تقرير أممي: 8 ملايين أفغاني غادروا كابل بعد الانسحاب الأميركي

المنظمة الدولية للهجرة: 70 % هاجروا إلى إيران ثم أغلبهم غادرها بسبب نقص فرص العمل

عوائل أفغانية في مخيم بالقرب من بيشاور (المنظمة الدولية للهجرة)
عوائل أفغانية في مخيم بالقرب من بيشاور (المنظمة الدولية للهجرة)
TT

تقرير أممي: 8 ملايين أفغاني غادروا كابل بعد الانسحاب الأميركي

عوائل أفغانية في مخيم بالقرب من بيشاور (المنظمة الدولية للهجرة)
عوائل أفغانية في مخيم بالقرب من بيشاور (المنظمة الدولية للهجرة)

منذ اتفاق الدوحة الذي عُقد بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، غادر أكثر من 8 ملايين أفغاني كابل، حيث انتقل 85 في المائة منهم إلى الدول المجاورة، خصوصاً إيران، بينما توجه ما يقرب من مليون منهم إلى دول أوروبية.

عوائل أفغانية خارج معبر طورخم الحدودي (متداولة)

ووفقاً لأحدث بيانات المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، فإن نحو 70 في المائة من الأفغان الذين هاجروا إلى إيران ذكروا أن نقص فرص العمل كان العامل الرئيسي وراء قرار مغادرتهم البلاد.

وفي 29 فبراير (شباط) 2020، وقعت الولايات المتحدة اتفاقية سلام مع حركة «طالبان» في العاصمة القطرية، الدوحة، ويقول المراقبون إن هذه الاتفاقية مهدت الطريق لانهيار جمهورية أفغانستان وتولي «طالبان» السُلطة في كابل لاحقاً.

وفي تقرير حديث، سلطت المنظمة الدولية للهجرة الضوء على أنه منذ تولي «طالبان» السُلطة في أغسطس (آب) 2021، شهدت أفغانستان تضخماً اقتصادياً كبيراً، وبات أكثر من نصف السكان يعيش تحت خط الفقر.

تحت خط الفقر

ويشير التقرير إلى أن «نحو 70 في المائة من الأفغان الذين هاجروا إلى إيران ذكروا نقص فرص العمل بوصفه سبباً رئيسياً لمغادرتهم البلاد»، كما لاحظت المنظمة الدولية للهجرة وجود عدد كبير من العائدين من طهران أيضاً، حيث عاد ما يقرب من مليون أفغاني إلى وطنهم في عام 2023، إذ كان 70 في المائة منهم يفتقرون إلى وثائق إقامة.

صبي أفغاني يلعب في الأحياء الفقيرة بالقرب من بيشاور حيث يقيم اللاجئون الأفغان (المنظمة الدولية للهجرة)

وتشير التقارير الواردة في وسائل الإعلام الأفغانية إلى أن معظم عمليات الهجرة من أفغانستان إلى الدول المجاورة يتم تحت ذريعة أن الناس فقدوا الأمل في كابل بعد استيلاء حركة «طالبان» على السُلطة في البلاد.

لاجئون أفغان يصلون من باكستان سيراً على الأقدام عبر المعبر الحدودي (غيتي)

ويقول هؤلاء المواطنون إنهم يشعرون بالإحباط من القمع الذي تمارسه حركة «طالبان»، ويرون أن الهجرة هي الوسيلة الوحيدة للاحتجاج على الأوضاع الحالية في البلاد، إذ إنهم يريدون أن يُظهِروا لـ«طالبان» والمجتمع الدولي أن وجود الحركة في أفغانستان أصبح لا يُحتمَل، وأن الجميع بات يفكر في الفرار من البلاد، كما جاء في أحدث تقرير في وسائل الإعلام الأفغانية.

وكان من بين الذين فروا من كابل كثير من أفراد الجيش الوطني الأفغاني السابق، وذلك بعد أن بدأت حركة «طالبان» في شن حملة مطاردة ضد أفراد الجيش السابق فور وصولها إلى السُلطة بالبلاد.

وتضم ثاني أكبر مجموعة من اللاجئين الذين فروا إلى الدول المجاورة مسؤولين حكوميين من الحكومة الأفغانية السابقة التي كان يترأسها أشرف غني.

لاجئون أفغان خارج معبر حدودي (متداولة)

وقد قامت حركة «طالبان» بإعدام العشرات من أفراد الجيش السابقين والمدنيين بشكل علني، دون اعتقال أو أحكام قضائية، وجعل سلوك الحركة العنيف كثيراً من المواطنين يخشون أن يُواجِهوا «المحاكمات الشعبية» هذه لأبسط الأخطاء.

كما فرضت «طالبان» حظراً على جميع أنواع الأنشطة السياسية في أفغانستان، حيث تم حظر الأحزاب السياسية في البلاد.

لاجئون أفغان في مخيم للاجئين بالقرب من بيشاور (المنظمة الدولية للهجرة)

وقد بدأت باكستان وإيران، الدولتان المجاورتان لأفغانستان حيث يقيم معظم اللاجئين الأفغان، مؤخراً عملية إعادة قسرية للاجئين الأفغان من بلديهما إلى كابل.

ودعت المنظمة الدولية للهجرة هذه الدول إلى تعليق عملية الإعادة القسرية هذه، لأنها يمكن أن تؤدي إلى أزمة إنسانية في أفغانستان، ويأتي هذا النداء في الوقت الذي كثفت فيه إسلام آباد وطهران عمليات ترحيل المهاجرين الأفغان غير المُسجلين في الأشهر الأخيرة، ووفقاً لبيانات وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن التابعة لـ«طالبان»، فإنه يتم طرد أكثر من ألف مهاجر أفغاني يومياً من هذين البلدين.

ضغوط كبيرة على باكستان

ويقول الخبراء إن هروب 8 ملايين لاجئ جديد سيؤدي إلى خلق أزمة إنسانية في الدول المجاورة لأفغانستان التي تعاني بالفعل من تدهور الظروف الاقتصادية، خصوصاً في دول مثل باكستان، إذ تتعرض الحكومة في إسلام آباد لضغوط كبيرة من داخل البلاد للتخلص من السكان الحاليين من اللاجئين الأفغان وإعادتهم إلى بلادهم.

لاجئون أفغان في مخيم للاجئين بالقرب من بيشاور (المنظمة الدولية للهجرة)

وكان أكثر من 3 ملايين لاجئ أفغاني قد جاءوا إلى باكستان بعد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في عام 1979، ومنذ ذلك الحين، تستضيف إسلام آباد عدداً كبيراً جداً من السكان الأفغان في بلداتها ومدنها الحدودية، وهو ما يرى كثير من الناس في باكستان أنه يشكل عبئاً اقتصادياً على الاقتصاد المحلي، كما تقول الحكومة في إسلام آباد إن هؤلاء اللاجئين الأفغان يشكلون تهديداً أمنياً واضحاً أيضاً.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».