هروب جماعي لقيادات حوثية من صنعاء تحسباً لاستهداف إسرائيلي

مقرّبون من زعيم الجماعة تغيَّبوا عن تشييع حكومتهم

الحوثيون شيَّعوا أعضاء حكومتهم الذين قضوا بغارات إسرائيلية (إكس)
الحوثيون شيَّعوا أعضاء حكومتهم الذين قضوا بغارات إسرائيلية (إكس)
TT

هروب جماعي لقيادات حوثية من صنعاء تحسباً لاستهداف إسرائيلي

الحوثيون شيَّعوا أعضاء حكومتهم الذين قضوا بغارات إسرائيلية (إكس)
الحوثيون شيَّعوا أعضاء حكومتهم الذين قضوا بغارات إسرائيلية (إكس)

تعيش الجماعة الحوثية حالة غير مسبوقة من الارتباك والذعر في أعقاب الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي أودت برئيس حكومتها الانقلابية أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه، وسط أنباء عن فرار جماعي لكبار قياداتها السياسية والعسكرية من العاصمة المختطفة صنعاء باتجاه مخابئ محصَّنة في صعدة وعمران، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها.

وأكدت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن شخصيات بارزة في الصف الأول للجماعة، بينهم محمد علي الحوثي، عضو مجلس حكم الانقلاب، وعبد الكريم الحوثي، وزير داخلية الجماعة، وأبو علي الحاكم، المعين رئيساً لجهاز الاستخبارات، وأحمد حامد، مدير مكتب رئيس مجلس الحكم، قد اختفوا منذ أيام عن الأنظار.

وفي حين شوهدت حافلات معتمة تقل عائلات قيادات الجماعة باتجاه محافظتي عمران وصعدة، أوضحت المصادر أن تحركات كهذه تعكس إدراك الجماعة بأن قادتها باتوا أهدافاً مباشرة للغارات الإسرائيلية، خصوصاً بعد تعهد تل أبيب بمواصلة استهدافهم رداً على هجماتهم الصاروخية وبالطائرات المسيَّرة ضد الأراضي الإسرائيلية والملاحة في البحر الأحمر.

ضربة إسرائيلية في صنعاء أودت بنصف حكومة الحوثيين (إعلام محلي)

وحسب ما أفاد به مصدر مقرب من دوائر القرار الحوثي في صنعاء، أصدرت قيادة الجماعة أوامر عاجلة لقادتها السياسيين والعسكريين والميدانيين بمغادرة مقار عملهم ومنازلهم في صنعاء وضواحيها والتوجه إلى مواقع بديلة شمالاً، مع التشديد على عدم استخدام مقار حكومية أو التجمع في أماكن عامة قد تتحول أهدافاً سهلة للطائرات الإسرائيلية.

ونقل شهود لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لاحظوا خلال الأيام الثلاثة الماضية مغادرة قوافل صغيرة من السيارات والحافلات التي تحمل عائلات ومشرفين حوثيين من أحياء عدة في شمال صنعاء ووسطها. وأكدوا أن معظم الفارين هم من المشرفين الأمنيين المكلّفين إدارة الأحياء والمناطق؛ ما يعكس حالة خوف داخلية غير معهودة.

تغيب عن التشييع

وفي مشهد آخر يوضح حجم الارتباك داخل الجماعة الحوثية، غاب معظم قادة الصف الأول عن موكب تشييع رئيس حكومتها أحمد الرهوي ووزرائه التسعة الذين قضوا في الغارة الإسرائيلية الخميس الماضي.

واقتصرت مراسم التشييع التي أُقيمت الاثنين الماضي بصنعاء على حضور الصف الثاني من القيادات، في حين تولى محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس الحكومة الانقلابية، قيادة الموكب وإلقاء كلمة حاول فيها طمأنة الموالين والتأكيد على «تماسك الدولة» واستمرارية المؤسسات.

ظهور سابق لابن عم زعيم الحوثيين خلال حشد للجماعة بصنعاء (إ.ب.أ)

هذا الغياب أثار استياءً واسعاً بين عائلات الضحايا والمناصرين، الذين عبّروا عن أسفهم لعدم مشاركة كبار القادة، عادّين أن ذلك يعكس حالة ذعر داخلية وعدم ثقة بالقدرة على تأمين الفعالية.

