فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

الموضوع الواحد ليس ظاهرة لكن الحياة تدبُّ مجدداً في عروق الرعب

من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)
من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)
TT

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)
من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)

استيقظت هوليوود على صرخة مدوّية أطلقها وحش بشكلٍ آدمي لا اسم له، وإنما يُكنّى باسم العالِم الذي صنعه، وهو الدكتور فرانكنشتاين. وكانت قد اعتقدت أنها انتهت من حكايات ذلك الوحش، وأن الأجدى خلق وحوش أخرى من خلال أفلام رعب متعدّدة الحكايات. حكاياتٌ مثل قبو مغلق يفتحه أحدهم ويندم. منزلٌ للبيع تدخله عائلة لتكتشف أنه مليء بالأشباح. لعبةٌ مهجورة يمسح عنها مَن يجدها الغبار، فإذا بروح تدبُّ فيها وتقتل الناس، أو دهاليز تحت الأرض يُختَطف الأبرياء إليها ليعيشوا صراعاً دامياً طلباً للحياة.

لكن فرانكنشتاين ووحشه عائدان بقوّة، والصرخة التي أيقظت هوليوود نتج عنها فيلمَيْن جديدَيْن سيُطلقان خلال الأشهر المقبلة.

الفيلم الأول يكتفي بالاسم عينه (كما فعلت معظم الأفلام السابقة). عنوانه «فرانكنشتاين» والمخرج ليس سوى غييرمو ديل تورو، أحد عباقرة سينما الرعب والغرائبيات. في خلفيّته أفلام مثل «متاهة بان» (2006) و«شكل الماء» (2017). حُدِّد موعد عرضه سابقاً ضمن موجة أفلام موسم الصيف، لكنه الآن مبرمج للبث عبر منصّة «نتفليكس» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ربما تمهيداً لدخوله موسم الجوائز.

بيتر كوشينغ في «لعنة فرانكنشتاين» (هامر فيلمز)

الفيلم الثاني كان بدوره مُبرمجاً للعروض السينمائية في الربع الأخير من هذه السنة، لكن شركة «وورنر» المنتِجة قرّرت تأجيله إلى ربيع العام المقبل. هو «العروس»، يدور حول وحش أنثى، وتُخرجه الممثلة المتحوّلة إلى الإخراج ماغي غيلنهال.

‫فيلمان عن موضوع واحد بالكاد يعني موجةً أو ظاهرةً، لكن الملاحَظ أنّ الحياة بدأت تدبُّ في أوصال الوحش من جديد على نطاق أوسع. ففي العام المقبل، ثمة مشروعان جاهزان ليُباشر بتصويرهما أحدهما قيل إنه يُغازل مخيلة المخرج سام رايمي («سبايدر مان» نسخة 2002)، والثاني خطَّطت له شركة «يونيفيرسال» (التي كانت بيت أفلام الرعب الكلاسيكي وشخصياته مثل «الرجل- الذئب» و«دراكولا» و«دكتور جايكل ومستر هايد»). هذه كانت خطَّطت لإنتاج فرانكنشتاين جديد قبل نحو عام، ثم ألغت التفكير، لكن تقارير هوليوودية آنية تقول إنّ الشركة بصدد نفض الغبار عن ذلك المشروع، وما تنتظره هو مراقبة كيف سيُقبل المشاهدون على فيلمي غيلنهال وديل تورو.

مخلوق يستحق الشفقة‫

إنها رواية ماري شيلي المكتوبة قبل ولادة السينما بعقود. وضعتها عام 1818 واستلهمتها السينما للمرة الأولى قبل 115 عندما اقتبس الأميركي ج. سيرل دولي الرواية في فيلم قصير بالعنوان عينه، لكن في ذلك الحين كان جلّ الأفلام المنتجة في أوروبا والولايات المتحدة قصيراً.

