مخاوف في صنعاء من اندلاع أزمة وقود بعد تدمير «رأس عيسى»

الحوثيون ألزموا مُلاك المحطات بتخفيض حصص البيع اليومي

احتراق خزانات الوقود إثر ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى في اليمن (رويترز)
احتراق خزانات الوقود إثر ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى في اليمن (رويترز)
TT

مخاوف في صنعاء من اندلاع أزمة وقود بعد تدمير «رأس عيسى»

احتراق خزانات الوقود إثر ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى في اليمن (رويترز)
احتراق خزانات الوقود إثر ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى في اليمن (رويترز)

منعت الجماعة الحوثية محطات الوقود في العاصمة اليمنية المختطَفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها من بيع كل الكميات التي لديها من المشتقات للمستهلكين، واشترطت على مُلاكها الإبقاء على نصف الكميات لمصلحة الجماعة، كما ألزمتهم بتخفيض حصص البيع اليومي، وفق ما ذكرته مصادر مطّلعة لـ«الشرق الأوسط».

وعقب ساعات من حدوث غارات أميركية مُركَّزة استهدفت ميناء رأس عيسى النفطي شمال محافظة الحديدة، سارع الانقلابيون على الفور إلى تشكيل فرق نزول ميداني للمحطات في صنعاء وضواحيها ومدن أخرى لحصر ما تبقى لديهم من وقود، بهدف استقطاع ما نسبته 50 في المائة منها لمصلحتهم بهدف مواصلة تصعيدهم العسكري.

جاء ذلك، بينما تحدثت المصادر عن بوادر حدوث أزمة وقود جديدة بدأت تلوح في الأفق مع ظهور طوابير خفيفة إلى متوسطة لسيارات تصطف أمام بعض محطات التزود بالوقود في مناطق عدة بصنعاء.

وأكدت المصادر أن أغلبية مدن سيطرة الانقلابيين تتأهب حالياً لحدوث أزمة خانقة في المشتقات النفطية، وأن هناك حالة من الهلع تعم الشارع اليمني في صنعاء وبقية المناطق؛ خوفاً من اندلاع أزمة جديدة ربما تؤثر في كل مناحي الحياة الاقتصادية والمعيشية.

جانب من اندلاع أزمة وقود سابقة في مناطق سيطرة الحوثيين (إكس)

واشتكى سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من قيام عدد من محطات التزود بالوقود بتخفيض حصص البيع اليومي للمشتقات إلى درجة كبيرة، وذلك عقب الغارات على ميناء رأس عيسى بالحديدة.

واتَّهم السكان جماعة الحوثيين بتعمد إخفاء كميات ضخمة من الوقود بمخازن سرية كانت قد استحدثتها خلال فترات ماضية، ليس بغرض توزيعها في السوق حتى يستفيد الناس منها، بل لاستخدامها في الأغراض العسكرية، وبيع جزء منها في السوق السوداء لتعويض ما خسرته من العائدات المالية التي كانت تجنيها من الوقود الواصل عبر ميناء رأس عيسى.

مقاسمة الكميات

استنكر السكان في صنعاء تعليمات الجماعة الحوثية الأخيرة التي تجبر مُلاك محطات الوقود على مقاسمتها كمية المحروقات التي تمتلكها، بعيداً عما قد يكابده الملايين من معاناة حال اندلاع أزمة جديدة.

وكشف مالك محطة وقود بصنعاء، اشترط إخفاء اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقِّيه تعليمات من قيادات حوثية تدير وزارة النفط والمعادن بالحكومة غير المعترَف بها، تُلزمه وبقية ملاك المحطات في صنعاء وبقية المناطق بتخفيض حصص البيع اليومي للمستهلكين، وتخصيص نصف كميات الوقود المتوفِّرة لديهم لمصلحة مجهودهم الحربي.

الجماعة الحوثية تجني ملايين الدولارات يومياً من تجارة الوقود (أ.ف.ب)

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت منذ 5 أبريل (نيسان) الحالي، حظراً على وصول الوقود إلى موانئ الحديدة الخاضعة للحوثيين في إطار مساعيها لتضييق الخناق على الموارد المالية للجماعة بعد تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية، وفرض عقوبات على عدد من قادتها.

وتنفيذاً لهذه الإرادة الأميركية، دمرت المقاتلات الأميركية، الخميس الماضي، ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة، وأخرجته عن الخدمة في سياق الحملة التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) الماضي.

وجاء في بيان القيادة المركزية الأميركية على منصة «إكس» أن «القوات تحرّكت لتدمير الميناء الذي يشكل مصدر وقود للإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران، وحرمانهم من إيرادات غير مشروعة تموّل جهودهم لإرهاب المنطقة بأسرها منذ أكثر من 10 سنوات».

ودخلت صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية على مدى سنوات ماضية من عمر الانقلاب والحرب، في أتون أزمات متعددة، أثرت بشكل مباشر وغير مباشر في حياة ومعيشة وصحة ملايين اليمنيين.


