ترمب ينقل المواجهة مع الحوثيين إلى خانة «القوة المميتة»

ضربات عنيفة في 6 محافظات شملت مواقع محصنة ومقرات قيادة

0 seconds of 2 minutes, 30 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
02:30
02:30
 
TT
20

ترمب ينقل المواجهة مع الحوثيين إلى خانة «القوة المميتة»

دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الأميركية على صنعاء (أ.ف.ب)
دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الأميركية على صنعاء (أ.ف.ب)

نقل الرئيس الأميركي دونالد ترمب المواجهة مع الحوثيين في اليمن من خانة «رد الفعل» على الهجمات إلى خانة «القوة المميتة»؛ إذ أمر مساء السبت، بعملية واسعة لاستهداف مواقعهم المحصنة ومقرات القيادة في ست محافظات تتصدرها صنعاء، باستخدام ذخائر أشد انفجاراً، وسط شكوك في مدى فاعلية هذه الضربات للقضاء على تهديد الجماعة دون عمل بري.

وهددت الجماعة الحوثية بالرد. ووصف المكتب السياسي للحوثيين الهجمات بأنها «جريمة حرب». ووفقاً لبيان عن المكتب نقلته «رويترز» قال المكتب السياسي الحوثي إن قواته «على أتم الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد».

ومع توقع أن تستمر هذه الضربات في الأيام والأسابيع المقبلة -وفق التصريحات الأميركية- أقرت الجماعة، الأحد، بمقتل 31 شخصاً وإصابة 101 آخر، أغلبهم سقطوا في صنعاء وصعدة، حسبما أفادت به وزارة الصحة في حكومة الجماعة الانقلابية.

ووسط تكهنات باستهداف عدد من قادة الجماعة خلال هذه الضربات التي ابتدأت من صنعاء، وامتدت إلى معقل الجماعة في صعدة شمالاً وصولاً إلى مواقع في ذمار والبيضاء ومأرب وحجة، دأبت الجماعة خلال السنوات الماضية على التكتم على قادتها القتلى، ثم الإعلان عنهم في أوقات لاحقة.

وبخلاف ما كانت عليه الحال مع إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن التي كانت تحركاتها تقوم منذ البداية على رد الفعل أو محاولة التصدي للهجمات، استبق الرئيس ترمب تهديدات الجماعة بالعودة لمهاجمة السفن بهذه الضربات التي نفَّذتها القيادة المركزية باستخدام حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع البحرية المرافقة لها الموجودة في شمالي البحر الأحمر.

منزل في صعدة استهدفته الضربات الأميركية الأخيرة (رويترز)
منزل في صعدة استهدفته الضربات الأميركية الأخيرة (رويترز)

وذكر شهود أن الضربات في صنعاء بدأت بعدة غارات استهدفت مقراً للجماعة في منطقة الجراف شمالي المدينة، وهي منطقة تكاد تكون مغلقة على أتباع الجماعة ويقع فيها مقر مكتبها السياسي، قبل أن تعود الضربات في موجات أخرى مستهدفةً مواقع محصَّنة لتخزين الأسلحة وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لصنعاء، حيث منطقة جربان في مديرية سنحان.

وفي صعدة (شمال) استهدفت الضربات مواقع عدة في أطراف المدنية وفي مواقع جبلية في المديريات المحيطة بصعدة، حيث يُعتقد أن الجماعة بنت تحصينات داخل الجبال لتخزين الأسلحة.

إلى ذلك طالت الضربات مواقع الجماعة العسكرية في ذمار (جنوب صنعاء)، وفي البيضاء (جنوب شرق)، وفي مأرب (شرق)، إضافة إلى غارة واحدة على الأقل ضربت موقعاً في محافظة حجة (شمال غرب)، وتحديداً في مديرية مبين الجبلية.

ومع عدم تكشف الخسائر العسكرية للجماعة، جراء هذه الضربات، كان ترمب قد أعلن في بيان أنه أمر الجيش الأمريكي بشنِّ عملية «عسكرية حاسمة وقوية ضد الإرهابيين الحوثيين في اليمن». وأعاد السبب إلى هجماتهم السابقة في عهد بايدن ضد السفن والطائرات والطائرات المُسيّرة الأمريكية وغيرها.

وأشار ترمب إلى أن هجمات الحوثيين الماضية كلفت الاقتصادَ الأمريكيَّ والعالميَّ ملياراتٍ من الدولارات، وعرَّضت أرواحاً بريئةً للخطر، وقال مهدداً: «سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا».

وخاطب ترمب الحوثيين بالقول «لقد انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، ابتداءً من اليوم». وأضاف: «إنْ لم تفعلوا، فستمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل».

