غارات واشنطن تجبر الحوثيين على التخفي وإعادة التموضع

عائلات يمنية هربت من صعدة مع اشتداد الضربات

ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
TT

غارات واشنطن تجبر الحوثيين على التخفي وإعادة التموضع

ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)

للأسبوع الثاني على التوالي، تواصل المقاتلات الأميركية شن ضرباتها الجوية على مواقع للحوثيين في اليمن، مستهدفة بشكل مكثف محافظة صعدة؛ المعقل الأبرز للجماعة، وسط تقارير عن عمليات إعادة تموضع للقيادات الحوثية ونقل معدات عسكرية إلى مواقع أعلى تحصيناً.

ووفق مصادر يمنية مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن واشنطن باتت تركز هجماتها على المواقع التي يُعتقد أن عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، يختبئ فيها، إلى جانب مستودعات الأسلحة ومراكز القيادة والسيطرة.

وأكدت المصادر أن الحوثيين عمدوا منذ أشهر إلى نقل كميات ضخمة من الأسلحة وورشات التصنيع العسكري من صنعاء وعمران إلى مناطق وعرة في صعدة، خشية تعرضها للقصف.

وأفادت المعلومات بأن قيادات بارزة من الجماعة؛ بمن فيهم خبراء إيرانيون ومن «حزب الله» اللبناني، غادروا صنعاء ومدناً أخرى إلى معاقل الجماعة في صعدة، حيث توفر التضاريس الجبلية ملاذاً أفضل أماناً لهم.

أنصار للحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة لهم (أ.ب)

وتؤكد المصادر أن الحوثيين حفروا شبكة واسعة من الأنفاق والمخابئ داخل الجبال، تُستخدم مراكز قيادة ومستودعات أسلحة ومخابئ محصنة ضد الضربات الجوية.

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن أن قيادات حوثية بارزة اختفت عن الأنظار منذ بدء الضربات، ومن بينهم مهدي المشاط، رئيس ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى». كما رصدت المصادر تحركات لقيادات أخرى نقلوا عائلاتهم إلى صعدة تحسباً لتصعيد أكبر.

ووفق المصادر، فقد فرضت الجماعة إجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث قلّص القادة والمشرفون الحوثيون، خصوصاً القادمون من صعدة، من ظهورهم العلني وتحركاتهم، وتجنبوا حضور الاجتماعات الرسمية، بل لجأ بعضهم إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى شقق سرية أو مناطق نائية.

ومع استمرار الضربات الأميركية واتساع نطاقها، يرجح مراقبون عسكريون أن الحوثيين سيلجأون إلى استراتيجيات بديلة، مثل استخدام أنفاق تحت الأرض لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، أو إعادة نشر منظوماتهم الهجومية في مناطق أعلى تحصيناً.

وتبقى تساؤلات كثيرة مفتوحة بشأن مدى قدرة الجماعة على الصمود أمام الضربات المكثفة، وكيف ستؤثر هذه العمليات على خططها في استهداف الملاحة الدولية واستمرار تصعيدها العسكري في المنطقة.

نزوح من صعدة

وخلال الأسبوع الأخير، شنت المقاتلات الأميركية عشرات الغارات التي استهدفت مخازن أسلحة، وأنفاقاً محصنة، ومواقع عسكرية في مديريات: الصفراء، وساقين، وكتاف، وسحار، ومجز، ومدينة صعدة نفسها، ضمن حملة ترمب لتقويض قدرات الحوثيين على شن هجمات بحرية وتهديد الملاحة الدولية.

وتسببت الضربات المكثفة في نزوح واسع النطاق من مدينة صعدة ومديرياتها، وقد أفادت مصادر محلية بأن مئات العائلات غادرت منازلها خلال الأيام الأخيرة متجهة إلى محافظات حجة وعمران والجوف.

من آثار قصف أميركي استهدف الحوثيين في صعدة حيث معقل الجماعة (رويترز)

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن كثيراً من العائلات اضطرت إلى مغادرة مناطقها خشية الغارات، لكنها لم تتمكن من حمل أي ممتلكات معها بسبب ضيق الوقت، فيما لا تزال عائلات أخرى عالقة، غير قادرة على النزوح بسبب ظروفها الاقتصادية المتدهورة.

وكان الحوثيون نقلوا مطلع العام الحالي مركز الصواريخ والطائرات المسيّرة من عمران ومناطق أخرى، إلى كهوف ومواقع سرية في صعدة، وجرت العملية تحت إشراف كوادر مختصة من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، وذلك بهدف تأمين ما تبقى من ترسانتهم بعد الضربات الغربية.

وأكدت المصادر حينها أن عملية النقل جرت بسرية تامة، عبر شاحنات مدنية مموهة، وعلى دفعات متعددة، تجنباً لرصدها من قبل الطائرات الأميركية.