إسهام شركة «يونيفيرسال» عبر أفلام رعب طويلة بدأ عام 1931 بفيلم «فرانكنشتاين» أخرجه بإتقان جيمس وايل الذي كرَّر التجربة بعد 4 سنوات عبر «عروس فرانكنشتاين» من خلال الشركة التي أنتجت «ابن فرانكنشتاين» عام 1939 أيضاً.

هذه الأفلام مع سواها في الفترة عينها، وطوال الأربعينات، بثّت الاعتقاد الخاطئ بأنّ فرانكنشتاين هو اسم الوحش، بينما، ووفق الرواية، هو اسم العالِم الذي أوصل الجثة بالصواعق الكهربائية على أساس أنها كفيلة بإحيائه.

الرعب الذي تناولته الحكاية (وأفلام تتجاوز الـ150 عملاً منذ مطلع القرن الماضي)، أُنيط بما سيفعله المخلوق الذي جُمعت أعضاؤه من جثث مات أصحابها حديثاً. لذلك يبدو غير متجانس الملامح وغير قادر على المشي مثل باقي البشر، ومرعب كيفما نظرت إليه.

من التفرّعات التي نتجت عن هذه الشخصية، ما دار حول أنّ ذلك المخلوق يستحق الشفقة إذ لم يختَر أن يُصنَع، وأن هروبه من المختبر كان بحثاً عن حنان في مكان آخر.

في 1948، استُخدم في سلسلة الكوميديين بد أبوت ولو كوستيللو في فيلم «أبوت وكوستيللو يلتقيان فرانكنشتاين».

«العروس» لماغي غيلنهال (وورنر)

اقتباسات بريطانية‫

العودة إلى المدرسة الكلاسيكية للرعب خارج إطار المدرسة الهوليوودية التي اتبعتها (بنجاح) شركة «يونيفيرسال»، كانت بريطانية عندما أنجزت شركة «هامر» التي تخصَّصت في مثل هذا النوع من الأفلام، سلسلتها الخاصة بدءاً بفيلم «لعنة فرانكنشتاين»، مُحقّقةً أول فيلم لها في هذا المضمار عام 1957؛ جمع بين عملاقَي الرعب بيتر كوشنغ في دور العالِم، وكريستوفر لي في دور الوحش.

هذا كان أول فيلم ملوّن حول الشخصية؛ أخرجه ترنس فيشر الذي أخرج لاحقاً لحساب «هامر» أيضاً، عدداً من شخصياتها مثل «دراكولا» و«فومانشو».

في الواقع، نجاح «لعنة فرانكنشتاين» دفعه لقبول تحقيق فيلم ثانٍ لـ«هامر» بعنوان «انتقام فرانكنشتاين» في العام التالي على الفور.

في حين أن أفلام شركة «يونيفيرسال» كانت بدورها كلاسيكية المنهج والمعالجة رغم كثرة استنزافها للرواية الأصلية في تفرّعات وعناوين مختلفة، فحملت أفلام «هامر» ملامح أكثر حدّة ضمن الرغبة في المعالجة الجادة ذاتها. أفلامها (هذا يتضمّن تلك التي دارت حول شخصيات أخرى) كانت ملتزمة بتوفير أسلوب عمل أكثر رعباً. ولكونها ملوّنة، جعلت مُشاهدَها أكثر واقعية، فالدم المُراق لم يعُد أسود اللون، وإنما أحمر كما الواقع.

الموت المحيط

نبشُ قبر الوحش والعودة إليه لم يتوقّف في أي من العقود، وإنما عاد بقوّة في التسعينيات عبر سلسلة أخرى من الأفلام الأميركية مثل «فرانكنشتاين مطلق» (1990) لروجر كورمان و«فرانكنشتاين» وفق ماري شيلي، (1994) الذي ترجم أول اهتمام للمخرج كينيث براناه في هذا المضمار.

يجب ألا ننسى أنّ المؤلِّفة أنجبت 3 أولاد، مات اثنان منهم بعد ولادتهما بسنوات، كما مات زوجها خلال عاصفة عاتية قلبت المركب الذي كان يبحر فيه.

قبل عامين خطَّط براناه لفيلم جديد حول فرانكنشتاين، لكنه تراجع عن المشروع وأنجز عوضاً عنه فيلمه البيوغرافي «بلفاست».

في كل الأحوال، كل ما أُنتِج من أفلام تنتمي إلى شخص فرانكنشتاين، يعود فضله إلى الكاتبة ماري شيلي.

ومما كُتب من بحوث عن هذه المؤلِّفة أنّ موت والدتها بعد 11 يوماً من ولادتها بقي راسخاً في بالها منذ أن أدركته في سنّ مبكرة من شبابها. هذا ما يقترح أنّ فكرة إعادة الروح إلى ميت متصلة بتلك الحقيقة، ولو أنّ الناتج هو شخصية وحش يقتل ويدمّر، وفي عالم السينما لا يموت.


مقالات ذات صلة

الأفلام العربية في «كان»... فرصة فوز لم يتحقق

سينما «عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» (مهرجان «كان»)

الأفلام العربية في «كان»... فرصة فوز لم يتحقق

تعتمد السينمات العربية، أكثر من أي وقت مضى، على عرض إنتاجاتها في المهرجانات الدولية.

محمد رُضا (كان)
سينما «المصيطبة» (فيستيڤال سكوب)

شاشة الناقد: بطلات تحت سطح الحياة

المصيطبة - فيلم قصير يستحق الإعجاب، تسرد فيه المخرجة بصوتها ذكرياتها عن منطقة «المصيطبة» في العاصمة اللبنانية بيروت

محمد رُضا (كان)
يوميات الشرق نجوى فؤاد تحدثت عن مشوارها الفني (حسابها بموقع «فيسبوك»)

نجوى فؤاد لـ«الشرق الأوسط»:لا أبحث عن العمل فقط بل دور يليق باسمي وعمري

حظيت الفنانة المصرية نجوى فؤاد بتعاطف كبير من متابعيها، بعد تعرضها لأزمة صحية تفاقمت خلال الأيام الماضية.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق النجم الأميركي توم كروز (أ.ب)

توم كروز يرغب في الاستمرار بالتمثيل حتى سن الـ100

أكد الممثل الأميركي توم كروز أنه يرغب في مواصلة صناعة الأفلام حتى يبلغ المائة من عمره، لكنه لا يريد أن يصبح «آخر نجم سينمائي عظيم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي دينزل واشنطن بحصوله على جائزة السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان السينمائي (رويترز)

دينزل واشنطن يُفاجأ بمنحه «السعفة الذهبية الفخرية» في مهرجان «كان» السينمائي

فوجئ الممثل الأميركي دينزل واشنطن بحصوله على جائزة السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان السينمائي مساء أمس (الاثنين).

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (كان )

أبراج الرياح البحرينية والسبلة العُمانية تجيب عن تساؤلات حول البيئة والعمارة

جانب من جناح سلطنة عمان (الجناح)
جانب من جناح سلطنة عمان (الجناح)
TT

أبراج الرياح البحرينية والسبلة العُمانية تجيب عن تساؤلات حول البيئة والعمارة

جانب من جناح سلطنة عمان (الجناح)
جانب من جناح سلطنة عمان (الجناح)

تحول بينالي فينيسيا للعمارة في دورته الـ19 نداءً عالمياً يدعو للتفكير في البيئة والتعامل مع الظروف المناخية المتقلبة واتباع طرق جديدة لجعل البيئة المبنية مناسبة لحاجة السكان، مع الحفاظ على الوسائل القديمة التي أثبتت نجاحها.

وبحسب بيان كارلو راتي، منسق البينالي لهذه الدورة، فالعمارة كانت، ولا تزال، «استجابة لظروف مناخية معادية وحاجة الإنسان إلى الملجأ، ودائماً ما كانت العمارة جسراً ما بين البيئة القاسية والمساحة الآمنة للعيش».

