الحوثيون ينفذون مراجعة أمنية شاملة لحماية قادتهم من الاستهداف

الجماعة أخلت مخابئ سرية في جنوبي صنعاء

آثار من الدمار جراء ضربة إسرائيلية في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)
آثار من الدمار جراء ضربة إسرائيلية في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)
TT

الحوثيون ينفذون مراجعة أمنية شاملة لحماية قادتهم من الاستهداف

آثار من الدمار جراء ضربة إسرائيلية في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)
آثار من الدمار جراء ضربة إسرائيلية في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عن قيام الحوثيين بمراجعة شاملة للإجراءات الأمنية المتعلقة بحماية قادتهم وكبار مسؤوليهم عقب الضربات الإسرائيلية التي تسببت في مقتل رئيس الحكومة غير المعترف بها، وتسعة من الوزراء، وإصابة آخرين، وبينت أن الجماعة لم تفق بعد من آثار تلك الضربات، وأنها عاجزة حتى الآن عن اكتشاف الطريقة التي تمكنت فيها تل أبيب من رصد الاجتماع.

المصادر ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أخلوا عدداً من المباني التي يُعتقد أنهم كانوا يستخدمونها مخابئ سرية في منطقة جنوب صنعاء، وهي في الغالب ملك لمعارضين لهم، وتمت مصادرتها عقب انقلابهم على الحكومة الشرعية. وقالت إن الجماعة تتوقع ضربات إسرائيلية مميتة تستهدف المزيد من القيادات على غرار ما حصل مع حكومتهم قبل نحو أسبوعين.

ووفق هذه المصادر، استبقت الجماعة الحوثية الضربات الإسرائيلية التي وقعت، الأربعاء، وأخلت عدداً من المباني التي تُستخدم إما للاختباء، أو لإدارة الوضع في مناطق سيطرتهم، كما طلبوا من أسر قياداتهم استخدام الأدوار الأرضية من مساكنهم تحسباً لضربات وشيكة. وبالمثل وجّهوا المدارس والكليات الجامعية الخاصة الموجودة في تلك المنطقة بإخراج الطلاب قبل منتصف النهار للأسباب ذاتها.

إسرائيل غيرت بنك أهدافها في مناطق الحوثيين خلال الأسبوعين الأخيرين (إعلام محلي)

إخفاق أمني

وبينت مصادر أمنية يمنية أن الجماعة الحوثية كثفت من حملة الاعتقالات التي طالت موظفين مدنيين وعسكريين، وآخرين عاملين لدى الأمم المتحدة، وسكاناً قريبين من المكان المستهدف بالغارات حيث قتل رئيس حكومتها ووزراؤه، إلا أنها مع ذلك لم تتمكن من الحصول على أي معلومات توضح الكيفية التي استطاعت بها تل أبيب اكتشاف موقع الاجتماع الحكومي، وموعده، واستهدافه بتلك السهولة.

ووفق هذه المصادر فإن مراجعة الإجراءات الأمنية تضمنت العودة لاستخدام الأدوار الأرضية في المؤسسات الحكومية، مثل الهيئة العامة للطيران المدني، ومبنى وزارة النفط، وبعض مباني البعثات الدبلوماسية المغلقة، والمباني الملحقة بالمستشفيات، وفي الفنادق، لأنها تضم تجمعات مدنية، ويصعب استهدافها.

لم يفق الحوثيون من صدمة مقتل رئيس حكومتهم ووزرائه في ضربة إسرائيلية (إعلام محلي)

ورأت المصادر في استمرار حملة الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون غداة استهداف حكومتهم، والتكتم على الحالة الصحية لبقية الوزراء الذين أصيبوا في تلك الغارات، انعكاساً للتأثير البالغ الذي ألحقته الضربات الأخيرة، والتي نُظر إليها على نطاق واسع أنها تعكس اختراقاً أمنياً غير مسبوق في صفوفهم.

وكانت الجماعة حرصت طوال السنوات السابقة على تقديم نفسها باعتبارها كتلة صلبة عصية على الاختراق، مع التباهي بقبضتها الأمنية على السكان في مناطق سيطرتها، واعتماد القوة المفرطة في التعامل مع أي صوت يعارض توجهاتها، أو يشتكي من سوء الأوضاع المعيشية.

اختراق محتمل

ومع انتشار أنباء اعتقال الحوثيين طه الصنعاني المسؤول عن التواصل المباشر مع الوزراء، وترتيب الأمور اللوجستية، والاجتماعات رفيعة المستوى، واستجوابه، خاصة أنه حضر الاجتماع المستهدف وغادره قبيل الغارة الإسرائيلية، يقول الباحث اليمني المقيم في الولايات المتحدة محمد الباشا إنه يشك في أن يكون الرجل قد جُنّد مباشرةً من قِبل الموساد، أو وكالات استخبارات إسرائيلية أخرى للتخطيط للعملية.

وبشأن التكهنات بتورطه في تسريب موعد ومكان الاجتماع، يؤكد الباشا أنه يُنظر إلى الرجل على نطاق واسع أنه موالٍ مخلص، وعضو في حركة الحوثيين منذ سنوات، وليس عضواً جديداً، ورأى أن التفسير الأكثر ترجيحاً هو أن المخابرات الإسرائيلية راقبت اتصالاته، وربما تتبعت هاتفه لمعرفة توقيت ومكان الاجتماع.

نادراً ما يظهر السفياني (الأول من اليسار) في وسائل الإعلام الحوثية (إعلام محلي)

ورأى الباشا أن اعتقال الصنعاني يعكس جدية الحوثيين، الذين يسعون إلى تحديد ما إذا كانت اتصالاته قد استُغلت، وكيف تمت معرفة مكان الاجتماع، وما نقاط الضعف التي مكنت الضربة من اصطياد هذه الشخصيات الرفيعة.

والصنعاني، المعروف أيضاً باسم طه السفياني، واسمه الحركي «أبو راغب»، يلعب دوراً محورياً في تنظيم اجتماعات مجلس وزراء الحوثيين. وهو المسؤول عن التواصل المباشر معهم، وترتيب الأمور اللوجستية، وهذا المنصب منحه وصولاً مباشراً إلى كبار صانعي القرار، ووضعه في قلب الهيكل الإداري المدني لحكومة الحوثيين.

ومع أن الرجل نادراً ما يظهر وهو يقود أو يترأس اجتماعات، إلا أنه يحضر باستمرار جميع الفعاليات الرئيسة التي ينظمها رئيس الوزراء. ويبدو أنه شخص يعمل خلف الكواليس، ويؤثر بهدوء على القرارات، ويدير العمليات الرئيسة، بما فيها الإشراف على حشد السكان من كافة المناطق أسبوعياً إلى صنعاء لسماع خطبة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.