«الشرعية» تدين تسخير الحوثيين إيرادات موانئ الحديدة لتمويل حربهم

TT

«الشرعية» تدين تسخير الحوثيين إيرادات موانئ الحديدة لتمويل حربهم

حولت الميليشيات الحوثية تهديدها بخصوص نهب الأموال المجمدة في فرع البنك المركزي في محافظة الحديدة الناجمة عن إيرادات الموانئ في المحافظة إلى واقع بعد أن بدأت التصرف فيها لدعم مجهودها الحربي، بعيدا عن الاتفاق الذي كانت أبرمته مع الأمم المتحدة والحكومة الشرعية لتسخير هذه الموارد لصرف رواتب الموظفين الحكوميين.
ونددت الحكومة اليمنية في بيان رسمي لوزارة الخارجية بالانتهاك الحوثي واتهمت الجماعة بنهب الإيرادات من رسوم استيراد المشتقات النفطية من الحساب الخاص في البنك المركزي في الحديدة والتي تصل لأكثر من 35 مليار ريال يمني (نحو 60 مليون دولار) مخصصة لصرف مرتبات موظفي الخدمة المدنية. ووصفت الخارجية اليمنية في بيانها التصرف الحوثي بأنه «مخالفة صارخة لتفاهمات الإجراءات المؤقتة لاستيراد المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة التي تم الاتفاق عليها مع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن». وحملت الخارجية في بيانها الجماعة الحوثية «مسؤولية إفشال تلك التفاهمات وما سيترتب عليها من تبعات» كما دعت الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها باعتبارها الطرف المراقب والضامن لتنفيذ الإجراءات المؤقتة وإلزام الحوثيين بتسليم البيانات الخاصة بالوضع الحالي للحساب الخاص.
وأكدت وزارة الخارجية اليمنية أن استمرار ميليشيات الحوثي في التملص من تطبيق الاتفاقات والتعهدات «دليل واضح لعدم رغبة الجماعة بالسلام واستمرارها في نهب ليس فقط المساعدات الدولية، بل أيضا رواتب الموظفين، لصالح تغذية حربها العبثية».
وفي حين دعت الخارجية اليمنية المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى اتخاذ موقف جاد وحازم تجاه ممارسات وانتهاكات هذه الميليشيات، كان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عبر عن قلقه إزاء نيات الجماعة لسحب أموال من الحساب الخاص في فرع البنك المركزي اليمني بالحديدة.
وقال غريفيث خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي «لقد طلب مكتبي مراراً من الحوثيين الوثائق المطلوبة للتحقق من نشاط الحساب الخاص، كما كتبت إلى قيادتهم للتأكيد على هذا الطلب شخصياً، ونعمل الآن مع الطرفين للاتفاق على طريقة للمضي قدماً في هذا الملف الشائك».
يشار إلى أن الأمم المتحدة كانت رعت اتفاقا بين الجماعة الحوثية والحكومة الشرعية بخصوص رسوم الجمارك والضرائب على وارادات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة، وتحييد هذه المبالغ في حساب خاص لاستخدامها لصرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الجماعة.
وكانت الجماعة المدعومة إيرانيا أقدمت على قطع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها منذ أواخر 2016، رغم الموارد المالية الضخمة التي تجنيها من الضرائب والجمارك والإتاوات والرسوم المتنوعة بما فيها عائدات بيع وتسويق المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها.