مقالات ذات صلة

إيران تندد بالضربات الأميركية على الحوثيين... و«حماس» تصفها بـ«العدوان الغاشم»

العالم العربي النيران تتصاعد بجوار المركبات المتفحمة بعد ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن (رويترز)

إيران تندد بالضربات الأميركية على الحوثيين... و«حماس» تصفها بـ«العدوان الغاشم»

ندَّدت إيران، اليوم (الجمعة)، بالضربات الأميركية «الهمجية» على ميناء نفطي يمني، التي أسفرت عن مقتل 58 شخصاً على الأقل، بحسب الحوثيين المدعومين من طهران.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي) play-circle

الجيش الأميركي: تدمير ميناء رأس عيسى الخاضع لسيطرة «الحوثيين»

قال الجيش الأميركي إنه اتخذ قراراً بحرمان جماعة «الحوثي» اليمنية من «الإيرادات غير القانونية» من تداول الوقود عبر ميناء رأس عيسى عبر استهداف الميناء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - فلوريدا)
العالم العربي سيارة جرفتها السيول في أحد أرياف محافظة إب (إكس)

​الأمطار تنذر بتكرار مآسي الأعوام الماضية في اليمن

مع بداية موسم الأمطار أنذرت الأضرار التي شهدتها محافظة إب اليمنيين بمخاطر جديدة نتيجة تطرفات التغيرات المناخية التي يعد اليمن من أشد البلدان تأثراً بها.

محمد ناصر (تعز)
الخليج فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» يفنّد 4 ادعاءات ضد «التحالف» في اليمن

فنّد «الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن» 4 ادعاءات موجّهة ضد «تحالف دعم الشرعية»، لحالات في محافظات صنعاء وصعدة وأبين، مستعرضاً مرفقات إحداثية وصور.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

واشنطن: نستهدف الحوثيين وقدراتهم العسكرية وعرقلة تدفق الأسلحة من إيران ودول أخرى

أكد السفير الأميركي لدى اليمن أن الضربات الجوية التي تشنها واشنطن على مواقع الحوثيين، تستهدف مستودعات الأسلحة، ومرافق التصنيع، ومراكز القيادة والسيطرة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

إيران تندد بالضربات الأميركية على الحوثيين... و«حماس» تصفها بـ«العدوان الغاشم»

النيران تتصاعد بجوار المركبات المتفحمة بعد ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن (رويترز)
النيران تتصاعد بجوار المركبات المتفحمة بعد ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن (رويترز)
TT

إيران تندد بالضربات الأميركية على الحوثيين... و«حماس» تصفها بـ«العدوان الغاشم»

النيران تتصاعد بجوار المركبات المتفحمة بعد ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن (رويترز)
النيران تتصاعد بجوار المركبات المتفحمة بعد ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن (رويترز)

ندَّدت إيران، اليوم (الجمعة)، بالضربات الأميركية «الهمجية» على ميناء نفطي يمني، التي أسفرت عن مقتل 58 شخصاً على الأقل، بحسب الحوثيين المدعومين من طهران.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي: «ندين بأشد العبارات الضربة الجوية الأميركية على ميناء رأس عيسى اليمني» عادّاً أنها «دليل على الجرائم العدوانية، وانتهاك صارخ للمبادئ الأساسية لشرعة الأمم المتحدة».

من جهتها، دانت حركة «حماس» الفلسطينية اليوم «العدوان الغاشم» بعد الضربات الأميركية ليلاً على ميناء نفطي في اليمن.

ورأت «حماس»، في بيان، أن «هذا العدوان الغاشم يُعدّ انتهاكاً صارخاً للسيادة اليمنية، ويمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، ويؤكد استمرار السياسات الأميركية العدوانية التي تستهدف الشعوب الحرة الرافضة للهيمنة الصهيونية والأميركية في المنطقة».

احتراق خزانات الوقود إثر ضربة أميركية على ميناء رأس عيسى في اليمن (رويترز)

وفي لقطات بثَّتها قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين، فجر اليوم، وقدَّمتها على أنها «أولى صور العدوان الأميركي» على الميناء النفطي، أضاءت كرة من النار المنطقة التي توجد فيها سفن، بينما ارتفعت أعمدة كثيفة من الدخان فوق ما يبدو أنه حريق. وأعلن الحوثيون مظاهرات اليوم ضد الضربات الأميركية، ولنصرة الفلسطينيين في غزة.

وفي المقابل، أعلن الجيش الأميركي أن قواته دمَّرت، الخميس، ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن، وذلك في إطار قطع الإمداد والتمويل عن الحوثيين. وجاء في بيان للقيادة العسكرية المركزية الأميركية، على منصة «إكس»، أن «قوات أميركية تحرَّكت للقضاء على هذا (المرفق الذي يُشكِّل) مصدر وقود للإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران، وحرمانهم من إيرادات غير مشروعة تموّل جهودهم لإرهاب المنطقة بأسرها منذ أكثر من 10 سنوات».