الجيش الأميركي يكثف ضرباته على معاقل الحوثيين في صعدة

الجماعة زعمت مهاجمة إسرائيل وحاملة الطائرات «ترومان»

مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)
مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)
TT

الجيش الأميركي يكثف ضرباته على معاقل الحوثيين في صعدة

مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)
مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)

كثّف الجيش الأميركي ضرباته على مواقع الحوثيين ومخابئهم في صعدة شمال اليمن، حيث معقلهم الرئيس، في الأسبوع الثاني من الحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب لإرغام الجماعة على وقف هجماتها ضد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقي نحو 17 غارة جوية على مدينة صعدة وأريافها ليل الثلاثاء - الأربعاء، امتدت الضربات إلى محافظة عمران المجاورة، وسط تكتم على آثار هذه الضربات التي يعتقد أنها تستهدف مخابئ محصنة للأسلحة والقادة.

وإذ تبنت الجماعة الحوثية مهاجمة إسرائيل وحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالطائرات المسيرة، لم يؤكد الجيش الإسرائيلي ولا القيادة المركزية الأميركية هذه المزاعم.

وأورد إعلام الجماعة أن 17 غارة استهدفت صعدة، حيث شملت شرقي المدينة ومنطقة آل سالم ومديرية سحار التي استقبلت لوحدها سبع غارات، كما شملت الغارات محيط مدينة صعدة ومديرية حرف سفيان المجاورة إلى الجنوب والتابعة لمحافظة عمران.

ولم يورد الجيش الأميركي تفاصيل حول هذه الضربات، كما لم تورد الجماعة الحوثية أي معلومات بخصوص طبيعة الأهداف المقصوفة، أو عدد الضحايا، غير أن مراقبين يتكهنون بتلقي تحصينات الجماعة ومستودعاتها ومقراتها ضربات موجعة.

ومع هذه الضربات تكون محافظة صعدة استقبلت مع اقتراب نهاية الأسبوع الثاني من الحملة الأميركية الحصة الكبرى من الضربات التي بلغت نحو 135 غارة منذ 15 مارس (آذار) الجاري، إلى جانب صنعاء والحديدة والجوف وذمار وحجة والبيضاء وذمار.

وكان ترمب أمر في 15 مارس الجاري ببدء حملة ضد الحوثيين، توعدهم خلالها بـ«القوة المميتة» وبـ«القضاء عليهم تماماً» في مسعى من إدارته لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الجماعة المدعومة من إيران.

وتدعي الجماعة أنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال استهداف السفن الإسرائيلية وعبر الصواريخ والمسيرات بعد أن تعثرت المرحلة الثانية من الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس».

آثار ضربة أميركية في موقع حوثي شمال اليمن (رويترز)

وتضاف هذه الغارات إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية أميركية وبريطانية استقبلتها في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، دون أن يحدّ ذلك من قدرتها على الهجمات في البحر وباتجاه إسرائيل.

ورغم تصريح إدارة ترمب بأن حملتها ضد الحوثيين ستكون مختلفة عن طريقة بايدن الدفاعية لتشمل استهداف القادة ومخابئهم، لا تتوقع الحكومة اليمنية ولا المراقبون العسكريون نتائج مختلفة بسبب عدم وجود قوة على الأرض يمكنها إنهاء تهديد الجماعة بشكل نهائي.

مزاعم عن هجمات

في مواجهة الحملة الأميركية، زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، أنها هاجمت إسرائيل بعدد من الطائرات المسيرة، وهي أول مرة تتبنى فيها الجماعة إطلاق المسيرات منذ عودة تصعيدها تجاه تل أبيب، حيث اقتصرت هجمات الأسبوع الماضي على إطلاق سبعة صواريخ باليستية أكد الجيش الإسرائيلي اعتراضها.

وفي حين لم يتحدث الجيش الإسرائيلي عن هذه الهجمات المسيّرة، زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع استهداف القطع الحربية المعادية في البحر الأحمر وعلى رأسها حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان».

ومع عدم وجود أي دلائل على تأثير هذه الهجمات، كانت الجماعة تبنت مهاجمة القوات الأميركية نحو 9 مرات بالصواريخ والمسيرات، وهو أمر يرى فيه المراقبون نوعاً من الدعاية الموجهة إلى أتباع الجماعة.

صواريخ ومسيرات حوثية وهمية معروضة في أحد شوارع صنعاء لرفع معنويات أتباع الجماعة (أ.ف.ب)

وكانت الجماعة الحوثية دخلت على خط التصعيد ضد إسرائيل بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأطلقت نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة، دون أن يكون لها أي تأثير عسكري باستثناء مقتل شخص واحد في 19 يونيو (حزيران) الماضي حينما انفجرت مسيرة في إحدى الشقق.

وتبنت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى هدنة غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مهاجمة 211 سفينة، وأدّت الهجمات إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.

وبعد دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت الجماعة أعلنت التوقف عن هجماتها البحرية وباتجاه إسرائيل، قبل أن تقفز مجدداً للانخراط في الصراع مع تعثر المرحلة الثانية من الهدنة.

وتسود مخاوف يمنية من هجمات إسرائيلية انتقامية ضد المناطق الخاضعة للحوثيين على غرار 5 موجات شهدها العام الماضي استهدفت البنى التحتية في صنعاء والحديدة، بما فيها المطار والميناء ومحطات الكهرباء.


مقالات ذات صلة

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

العالم العربي معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد لمصلحة مشروعها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تُقوّض وحدة القرار السيادي، وتخدم مشروع إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية اليوم الجمعة أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

بدأ الحوثيون في الأيام الأخيرة الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتهم المقبلة في وقت أبدت فيه قيادة الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الجماعة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع مسؤول أممي (إعلام حكومي)

اليمن يعزز التنسيق مع المنظمات الدولية ويحذر من تجاوز أنظمة الاستيراد

اليمن يعزز تنسيقه مع المنظمات الأممية في مجالات الإغاثة والزراعة والحكومة تحذر من التفاف بعض التجار على أنظمة الاستيراد وتشدد على الالتزام بالآليات

«الشرق الأوسط» (عدن)

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.