تونس: إيقاف «تكفيريين» وتطوير شبكات أمن الحدود والمناطق السياحية

السلطات تحذر من «ضرب أمن الدولة مع شبكات من الخارج»

جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)
جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)
TT

تونس: إيقاف «تكفيريين» وتطوير شبكات أمن الحدود والمناطق السياحية

جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)
جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية أنه في سياق متابعة المتهمين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، أو إلى «شبكات التكفيريين» والمورطين في تهريب المخدرات، والضلوع في «ضرب أمن الدولة مع شبكات من الخارج»، أوقفت قوات الأمن مؤخراً فتاة من أجل «الانتماء إلى تنظيم إرهابي» في منطقة تونس العاصمة، سبق أن صدرت ضدها أحكام غيابية بالسجن، وكانت محل تفتيش أمني.

وزير الداخلية التونسي خالد النوري وكوادر الوزارة في تفقد لوحدات الأمن في مطار جربة والمناطق السياحية تحسباً لعمليات إرهابية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

كما أوردت المصادر نفسها أن قوات تابعة للحرس الوطني والوقاية من الإرهاب في إقليم مدينة سليانة، مائة كلم غربي تونس العاصمة، أوقفت متهمين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» سبق أن صدرت ضدهما أحكام غيابية بالسجن تصل إلى 3 سنوات.

ولم تكشف المصادر عن اسم التنظيم وعن علاقته بعشرات الموقوفين منذ عام ونصف العام في قضايا «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، وبينهم مجموعة من السياسيين والبرلمانيين السابقين وبعض الإعلاميين ورجال الأعمال.

وزير الداخلية التونسي ومساعدوه في جولة مراقبة أمنية للموانئ والحدود ومطار جربة الدولي قرب ليبيا (صور من موقع وزارة الداخلية التونسية)

استنفار أمني

في سياق متصل، أشرف الرئيس التونسي قيس سعيد، على اجتماع أمني سياسي مع وزير الداخلية خالد النوري، وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق، أعلن في أعقابه عن إجراءات أمنية تهم «الوضع العام الأمني في البلاد»، أكدت على ترفيع مستوى الاستنفار الأمني صيفاً بمناسبة الموسم السياحي وعودة المهاجرين والانتخابات الرئاسية، وإعادة فتح المعبر الحدودي رأس الجدير مع ليبيا.

وأورد بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية أن الرئيس سعيد أمر في المناسبة بالحذر والاستعداد لكل سيناريوهات النيل من الأمن الوطني و«المحاولات الإجرامية بشتى أنواعها التي يُرتّب لها من يريد ضرب الاستقرار داخل البلاد، خاصة في أفق تنظيم الانتخابات الرئاسية»، التي يبدأ التحضير لها هذا الشهر، وستنظم يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

كما ورد في البلاغ الرئاسي نفسه أن الاجتماع أوصى بالتصدي لـ«الشبكات الإجرامية التي تتاجر بالمخدرات، والتي هي مرتبطة بشبكات في الخارج وتسعى إلى ضرب أمن المجتمع، كما يسعى آخرون إلى ضرب أمن الدولة».

الأمن السياحي والحدود

ضمن الإجراءات الأمنية والتحركات الوقائية نفسيهما، في المناطق الحدودية والسياحية، أعلنت مواقع رسمية تابعة لوزارة الداخلية أن الوزير خالد النوري، وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق، أشرفا على تحركات في المحافظات الجنوبية الحدودية مع ليبيا، مدنين وتطاوين وقابس وتطاوين، وفي المنطقة السياحية بجزيرة جربة القريبة من ليبيا، التي تستقبل لوحدها نحو ثلث السياح الأجانب والعرب الذين يزورون تونس سنوياً، أي نحو مليوني سائح. كما تقررت إجراءات أمنية لفائدة مطار جربة - جرجيس الدولي الذي يحتل المرتبة الثانية وطنياً بعد مطار تونس قرطاج من حيث عدد السياح والمسافرين.

وأعلن أنه في سياق «جهود إنجاح الموسم السياحي الصيفي» تقررت إجراءات سعياً للحفاظ على الأمن والسلامة بالطرقات والمناطق السياحية، وتدشين مقرات أمنية جديدة في الموانئ والمطارات والطرقات.

وزير الداخلية التونسي ومساعدوه في زيارة للمؤسسات الأمنية للحدود مع ليبيا (صور من موقع وزارة الداخلية التونسية)

خطة إضافية «ضد الإرهاب»

من جهة أخرى، وفي سياق التحركات الأمنية الوقائية ضد الإرهاب والعمليات الإرهابية التي قد تستهدف «مواقع استراتيجية» في المرحلة القادمة، نظمت قوات الأمن، بالاشتراك مع قوات عسكرية وعدة وزارات اقتصادية وفنية «عمليات بيضاء»، بمشاركة قوات من النخبة للتصدي لسيناريو استهداف وسط تونس العاصمة ومينائها التجاري الكبير في ضاحية رادس من قبل إرهابيين.

وأعلنت وزارة الداخلية أن الوزير خالد النوري، وكاتب الدولة المكلّف بالأمن الوطني سفيان بالصادق، أشرفا على عملية «بيضاء» لتقييم مُستوى استعداد قوات الأمن والقوات المسلحة العسكرية والفنية بمُختلف اختصاصاتها، واختبار مُستوى التنسيق الاستراتيجي والتكتيكي والعمليّاتي بينها عند مواجهة «أزمة ذات طابع إرهابي من خلال التصدّي لعمليّات إرهابيّة»، قد تشنها بعض المجموعات الإرهابية في الوقت نفسه في قلب العاصمة وفي الميناء.

جلسة عمل أمنية تونسية جزائرية في مقر وزارة الداخلية التونسية (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

تنسيق أمني مع الجزائر وليبيا

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية عن ترفيع التنسيق الأمني والسياسي مع السلطات الجزائرية والليبية.

في هذا السياق، عقد وزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن الوطني التونسيين قبل يومين جلسة عمل مع سفير الجزائر بتونس عزوز باعلال، بحضور بعض مساعديه.

وجاء في بلاغ للداخلية التونسية أن هذه الجلسة بحثت بالخصوص التنسيق بين وزارتي الداخلية الجزائرية والتونسية و«القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما مجال الهجرة غير النظامية، وتنمية المناطق الحدودية».

في الوقت نفسه، أعلن المصدر نفسه عن سلسلة من التحركات قام بها وزير الداخلية التونسي مع نظيره الليبي عماد الطرابلسي، بمشاركة كوادر أمنية وعسكرية وسياسية عليا في البلدين بهدف ترفيع التنسيق في مجالات مكافحة تهريب السلع والمخدرات والمهاجرين غير النظاميين.

كما جرى بالمناسبة تدشين سلسلة من المؤسسات الأمنية المحلية والجهوية والمراكز الأمنية الحدودية والمحلات الجديدة التي أحدثت في المعبرين الحدوديين «رأس الجدير» و«الذهيبة وازن» في «مدنين وتطاوين من الجانب التونسي، وزوارة والزاوية وصرمان وزنتان وغدامس من الجانب الليبي».


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )
أوروبا من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

السويد تلمّح لتورط إيران في هجمات قرب سفارتين إسرائيليتين

أعلنت وكالة الاستخبارات السويدية، الخميس، أن إيران قد تكون متورطة في الانفجارات وإطلاق النار قرب السفارتين الإسرائيليتين في السويد والدنمارك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الولايات المتحدة​ عافية صديقي (متداولة)

«سيدة القاعدة» السجينة تقاضي الولايات المتحدة لتعرُّضها لاعتداءات جسدية وجنسية

رفعت سيدة باكستانية سجينة في سجن فورت وورث الفيدرالي دعوى قضائية ضد المكتب الفيدرالي للسجون والإدارة الأميركية، قالت فيها إنها تعرَّضت لاعتداءات جسدية وجنسية

«الشرق الأوسط» (تكساس)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
TT

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور، في عملية وصفها مراقبون بأنها «أكبر المجازر» ضد المدنيين، ارتكبها الطيران المقاتل التابع الجيش السوداني منذ بدء الحرب. وفي غضون ذلك لقي العشرات مصرعهم في غارات جوية أخرى استهدفت مناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان بالخرطوم، وسط مطالبات بفرض حظر على الطيران العسكري التابع للجيش السوداني.

