يمنيون يتطلعون لمعركة اللاعودة مع الحوثيين

تصريحات ترمب أعادت الثقة المفقودة

الغارات دمرت مخبأ للأسلحة في ميناء الصليف (إعلام محلي)
الغارات دمرت مخبأ للأسلحة في ميناء الصليف (إعلام محلي)
TT
20

يمنيون يتطلعون لمعركة اللاعودة مع الحوثيين

الغارات دمرت مخبأ للأسلحة في ميناء الصليف (إعلام محلي)
الغارات دمرت مخبأ للأسلحة في ميناء الصليف (إعلام محلي)

أعاد تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب باتخاذ إجراء عسكري حاسم ضد الحوثيين بعض الثقة في الأوساط السياسية والشعبية اليمنية بجدية واشنطن في إضعاف قدرات الجماعة، بعد خيبة الأمل التي تكونت بفعل أداء إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وعلى الرغم من تراجع عدد الغارات على مواقع الحوثيين ومخابئ قادتهم عما كانت عليه في بدايتها، فإن تأكيد ترمب بأنه لن يسمح لأي قوة إرهابية بمنع السفن التجارية والبحرية الأميركية من الإبحار بحرية في جميع أنحاء العالم، وتحذيره الحوثيين وداعميهم الإيرانيين من تحدي الولايات المتحدة، زادا من مساحة التفاؤل بجدية واشنطن في التعامل مع هذه الجماعة التي تسببت في المآسي التي يعيشها اليمنيون منذ عقد من الزمن، وفق ما يقوله الشارع اليمني.

ويؤكد الموظف الحكومي، عادل محمد وهو في العقد السادس من العمر، أن قطاعاً عريضاً من السكان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يتطلعون إلى ضربات فعلية تؤدي إلى إضعاف القدرة العسكرية للحوثيين وتصطاد أبرز قادتهم، على غرار ما حدث مع «حزب الله» اللبناني، ويؤكد أن عدم فاعلية الضربات الأميركية في عهد بايدن وفر للجماعة الحوثية مادة إعلامية للتغرير على البسطاء بأن الولايات المتحدة فشلت في هزيمتهم في البحر.

الضربات الأميركية على مواقع الحوثيين تتواصل بشكل يومي (الجيش الأميركي)
الضربات الأميركية على مواقع الحوثيين تتواصل بشكل يومي (الجيش الأميركي)

وشكلت الضربات غير المسبوقة التي نفذتها الولايات المتحدة على مواقع الحوثيين في 7 محافظات، بينها معاقل قادتهم في صنعاء وصعدة، تحولاً كبيراً في النهج الذي اتبعته واشنطن منذ بدء الهجمات على الملاحة في جنوب البحر الأحمر نهاية عام 2023؛ لأنها هذه المرة تستهدف قيادات في الجماعة ومخابئهم إلى جانب مواقع تخزين الأسلحة ومنصات الصواريخ في سيناريو قد يحاكي ما حدث لجماعة «حزب الله» في لبنان.

ولأن الهجمات الأميركية في عهد بايدن، والتي توقفت مع إبرام اتفاق غزة، كانت تركز على ضرب مواقع عسكرية معروفة أو منصات إطلاق الصواريخ ونادراً ما استهدفت مخازن فعلية للأسلحة، فقد رآها الكثير من اليمنيين عديمة الفائدة، ولم تكن فاعلة لإضعاف الحوثيين وتدمير قدرتهم على تهديد حركة الملاحة، طبقاً لما يقوله المعلم توفيق.

رفع منسوب الأمل

العمليات العسكرية الأميركية الجديدة، ورغم تشكيك قطاع عريض من السياسيين والناشطين بفاعليتها إذا لم ترافقها عمليات عسكرية على الأرض بالتعاون مع القوات المسلحة اليمنية، أظهرت إصراراً من ترمب على استهداف قواعد الحوثيين وقادتهم وأنظمة دفاعهم الصاروخية.

كما أعطت مصداقية لتهديده بأن الحوثيين سيواجهون جحيماً بطريقة لم يسبق لهم رؤيتها، وهذه كلها، ووفق مراقبين، زادت من منسوب الأمل، بخاصة بعد أنباء مصرع العشرات من عناصر وقادة الحوثيين في الضربات التي استهدفتهم.

للمرة الأولى أصبح قادة الحوثيين هدفاً للضربات الأميركية (إعلام محلي)
للمرة الأولى أصبح قادة الحوثيين هدفاً للضربات الأميركية (إعلام محلي)

ورغم مغادرة القيادات الحوثية البارزة مدينة صنعاء والاختباء في الكهوف الجبلية في محافظة صعدة، التي حولت أجزاء من مرتفعاتها ومرتفعات محافظة عمران إلى مواقع لتخزين الأسلحة والمراكز القيادية، فإن محمود، وهو أيضاً موظف حكومي، يعتقد أن الأسلحة المتطورة لدى الأميركيين بإمكانها الوصول إلى مخابئ قادة الحوثيين وأسلحتهم في تلك المرتفعات.

