ترمب يضع الحوثيين أمام واقع جديد... والجماعة تتوعد

تبخر 4 فرضيات غربية عن الجماعة المدعومة من إيران

بأمر ترمب... ضربات أميركية «واسعة النطاق» ضد الحوثيين
0 seconds of 36 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:36
00:36
 
TT
20

ترمب يضع الحوثيين أمام واقع جديد... والجماعة تتوعد

الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب)
الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب)

اعتبر خبراء أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وضع الحوثيين أمام واقع جديد، غداة حملة عسكرية أميركية بسلسلة ضربات أمر بتنفيذها على 6 محافظات، بينها صنعاء، مساء السبت، ولم تتوقف حتى مطلع الفجر، وأودت بحياة 31 شخصاً على الأقل، وفق وسائل إعلام حوثية نقلت أيضا توعد الجماعة بالرد.

ويوم الأحد، أعلن البيت الأبيض مقتل قيادات حوثية «أساسية» خلال الضربات. ولم ترد الجماعة أو تعلن مقتل أو إصابة أي من قياداتها حتى لحظة إعداد هذه القصة.

وفي أول تعليق رسمي لها، اتهمت الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية بإقحام اليمنيين في صراع وصفته بـ«العبثي»، لا تستطيع نفسها كجماعة أن تواجهه. جاء ذلك على لسان مصطفى نعمان نائب وزير الخارجية اليمني الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تمادت في وهمها بأنها قادرة على الدخول في مواجهة مع العالم كله، «لقد جلبت الويلات لبلادنا والأبرياء».

«لقد كذبوا الكذبة، ولم يصدقها غيرهم. وعاشوا داخل تلك الفقاعة من القوة الوهمية، وقدرتهم على مواجهة العالم أجمع»، يذكّر صادق الوصابي، وهو زميل باحث في «مركز واشنطن للدراسات اليمنية» بأن مَن ساعد الحوثيين على ذلك ليس افتقار الإدارة الأميركية السابقة لفهم طبيعة الجماعة وكيف تفكر، بل الرغبة في التعامل على ذلك الأساس، ولذلك جاء ترمب ليحدّث الحوثيين «باللغة الوحيدة التي يعرفونها جيداً، وهي القوة».

رئيس المفاجآت

منذ نحو الساعة 5:45 دقيقة بتوقيت غرينتش من مساء السبت، انهمرت الأخبار العاجلة ومقاطع الفيديو والتصريحات والتسريبات على شاشات الهواتف والتلفاز، وتسلَّلت التحديثات والبيانات إلى أبرز المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

مدمرة أميركية لدى إطلاقها من البحر الأحمر صاروخا تجاه مواقع حوثية السبت (رويترز)
مدمرة أميركية لدى إطلاقها من البحر الأحمر صاروخا تجاه مواقع حوثية السبت (رويترز)

كان السيناريو المنتظر من المراقبين في أعقاب التهديدات الحوثية الأخيرة أن يخرج المتحدث الحوثي العسكري، يحيى سريع ببيان بدء هجوم ضد سفينة تجارية بمزاعم دعمها إسرائيل. لكن ترمب، وكعادته، لا يحب السيناريوهات المعلبة، ويفضل المفاجآت. اختار أن يحدد هو شكل المعركة، وبدايتها، ووقت تنفيذها. اختار هو أن يبدأ، ليسدل الستار عن ملامح استراتيجية إدارته للملف اليمني. ويرسم الإطار الأوسع لرؤية واشنطن للحل اليمني.

«إلى جميع الإرهابيين الحوثيين... وقتكم انتهى، وهجماتكم يجب أن تتوقف، بدءاً من اليوم. إذا لم يحدث ذلك فستشهدون جحيماً لم تروه من قبل». بهذا وجَّه ترمب رسالة للحوثيين وإيران في الوقت نفسه.