وتخصص الجماعة ميزانيات تشغيلية للمؤسسات الخاضعة لها بنظر كبار قادتها المعينين في مختلف مفاصل الجهات الإيرادية، حيث تسخر أغلب الأموال التي تجنيها لمصلحة المجهود الحربي والإنفاق على عمليات التجنيد والاستقطاب.
ولا تكتفي الجماعة الموالية لإيران بالاستيلاء على إيرادات المؤسسات الحكومية الخاضعة لها بل تتعدى ذلك إلى الاستحواذ على كثير من الدعم الأممي والدولي الإنساني بحسب اتهامات حكومية وأممية.
وفي وقت سابق حذر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، من احتمال توقف 31 برنامجاً للمساعدة في اليمن، خلال أسابيع؛ بسبب نقص التمويل.
وقال دوجاريك خلال مؤتمر صحافي عقده عبر دائرة تلفزيونية، مع صحافيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك إن 31 برنامجاً رئيسياً للأمم المتحدة في اليمن من أصل 41. من المتوقع إغلاقها في الأسابيع المقبلة، ما لم يتوفر تمويل مباشر فوري.
وتمثل القيود والعراقيل الحوثية معضلة أخرى أمام الجهود الأممية الإنسانية، وهو ما يؤدي إلى إبطاء وتيرة التدخل الإنساني أو إيقافها في بعض الأحيان بسبب الاستيلاء على المساعدات أو بسبب منع الجماعة تنفيذ المشاريع الإغاثية والإنسانية.
وكان الأمين العام المساعد في الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية راميش راجاسينجهام قال خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن إن الميليشيات الحوثية «رفضت منح الموافقة على 93 مشروعاً منقذاً للحياة، في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، بقيمة 180 مليون دولار».
وأكد المسؤول الأممي أن تحديات الوصول في مناطق سيطرة الجماعة أكثر حدة، بسبب التأخيرات التعسفية في التنقل والاحتجاز والمضايقة والتدخل في عمليات المساعدة.
وفي سياق متصل بانتهاكات الجماعة المستمرة في محافظة الحديدة (غرب) كانت جددت الاثنين الماضي استهداف مطاحن البحر الأحمر في ‎مدينة الحديدة بقذيفة صاروخية في سياق مساعيها لاستهداف مخزون القمح الأممي وحرمان آلاف الأسر من الحصول على المساعدات.
وجاء الاستهداف الحوثي الجديد للمطاحن - بحسب ما أفاد به وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني - «بعد أشهر من عرقلة الجماعة لأعمال معالجة وتفريغ آلاف الأطنان من القمح التابعة لبرنامج الغذاء العالمي وتوزيعها للمحتاجين».
وقال الوزير اليمني إن «كميات القمح المخزنة في المطاحن تغطي احتياجات ثلاثة أشهر لمحافظات صنعاء، والحديدة، وإب، وتمت معاينتها ومعالجتها من قبل منظمة الغذاء العالمي، ومنحت الحكومة التصاريح اللازمة لتفريغ وتوزيع الكميات على ملايين المواطنين، إلا أن الميليشيات الحوثية لم تسمح للعاملين بالمرور وعاودت استهداف المطاحن أكثر من مرة».
‏وطالب الإرياني المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وبعثة الرقابة الأممية في محافظة الحديدة برئاسة الجنرال أبهيجيت غوها بإدانة ما وصفه بـ«الهجوم الإرهابي وكل انتهاكات الميليشيا الحوثية لوقف إطلاق النار واتفاق استوكهولم، واتخاذ خطوات جدية لضمان وصول هذه المواد والمقدرة بـ51 ألف طن إلى المحتاجين».


