز بازوم في انتخابات 2021 على أنه أول انتقال سلمي للسلطة في النيجر، وبداية لبلد شهد 4 محاولات انقلاب منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960.

أجانب ينتظرون إجلاءهم من مطار نيامي، الأربعاء (أ.ف.ب)

وتحاول كل من الولايات المتحدة وفرنسا فرض ضغوط على المجلس العسكري وقادة الانقلاب لـ«استعادة الديمقراطية» وإطلاق سراح الرئيس محمد بازوم وعودته للسلطة.

كانت المحادثات تجري للبحث في سبل جعل الحرس الرئاسي يتنحى من دون المخاطرة بحياة الرئيس وعائلته، لأن الحرس الرئاسي حاصر مقر إقامة الرئيس. لكن بازوم استمر قادراً على التواصل مع قادة العالم ومواصلة اتصالاته الخارجية.

وتحدث بلينكن مع بازوم، كما تحدث رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، الخميس، مع نظيره في النيجر وناقشا التطورات.

* القوات الأميركية

وبينما علقت الولايات المتحدة التعاون العسكري مع القوات النيجرية، لم تقرر الإدارة الأميركية إحداث أي تغييرات في وضع القوة الأميركية، التي يبلغ قوامها 1100 جندي، لأن ذلك سيتطلب قراراً سياسياً منفصلاً.

لكن المسؤولين العسكريين قالوا إن البنتاغون منخرط في «صبر استراتيجي، بينما نراقب الوضع ونرى كيف يحل نفسه». وقال الجنرال باتريك رايدر إنه «من السابق لأوانه وصف الاضطرابات بأنها انقلاب، وسنواصل استخدام الأدوات الدبلوماسية للحفاظ على الديمقراطية التي اكتسبها النيجر بشق الأنفس».

وقد أرسلت الولايات المتحدة قوات في النيجر منذ 10 سنوات، في مهام معظمها تقديم المشورة وتدريب القوات النيجرية على مكافحة الإرهاب. وافتتح البنتاغون في 2019 قاعدة جوية للطائرات من دون طيار، في مدينة أغاديز النيجرية لضرب الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء غرب أفريقيا وشمالها.


مقالات ذات صلة

كوبا تعلن إحباط مشروع «إرهابي» أُعد له في الولايات المتحدة

العالم أحد شوارع العاصمة الكوبية هافانا (رويترز)

كوبا تعلن إحباط مشروع «إرهابي» أُعد له في الولايات المتحدة

أحبطت كوبا «مشروعاً إرهابياً منظّماً ومموّلاً من الولايات المتحدة» وفق ما أعلنت وزارة الداخلية في بيان نشرته الأحد صحيفة «غرانما»

«الشرق الأوسط» (هافانا)
شمال افريقيا جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

تونس: إيقاف «تكفيريين» وتطوير شبكات أمن الحدود والمناطق السياحية

أوقفت قوات الأمن مؤخراً فتاة من أجل «الانتماء إلى تنظيم إرهابي» في منطقة تونس العاصمة، سبق أن صدرت ضدها أحكام غيابية بالسجن وكانت محل تفتيش أمني.

كمال بن يونس (تونس)
أفريقيا استنفار أمني صومالي (متداولة)

الجيش الصومالي يستعيد منطقة مهمة بجنوب البلاد

أعلن الجيش الصومالي استعادة منطقة مهمة بمحافظة جوبا السفلى بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
آسيا استنفار أمني في كشمير الهندية (أ.ب)

8 قتلى باشتباكات في كشمير

قتل جنديان و6 مسلحين يشتبه في أنهم متمردون باشتباكين منفصلين في الشطر الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، وفق ما ذكرت الشرطة الأحد.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
شؤون إقليمية وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أكد استمرار العمليات ضد تنظيم «داعش» حتى القضاء على آخر عناصره (من حسابه على «إكس»)

تركيا: القبض على 45 «داعشياً» بعمليات متزامنة في 16 ولاية

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 45 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات متزامنة في 16 ولاية في أنحاء مختلفة من البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

جيش النيجر يعلن مقتل أكثر من 100 «إرهابي» بعد هجوم أوقع قتلى

أفراد من الجيش النيجري (أرشيفية)
أفراد من الجيش النيجري (أرشيفية)
TT

جيش النيجر يعلن مقتل أكثر من 100 «إرهابي» بعد هجوم أوقع قتلى

أفراد من الجيش النيجري (أرشيفية)
أفراد من الجيش النيجري (أرشيفية)

أعلن جيش النيجر أنه قتل أكثر من 100 «إرهابي» في عمليات جوية وبرية؛ رداً على هجوم استهدف جنوداً قرب الحدود مع بوركينا فاسو، موقعاً قتلى.