يعتقد ماجد المذحجي رئيس «مركز صنعاء للدراسات» أن الضربات سترفع الكلفة على الحوثيين، وتدفعهم إلى خيارين؛ إما النزول تحت الشجرة والتهدئة عبر استجابة ضعيفة للهجمات الأميركية، أو التصعيد بشكل قوي في البحر الأحمر.

ويقرأ رئيس «مركز صنعاء للدراسات» نهج الحملة الأميركية بأنها تغيير لـ«الحضور» الأميركي في اليمن بشكل كبير. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الخشونة المتصاعدة التي بدأت بتصنيف الجماعة منظمة إرهابية أجنبية FTO، وتلحقها هذه الموجة من الغارات التي تريد فيها أميركا أول مرة إلحاق أضرار فعلية بجسم الحركة الحوثية، وليس فقط احتواءها.

يذكّر مصطفى نعمان بالتنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية من أجل وقف الحرب والدخول في مسار السلام، لكنه يقول إن الجماعة الحوثية «ضربت بها عرض الحائط، وماطلت ثم رفضت مساعي السعودية لإنهاء الحرب».

ويقول نائب الوزير اليمني «جماعة الحوثي تجاوزت كل الخطوط الحمراء ودخلت في تحد فاضح للإرادة الدولية تحت شعارات مغرية في ظاهرها لكنها غير مجدية».

الدوافع والرسائل

مرّ ميزان القوى في المنطقة بمنعطفات متسارعة، ولم تعد قوى، مثل «حزب الله» و«الحرس الثوري»، بالمرونة نفسها التي سبقت هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وتداعياتها على المنطقة، ولا بالقوة ذاتها أيضاً. إضافة إلى ذلك، واجهت إيران ضربات إسرائيلية، مرتين على الأقل، وتواجه الآن ضغطاً أميركياً وعقوبات اقتصادية أكثر شدة، مما يجعلها في موقف غير مسبوق ووضعية تفاوضية أضعف للعودة إلى محادثات حول البرنامج النووي.

الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب)
الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب)

ترجح إليزابيث كيندل، وهي عميدة كلية غيرتُن بجامعة كمبردج البريطانية، 3 دوافع وراء الضربة الأميركية، الأول: حماية الملاحة الدولية. الثاني: استباق أي تحرك من جانب الحوثيين، والثالث: تكثيف الضغط على إيران.

تغير الخطاب الأميركي مع الحوثيين في عهد ترمب، خاصة في مسألة العمليات العسكرية. كانت إدارة بايدن وعلى لسان مبعوثه لليمن تيم ليندركينغ تكرر القول إنها تستهدف القدرات الحوثية، وليس الأشخاص. لكن ترمب في رسالته قال بوضوح إنه يستهدف القدرات والقيادات، وامتدت الرسالة نحو طهران.

تقول كيندل لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون هذه الضربات مقدمة لتحرك مباشر ضد إيران. بعد إضعاف (حماس) و(حزب الله) ونظام الأسد، أصبح الحوثيون إحدى أقوى أدوات إيران المتبقية. وسيُضعف تراجع القدرة العسكرية الحوثية خيارات إيران الانتقامية إذا قررت الولايات المتحدة وإسرائيل شن هجمات مباشرة لمنعها من الوصول إلى مرحلة الانطلاق النووي».

ويرى رئيس «مركز صنعاء للدراسات» أنه في كل الأحوال تُعدّ الاستجابة الحوثية محكومة بخيارات قليلة: «فلا يوجد سند إقليمي مثل (حزب الله) يمكن أن يساندهم، فالحوثيون هم آخر ذراع إيرانية قادرة على التصعيد إقليمياً».

كون الضربة تأديباً لمشاغبة الحوثيين في البحر الأحمر واستهداف البحرية الأميركية، فإنها أيضاً (والحديث للمذحجي) «رسالة لطهران... واستجابة الحوثيين ستكون محكومة بالروابط العضوية مع حليفهم الإيراني، وهو الحليف الذي ينظر للحوثيين باعتباره آخر أصل استراتيجي فعال لاستخدامه، في حال جرى استهداف إيران ذاتها».