وقبل التشييع، كان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي ألقى خطاباً متلفزاً كرر فيه تهديداته لإسرائيل، متوعداً بمزيد من الهجمات الصاروخية والبحرية فيما وصفه بـ«مسار تصاعدي»، كما وجَّه تحذيرات شديدة اللهجة لليمنيين في مناطق سيطرة جماعته، ملوحاً بتصعيد الاعتقالات وعمليات القمع الداخلي ضد من يصفهم بـ«الخونة والعملاء».

وأكد زعيم الجماعة أن أجهزته الأمنية ستواصل ما سماه «المهام الجهادية» لتعزيز الجبهة الداخلية، في إشارة إلى حملات الاعتقال التي طالت خلال الأيام الأخيرة موظفين حكوميين وأمميين بتهمة «التجسس».

ويرى مراقبون يمنيون أن استهداف إسرائيل لرئيس الحكومة الانقلابية وعدد من وزرائه مثّل «ضربة مؤلمة غير مسبوقة» للجماعة، ليس فقط لجهة الخسارة البشرية، بل أيضاً من حيث كشف الاختراق الاستخباري العميق لدوائرها العليا.

ويعتقد هؤلاء أن حالة الهروب الجماعي للقيادات الحوثية من صنعاء تعكس إدراكاً بأن الجماعة دخلت مرحلة جديدة من الصراع قد تهدد بقاء هياكلها السياسية والعسكرية في صنعاء.

ويشير المراقبون إلى أن تل أبيب نجحت – بعد نحو عام من المواجهة المباشرة مع الحوثيين – في توجيه ضربة مركّزة غيرت قواعد اللعبة؛ إذ انتقلت من قصف المنشآت الحيوية إلى استهداف الصف الأول من القيادات، ما يجعل بقية القادة في حالة استنفار دائم.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تجدد دعوتها إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تجدد دعوتها إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت

جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعوته لجميع أطراف الصراع إلى التحلي بضبط النفس والعمل على خفض التصعيد في محافظة حضرموت، شرقي اليمن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي «الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

جدَّد المجلس الانتقالي الجنوبي انفتاحه على «أي ترتيبات» مع تحالف دعم الشرعية في اليمن، وذلك بعد ساعات من دعوة السعودية المجلس لخروج قواته من حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي العليمي مجتمعاً مع هيئة المستشارين (سبأ)

العليمي: لن نسمح بفرض أمر واقع بالقوة في حضرموت والمهرة

العليمي يؤكد أن تصعيد الانتقالي في حضرموت والمهرة تمرد على المرجعيات، ويعلن تحرك تحالف دعم الشرعية لحماية المدنيين وفرض التهدئة ودعم الوساطة السعودية الإماراتية

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي مسلح من أتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

«التحالف» يستجيب لطلب اليمن حماية المدنيين في حضرموت

السعودية تعيد رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، من الاحتواء السياسي إلى الردع العسكري، و«تحالف دعم الشرعية» يستجيب لطلب العليمي التدخل لحماية المدنيين في حضرموت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الخبراء العسكريون يحذّرون من أن تكون الأنشطة الحوثية في إب تمويهاً لتصعيد في جبهة بعيدة (أ.ف.ب)

أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

كثّف الحوثيون استحداثاتهم العسكرية في محافظة إب بحفر الأنفاق ونشر منصات الصواريخ على المرتفعات، وقيّدوا حركة السكان، وسط تحذيرات من تمويه وتصعيد محتمل.

وضاح الجليل (عدن)

بيان لدول عربية وإسلامية: نرفض الربط بين اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» وتهجير الفلسطينيين

أشخاص في أحد شوارع مقديشو قبل فتح مراكز الاقتراع للانتخابات البلدية الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص في أحد شوارع مقديشو قبل فتح مراكز الاقتراع للانتخابات البلدية الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

بيان لدول عربية وإسلامية: نرفض الربط بين اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» وتهجير الفلسطينيين

أشخاص في أحد شوارع مقديشو قبل فتح مراكز الاقتراع للانتخابات البلدية الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص في أحد شوارع مقديشو قبل فتح مراكز الاقتراع للانتخابات البلدية الأسبوع الماضي (رويترز)

أكدت مصر و20 دولة ومنظمة التعاون الإسلامي، اليوم (السبت)، على الرفض القاطع لاعتراف إسرائيل باستقلال إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وللربط بين هذه الخطوة وأي مخططات لتهجير الفلسطينيين «المرفوضة شكلاً وموضوعاً».