مقالات ذات صلة

بدء توافد الحجاج اليمنيين للأراضي المقدسة عبر 4 مطارات ومنفذ بري

خاص وكيل وزارة الأوقاف اليمنية الدكتور الرباش خلال جولاته للاطلاع على مخيمات الحجاج اليمنيين (الشرق الأوسط)

بدء توافد الحجاج اليمنيين للأراضي المقدسة عبر 4 مطارات ومنفذ بري

بدأ توافد الحجاج اليمنيين البالغ عددهم نحو 24255 حاجاً للأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج وسط منظومة تسهيلات من مختلف الجهات.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
تحت مسمى إعادة تأهيل مطار صنعاء فرض الحوثيون جبايات واسعة على قطاعات مختلفة (أ.ف.ب)

جبايات حوثية لتعويض خسائر الضربات الأميركية والإسرائيلية

بدأت الجماعة الحوثية حملة جبايات جديدة على مختلف القطاعات والأنشطة التجارية والخدمية لتعويض خسائرها جراء الغارات الجوية، مستخدمة وسائل ضغط وابتزاز جديدة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي العميد طارق صالح نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني (المقاومة الوطنية)

طارق صالح: قرار وقف هجمات البحر الأحمر جاء من إيران

قال مسؤول يمني رفيع، إن الضربات الأميركية الأخيرة على جماعة الحوثيين كانت «موجعة» باعتراف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وأدت إلى مقتل أعداد كبيرة من الحوثيين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي تكتم حوثي غداة ضربات إسرائيلية استهدفت ميناءي الحديدة والصليف

تكتم حوثي غداة ضربات إسرائيلية استهدفت ميناءي الحديدة والصليف

يستمر التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل، مع وعيد متبادل؛ حيث توعد قادة إسرائيليون باغتيال عبد الملك الحوثي، في حين رد قيادي حوثي بالتهديد باستهداف منشآت نفطية عبرية

وضاح الجليل (عدن)
الخليج رئيس الوزراء اليمني خلال لقاء وفد الاتحاد الأوروبي في الرياض (سبأ)

رئيس الوزراء اليمني يبحث مع الاتحاد الأوروبي الأولويات ومستقبل الشراكة

يعتزم الاتحاد الأوروبي إصدار تقدير موقف قريباً بشأن اليمن والهجمات الحوثية المستمرة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر: جدل «سرقة» الدجوي يتصاعد عقب ظهور خلافات أسرية

نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)
نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)
TT

مصر: جدل «سرقة» الدجوي يتصاعد عقب ظهور خلافات أسرية

نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)
نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)

تصاعد الجدل في مصر حول بلاغ «سرقة» شقة رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، نوال الدجوي، وذلك عقب حديث عن خلافات أسرية حول الميراث، واتهامات لحفيدين بـ«التورط في سرقة مبلغ يصل إلى نحو 223 مليون جنيه (الدولار 49.88 جنيه) و15 كيلوغراماً من الذهب».

وتحوز القضية، منذ صباح الاثنين، اهتمام الرأي العام في مصر، المنقسم بين متعاطف مع نوال الدجوي، وآخرين معلقين على ضخامة المبلغ، وعن أسباب الاحتفاظ بـ«50 مليون جنيه، و13 مليون دولار، و350 ألف جنيه استرليني، و15 كيلوغراماً من الذهب في خزن داخل شقة سكنية»، وفق ما أفاد به محضر السرقة.

الدجوي في إحدى الحفلات لمدارسها (جامعة أكتوبر للعلوم والآداب - «فيسبوك»)

ونوال الدجوي واحدة من رواد التعليم الخاص في مصر، سبق أن كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2019، بوصفها واحدة من النساء الرائدات في مجال التعليم، خاصة أنها أول من افتتحت مدرسة لغات مصرية عام 1985، وكانت تبلغ آنذاك 21 عاماً فقط. وحصلت نوال الدجوي على الدكتوراه الفخرية من جامعة غرينتش في إنجلترا.

ولدى نوال الدجوي ابن وابنة متوفيان، بالإضافة إلى 5 أحفاد. 3 من الذكور هم أبناء نجلها الراحل شريف الدجوي، أستاذ أمراض القلب بقصر العيني، الذي توفي عام 2015، وهم: أحمد الدجوي، مدير التسويق بجامعة «MSA» التي أسستها جدته؛ وعمرو الدجوي، مدير أكاديمية «كارير جيتس»؛ والمحاسب محمد الدجوي. أما ابنتها منى الدجوي، فكانت المديرة العامة للمدارس الخاصة التي أسستها والدتها في خمسينات القرن الماضي، ولديها ابنتان: إنجي محمد منصور، مديرة الموارد البشرية بجامعة «MSA»؛ والدكتورة ماهي محمد منصور، المدرّسة المساعدة في الجامعة نفسها.

وشكك ياسر صالح، وهو محامي أحمد وعمرو الدجوي، في حدوث الواقعة برمتها، متسائلاً عن كيفية «حفظ هذا المبلغ الضخم في 3 خزن فقط، في حين يحتاج على الأقل إلى عربة نصف نقل»، مشيراً خلال مداخلة تلفزيونية، مساء الاثنين، إلى أن نوال الدجوي لم تكتشف «السرقة» أو تبلغ عنها بنفسها، قائلاً إن «حفيدتها هي من ذهبت إلى الشقة، وحاولت فتح الخزنة، ثم توجهت لمحامي جدتها الذي قام بتقديم البلاغ نيابة عنها».

و«تمكث نوال الدجوي -التي جاوزت التسعين عاماً- عند حفيدتيها من نجلتها منى، في حين يُحرم أحفادها من نجلها شريف رؤيتها» حسب صالح، الذي أشار إلى وجود خلافات بين الأحفاد على الميراث، وأكثر من 20 قضية (جنائية ومدنية وقضائية وشرعية) في المحاكم. وتابع: «الحفيدتان تستأثران بها، وأن أحد الأحفاد رفع قضية حجر حتى يستأنس بها ويراها» على حد قول المحامي.

وقررت النيابة العامة، الاثنين، استدعاء نوال الدجوي لـ«جلسة تحقيق عاجلة»، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة لكشف ملابساتها وظروفها، والانتقال إلى محل الواقعة لإجراء المعاينة ورفع البصمات، لبيان مرتكب الواقعة.

وشكك صالح في استجابة الأسرة لطلب النيابة، وحضور الدجوي جلسة التحقيق، مشيراً، خلال بث مباشر مع موقع «مصراوي» الثلاثاء، إلى أنهم «تقدموا مساء أمس ببلاغ يتهم حفيدتي الدجوي من الإناث وزوج أحدهما بعملية السرقة وأُلحق بلاغهما بملف القضية»، مضيفاً أن «نيابة أكتوبر الجزئية حوّلت القضية إلى نيابة الجيزة الكلية، ما يعني ضم كل أوراق القضايا إلى بعضها أمام النيابة»، عادّاً القضية برمتها مجرد «خلاف عائلي»، ومعرباً عن استعداد الأطراف التي يمثلها لـ«التفاهم ودياً».

وعلّق الخبير الأمني، اللواء طارق جمعة، على آخر تطورات قضية الدجوي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود خلافات عائلية وقضايا سابقة على الميراث لا يمنع الأجهزة الأمنية من التحري عن واقعة السرقة محل البلاغ، بمعزل عن أي شيء آخر».

وأضاف: «إذا تبين في مرحلة ما أن القضية بلاغ كيدي من طرف ضد طرف، فهنا ستتغير مجريات القضية، ووصفها من قضية سرقة إلى بلاغ كيدي وإزعاج السلطات».

نوال الدجوي (جامعة أكتوبر الحديثة للعلوم والآداب - «فيسبوك»)

ويرى وكيل نقابة المحامين، مجدي سخي، أن القضية «مثيرة للشبهات»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الفاصل فيها هو المعاينة للكشف عما إذا كانت حدثت سرقة بالفعل أم لا، خصوصاً أن ما تقدم في البلاغ تغيير للأرقام السرية للخزن، أي أنها لم تُفتح بعد للتأكد من سرقتها.

وتوقع أن تنتهي القضية إلى مسار من اثنين؛ الأول «إثبات حدوث سرقة، وفي هذه الحالة يجوز الصلح، إذا كان مرتكب الواقعة من الأقارب، حال رغبت صاحبة البلاغ في ذلك»، أما في حالة «التأكد من عدم حدوث سرقة أو أن أحد الأطراف قدّم البلاغ كيدياً في الطرف الآخر فتتحول إلى بلاغ كاذب وإزعاج للسلطات».