مقالات ذات صلة

اليمن: توقع أممي بتدهور حاد في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة

العالم العربي غالبية أطفال النازحين في اليمن يلجأون إلى العمل للمساعدة في توفير المعيشة (إ.ب.أ)

اليمن: توقع أممي بتدهور حاد في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة

توقعت تقارير أممية أن تشهد أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تدهوراً إضافياً خلال الأشهر الأربعة المقبلة مع استمرار العوامل المسببة لها وانخفاض المساعدات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ملايين اليمنيين يعانون الجوع ويُجبَر الآلاف منهم على التظاهر مع الحوثيين (إعلام محلي)

كيف استفاد الحوثيون من القبضة الأمنية لنظام الأسد؟

استنسخ الحوثيون القبضة الأمنية لنظام الأسد وتلقوا تدريبات في دمشق على القمع والإدارة والسيطرة على المؤسسات والاقتصاد، وتسهيلات للمرور إلى لبنان وإيران

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

إسرائيل تعترض باليستيين حوثيين والجماعة تهدد بالمزيد

تبنت الجماعة الحوثية الخميس إطلاق صاروخين باليستيين وطائرتين مسيّرتين باتجاه إسرائيل وتوعدت بالمزيد في سياق ما تقول إنه مساندة للفلسطينيين

علي ربيع (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يهاجم الحوثيين في ذكرى «الوحدة» ويضع 3 شروط لبناء الدولة

اغتنم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الذكرى 35 لقيام الوحدة بين شمال البلاد وجنوبها لمهاجمة الحوثيين بِعَدّ مشروعهم الخطر الوجودي الأكبر.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي زوارق قطر تسحب سفينة يونانية هاجمها الحوثيون العام الماضي في البحر الأحمر (رويترز)

اليمن يدعو إلى شراكة إقليمية ودولية استراتيجية لإنهاء تهديد الحوثيين للملاحة

جددت الحكومة اليمنية الدعوة إلى تشكيل شراكة إقليمية ودولية استراتيجية لإنهاء تهديد الحوثيين للملاحة، وكذا دعمها لبسط سيطرتها على كامل التراب اليمني

«الشرق الأوسط» (عدن)

اليمن: توقع أممي بتدهور حاد في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة

توزيع مساعدات للنازحين اليمنيين في الحديدة بدعم سعودي (الأمم المتحدة)
توزيع مساعدات للنازحين اليمنيين في الحديدة بدعم سعودي (الأمم المتحدة)
TT

اليمن: توقع أممي بتدهور حاد في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة

توزيع مساعدات للنازحين اليمنيين في الحديدة بدعم سعودي (الأمم المتحدة)
توزيع مساعدات للنازحين اليمنيين في الحديدة بدعم سعودي (الأمم المتحدة)

في وقت يعجز فيه ملايين اليمنيين عن تلبية احتياجاتهم الضرورية جراء التدهور في الأوضاع المعيشية بفعل ما خلفه الصراع المستمر، توقعت تقارير أممية حديثة أن تشهد أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تدهوراً إضافياً خلال الأشهر الأربعة المقبلة، مع استمرار العوامل المسببة لها وانخفاض المساعدات الإنسانية.

وفي حين تشير التقارير الأممية إلى أن أزيد من 17 مليون يمني باتوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، يتهم سياسيون وحقوقيون الجماعة الحوثية بتجاهل تفاقم المعاناة الإنسانية والاستمرار في شن الهجمات العبثية ضد إسرائيل لاستدعاء ضربات تدميرية جديدة تقضي على ما تبقى من المنشآت.

وتتخوف المصادر الأممية من اشتداد الأزمة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية خلال الأشهر المقبلة، في ظل التصعيد المستمر وتراجع دعم المانحين الذي تسبب بزيادة الصعوبات المعيشية والصحية التي يواجهها اليمنيون في المناطق كافة.

غالبية أطفال النازحين في اليمن يلجأون إلى العمل للمساعدة في توفير المعيشة (إ.ب.أ)

وفي هذا السياق، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، في تقرير حديث لها، أن من المتوقع أن تتفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن خلال موسم العجاف مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول) 2025، نتيجة استمرار العوامل الرئيسية المسببة لها، بما في ذلك تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار الغذاء والوقود والانخفاض الكبير في المساعدات الإنسانية.

ورأت منظمة «فاو» أن تصنيف الولايات المتحدة للجماعة الحوثية بأنها منظمة إرهابية أجنبية والعقوبات الاقتصادية المرتبطة بها، إضافة إلى توقف المساعدات الإنسانية، سيزيد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ارتفاع الأسعار

أشارت المنظمة الأممية «فاو» إلى الانخفاض الحاد في واردات الغذاء والوقود إلى مواني سيطرة الحوثيين (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، بسبب تضرر وتدهور بنيتها التحتية وانخفاض سعة تفريغ البضائع فيها، جراء الغارات الجوية المستمرة على مدار الأشهر السبعة الماضية.

وذكرت المنظمة أن ذلك ينذر بارتفاع أسعار المواد الغذائية في مناطق الجماعة الحوثية، وتفاقم أزمة الأمن الغذائي المتردية أصلاً، لا سيما في ظل التوقف الحالي للإغاثة الإنسانية وانخفاض تمويلات المانحين.

في غضون ذلك، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في اليمن بأن أكثر من 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

النازحون اليمنيون يواجهون الاكتظاظ والظروف المعيشية المضنية (الأمم المتحدة)

وذكر المكتب الأممي، في بيان له، أن ملايين اليمنيين، لا سيما الأطفال والنساء، يواجهون خطر الجوع وسوء التغذية، لافتاً إلى أن منظمات الإغاثة بحاجة إلى دعم عاجل لتقديم المساعدات المنقذة للأرواح لأولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها في اليمن.

وأوضح أن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن لا يحصلون على ما يكفي من المياه لتلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية، مشيراً إلى أن نقص موارد المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية يعرض حياة الناس للخطر.

وكان المكتب الأممي قد أعلن، في وقت سابق، أن نصف سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مؤكداً أن نحو 55 في المائة من الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية المزمن.