وانتهز ترمب العملية، موجهاً من منتجعه في الغرب الأميركي حيث يقضي إجازته الأسبوعية، رسالة إلى إيران المتهمة بدعم الحوثيين، قائلاً: «يجب أن يتوقف دعم الإرهابيين الحوثيين فوراً! لا تهددوا الشعب الأمريكي، ولا رئيسه، الذي حاز أحد أكبر التفويضات في تاريخ الرئاسة، ولا ممرات الشحن العالمية. إنْ فعلتم، فاحذروا، لأن أميركا ستحاسبكم بالكامل، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن».

عقاب بأثر رجعي

على مدار أكثر من 14 شهراً وتحديداً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، انخرط الحوثيون في الصراع الإقليمي تحت ذريعة مساندة الفلسطينيين في غزة، و«حزب الله» في لبنان، وتبنوا مهاجمة 211 سفينة وأغرقوا اثنتين وقرصنوا ثالثة، وقتلوا 4 بحارة، وهو الأمر الذي قوبل بضربات غربية لكنها غير حاسمة، إذ لم تؤثر على قدرات الجماعة على شن الهجمات.

وعلى الرغم من أن الجماعة أوقفت هجماتها بعد هدنة غزة وتحاشت أن تشن أي هجوم ضد السفن منذ تولي ترمب، فإنها عادت قبل أيام للتهديد باستئناف عملياتها ضد السفن للضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات إلى غزة، وفق مزاعمها.

آليات حوثية في صعدة ترفع أنقاض منزل دمرته الغارات الأميركية (رويترز)
آليات حوثية في صعدة ترفع أنقاض منزل دمرته الغارات الأميركية (رويترز)

ويبدو أن الضغط الحوثي على موارد الجيش الأميركي خلال تلك المدة لم يرُقْ للرئيس ترمب، فمنذ يومه الأول عند عودته للبيت الأبيض، أعاد تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، وفرضت وزارة الخزانة مزيداً من العقوبات على كبار القادة، إلى جانب التوجه لوقف تدفق الوقود إلى المواني الخاضعة للجماعة ابتداءً من أبريل (نيسان) المقبل.

ومع اعتقاد مراقبين للشأن اليمني أن يذهب ترمب بعيداً في المواجهة مع الحوثيين إذا لم يفهموا رسائله الأخيرة، علّقت الجماعة على الضربات وقالت إنها لن «تمر دون رد»، في انتظار أن يخرج زعيمها عبد الملك الحوثي ليقرر كيف سيكون هذا الرد.

ويصف الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل الضربات التي أمر بها ترمب بأنها «نوعية واستباقية»، وتبدو تغييراً في نهج الإدارة الأميركية وتعاطيها تجاه الفصائل المسلحة، وتحديداً أذرع إيران.

وتأتي نوعيتها -وفق حديث البيل لـ«الشرق الأوسط»- من حيث إنها لم تنتظر لتكون مجرد ردة فعل لما يقوم به الحوثيون، إنما عدَّت كل ما قاموا به من قبل اعتداء على التجارة العالمية وعلى الأمن الدولي.

ويرى البيل أن الإدارة الأميركية ستذهب إلى خيارات أكثر تشدداً ضد الحوثيين، ويضيف: «هذه الضربات هي بداية استهداف إيران بشكل غير مباشر ومحاولة لإفقاد النظام الإيراني بقية أذرعه في المنطقة».

جدوى الضربات

حتى لحظة كتابة هذه القصة، لم يعلق مجلس القيادة الرئاسي اليمني ولا الحكومة اليمنية على الضربات الجديدة التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين، لكن يمكن الاستعانة بالمواقف السابقة المعلنة سواء إزاء الضربات التي كانت تنفذها الإدارة الأميركية السابقة تحت مسمى «تحالف الازدهار»، أو بشأن الضربات الإسرائيلية على صنعاء والحديدة، حيث كان هناك رفض وتنديد بالضربات الإسرائيلية وعدم رضا عن الضربات الأميركية والبريطانية.

ويعود موقف الحكومة اليمنية إلى اعتبار أن الضربات الجوية على مواقع الحوثيين، سواء كانت انتقامية كما هو الحال مع الضربات الإسرائيلية، أو للدفاع واستهداف القدرات العسكرية، لن تحقق المطلوب وهو القضاء على الجماعة واستعادة الشرعية.

ويؤكد مجلس القيادة الرئاسي اليمني في مواقفه المعلنة أن الحل الأنجع للمعضلة الحوثية هو في دعم القوات الحكومية الشرعية وإطلاق يدها لاستعادة الحديدة وموانيها ومؤسسات الدولة المختطفة وصولاً إلى صنعاء وصعدة، باعتبار ذلك هو ما سيُنهي التهديد الحوثي المدعوم من إيران.

مقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)

وعلى الصعيد ذاته، تشكك الأروقة السياسية في اليمن في إمكانية أن تكون هذه الضربات قادرة على إنهاء الخطر الحوثي، لجهة أن أي تحرك جوي ما لم يسانده أي تحرك بري لن يُكتب له تحقيق أهدافه.

يتفق مع هذا الطرح المحلل السياسي اليمني محمد الصعر، إذ يرى أنه من الصعب أن تحسم الضربات الأمريكية مصير الأحداث في اليمن، فقد خبر الحوثيون على مدى سنوات كيف ينحنون عسكرياً، ويستشهد بأن إدارة بايدن وبريطانيا فشلتا في إنهاء الهجمات البحرية طيلة الأشهر الماضية.

ويوضح الصعر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن القصف الأميركي وترافقه مع عقوبات اقتصادية فرضتها الخزانة على ميناء الحديدة والبنوك في مناطق سيطرة الميليشيا، هو باكورة فتح باب الصراع العسكري من جديد في اليمن خصوصاً أن الحوثي لا يزال في متارسه العسكرية في مأرب والساحل الغربي على وجه الخصوص.

ويجزم الصعر بأن استمرار الضربات الأميركية بشكلها العنيف لن يؤدي إلى أي تراجع حوثي في هذه المرحلة خصوصاً مع عدم ترتيب قوة الشرعية اليمنية ضمن غرفة عمليات واحدة، ودمج القوات تحت مظلة وزارة الدفاع، ويصف ذلك بأنه «حالة من ضياع الجهود العسكرية والسياسية على حد سواء»، وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

العالم العربي الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

تعهد مسؤولون أميركيون شن المزيد من الضربات في اليمن حتى يقرر الحوثيون وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، كما هددوا باتخاذ إجراءات ضد إيران التي قالوا.

بدر القحطاني (لندن) علي ربيع (عدن)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ) play-circle

غوتيريش يدعو إلى ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية باليمن

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الأمين العام دعا إلى «أقصى درجات ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية في اليمن».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

الإرياني: الحوثيون يتحمّلون مسؤولية ضربات ترمب

حمل وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب، واتهمهم بأنهم اختاروا التصعيد تنفيذاً لرغبات إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب) play-circle 00:36

واشنطن تعلن مقتل قيادات حوثية أساسية... وترمب يضع الجماعة أمام واقع جديد

أعلن البيت الأبيض مقتل قيادات حوثية خلال الحملة العسكرية الأميركية ضد الحوثيين. وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مجموعة باحثين يمنيين وغربيين لقراءة التداعيات.

بدر القحطاني (لندن)
العالم العربي لحظة الانطلاق لاستهداف مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

إجماع يمني على تحميل الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية

وسط تباين بين الناشطين اليمنيين بشأن تأييد الضربات الأميركية أو معارضتها، فإن الجميع يحملون الجماعة الحوثية مسؤولية استدعاء هذه الغارات على اليمن.

محمد ناصر (تعز (اليمن))

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون
TT
20

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

تعهد مسؤولون أميركيون شن المزيد من الضربات في اليمن حتى يقرر الحوثيون وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، كما هددوا باتخاذ إجراءات ضد إيران التي قالوا إنها تدعمهم. وأعلنت الولايات المتحدة، أمس (الأحد)، أن ضرباتها قتلت «العديد» من قادة الحوثيين في اليمن، حيث أعلنت الجماعة المدعومة من إيران مقتل 31 شخصاً بينهم أطفال، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز إن الضربات الأميركية قتلت «العديد» من قادة الحوثيين في اليمن، موجهاً تحذيراً إلى إيران بوجوب التوقف عن دعم الجماعة وهجماتها على السفن في البحر الأحمر، وفقاً لمقابلة أجراها المستشار مع شبكة «إيه بي سي» أمس.

ترمب
ترمب

ولاحقاً مساء أمس، قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين في اليمن إن الجماعة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان والقطع الحربية التابعة لها بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، رداً على الهجمات الأميركية. وأضاف في بيان نقلته «رويترز» أن القوات الحوثية «لن تتردد في استهداف جميع القطع الحربية الأميركية في البحرين الأحمر والعربي».

وقال مصطفى نعمان، نائب وزير الخارجية اليمني، لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تمادت في وهمها بأنها قادرة على الدخول في مواجهة مع العالم كله، مضيفاً: «لقد جلبت الويلات لبلادنا والأبرياء».