وأشارت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الذي يسعى للانفصال عن جمهورية الصومال الفيدرالية يُعد خرقاً سافراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأوضح البيان أن مصر والأطراف الموقعة على البيان تؤكد دعمها لسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي إجراء يخل بوحدة البلاد وسيادتها على أراضيها وسلامتها الإقليمية.

والدول الموقعة على البيان هي: مصر والسعودية والجزائر وجزر القمر وجيبوتي وغامبيا وإيران والعراق والأردن والكويت وليبيا والمالديف ونيجيريا وسلطنة عمان وباكستان وفلسطين وقطر والصومال والسودان وتركيا واليمن، بالإضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي.

وحذرت الخارجية المصرية من أن «الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يمثل سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين».

وكانت إسرائيل أعلنت اعترافها باستقلال إقليم «أرض الصومال»، أمس الجمعة، في خطوة أثارت رفضاً عربياً واسع النطاق بالنظر إلى أن جمهورية الصومال هي إحدى الدول الأعضاء في الجامعة العربية.


الأمم المتحدة تجدد دعوتها إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تجدد دعوتها إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، السبت، دعوته لجميع أطراف الصراع إلى التحلي بضبط النفس والعمل على خفض التصعيد في محافظة حضرموت، شرقي اليمن.

جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أكد فيه أنه يتابع عن كثب التطورات الجارية في محافظتي حضرموت والمهرة.

وشدد المبعوث الأممي على أهمية جهود الوساطة الإقليمية المستمرة، مشيراً إلى مواصلته انخراطه مع الأطراف اليمنية والإقليمية دعماً لخفض التصعيد، ودفعاً نحو حل سياسي شامل وجامع للنزاع في اليمن، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وحسب البيان، جدد الأمين العام دعوته إلى ضبط النفس وخفض التصعيد واللجوء إلى الحوار، وحث جميع الأطراف على تجنب أي خطوات من شأنها تعقيد الوضع.

ويأتي ذلك في ظل تصعيد عسكري متواصل للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، وسط تحركات إقليمية لاحتواء التوتر ومنع اتساع رقعة المواجهات.

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، استعدادها للتعامل بحزم مع أي تحركات عسكرية تخالف جهود خفض التصعيد في محافظة حضرموت.

جاء ذلك استجابة لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الذي دعا لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين من الانتهاكات التي ترتكبها عناصر مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي.


«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»
TT

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

جدَّد «المجلس الانتقالي الجنوبي» انفتاحه على «أي ترتيبات» مع «تحالف دعم الشرعية»، بقيادة السعودية والإمارات، وذلك بعد ساعات من دعوة السعودية المجلس لخروج قواته من حضرموت والمهرة، وتسليمها لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية، وكذا إعلان التحالف الاستجابة لحماية المدنيين في حضرموت استجابةً لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي.

ونقل إعلام المجلس أن قادته برئاسة عيدروس الزبيدي عقدوا اجتماعاً في عدن؛ لاستعراض التطورات العسكرية والسياسية، وأنهم ثمَّنوا «الجهود التي يبذلها الأشقاء في دول التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ لإزالة التباينات وتوحيد وجهات النظر، بما يعزِّز الشراكة في إطار التحالف العربي لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة في الجنوب والمنطقة».

وكان وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وجَّه خطاباً مباشراً إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، دعا فيه إلى الاستجابة الفورية لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية، وإنهاء التصعيد في محافظتَي حضرموت والمهرة.

وقال الأمير: «إن الوقت حان للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة لتغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف، بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية لإنهاء التصعيد، وخروج قواته من المعسكرات في المحافظتين وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن، والسلطة المحلية».

من جهته حذَّر المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، اللواء الركن تركي المالكي، من أن أي تحركات عسكرية تخالف خفض التصعيد، «سيتم التعامل المباشر معها في حينه»، داعياً إلى خروج قوات المجلس الانتقالي من محافظة حضرموت، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن، وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها.

وقال المالكي إن ذلك يأتي «استجابةً للطلب المُقدَّم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة حضرموت؛ نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي».