النازحون في معقل الحوثيين تجسيد للمأساة الإنسانية في اليمن

مئات العائلات بحاجة إلى المأوى والصحة والتعليم

معظم المدارس أصبحت مأوى للنازحين من الحرب التي فجَّرها الحوثيون (إعلام محلي)
معظم المدارس أصبحت مأوى للنازحين من الحرب التي فجَّرها الحوثيون (إعلام محلي)
TT

النازحون في معقل الحوثيين تجسيد للمأساة الإنسانية في اليمن

معظم المدارس أصبحت مأوى للنازحين من الحرب التي فجَّرها الحوثيون (إعلام محلي)
معظم المدارس أصبحت مأوى للنازحين من الحرب التي فجَّرها الحوثيون (إعلام محلي)

كشفت بيانات وزعتها منظمات إغاثية عن صورة بائسة للنازحين داخلياً في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثيين في اليمن، سواء من حيث انعدام سبل العيش أو المشكلات المرتبطة بالإخلاء من المساكن، وصولاً إلى معاناة النساء والفتيات من غياب الخدمات الصحية أو التعليم.

ووفق شبكة من المنظمات غير الحكومية، والمنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة التي تعمل في مجال الحماية أثناء الأزمات الإنسانية، بما في ذلك الصراعات المسلحة والكوارث، فإن الوضع الإنساني في محافظة صعدة لا يزال بحاجة ماسَّة إلى المساعدة والدعم.

مجاميع من النازحين في صعدة تعيش في مناطق يصعب الوصول إليها (إعلام محلي)

وأكدت المنظمات أن وضع النازحين داخلياً في صعدة لا يزال صعباً، خصوصاً في المناطق التي يصعب الوصول إليها؛ حيث يفتقرون داخلياً إلى الاحتياجات الأساسية، ولم يعد لديهم غالباً وسائل لإعالة أنفسهم، أو أي مصدر دخل يسمح لهم بإعالة أسرهم، بصرف النظر عما يمكنهم كسبه أحياناً من خلال العمل اليومي.

وتظهر شبكة المنظمات أن انخفاض المساعدات الإنسانية، مثل الغذاء والمواد غير الغذائية وأدوات المأوى في حالات الطوارئ والنقد، أدى إلى جعل حياة النازحين داخلياً أكثر صعوبة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم يعانون بشكل كبير من الظواهر الناجمة عن المناخ التي تؤثر بشكل متقطع في ملاجئهم المؤقتة، وتعرِّضهم لمخاطر حماية إضافية؛ حيث تسببت الأمطار الغزيرة والسيول في أضرار جسيمة للملاجئ في مواقع النزوح.

وفي ظل هذه الأوضاع، تؤكد الشبكة أن حالات الحماية المتعلقة بالفتيات والنساء تظل خارج الاهتمام؛ لأنه بسبب نظام القيم المحافظة والخوف من الوصمة، لا تبلغ الأسر عن الحوادث، بل تتعامل مع مثل هذه الحالات بنفسها من دون تدخُّل ودعم من جهات. ورغم ذلك، فقد جرى الإبلاغ عن مخاوف ذات صلة، مثل الافتقار إلى الخصوصية والتميز، كما الافتقار إلى المدارس التي تقدم التعليم للإناث، خصوصاً المدارس الثانوية.

الصحة والتعليم

يحذر تقرير شبكة المنظمات الإغاثية من أن غياب المراكز الصحية في بعض المناطق في محافظة صعدة اليمنية يُحْدِث فجوة حرجة في الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية للنساء والفتيات، ويشمل ذلك الاستشارات والعلاج من الأمراض والإشراف الآمن والمؤهل على الولادة.

النزوح الداخلي في محافظة صعدة اليمنية بدأ مع تمرد الحوثيين في 2004 (إعلام محلي)

ويؤكد التقرير أن المجتمع هناك يعتمد حالياً على النساء المسنات للولادة؛ ما يفرض مخاطر صحية محتملة على كل من الأمهات والمواليد الجدد، ويعرِّض حياة مجتمعات بأكملها للخطر.

ويذكر أن عبء الرعاية الصحية ونفقات رعاية الأطفال يؤثران في النساء بسبب التحديات الاقتصادية القائمة، حيث من الصعب تحمُّل التكلفة في ظل الموارد المالية المحدودة.

ولتقليص مخاطر الحماية، وتعزيز تعليم الفتيات، أعلنت الشبكة عن تجهيز 4 مدارس بمراحيض منفصلة للجنسين، وتعزيز إمكانية وصول الطالبات إلى مدارسهن بعد تجهيز 4 مدارس بفصول دراسية إضافية مجهزة بمكاتب وكراسي، بالإضافة إلى أدوات التدريس الأساسية، وتوسيع نطاق مبادرات مساعدة الضحايا والتوعية بمخاطر الألغام لتقليل تأثير الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، وتقديم الدعم لمواقع النازحين المعرضين لخطر الإخلاء داخل مركز محافظة صعدة.

وإلى جانب ذلك، تواصل شبكة المنظمات تقديم الوساطة القانونية والمساعدة النقدية لمنع عمليات الإخلاء، وضمان أن تحصل الأسر على الدعم الذي تحتاج إليه، وتعزيز الدعم للنساء والفتيات من خلال توسيع نطاق مشاريع الحماية المتكاملة مع التعليم والصحة، والتخفيف من المخاطر التي تواجهها النساء والفتيات اللاتي يحصلن على هذه الخدمات.

افتقاد المأوى

وفي محافظة الجوف اليمنية المجاورة لصعدة، حذرت شبكة المنظمات الإغاثية من أن الألغام الأرضية لا تزال تشكل تهديداً خطيراً لحياة كثير من المدنيين، خصوصاً الأطفال والنساء. كما تنتشر بقايا الحرب الأخرى على نطاق واسع في معظم المناطق؛ ما يتطلب تدخلاً عاجلاً.

السيول جرفت مخيمات النازحين في الجوف (إعلام محلي)

وبينما يواجه عدد كبير من النازحين مخاطر مرتبطة بالسكن، بما في ذلك عمليات الإخلاء والتهديدات بالإخلاء مع رغبة أصحاب العقارات في الاستثمار في أراضيهم، تريد السلطات المحلية من جهتها تجديد المرافق العامة التي تقيم فيها أسر النازحين داخلياً، مثل المدارس. ولهذا، يجري الإبلاغ عن عمليات الإخلاء والتهديدات بالإخلاء بشكل متكرر في محافظتي صعدة والجوف بشكل رئيسي.

ووفق هذه البيانات، جرى الإبلاغ عن أكثر من 50 حالة إخلاء فردية في مديرية الحزم بالجوف، حيث استجاب فريق إدارة عمليات الإغاثة للمتضررين، وجرى توفير الوساطة القانونية والمساعدة النقدية للأسر المعرضة لخطر الإخلاء لمساعدتهم على البقاء في منازلهم.


مقالات ذات صلة

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».