وقال شهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً من مليط، إن الطيران الحربي، التابع للجيش السوداني، استهدف سوق منطقة الكومة صبيحة الجمعة، وألقى عدداً من «البراميل المتفجرة»؛ مما أدى إلى إحراق السوق بشكل واسع، وقُتل جرّاء الغارة الجوية أكثر من 60 شخصاً، وجُرح أكثر من 250 مدنياً، جراح بعضهم خطيرة؛ إذ كانوا يرتادون «سوق الجمعة»، في حين ينتظر أن يتزايد عدد القتلى تباعاً بين الجرحى، بسبب عدم وجود الرعاية الصحية والطبية.

ووصف شهود ما حدث في منطقة الكومة بأنها «مجزرة» غير معهودة، استهدفت عن قصد المدنيين المقيمين هناك، بسبب عدم وجود أي مشاهد أو تمركزات لـ«قوات الدعم السريع» في السوق المكتظة بالمدنيين، وقالوا إن السوق «كانت تشهد نشاطاً طبيعياً عندما استهدفها القصف الجوي فجأة ودون سابق إنذار؛ مما أسفر عن دمار واسع فيها، في حين تناثرت جثث القتلى في أرجائها».

وفي مدينة مليط، قال شهود عيان إن الطيران الحربي استهدف، الجمعة، أيضاً «حفل عرس»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 13 شخصاً وجُرح آخرون، في عملية وُصفت هي الأخرى بأنها استهداف للمدنيين، حيث لا توجد عناصر لـ«قوات الدعم السريع» في المكان.

ويؤكد قادة الجيش دائماً أن العمليات الحربية الجوية تستهدف «قوات الدعم السريع»، لكن النشطاء وشهود عيان ينفون وجود هذه القوات، في حين تتصاعد دعوات بين مؤيدي الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم إلى استهداف ما يسمونه «الحواضن الاجتماعية» لـ«قوات الدعم السريع»؛ انتقاماً من انتهاكاته بوسط وشمال البلاد.

ونشر نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي قوائم بأسماء الضحايا، من النساء والأطفال وكبار السن، الذين كانوا يمارسون التسوق أو يعرضون سلعهم للبيع في السوق الأسبوعية، وبينهم زوجة وابنة شقيق عضو «مجلس السيادة الانتقالي» ومساعد قائد الجيش إبراهيم جابر.

ووجّهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خصوصاً، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم. وقالت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) في بيان، السبت، إن سوق مدينة الكومة شهدت انتهاكاً مريعاً بحق المدنيين، جرّاء قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح عشرات القتلى ومئات الجرحى من الذين تصادف وجودهم في أثناء الغارة الجوية.

كما نددت «تقدم» بغارات جوية استهدفت مناطق أم ضو بان بالخرطوم، وود أبو صالح ومليط بولاية شمال دارفور، نتج عنها مقتل العشرات من المدنيين وجرح المئات.

وأبدت «تقدم» أسفها لما أطلقت عليه «استمرار الانتهاكات على المدنيين، وتكرارها بشكل ممنهج في مختلف أنحاء السودان»، ودعت إلى التذكير بـ«إعلان جدة الإنساني» الذي شدد على التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يُتوقع أن يسبب أضراراً مدنية عرضية مفرطة، مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعت طرفي القتال إلى حقن دماء السودانيين والانخراط فوراً في مفاوضات لوقف الحرب.

من جهتها، وصفت القوى المدنية الدارفورية الغارة الجوية بأنها «واحدة من أبشع جرائم الحرب»، وقالت إن الطيران الحربي قصف مدينتي الكومة ومليط بوابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحرمة دولياً، مستهدفاً مناطق «مأهولة جداً بالسكان المدنيين»؛ مما خلّف عشرات القتلى والجرحى، إلى جانب قصف تجمع مدني في «سرادق عزاء» بمدينة مليط، راح ضحيته أكثر من 100 قتيل.

وناشد التجمع المدني المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل السريع والحاسم؛ لوضع حد لما سمّاه «جرائم جماعات الهوس الديني وطيران جيش الفلول، الذي بات سجله متخماً بالمذابح في حق مدنيين أبرياء وعلى حين غرة»، مندداً بصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال الجرائم التي يرتكبونها، ومطالباً الأسرة الدولية بفرض حظر على الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، «الذي ظلّ يحصد أرواح المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء»، وفقاً للبيان.