ووفق المحلل السياسي والأمني اليمني المقيم في الولايات المتحدة، محمد الباشا، فإن الصراع بين الحوثيين والولايات المتحدة دخل مستوى جديداً من الشدة، حيث تشكل الغارات الجديدة تحولاً مهماً بعد أن تم استهداف حي الجراف، وهو الحي الذي يُعرف بأنه معقل للحوثيين، ويضاهي منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث معقل «حزب الله» اللبناني.

ويؤكد الباشا أن الحي المستهدف يضم قيادات حوثية عليا وبنية تحتية. ويشير إلى أن الموجة الثانية من الغارات الأميركية استهدفت محافظة صعدة، مسقط رأس معظم قادة الحوثيين. ويجزم بأن هذا يشكل «نقطة اللاعودة»، وأنه من الآن وصاعداً، أصبحت هناك قطيعة بين الحوثيين والقيادة المركزية الأميركية.

تطلع حكومي

تنظر مصادر حكومية يمنية إلى مضي الولايات المتحدة في استهداف الحوثيين مع قولها بعدم وجود مدى زمني لهذه العمليات، واستهداف الرؤوس الكبيرة في جماعة الحوثي، بأنه يفتح الباب أمام سيناريو مشابه لما حدث في لبنان، والذي أدى إلى إضعاف القدرة العسكرية لـ«حزب الله»، ويجبر الحوثيين على الانخراط في العملية السياسية بعد أن أحبطوا عدة محاولات لإحلال السلام.

لحظة إطلاق صاروخ من مدمرة أميركية لاستهداف الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
لحظة إطلاق صاروخ من مدمرة أميركية لاستهداف الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)

وتؤكد المصادر أن مواصلة استهداف مخابئ قادة الحوثيين في صعدة ومخازن الأسلحة الجديدة ستؤدي إلى إضعاف قدرتهم على المناورة العسكرية، وستفشل خططهم للذهاب نحو التصعيد ميدانياً مع القوات الحكومية، وبالذات استهداف منابع النفط والغاز في محافظة مأرب.

ومع توقع المصادر أن يزداد بنك الأهداف الأميركية في اليمن خلافاً للمرات السابقة، تعيد المصادر التذكير بأنه، وبعد الضربات التي وُجّهت لمحور إيران في لبنان وسوريا، فإن طهران تعد الحوثيين ليكونوا رأس حربة لذلك المحور، من خلال استغلال الموقع الجغرافي لليمن لتهديد الملاحة والأمن الدوليين في المنطقة.

وتربط المصادر بين نجاح هذه العمليات والتنسيق مع القوات الحكومية؛ لأن تدمير القدرة العسكرية للحوثيين لن يؤدي إلى إنهاء خطرهم في اليمن فقط، ولكن تأثيره سيمتد إلى مواقع أخرى في المنطقة بأكملها.


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على ضرورة احتواء التصعيد في غزة ولبنان واليمن

شمال افريقيا بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية) play-circle

مصر تشدد على ضرورة احتواء التصعيد في غزة ولبنان واليمن

أعرب بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، اليوم (السبت)، عن موقف بلاده الرافض «أي تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب اللبناني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

سكان صنعاء يحمّلون الحوثيين مسؤولية استدعاء الغارات الأميركية

أثارت الضربات الأميركية على صنعاء موجة سخط واسعة بين سكان المدينة، الذين أجمعوا على تحميل قادة الجماعة الحوثية مسؤولية استدعائها لهذه الغارات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي على مدار الساعة تستهدف المقاتلات الأميركية مواقع مختارة للحوثيين (الجيش الأميركي)

بنك الأهداف الأميركية يتوسّع في مناطق سيطرة الحوثيين

مع انقضاء الأسبوع الأول من الضربات، وسَّعت واشنطن بنك أهدافها في مناطق سيطرة الحوثيين لتشمل مخابئ القيادة والسيطرة، ومخازن الصواريخ والمسيَّرات، ومواقع الإطلاق.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)

رسالة قاآني تجلي جماعة الحوثي من بغداد

اضطرت جماعة «الحوثي» اليمنية إلى إخلاء مقر لها في العاصمة العراقية بغداد، بعد رسالة تحذير إيرانية، وإجماع داخل تحالف «الإطار التنسيقي» على تجنب التصعيد.

«الشرق الأوسط» ( طهران) علي السراي (لندن)
شؤون إقليمية مطار بن غوريون في تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي

أعلن متحدث عسكري حوثي، استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سكان صنعاء يحمّلون الحوثيين مسؤولية استدعاء الغارات الأميركية

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
TT
20

سكان صنعاء يحمّلون الحوثيين مسؤولية استدعاء الغارات الأميركية

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

أثارت الضربات الأميركية على العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، موجة سخط واسعة بين سكان المدينة؛ حيث أجمعوا على تحميل قادة الجماعة الحوثية مسؤولية مساعيها لإشعال فتيل حرب جديدة، واستدعائها لهذه الغارات، مع تجاهلها المستمر للمخاطر المحدقة بملايين السكان أمنياً ومعيشياً.