ويقول مارك كيميت مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن يردّ الحوثيون على الهجمات الأميركية بهجمات إضافية على السفن في البحر الأحمر»، مضيفاً أن الصراع «لن ينتهي في اليمن، حتى يُدرك الحوثيون أن حربهم لم تُحقق أهدافها، أو أن ذخيرتهم قد نفدت (...)»

تبخر الفرضيات وآفاق التصعيد

استغرقت أميركا والدول الغربية 10 أعوام لكي تتأكد بأن الجماعة الحوثية لا تريد السلام، ولا ترتبط بإيران، ولا تخبئ زعزعة لاستقرار الملاحة الدولية وفق مصدر يمني فضل حجب اسمه.

في عام 2018، نشرت «الشرق الأوسط» قصة تتحدث عن معركة غير مسبوقة قادها تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، جنوب البحر الأحمر. كان التحالف يحمي اقتصاد العالم، واضطر الحوثيون ومَن يدعمهم إلى إرسال تطمينات غير مباشرة لدول العالم أنه لا يستعدي إلا دول المنطقة، حينما كان التحالف يحيد الزوارق البحرية المفخخة، ويرافق الناقلات المارة عبر «باب المندب»، ويكرر للعالم أنه لا يمكن لجماعة أن تمتلك قدرات نوعية خارج إطار الدولة وتصل إليها من إيران. لم تتجاوب الدول حتى صار التأثير الحوثي يتسلل إلى مصالحها التجارية المباشرة.

ويبدو من خلال التعاطي الأميركي مع الحوثيين أن الأزمة اليمنية خرجت أخيراً في واشنطن من مربع «المماحكات السياسية»، لتكون أحد أبرز محاور السياسة الخارجية للإدارة الأميركية.

ساهم في ذلك عدة فرضيات كانت تخيم على المخيلة الغربية، لكنها تبخرت، ولعل أبرزها أن الحوثيين مشكلة محلية يمنية، أو أن تأثيرها وقدراتها لن تتجاوز الإقليم، أو أن الجماعة لا ترتبط بشكل وثيق بإيران، إلى جانب أن الجماعة تريد المشاركة في الحكم والحل السياسي في اليمن.

هذه السردية التي سعى الحوثيون وإيران ومحور المقاومة إلى ترويجها خلال عقد من الزمن تبخرت (وفق مسؤول يمني رفيع فضل حجب اسمه)، مع تصاعد هجمات الجماعة ضد السفن وتهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن. وعندما صار التأثير يمس مصالح العالم تحركت القوى الغربية، وشكَّلت تحالفات لمواجهة التهديد الحوثي.

السيناريوهات المتوقعة

نقلت وكالات أنباء يوم الأحد عن متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة، في حين هاجموا السفن التجارية 145 مرة، منذ 2023.

ويعتقد خبراء مجلس الأمن أن الحوثيين يبتزون وكالات شحن بحري مقابل عدم اعتراض سفنها، مقدِّراً ما تجنيه الجماعة إزاء ذلك بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

يكشف التقدير الصادر عن فريق الخبراء الدولي أن الجماعة تستفيد اقتصادياً، وليس فقط للدعاية من الهجمات البحرية، خاصة أن لديها قدرات لإرسال الصواريخ والمسيرات مباشرة ضد إسرائيل من دون الحاجة لتأزيم الملاحة الدولية.

ومع تصاعد الحملة الأميركية يبرز السؤال: هل ستكون هناك نتيجة جديدة مع الجماعة التي لا تعتبر الضربات الجوية أمراً جديداً؟

«لو كانت الغارات الجوية كافية لوقف الحوثيين، لكانت الجماعة هُزمت مرات عديدة خلال العقد الماضي»، تذهب هانا بورتر الباحثة في «إيه آر كي» وهي مؤسسة دولية تعنى بالتنمية والأبحاث إلى أن هناك احتمالاً حقيقياً بأن الحوثيين - الجماعة التي تزدهر في أوقات الحرب - لا يمكن هزيمتهم بالقوة العسكرية.

