الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

تغير المناخ تسبب في 76 % من النزوح خلال عامين

38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)
38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)
TT

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)
38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق وصف ناشطين يمنيين، حيث تسببت الكوارث الناتجة عنها في 76 في المائة من حركة النزوح الأخيرة، فيما كانت الحرب التي أشعلها الحوثيون سبباً في نزوح 24 في المائة خلال تلك الفترة.

وبحسب مبادرة «ريش» المعنية بتقديم بيانات مفصلة وتحليلات بشأن سياق الأزمات والكوارث والنزوح، فإنه بحلول عام 2023، تغير المشهد المتعلق بالنزوح الداخلي في اليمن، ووصل النزوح المرتبط بالمناخ إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات، وشكل 76 في المائة من حالات النزوح الجديدة، بينما نُسب 24 في المائة من النزوح إلى الحرب.

ومع دخول الحرب عامها العاشر، تؤكد المبادرة أن الشعب اليمني ما زال يتحمل وطأة الأعمال العدائية المستمرة والتدهور الاقتصادي الشديد. وتشير إلى أنه في عام 2024، بلغ العدد الإجمالي للنازحين داخلياً 4.5 مليون شخص، أي ما يعادل 14 في المائة من السكان الذين ما زالوا يتحملون وطأة الأعمال العدائية والتدهور الاقتصادي الشديد.

وبحسب هذه البيانات، فقد بلغ إجمالي عدد النازحين داخلياً 4.5 مليون يمني في عام 2024، أي ما يعادل 14 في المائة من السكان. ومن بين هؤلاء، يعيش نحو 1.6 مليون نازح داخلياً في 2297 موقعاً دون المستوى المطلوب، ويقيمون بشكل أساسي في محافظات الحديدة وحجة ومأرب وتعز، ويمثل هؤلاء 4.5 في المائة من إجمالي سكان البلاد ويعانون من ظروف قاسية للغاية دون بدائل قابلة للتطبيق.

مواقع النزوح في اليمن مكتظة بالسكان، وتفتقر إلى الاحتياجات الأساسية (إعلام حكومي)

وطبقاً لما أوردته المبادرة، فإن هذه المواقع غالباً ما تكون مكتظة بالسكان، وتفتقر إلى المأوى المناسب، والوصول محدود إلى الاحتياجات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي ومرافق النظافة، وتواجه مخاطر صحية وحماية متزايدة.

تراجع الدعم الدولي

هذه الأوضاع ترافقت مع تراجع مستوى الدعم الدولي لخطة الاستجابة الإنسانية، حيث تلقت الخطة لعام 2023 أقل من 40 في المائة من احتياجاتها التمويلية، في حين بلغ مستوى تمويل هذه الخطة خلال عام 2024 أقل من 28 في المائة، وهو أدنى معدل تمويل تم تلقيه منذ بداية الحرب. ويشكل هذا النقص، وفقاً للمبادرة، تحدياً لقدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الخدمات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والمأوى والتعليم والحماية، مما يؤثر على الفئات السكانية الضعيفة، بمن في ذلك النازحون داخلياً.

وفي ظل هذا المشهد الصعب، كانت مجموعة تنسيق وإدارة المخيمات في اليمن واحدة من أكثر المجموعات التي تعاني من نقص التمويل، حيث حصلت على 7.8 في المائة فقط من إجمالي الأموال المطلوبة البالغة 47 مليون دولار، مقارنة بـ10.6 في المائة من 78.5 مليون دولار في عام 2023، حيث تؤدي الأزمة الاقتصادية ونقص فرص كسب العيش إلى تفاقم هذا الوضع، مما يحد من الوصول إلى الخدمات الأساسية ويزيد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية.

التغيرات المناخية في اليمن تصدرت أسباب النزوح خلال الأعوام الأخيرة (إعلام حكومي)

وتوقعت المبادرة أن تتدهور الظروف المعيشية المتردية بالفعل في مواقع النازحين داخلياً بشكل أكبر. وقالت إن نقص الموارد لا يعيق جهود الإغاثة الفورية فحسب، بل يعرض أيضاً الحلول الأطول أجلاً للنازحين داخلياً والتقدم نحو حلول دائمة للخطر. مشيرة إلى أن أكثر المحافظات تضرراً هي تعز ومأرب.

وأكدت أن القدرة المحدودة للمنظمات الإنسانية على تلبية احتياجات السكان في مواقع النازحين تراجعت، واستمرت الفجوة قائمة بين التمويل والاحتياجات، وكان التأثير أكثر وضوحاً في المحافظات التي بها وجود كبير للنازحين، مثل مأرب والحديدة وعدن، حيث كان التدهور القطاعي واضحاً في مجالات مثل المواد غير الغذائية والمأوى والتغذية والحماية.

وأعاد تحليل المبادرة أسباب التراجع إلى العدد الكبير من السكان المتضررين في مأرب، مما يترك العديد منهم دون إمكانية الوصول الكافية إلى الخدمات الأساسية.


مقالات ذات صلة

العليمي يدعو إلى تطوير شراكة دولية مع بلاده لإنهاء التهديد الحوثي

العالم العربي رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي متحدثاً خلال حلقة نقاشية في ميونيخ (سبأ)

العليمي يدعو إلى تطوير شراكة دولية مع بلاده لإنهاء التهديد الحوثي

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى تطوير شراكة يمنية - دولية لهزيمة الحوثيين المدعومين من إيران هزيمة استراتيجية تكفل القضاء على قوتهم.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الموظفون النازحون في عدن يتهمون الحكومة بإهمال ملف النازحين (إعلام محلي)

آلاف اليمنيين النازحين داخلياً دون رواتب منذ 7 أشهر

تظاهر العشرات من الموظفين النازحين من مناطق سيطرة جماعة الحوثي أمام مبنى وزارة المالية في مدنية عدن للمطالبة بصرف رواتبهم المتوقفة منذ 7 أشهر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)

اعترافات تكشف عن تشكيل الحوثيين خلايا في القرن الأفريقي

كشفت اعترافات مواطن إريتري اعتقلته القوات الحكومة اليمنية عن تمكُّن الحوثيين من إنشاء خلايا في القرن الأفريقي وتقديم وعود إيرانية بدعم استقلال إقليم العفر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي خلال افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي (سبأ)

حراك يمني في ميونيخ استجلاباً للدعم الدولي في مواجهة الحوثيين

يقود رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ووزير خارجيته شائع الزنداني حراكا دبلوماسيا على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي لجهة استجلاب الدعم ضد الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

لجان حوثية في صنعاء تجمع بيانات شاملة عن طلبة المدارس

شكّل الحوثيون لجاناً ميدانية في مدارس صنعاء بغية جمع معلومات تفصيلية عن الطلبة وإنشاء قاعدة بيانات ضمن مساعي الجماعة لتكثيف عمليات التجنيد في أوساطهم

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

هل ينجح «اجتماع القاهرة» في بلوغ المرحلة الثانية من «هدنة غزة»؟

شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

هل ينجح «اجتماع القاهرة» في بلوغ المرحلة الثانية من «هدنة غزة»؟

شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

اجتماع جديد تحتضنه القاهرة لبحث استكمال هدنة قطاع غزة، وسط تأخر انعقاد مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق نحو أسبوعين، ووعود أميركية بالتئام ذلك المسار هذا الأسبوع، وشكوك من «حماس» في جدية إسرائيل.

الوفد الإسرائيلي الذي قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إيفاده للقاهرة الاثنين «لا يحمل صلاحيات، وبالتالي سيكرر الأخير مناوراته وضغوطه بهدف تعديل الصفقة وإطالة أمد المفاوضات لنيل جميع الرهائن دفعة واحدة، وهذا ما سترفضه (حماس)»، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وتوقعوا أن تكون هناك حلول وسط، فنتنياهو يخشى الإعلان عن بدء مسار محادثات المرحلة الثانية لتفادي سقوط حكومته عقب تهديدات اليمين المتطرف بالانسحاب، ومن ثم قد يتم الاتفاق على تمديد المرحلة الأولى أو اللعب بالألفاظ عبر تسميتها «دفعة رمضان».

وتواصل القاهرة حشد الجهود الدولية لاستكمال الاتفاق، كان أحدثها محادثات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، مع نظيره الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، والتي تناولت «جهود القاهرة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وحرصها على تنفيذ الاتفاق بمراحله الثلاث بما يدعم الاستقرار في المنطقة، واستئناف ومواصلة عملية تبادل الرهائن والمحتجزين»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

السيسي يلتقي الرئيس القبرصي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

ووسط عدم انعقاد مفاوضات المرحلة الثانية كما كان مقرراً في اتفاق الهدنة، في 3 فبراير (شباط) الجاري، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، إن نتنياهو وجّه الوفد المفاوض للسفر إلى القاهرة، الاثنين، لبحث استكمال تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة، وسيعقد اجتماعاً في اليوم ذاته لـ«الكابينت» (مجلس الوزراء المصغر) لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق غزة. في حين زعمت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الأحد، أن وزير الخارجية جدعون ساعر، التقى نظيره المصري بدر عبد العاطي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، مشيرة إلى أن «محادثات المرحلة الثانية من الاتفاق سوف تُعقد في القاهرة هذا الأسبوع، بعد أن استضافت الدوحة محادثات المرحلة الأولى».