وقال الجيش (الخميس) إن تحالف جماعات مسلحة قتل 20 جندياً، ومدنياً واحداً في منطقة تيرا بغرب النيجر، حيث توجد مجموعات جهادية في 25 يونيو (حزيران).

صور من المناورات العسكرية نشرها جيش النيجر عبر تطبيق «إكس»

وقال الجيش في نشرته الأخيرة إن «أكثر من 100 إرهابي قتلوا منذ ذلك الحين»، مؤكداً مواصلة عملياته.

وكان الجيش قال في نشرته السابقة إنه قتل نحو 30 «إرهابياً» في المنطقة غداة الهجوم في تيرا و«دمر وسائلهم الحربية» في غارة جوية.

تقع تيرا في منطقة تيلابيري على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، حيث يشنّ متمردون مرتبطون بتنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش» منذ قرابة عقد تمرداً أوقع قتلى.

وكثيراً ما يستهدف الجهاديون مدنيين في المنطقة؛ ما دفع بعدد كبير من الأهالي إلى الفرار من ديارهم.

وتمرّ شاحنات النقل من النيجر أيضاً عبر تيرا، وتصل كل شهر من ميناء لومي التوغولي عبر شمال بوركينا فاسو.

أحد أعضاء لجنة مراقبة «بالا كوتون تشاد» المكلفة تحديد المسؤولين عن الاختطاف للحصول على فدية يتدرب في غابة في بالا غرب مايو كيبي في 15 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 70 متطرفاً في منطقة بحيرة تشاد

في غضون ذلك، أدى هجوم عسكري إلى مقتل 70 متطرفاً في منطقة بحيرة تشاد الممتدة بين نيجيريا والكاميرون وتشاد، وفق ما أعلن تحالف عسكري إقليمي. ونفّذت القوة المختلطة المتعددة الجنسيات المكونة من القوات المسلحة لنيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون بالإضافة إلى الجيش التشادي، هجمات جوية وبحرية وبرية على مواقع جهادية تقع في منطقة بحيرة تشاد؛ مما أسفر عن مقتل 70 متشدداً، كما ذكرت هذه القوة في بيان. وتشكّلت هذه القوة عام 1994 لمكافحة الجريمة عبر الحدود أساساً، لكن تم توسيع تفويضها لاحقاً ليشمل محاربة الجهاديين الذين توسّعت هجماتهم المسلحة من قاعدتهم النيجيرية إلى الدول الثلاث المجاورة. وأعلن الجيش التشادي الحصيلة نفسها، في بيان نشر الأحد، مشيراً إلى أنه «تم القضاء على أكثر من 70 إرهابياً» من قبل «قوة التدخل السريع»، وهي وحدة النخبة التي أنشأها الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي أخيراً. بدأ النزاع الجهادي عام 2009 في شمال شرقي نيجيريا مع جماعة «بوكو حرام»، ثم مع تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا، وخلّف 40 ألف قتيل ونحو مليونَي نازح في نيجيريا. وقال اللفتنانت كولونيل أبو بكر عبد الله، المتحدث باسم القوة المتعددة الجنسيات، إن ضربات وجّهتها القوة المتعددة الجنسيات في الجانب النيجيري أرغمت المقاتلين على الفرار إلى التشاد، حيث تمت مطاردتهم وقتل 70 منهم على يد الجيش التشادي. ولم يحدد عبد الله ما إذا كانت الجماعات المستهدفة من «بوكو حرام» أو تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا.

وتم تدمير 5 معسكرات للمسلحين ومستودعات ذخيرة، بالإضافة إلى 8 سيارات مفخخة لتنفيذ هجمات انتحارية. وأدت هجمات انتحارية متعددة (السبت) في بلدة غوزا النيجيرية (شمالي شرق) قرب الحدود مع الكاميرون إلى مقتل 32 من السكان وإصابة 40 آخرين. وقال الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، إن هذه الهجمات الانتحارية كانت «دليلاً واضحاً للضغوط على الإرهابيين والنجاحات المسجلة لإضعاف قدراتهم الهجومية». في الأسابيع الأخيرة، كثّف الجيش النيجيري عمليات القصف الجوي على معسكرات الجهاديين في بحيرة تشاد، مما زاد الضغوط على المسلحين الذين ردوا بهجمات دامية طالت صيادين لاتهامهم بتزويد الجيش بمعلومات حول مواقعهم.