وتقول بوتر لـ«الشرق الأوسط»: «قد تأمل إدارة ترمب في أن يُضعف الاستهداف العسكري، إلى جانب تصنيفها الأخير كمنظمة إرهابية أجنبية، الجماعة إلى حد الهزيمة، لكن الحوثيين أثبتوا في السنوات الأخيرة قدرتهم على تحمل كثير من الضغوط. وكما يقول بعض المراقبين، فإن لدى الحوثيين قدرة تحمل عالية جداً».

وعما يجدر ترقبه تعتقد هانا بوتر تصاعد الخطاب العنيف من قبل الحوثيين: «ومن شبه المؤكد أن يتبعه تصعيد، من خلال هجمات على السفن أو هجمات على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها».

لم يكمل الوصابي قهوته، رغم أنه تناول الإفطار بعد الضربات بدقائق؛ إذ أصر على القول إن الحملة العسكرية الحالية تختلف تماماً في قوتها ودقتها عن الضربات المحدودة التي نفذتها إدارة بايدن. لكنه يشير إلى أن نجاحها مرهون بقدرتها على تصفية قادة الصف الأول في الجماعة، مما قد يشكل ضربة قوية لمعنويات الحوثيين، ويفتح المجال أمام القوات الحكومية المتأهبة في عدة مناطق، محذراً بأنه «من دون ذلك، لن تسهم هذه الضربات إلا في إطالة أمد الصراع».


مقالات ذات صلة

ضربات واشنطن على الحوثيين لا تتوقف... وقلق أممي على المدنيين

العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

ضربات واشنطن على الحوثيين لا تتوقف... وقلق أممي على المدنيين

ضربت غارات أميركية مواقع مفترضة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة وعمران، وذلك غداة خسارة واشنطن أولى مقاتلاتها منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة في منتصف مارس.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

تفاقمت أزمة الكهرباء في مدينة عدن بصورة غير مسبوقة، وبلغت ساعات الإطفاء 22 ساعة في اليوم، بالتوازي مع تراجع سعر العملة المحلية إلى أدنى مستوى على الإطلاق.

محمد ناصر (تعز)
الخليج الدكتور عبد الله الربيعة والوزيرة جيني تشابمان خلال لقائهما في لندن الاثنين (مركز الملك سلمان للإغاثة)

السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة» ووزارة الخارجية البريطانية بياناً مشتركاً لتوسيع نطاق الاستجابة للكوليرا في جميع أنحاء اليمن، يستفيد منه 3.5 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)

«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

أكد الجيش الأميركي تكبيد الحوثيين خسائر ضخمة جراء عملية «الفارس الخشن» المتصاعدة، واتهم إيران بمواصلة دعم الجماعة، بينما أوقعت ضربة في صعدة عشرات القتلى.

علي ربيع (عدن)

تنسيق مصري - أنغولي لدعم قضايا السلم والأمن في أفريقيا

محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
TT
20

تنسيق مصري - أنغولي لدعم قضايا السلم والأمن في أفريقيا

محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر وأنغولا على تعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب استمرار التنسيق والتشاور المشترك في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وذلك خلال لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره الأنغولي جواو لورينسو، في القاهرة، الثلاثاء.

وناقش الرئيسان جهود حفظ السلم والأمن في القارة الأفريقية، إلى جانب عدد من القضايا الأفريقية، شملت الأوضاع في القرن الأفريقي والسودان والصومال وشرق الكونغو الديمقراطية.

ويرأس لورينسو الاتحاد الأفريقي، هذا العام.

وخلال اللقاء أكد السيسي «التزام بلاده بتعميق التعاون مع لواندا»، مشيراً إلى أن المحادثات «عكست تطابقاً في الرؤى، وإرادة سياسية للارتقاء بالعلاقات المشتركة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية.

وأشار السيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع لورينسو إلى أن المحادثات تناولت الأوضاع في القرن الأفريقي والسودان ومكافحة الإرهاب، وأشاد بدور الرئيس الأنغولي في الوساطة في أزمة شرق الكونغو الديمقراطية.

الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)

وركزت المحادثات على «قضايا السلم والأمن الملحة في أفريقيا»، وأشار البيان المشترك إلى إدانة السيسي ولورينسو «تصاعد الأنشطة الإرهابية في الصومال، وأكدا دعم وحدته واستقراره».

كما دعا الرئيسان إلى «وقف الأعمال العدائية في السودان، واستئناف حوار وطني شامل يخفف من معاناة السودانيين»، إلى جانب رفض «أي محاولات لتشكيل حكومة سودانية موازية».

وأكدت المحادثات ضرورة الحفاظ على المواقف الأفريقية الموحدة إزاء مختلف القضايا الدولية، وفق السيسي الذي أشار إلى «توافق البلدين بشأن قضايا التحديات الاقتصادية، وندرة المياه، وتغيُّر المناخ»، إلى جانب «استمرار التنسيق والتشاور المشترك، في مختلف المحافل الدولية والإقليمية».

كما تناولت المحادثات قضية الأمن المائي، والتعاون عبر الأنهار الدولية، حيث أكد الرئيسان «ضرورة إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، وفقاً للقانون الدولي، بطريقة شاملة تحقق المنافع المشتركة، مع احترام مبدأ (عدم الإضرار)»، وشددا على «ضرورة الامتناع عن الإجراءات الأحادية التي تثير النزاعات بين الدول المشاطئة»، وفق البيان.

وتناولت المحادثات كذلك تطورات الأوضاع في غزة، وأكدت «ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، دون عوائق»، مع «دعم الخطة العربية الإسلامية للإعمار».

وعلى الصعيد الثنائي، أكد السيسي استعداد بلاده تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأنغولا، في مجالات التنمية وبناء القدرات في قطاعات متعددة، منها الشرطة والدفاع والصحة والإعلام والسياحة والزراعة ومكافحة الفساد، والطاقة المتجددة والدبلوماسية.

وعقب المحادثات الثنائية، شهد الرئيسان التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والإسكان والبنية التحتية.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 34.2 مليون دولار خلال العام الماضي، مقابل 21.3 مليون دولار عام 2023، وفق إفادة للجهاز المركزي للإحصاء بمصر، الثلاثاء.

«رسالة مهمة»

يشكل التوافق المصري - الأنغولي بشأن القضايا الأفريقية «رسالة مهمة» وفق مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفير محمد حجازي، الذي أشار إلى أن المواقف الصادرة عن المحادثات «تعبِّر عن موقف أفريقي جامع تجاه التطورات في المنطقة».

وأضاف حجازي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المشاورات تناولت التحديات الاقتصادية بأفريقيا، المتعلقة بآثار فرض الإدارة الأميركية رسوماً جمركية على الواردات الأفريقية، بما يهدد تنفيذ الاتفاقيات التعاقدية بين واشنطن ودول أفريقيا».

وأشار إلى «أهمية طرح ملف الأمن المائي المصري خلال المحادثات، بسبب تأثيرات أزمة (سد النهضة) الإثيوبي على علاقات دول حوض نهر النيل الأزرق».

وهناك خلاف بين إثيوبيا، ودولتي المصب - مصر والسودان - حول مشروع «سد النهضة» الذي تقيمه أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيسي منذ عام 2011. وتطالب القاهرة والخرطوم باتفاق قانوني ملزم ينظم عملية تشغيل السد بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وتُضاف زيارة الرئيس الأنغولي للقاهرة إلى «نشاط دبلوماسي مصري رفيع للانخراط في القضايا الأفريقية في الفترة الأخيرة»، وفق حجازي.