وبالتزامن، كشف المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لقناة «فوكس نيوز» الأميركية، أنه سيتم استئناف المحادثات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق «هذا الأسبوع»، مؤكداً أنه أجرى مكالمات «مثمرة وبنّاءة للغاية»، الأحد، مع نتنياهو، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد.

عضو مجلس الشؤون الخارجية المصري، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن المساعي المصرية - القطرية ستستمر لإنقاذ الاتفاق وبدء مفاوضات مرحلته الثانية التي هي بالأساس متأخرة بسبب معوقات من نتنياهو تستهدف عدم الوصول لتلك المحادثات خشية استهداف حكومته، «بل يخفي حدوث محادثات تمهيدية بشأن تلك المرحلة، ويراضي خصومه بإرسال وفد بلا صلاحيات للقاهرة».

امرأة فلسطينية تسير على طريق موحل وسط الدمار في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبرأي أنور، فإن مصر وقطر ستعملان على تجاوز المعضلات الحالية التي يضعها نتنياهو، ومحاولة إيجاد ضمانات تقود للمرحلة الثانية، ونتنياهو نفسه يبحث عن حل وسط يكون بمثابة «كارت إنقاذ» لحكومته، وفي نفس الوقت الالتزام بالاتفاق عبر إعادة تسمية المرحلة بأن تكون «الأولى مكرر» أو «دفعة رمضان»، لكي يقول إنه لم يدخل المرحلة الثانية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن ويتكوف يملك صلاحيات، ويمكن أن يمارس ضغطاً أكبر في استمرار الهدنة والدفع بها مع الوسطاء للمرحلة الثانية، «وهذا ما يُنتظر»، لافتاً إلى أن «نتنياهو يريد المماطلة، لكن القاهرة والدوحة تريدان إنقاذ الاتفاق والدفع لبدء المرحلة الثانية في أقرب وقت لتجاوز مساعي إسرائيل لتعطيل الصفقة، والتي منها إرسال وفد بلا صلاحيات، بخلاف استهدافاته المتتالية ضد (حماس) اليومين الماضيين».

ونعت «حماس»، الاثنين، في بيان صحافي، أحد قادتها العسكريين، وهو محمد شاهين الذي استهدفته إسرائيل عبر طائرة مُسيَّرة في مدينة صيدا بلبنان، في ثاني موقف للحركة بعد إدانتها قصفاً إسرائيلياً شرق رفح، الأحد، أسفر عن مقتل 3 عناصر من الشرطة، مؤكدة في بيان أن «ذلك يعد انتهاكاً خطيراً لاتفاق وقف إطلاق النار».

وعاد نتنياهو في تصريحات، الاثنين، لوعوده السابقة، قائلاً: «كما تعهدت بأنه بعد الحرب في غزة لن تكون هناك لا (حماس)، ولا السلطة الفلسطينية، يتعين عليَّ أن ألتزم بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنشاء غزة أخرى»، بعد حديث مصدر مصري مطَّلع، السبت، بأن حركة «حماس» أكدت عدم مشاركتها في إدارة قطاع غزة، خلال المرحلة المقبلة.

ووسط ذلك التصعيد، زار وفد من مجلس النواب الأميركي، الاثنين، معبر رفح البري الذي عبر من خلاله، الاثنين، 290 شاحنة مساعدات، منها 23 شاحنة وقود، بخلاف دخول 39 من المصابين والمرضى لمصر.

وبرأي الرقب، فإن نتنياهو يسعى لاستفزاز «حماس» بتلك العمليات والتصريحات للخروج من مأزقه السياسي بإعلان انهيار الاتفاق مع رد من الحركة، مشيراً إلى أن ما يطرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي يحمل احتمالات أنه يمهد لانقلاب على الاتفاق، وخاصة أنه يصر على عدم إدخال المساعدات بشكل كامل كما نص الاتفاق.

ويعتقد أنور أن «حماس» لن تفرط في ورقة الرهائن الرابحة بسهولة، وهي تدرك ألاعيب نتنياهو، مرجحاً أن تسعى للحصول على ضمانات حقيقية للمضي في الصفقة.