يعترف راتي بأن التغيرات المناخية الحالية تجبر المعماريين على تبني وسائل جديدة لمواجهة تحديات البيئة «لعقود كانت استجابة العمارة لأزمة المناخ تتركز على التعايش وتلطيف الآثار السلبية، ولكن هذا الأسلوب لم يعد كافياً. حان الوقت لأن تتأقلم العمارة مع عالم متغير».

حاولت الأجنحة المختلفة تقديم حلول ومقترحات تنسجم مع الموضوع الرئيس الذي اختُصر في أربع كلمات «الذكاء، الطبيعي، الاصطناعي، والجماعي»، فلم يعد ممكناً الاكتفاء بالاستعانة بالتقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، بل يتطلب الأمر الاستعانة أيضاً بالذكاء الطبيعي والجماعي.

البحرين صاحبة «الأسد الذهبي»

نجح جناح البحرين الذي يحمل عنوان «موجة حر» في تقديم معطيات مقنعة للتعامل مع التغيرات المناخية القاسية وارتفاع درجات الحرارة المتزايد الذي يشكل تهديداً لصحة الإنسان وقابلية العيش في المناطق المتضررة؛ ما أهَّله للحصول على جائزة الأسد الذهبي لأفضل جناح وطني.

جناح البحرين الفائز بجائزة الأسد الذهبي (الجناح)

لعل أول ما يلفت نظر الزائر للجناح هو الإحساس ببرودة الأجواء، فارق واضح بين الجناح، وما يجاوره من أجنحة أخرى، ولم يكن الأمر عبر أجهزة تكييف ملحقة بالجناح، بل عبر وسائل مبتكرة استُخدمت لخدمة فكرة الجناح.

وبحسب وفاء الغتم، من فريق التقييم والبحث في جناح البحرين، فقد كان الاقتراح الأول للفريق الهندسي المكون من ماريو مونوتي وألكسندر بوزرين، إنشاء بئر حرارية أرضية ومدخنة شمسية لخلق مناخ محلي مستدام ذاتياً.

غير أن الاقتراح اصطدم بعوائق محلية، إذ لم يكن الحفر ممكناً في موقع البينالي؛ لذا استُخدمت التهوية الميكانيكية بدلاً من ذلك لمحاكاة تأثير التبريد الذي أراده المهندس المعماري، ولهذا صُمِّمت وحدة «هيت ويف» بصفتها وحدة معيارية قابلة للتطوير على نطاق أوسع لتوفير التبريد للأماكن العامة.

ركّز هذا المعرض الفني، الكائن في آرسنالي، على نحو خاص على توفير التبريد للعاملين في وظائف تتطلب جهداً بشرياً كبيراً في الهواء الطلق، وفي مواقع البناء.

يضم الجناح مقاعد مصنوعة من أكياس الرمل الضخمة موزعة على الجوانب، ويبدو أن الفكرة أثبتت نجاحها بصفتها خطوة أولى في البينالي، حيث اجتذبت جوالات الرمل الزوار للجلوس عليها والراحة في أجواء باردة بعد المشي لساعات في الأجنحة المختلفة.

تقول الغتم لـ«الشرق الأوسط» إن الجناح تطورت فكرته من معاناة السكان والعمال على نحو خاص من الحر الشديد في البحرين «لاحظنا أن العمال في مواقع البناء يقضون فترات الراحة في كابينات مغطاة لتناول الغداء، وفكرنا في إنشاء أماكن خاصة لهم تُصنع من مخلفات عمليات الإنشاء، لتصبح أماكن راحة للعمال وأيضاً للجمهور».

ما يميز تصميم الجناح البحريني هو اللجوء لأشكال تقليدية لاستلهام الوحي منها مثل أبراج الرياح والأفنية.

سلطنة عُمان

تُشارك سلطنة عُمان في بينالي فينيسيا من خلال جناحها الوطني الذي يحمل عنوان «أثر»، ويُمثّل أول مشاركة رسمية لها في هذا المحفل العالمي.