ووصف السكان في صنعاء الغارات الأخيرة على مناطق مدينتهم بأنها الأشد والأعنف من سابقاتها من الضربات الإسرائيلية والغربية، موضحين أنها أثارت حالةً من الرعب غير المسبوق، وألحقت أضراراً كبيرة بعدد من المساكن القريبة من المواقع المستهدَفة، التابعة للحوثيين.

وأبدى أسامة، وهو مالك محل ملابس بصنعاء تخوفه من عدم الوصول إلى أي اتفاق فيما تبقَّى من أيام شهر رمضان يُفضي إلى وقف فوري للتصعيد الحوثي ضد الملاحة الدولية، وإيقاف الضربات على صنعاء وبقية المدن.

وأوضح مالك المتجر لـ«الشرق الأوسط»، أن الغارات على صنعاء كانت «مخيفة»، وأشاعت حالة رعب بين السكان، وأرغمت كثيراً منهم، لا سيما النساء، على الامتناع عن الخروج للأسواق لشراء مستلزمات عيد الفطر.

الغارات الأميركية حوَّلت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)
الغارات الأميركية حوَّلت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)

واضطر أسامة - وهو موظف حكومي سابق أقصته الجماعة من عمله في إحدى المؤسسات قبل أشهر عدة - إلى بيع ما تبقى من حُلي زوجته وتأسيس مشروع متواضع، لكنه يُبدي خشيته من استمرار التصعيد الحوثي الذي قد يقود إلى توسُّع واشتداد الغارات على صنعاء، وتأثير ذلك سلباً على تجارته من الملابس.

وعقب كل غارة أميركية على صنعاء خلال الأسبوع الماضي تكاد تخلو الشوارع من المارة بما فيها تلك الواقعة إلى شمال المدينة ووسطها، حيث يُسارِع السكان للعودة إلى منازلهم خشية حصول أي مكروه لهم أو لذويهم؛ بسبب الضربات.

نزوح ومعاناة

مع تكثيف الطيران الأميركي غاراته الجوية على منطقة الجراف التابعة لمديرية الثورة شمال صنعاء، اضطر عبد الله، وهو أحد سكان حارة الربعين بحي الجراف الغربي، إلى النزوح إلى منزل أحد أقربائه في جنوب صنعاء؛ حِفاظاً على سلامة عائلته.

ويحكي عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، عن حالة رعب غير مسبوقة عاشها مع أفراد عائلته على مدى الأيام القليلة الماضية وقبيل النزوح من الحارة إثر الغارات الأميركية المتوالية على المناطق القريبة منهم في الجراف؛ حيث تعدّ المنطقة مركزاً للموالين للحوثيين.

وقال: «إن حارات القيوم، والبلسة، والمؤيد، والنوبة، وبير زيد، وعرهب، وغيرها في الجراف الغربي والشرقي بصنعاء باتت حالياً شبه خالية من السكان، بعد أن لجأ كثير منهم للنزوح الإجباري إلى مناطق عدة أكثر أمناً بصنعاء وخارجها».

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأضاف أن الجماعة الانقلابية مارست مختلف الضغوط عليهم لإرغامهم على البقاء في منازلهم حتى يكونوا عرضةً لأي استهداف قادم؛ بغية استثمار ذلك إنسانياً على مستويى الداخل والخارج.

ويعاني سكان صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، من صعوبة العيش، وغياب أبسط الخدمات، وغلاء الأسعار، وانقطاع الرواتب، وتدهور الحالتين الأمنية والاقتصادية، وتفشي البطالة، واستمرار سياسات الفساد والتجويع.

من جهته يحمّل جمال وهو أحد سكان حي عصر في صنعاء قادة الجماعة الحوثية كامل المسؤولية لما تَعرَّض له وأفراد عائلته من حالة فزع ورعب شديدة، وتَعرُّض زجاج منزله للتهشيم جراء غارة أميركية، وصفها بـ«العنيفة» استهدفت منطقة فج عطان القريبة من الحي الذي يقع فيه منزله.

وأكد جمال وجود حالة سخط بين سكان الحي لجهة استدعاء الانقلابيين الحوثيين لهذه الغارات وما سبقتها من ضربات إسرائيلية وأميركية وبريطانية. وقال إنه يأمل في أن يتم الضغط بأي طريقة على قادة الجماعة لإجبارهم على وقف التصعيد الذي قد يجر البلد إلى مزيد من الفوضى.

وكانت الولايات المتحدة أطلقت، الأسبوع الماضي، حملةً جديدةً ضد الحوثيين أمر بها الرئيس ترمب، استهدفت صنعاء و7 محافظات أخرى، وطاولت لأول مرة حي الجراف شمال صنعاء الذي يعدّ معقلاً رئيسياً للجماعة الحوثية.