ضربات إسرائيل في صنعاء تضاعف المخاوف المعيشية والأمنية

قلق من انقطاع الكهرباء واستهداف المنشآت الحيوية والمدنيين

دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT
20

ضربات إسرائيل في صنعاء تضاعف المخاوف المعيشية والأمنية

دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)

في لحظة واحدة انقطعت الكهرباء عن العاصمة اليمنية المختطفة، صنعاء، وأضاءت الانفجارات العتمة التي خلفها ذلك الانقطاع وكأن الشمس أشرقت قبل موعدها بساعات، في حين استيقظ السكان نتيجة الانفجارات التي دوت شمال المدينة وجنوبها، والتي يقولون إنهم لم يعهدوا مثلها من قبل.

وبعد قرابة 12 ساعة من الغارات الإسرائيلية على محطتي الكهرباء اللتين تغذيان صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية بالطاقة لأوقات محدودة، وبأسعار هي الأغلى في العالم، وفق خبراء؛ عاد التيار الكهربائي إلى بعض الأحياء، بينما كان عدد السكان يبحثون عن بدائل للإضاءة وتشغيل أجهزتهم.

وأثارت الغارات الإسرائيلية على صنعاء قلق اليمنيين من تحول خطر في التصعيد بين تل أبيب والجماعة الحوثية، ينذر بالمعاناة، كما حدث في غزة ولبنان، والمزيد من الأزمات المعيشية والأمنية.

وبمجرد بدء الحركة التجارية (الخميس) شهدت محال بيع أجهزة ومعدات الطاقة الشمسية زحاماً غير معهود، تحسباً لاحتمالية نفادها أو ارتفاع أسعارها، إلا أن ذلك الزحام تراجع كثيراً عند عودة التيار الكهربائي.

الغارات الإسرائيلية أطفأت الأضواء وأضاءت سماء صنعاء (فيسبوك)
الغارات الإسرائيلية أطفأت الأضواء وأضاءت سماء صنعاء (فيسبوك)

يشير عمار سالم، وهو اسم مستعار لموظف في قطاع الكهرباء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية إلى أن غالبية السكان، الذين لجأوا لاستخدام الطاقة الشمسية خلال سنوات الحرب والانقلاب، عادوا للاستفادة من خدمة التيار الكهربائي التي تقدمها الجماعة الانقلابية بعد إعادة تشغيل المحطات التي توقفت. ويتهم الموظف العمومي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الجماعة الحوثية باستغلال حاجة السكان إلى التيار الكهربائي لتشغيل تلك المحطات وبيع الطاقة بأسعار تعدّ بين الأعلى حول العالم، إلى جانب تضييقها على المحطات الخاصة التي كان ظهورها سابقاً لتشغيل المحطات العمومية.

مصير الطاقة

اضطر السكان في صنعاء إلى استخدام التيار الكهربائي رغم ارتفاع أسعاره بسبب عدم قدرة معدات وأجهزة الطاقة الشمسية على تلبية مختلف احتياجاتهم، ومن ذلك تشغيل الثلاجات والسخانات، إلى جانب أن بطاريات الطاقة الشمسية مكلفة جداً وسريعة التلف، بالإضافة إلى أن الأحوال الجوية قد تقلل من سطوع الشمس وتغذية البطاريات في كثير من أوقات السنة.

قادة حوثيون في محطة كهرباء مستهدفة بالغارات الإسرائيلية (إعلام حوثي)
قادة حوثيون في محطة كهرباء مستهدفة بالغارات الإسرائيلية (إعلام حوثي)

ويكشف موظف عمومي آخر في قطاع الكهرباء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية تبيع الطاقة لليمنيين بأسعار تفوق متوسط الأسعار في مختلف دول العالم. وفي حين لا يزيد سعر الكيلو واط الواحد في دولة مثل فنلندا معروفة باستقرارها الاقتصادي وغلاء المعيشة فيها عن 0.41 دولار، وهو الأعلى في أوروبا؛ تلزم الجماعة الحوثية السكان بدفع 0.44 دولار (230 ريالاً يمنياً) للكيلو واط الواحد، إلى جانب 3.4 دولار كاشتراكات شهرية إجبارية (حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً).

وارتفعت أسعار الكهرباء منذ انقلاب الجماعة الحوثية وسيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة قبل 10 أعوام أكثر من 1400 في المائة، إذ لم يتجاوز سعر الكيلو واط الواحد في عام 2014 أكثر من 0.07 دولار ( 16 ريالاً، وكان سعر الدولار حينها 215 ريالاً)، مقابل السعر الحالي.

في غضون ذلك، بات سكان صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يعيشون حالة من القلق والترقب منذ بدء الضربات الأميركية والبريطانية لمواجهة هجمات الجماعة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، كما تصاعدت حالة القلق بعد بدء التصعيد المتبادل بين الجماعة وإسرائيل.

دخان الحرائق الناجمة عن الغارات الإسرائيلية في صنعاء استمر حتى وقت متأخر من النهار (إنستغرام)
دخان الحرائق الناجمة عن الغارات الإسرائيلية في صنعاء استمر حتى وقت متأخر من النهار (إنستغرام)

ويرى أكاديمي في جامعة صنعاء أن الجماعة الحوثية ستبذل ما في وسعها لإعادة التيار الكهربائي لتعزيز مزاعمها بقدرتها على إدارة مؤسسات الدولة ومواجهة التصعيد الإسرائيلي، إلى جانب ما يحقق لها قطاع الطاقة من إيرادات تسعى للحفاظ عليها ومضاعفتها.

