إب في قبضة الحوثيين... توسع أمني وقمع متصاعد وجبايات يومية

السكان يرون حكم الجماعة للمحافظة «احتلالاً»

قادة حوثيون يفتتحون سجناً للنساء في إب (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يفتتحون سجناً للنساء في إب (إعلام حوثي)
TT

إب في قبضة الحوثيين... توسع أمني وقمع متصاعد وجبايات يومية

قادة حوثيون يفتتحون سجناً للنساء في إب (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يفتتحون سجناً للنساء في إب (إعلام حوثي)

يقول أحد سكان محافظة إب اليمنية إنه طلب، مازحاً، من أحد الشخصيات الاجتماعية الموالية للحوثيين مرافقته لزيارة محافظة صعدة، إلا إن تلك الشخصية، التي عادت أخيراً إلى مهاجمة الجماعة وفضح ممارساتها، ردّت عليه بسياق مزاحه نفسه: «ولماذا نذهب إلى صعدة وكل سكانها انتقلوا إلى إب؟!».

وتشير تلك المزحة إلى ما يصفه أهالي محافظة إب اليمنية بـ«الاحتلال»، ويقصدون به تولية قادة حوثيين ينتمون إلى معقل الجماعة محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء) غالبية المناصب المهمة والمواقع القيادية في الإدارات العمومية والأجهزة في المدن والأرياف، وتكليف آخرين الإشراف على مختلف القطاعات من دون صفات رسمية، وفرض الجبايات والإتاوات بشكل يومي، والتصعيد المستمر للانتهاكات.

وينفي أهالي المحافظة، التي تقع على بعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، حدوث أي تطور مؤسسي أو اجتماعي لديهم خلال سنوات سيطرة الحوثيين، سوى توسعة البنية التحتية للسجون والمعتقلات، وزيادة الأعباء عليهم وإرهاقهم بالجبايات والإتاوات غير القانونية.

وافتتحت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية سجناً جديداً بمركز محافظة إب ليكون تابعاً للسجن المركزي، في ظل حملات اعتقالات واختطافات واسعة تشنها الجماعة ضد السكان، بينما تشير معلومات ومصادر إلى أن الجماعة تدير نحو 100 سجن ومعتقل بأشكال مختلفة في المحافظة؛ بينها ما هو عام ومعلن عنه، وما هو تابع لشخصيات قيادية، وما يدار بشكل سري ويستخدم للإخفاء القسري.

قادة حوثيون يناقشون تصميماً هندسياً لسجن جديد في إب قبل عام ونصف (إعلام حوثي)

وافتتح القيادي الحوثي أمين الورافي، المعيّن أميناً عاماً للمجلس المحلي في إب، السجن الجديد الذي أطلقت عليه الجماعة اسم «قسم النزيلات»، معلناً عن تكلفة إنشائه المقدرة بـ180 ألف دولار، (نحو 96 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ530 ريالاً).

ويأتي افتتاح السجن الجديد الخاص بالنساء بعد أشهر من افتتاح سجن «احتياط» بالقرب من مقر إدارة البحث الجنائي غرب مدينة إب.

بنية تحتية للقمع

بمرور سنوات سيطرة الجماعة الحوثية على المحافظة، تفاقم سوء الأوضاع المعيشية للسكان، بالتزامن مع انتشار الفوضى الأمنية، وتصاعد الانتهاكات الخطرة لحياة السكان وسلامتهم وحرياتهم الشخصية.

سكان إب يصفون سيطرة القيادات الحوثية الآتية من صعدة بـ«الاحتلال»... (إ.ب.أ)

ويعدّ أهالي المحافظة استراتيجية بناء السجون الحوثية مؤشراً على نيات لإحكام القبضة الأمنية على المحافظة، على حساب الخدمات العامة التي تشهد تدهوراً مستمراً، وتحول غالبيتها إلى مصادر إيرادات.

وذكرت مصادر محلية في مدينة إب أن الجماعة تخصص كثيراً من إيرادات الجبايات التي تفرضها على مختلف الأنشطة والملكيات في المحافظة لمصلحة تعزير قبضتها الأمنية وإجراءاتها القمعية وتطوير بنية السجون.