يعكس الجناح رؤية معمارية معاصرة مستوحاة من مبدأ «السبلة» (مجلس عُماني تقليدي)، ويقدّم مساحة تدمج بين الذكاء الإنساني والتقني، وتحتفي بالحوار، والبيئة، والهوية.

جانب من جناح سلطنة عمان (الجناح)

يشكّل «أثر» مساحة للضيافة والتأمل والتجمع، يستند إلى منطق البُنى المدنية غير الرسمية المنتشرة في عُمان، ويُعيد تصورها بما يواكب متطلبات الحياة العامة المعاصرة.

فالسبلة لا تُستحضر هنا بوصفها رمزاً بصرياً، بل تُوظَّف بصفتها منهجاً تصميمياً متكاملاً، تُترجم من خلاله خصائصها المكانية والاجتماعية.

شُيّد الجناح من الألمنيوم الخام، باستخدام نظام مخصّص من الألواح المقصوصة والمطوية. وتضم كل لوحة فتحات دقيقة التصميم مستوحاة من مفردات الثقافة العُمانية، مثل أنماط نسج سعف النخيل، ونقوش الأبواب الخشبية التقليدية، وتفرّعات نظام الفلج للري.

صُمِّم الجناح بالكامل بحيث يمكن تفكيكه وإعادة تركيبه؛ ما يتيح نقله وتركيبه الدائم في سلطنة عُمان بعد انتهاء المعرض، مع الحفاظ على حجمه ووظيفته مساحةً مدنيةً مستدامة.

وخلال حديث خاطف لـ«الشرق الأوسط» مع المهندسة ماجدة الهنائي، منسقة العرض، قالت: «يظهر (أثر) كيف يمكن للعمارة أن تنشأ من أنظمة موروثة في البناء والصيانة والتكيّف. (أثر) ليس رمزاً للتقاليد، بل نموذج عملي لإعادة تصوّر المساحات المدنية من خلال المعرفة المتجذّرة».

تشير الهنائي إلى أن الجناح مستوحى من عناصر تراثية مرتبطة بالذاكرة الجمعية للبلاد مثل المندوس (صندوق خشبي مزخرف متعدد الاستخدامات) والخنجر العماني، وتضيف: «يحمل الجناح إشارات إلى عناصر و(موتيفات) مختلفة في مجتمعنا مثل الأبواب على هيئة الأقواس. هنا تغيرت طبيعة ما كنا نعدّه (زخارف للزينة) لتصبح هي (البناء نفسه)».

تشير إلى أن التكوين المتوسط للجناح شُيِّد من الألمنيوم الذي يعكس بريق الفضة التي تحتل جانباً من تراث الزينة في عُمان.

الإمارات العربية المتحدة

«على نار هادئة» عنوان يشير مباشرة إلى تأثير تغيرات المناخ على الإنسان؛ حيث يحاول جناح دولة الإمارات من خلاله الوصول إلى حلول مبتكرة للتحديات البيئية وانعكاساتها على الزراعة.

يستكشف المعرض، الذي أشرفت على تنسيقه المعمارية والباحثة الإماراتية عزة أبو علم، العلاقة المتطورة بين العمارة وإنتاج الغذاء في دولة الإمارات، مقترحاً حلولاً مبتكرة لإنتاج غذائي أكثر استدامة على المستويين الفردي والجماعي.

يستكشف المعرض موضوعات الاكتفاء الذاتي، ويقدم حلولاً معمارية مصممة خصيصاً للبيئات القاحلة من خلال إعادة تصور البيوت الزجاجية للمناخات القاحلة، كما يطرح وجهات نظر جديدة حول الأمن الغذائي.

جناح دولة الإمارات العربية المتحدة (الجناح)

المغرب

تشارك المملكة المغربية بمشروع يحمل عنوان «طرس مادي»، للمهندسين المعماريين خليل مراد الغيلالي والمهدي بلياسمين؛ الذي يتميز بمزجه بين التقاليد المعمارية المغربية والابتكار الحديث؛ ما يتيح للزوار تجربة فريدة تعكس جماليات البناء بالتراب، مع إعادة تعريف مفهوم الذكاء الجماعي.