وبقدر ما ستحاول الجماعة الحفاظ على استمرار التيار الكهربائي، فإنها ستستغل انقطاعه للحصول على تأييد لها، باعتبار أن مواقفها، كانت سبباً في معاقبة السكان المقيمين في مناطق سيطرتها، وفق ما يقوله الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه حفاظاً على سلامته.

ويحذر الأكاديمي من احتمالية عودة الانتهاكات تحت مبرر التعاون والتخابر مع إسرائيل والغرب، وهي التهم التي يوفر التصعيد العسكري مجالاً خصباً لها.

مآلات التصعيد

تذهب غالبية التقديرات إلى أن التصعيد بين الجانبين سيستمر، مع فارق أن الجماعة الحوثية تنفذ هجمات تأثيرها التدميري أقل بكثير، أو قد يكون ضئيلاً مقارنة بالغارات الإسرائيلية التي على قلتها، تتسبب بدمار واسع.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)
أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وطبقاً للأكاديمي اليمني محمد الحميري، لن تتخلى الجماعة الحوثية عن موقفها ضد إسرائيل، فهي تسعى إلى استغلال كافة المتغيرات والتطورات لصالحها دعائياً، وتتعهد بمراحل متعددة ومتصاعدة من المعركة.

وينوه الحميري، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التصعيد الحوثي مع إسرائيل يهدف أيضاً إلى إثبات وجود الجماعة وتعزيز نفوذها، ومع الوقت إثبات امتلاكها الكثير من القدرات التي لم تتمكن التحالفات الدولية من القضاء عليها، ما سيعزز من رغبتها في تحقيق المزيد من المكاسب.

ويخشى السكان في مناطق سيطرة الحوثيين من تأثير التصعيد على حياتهم ومعيشتهم، كون غارات الطيران الإسرائيلي مشهورةً بالاستهداف العشوائي والممنهج للأحياء السكنية والمنشآت الحيوية، على عكس الغارات الأميركية - البريطانية المدعومة بمعلومات استخباراتية دقيقة.

وتؤكد نبيلة الكميم، وهي موظفة وربة منزل، أنها بدأت التفكير جدياً بالانتقال من صنعاء إلى أي مدينة خارج سيطرة الجماعة الحوثية، أو على الأقل إلى مسقط رأسها في الريف، خوفاً من التصعيد العسكري مع إسرائيل.

الجماعة الحوثية شددت من إجراءاتها الأمنية بالقرب من محطات الكهرباء المستهدفة (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية شددت من إجراءاتها الأمنية بالقرب من محطات الكهرباء المستهدفة (أ.ف.ب)

ووفق حديث الكميم لـ«الشرق الأوسط»، فإن المخاوف من التصعيد مع إسرائيل تعود إلى أن هذه الدولة لا تهتم للمدنيين والمنشآت الحيوية والخدمية، ومن غير المستبعد أن توجه غاراتها على السكان الآمنين، كما فعلت في غزة وجنوب لبنان.

غير أن ناشطين حقوقيين أفصحوا لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوفهم من أن تستثمر الجماعة الحوثية الضربات الإسرائيلية الأخيرة في تشديد قبضتها الأمنية، وتصعيد انتهاكاتها ضد من يعارضون نفوذها أو من تشكك بولائهم، وحتى ضد ناشطين وإعلاميين وسياسيين، بحجة دعم إسرائيل أو التخابر معها، كما درجت على ذلك خلال السنوات الأخيرة، تحديداً منذ منتصف العام الحالي.

يشار أن المرات الثلاث التي نفذ فيها الطيران الإسرائيلي هجماته على اليمن، في يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، إلى جانب الغارات الأخيرة، فجر الخميس، أصابت الغارات منشآت حيوية في مدينة الحديدة على الساحل الغربي وفي صنعاء، دون أن تشمل مواقع عسكرية أو مخازن أسلحة أو مقرات تدريب.

ويعود ذلك، حسب خبراء عسكريين، إلى أن الجماعة الحوثية عملت خلال الأشهر الماضية على إخفاء أسلحتها في مخابئ جديدة محصنة في مناطق غير مألوفة أو معروفة، بالإضافة إلى أن الأسلحة التي تستخدمها في هجماتها البحرية وضد إسرائيل، يجري تفكيكها ونقلها وإخفاؤها بوسائل مستحدثة، وبعيداً عن المواقع المعروفة.


مقالات ذات صلة

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية تسعى لتجنيد مقاتلين جدد في ظل تضاعف مخاوف السكان على أبنائهم (غيتي)

الحوثيون يبتزون السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين

لجأ الحوثيون لابتزاز السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين بعد العزوف عن المعسكرات الصيفية، في حين كشف تحالف حقوقي عن تضليل إعلامي بشأن انفجار في مدرسة أطفال

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية بالقرب من عسقلان في جنوب إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله أراضي إسرائيل، ومسيّرة آتية من الجهة الشرقية.

تحليل إخباري كان ميناء رأس عيسى قبل استيلاء الحوثيين عليه يستخدم لتصدير النفط اليمني (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

بينما تسعى الولايات المتحدة لاستنزاف الجماعة الحوثية مالياً بالعقوبات وباستهداف المنشآت الاقتصادية؛ يتوقع خبراء اقتصاديون تأثيرات متفاوتة على الجماعة والسكان.

وضاح الجليل (عدن)

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.