وطبقاً للمصادر، فإن هذه الإجراءات تتضمن تجنيد المخبرين وزيادة أعداد أفراد نقاط التفتيش والدوريات، وإنشاء كيانات للرقابة على السكان، إلى جانب بناء مزيد من السجون.

وأعلنت الجماعة الحوثية منتصف العام ما قبل الماضي بدء تنفيذ ما سمته مشروع «الإصلاحية المركزية الجديدة» في منطقة شبان بضواحي مدينة إب، لتضاف إلى «السجن المركزي» الذي حولته الجماعة إلى معتقل للمئات من السكان؛ الذي يدخله أغلبهم بتهم باطلة أو بسبب مواقفهم من نفوذها.

الجماعة الحوثية تفرض وجودها في إب بالفوضى الأمنية وممارسات الفساد (أرشيفية - غيتي)

وخلال الأيام الماضية، أطلقت الجماعة حملات جبايات جديدة متعددة نالت من مداخيل باعة الفواكه والخضراوات وعدد كبير من التجار وملاك المحال التجارية ومنتسبي قطاع التعليم ومالكي العقارات.

وأوردت مصادر محلية في إب أن القيادي الحوثي عبد الواحد المروعي المُعيّن وكيلاً لمحافظة إب، وجّه عناصر تابعين له باقتحام سوق الجملة للخضراوات والفواكه في وسط مدينة إب، وبفرض جبايات مالية وعينية على الباعة، ومصادرة سلع كل من يرفض دفع المبالغ التي فُرضت عليه.

ضرائب مسبقة

وفي تطور لافت، فرضت الجماعة جبايات كبيرة، قُدرت بالملايين من العملة المحلية، على تجار المدينة تحت اسم «قسط مقدم» من ضرائب العام الحالي، التي من المفترض أن تُحصّل بداية العام المقبل، بعد حصر المبيعات والأرباح.

مشرفون حوثيون يقودون حملة جبايات في إب خلال أكتوبر الماضي (فيسبوك)

وأبدى التجار استياءهم من هذه الجبايات التي تُحصّل منهم مقدماً، مع عدم وجود ضمانات لتحقيق الأرباح والاستمرار في أنشطتهم التجارية بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وانتشار الفوضى الأمنية، إلى جانب عدم ضمان اعتراف سلطات الجماعة لهم بدفع الضرائب مقدماً عند موعد تحصيلها.

وبينت المصادر أن عناصر الجماعة المسؤولين عن الجباية عملوا على تقدير الضرائب التي ستُحتسب على التجار عند نهاية العام الحالي، بشكل مبالغ فيه، وبزيادات كبيرة على ضرائب العام الماضي، وبرروا ذلك بأن أعمال التجار تتوسع وتزيد سنوياً.

وبالتزامن مع ذلك، فرضت قيادات حوثية تسيطر على قطاع التعليم في المحافظة جبايات مالية جديدة على المعلمين ومنتسبي القطاع؛ بحجة ضمان إدراجهم في كشوفات نصف الراتب الذي وعدت الجماعة بصرفه ابتداء من مطلع العام الحالي.

مشرفون حوثيون يسيطرون على قطاع التعليم في إب (إعلام حوثي)

ويقدَّر عدد المعلمين ومنتسبي قطاع التعليم في المحافظة بأكثر من 10 آلاف شخص، طُولبوا جميعاً بإحضار نسخ من قرارات تعيينهم الصادرة من الخدمة المدنية، وتسليمها إلى مدير شؤون موظفي القطاع مع مبلغ 18 دولاراً (10 آلاف ريال) على كل منهم.

ووفقاً لتقديرات المصادر، فإن هذه العملية ستمكن الجماعة من جمع نحو 188 ألف دولار، في حال اضطرار جميع منتسبي القطاع إلى الاستجابة لها.

واستغرب منتسبو القطاع هذا الإجراء الذي يضاعف من معاناتهم مقابل عدم وجود ضمانات لحصولهم على نصف الراتب الذي التزمت به الجماعة، في حين طالب عدد منهم، ممن سلموا وثائقهم، بخصم المبلغ المطلوب منهم من نصف الراتب الذي سيتقاضونه، رغم عدم قانونية الإجراء.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.