جانب من جناح المغرب (الشرق الاوسط)

الجناح منسق بأسلوب جمالي جذاب، فتدلت من سقفه أدوات العمارة التقليدية مصنوعة من الخشب نرى منها سلال القش وقوالب صب الطين وغيرها.

يتعامل الجناح مع الموضوع الرئيسي للبينالي عبر استخدام مفردات البناء التقليدي أساساً لتوظيفها في بناء حديث مستدام والوصول إلى أشكال معمارية جديدة. ولعل ما يلفت النظر في الجناح أيضاً استخدام تقنية الهولوغرام في عرض ممارسات حرفيين تقليدين أثناء عملهم.

«مسألة إشعاع» في جناح أوزبكستان

من الأجنحة التي لفتت أنظار الزوار في البينالي كان جناح دولة أوزبكستان الذي حمل عنوان «مسألة إشعاع».

استوحى تصميم الجناح من مبنى Heliocomplex «معهد الشمس لعلوم المواد» خارج العاصمة طشقند. ويتأمل الجناح في أهمية معمار أوزبكستان الحديث وإمكاناته، ويتناول الأهمية التاريخية والمعاصرة للمبنى، مسلطاً الضوء على دوره العلمي وأهميته الثقافية خارج الحدود الوطنية.

فرن شمسي خارج جناح أوزبكستان (الشرق الاوسط)

يستكشف الجناح السرديات المزدوجة للموقع؛ دوره في التراث المعماري الحديث لأوزبكستان، وإمكاناته المستقبلية مركزاً علمياً دولياً، يُسهم في التزام البلاد الأوسع بمستقبل مستدام.

يُعدّ «معهد الشمس لعلوم المواد» أحد آخر المشاريع العلمية الكبرى للاتحاد السوفياتي، ولا يزال واحداً من فرنين شمسيين كبيرين فقط موجودين حول العالم لدراسة سلوك المواد في درجات الحرارة القصوى.

يشرف على الجناح استوديو GRACE للهندسة المعمارية والتصميم والتخطيط الحضري، وأتيحت لنا الفرصة للحديث مع المهندسة المعمارية والقيّمة المشاركة إيكاترينا غولوفاتيوك التي تقول إنَّ العرض يحاول تقديم Heliocomplex «معهد الشمس لعلوم المواد» عبر مجموعة من العناصر والقطع المتفرقة التي تسهم في تفسير أهمية المبنى الأيقوني في أوزبكستان.

من العناصر التي يعتمد عليها العرض، وبالفعل جذبت الزوار لمشاهدتها، هو الفرن الحراري الذي أقيم خارج الجناح، واستخدم لغلي الماء في إبريق فضي معلق أمامه. الفرن الحراري يشبه في تصميمه عناصر مبنى «معهد الشمس»، ويسهم على نحو بليغ جداً في تقديم فكرة الجناح للزوار.

في الجناح لوحة ضخمة معروضة على أحد الجدران تشير إليها غولوفاتيوك تصور الخطة المعمارية للمعهد أعدت في سبعينات القرن الماضي، يلفتنا في أعلاها رسم يصور إله الشمس عند اليونان «هيليوس»، وتقول: «أعتقد أنه من المثير أن معمارياً من السبعينات عمل في الاتحاد السوفياتي على تصميم سري للغاية لمعهد علمي أن يضيف رسماً من الميثولوجيا اليونانية».

القطعة الأساسية في العرض هي جهاز ناظم شمسي يتكون من مجموعة من المرايا، وهو مماثل للنسخ الموجودة في «معهد الشمس» في منطقة باركنت في أوزبكستان، تقول المهندسة: «تبدو هذه القطعة عملاقة هنا في مساحة الجناح، ولكنها في الحقيقة تماثل أقل من خمس مساحات مثيلاتها في باركنت».