تقرير دولي يتوقع هجوماً إسرائيلياً واسعاً ضد الحوثيين

ضربات لاستهداف مراكز القيادة ومستودعات الأسلحة

مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)
مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

تقرير دولي يتوقع هجوماً إسرائيلياً واسعاً ضد الحوثيين

مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)
مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)

توقعت مؤسسة بحثية عالمية مهتمة بالشؤون الأمنية، أن إسرائيل قد تتجاوز الغارات الانتقامية المحدودة التي استهدفت الحوثيين في اليمن، وستنفذ عمليات مماثلة لعملياتها في لبنان، إذا ما استمرت الجماعة في استهدافها.

ووسط استنفار حوثي وتهديد باستهداف المصالح الأميركية، إذا ما تعرضت الجماعة لأي هجوم، بينت مؤسسة «ساري» العالمية أنه إذا استمر الحوثيون في استهداف الأراضي الإسرائيلية، فقد تتجاوز تل أبيب الغارات الانتقامية المحدودة، وتنفذ عملية شاملة بعيدة المدى، ربما تنافس نطاق تدخلاتها في لبنان وسوريا.

تل أبيب تريد تجاوز الغارات الانتقامية المحدودة السابقة (أ.ف.ب)

وحسب الدراسة الصادرة عن المؤسسة، فإن إسرائيل قد تشن سلسلة متواصلة و«أكثر إيلاماً» من الضربات على المراكز اللوجستية الحوثية، ومراكز القيادة والسيطرة ومستودعات الأسلحة، على غرار حملاتها المنهجية في سوريا ولبنان.

وقالت إنه على الرغم من الضربات الإسرائيلية والأميركية والبريطانية السابقة، ونظراً للثقة التي اكتسبتها تل أبيب من نجاحاتها ضد وكلاء إيران في لبنان وسوريا، فهناك «احتمال متزايد» لتوسيع الحملة الإسرائيلية في اليمن.

الدراسة ذكرت أنه بعد تمكن تل أبيب من تحييد الدفاعات الجوية السورية بشكل فعال، واحتواء «حزب الله» بشكل كبير، أصبح لدى المخططين العسكريين الإسرائيليين الآن نموذج لتفكيك البنية التحتية لوكيل إيراني آخر، والانتقال من الضربات الدقيقة الانتقائية إلى العمليات الشاملة المستدامة.

وحافظت تل أبيب -حسب الدراسة- على هدفها الأوسع في التصدي لكل وكيل إيراني بدوره، وتخفيف التهديدات، واستعادة الردع في الشرق الأوسط المترابط والمتقلب على نحو متزايد.

وبالإضافة إلى عمليات إسرائيل السابقة واعتباراتها الاستراتيجية، تشير الدراسة إلى أن تل أبيب تفكر الآن «بشكل أكثر صراحة في شن هجوم كبير ضد الحوثيين»، وأنه في الأشهر الأخيرة تذبذب نمط مشاركتها في اليمن. ففي بعض الأحيان، استخدمت القوة الجوية الحاسمة ضد أصول الحوثيين، وفي أحيان أخرى اتخذت موقفاً أكثر حذراً وتراجعاً.

وقد تأثر هذا الموقف إلى حد بعيد بالأولويات الاستراتيجية المتنافسة، بما في ذلك الحرب المستمرة في غزة، والعمليات الكبيرة ضد «حزب الله» في لبنان، والحملات المكثفة داخل الدولة السورية الضعيفة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق الدراسة.

توسيع الضربات

ومع تكثيف الحوثيين هجماتهم، تحدثت المؤسسة الدولية في دراستها عن «مؤشرات على أن تل أبيب تعيد النظر الآن في العودة بقوة أكبر إلى العمليات واسعة النطاق، كجزء من استراتيجيتها الأوسع نطاقاً، المتمثلة في التعامل مع كل وكيل إيراني على حدة، وتحييد التهديدات لمصالحها الأمنية بشكل منهجي».

ومع التأكيد على أن جيش الدفاع الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة أكثر أهمية داخل اليمن لوقف إطلاق الصواريخ المستمر، نقلت الدراسة عن تقرير لصحيفة «هآرتس» القول إن الدولة العبرية تسعى إلى إنشاء موطئ قدم إقليمي لمراقبة ومواجهة التهديدات الصادرة من الحوثيين بشكل أفضل.

خطة الهجوم الإسرائيلي تركز على مواقع حوثية حيوية مثل ميناء الحديدة (إعلام محلي)

ووفق ما جاء في الدراسة، فإنه على مدى الأسابيع القليلة الماضية، صعَّد الحوثيون هجماتهم على إسرائيل؛ حيث نفذوا ضربات صاروخية وبطائرات من دون طيار، وهددوا ممرات الشحن العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الرغم من الاستجابات المدروسة في البداية، فإن القيادة الإسرائيلية والتحالفات الدولية تدرس الآن «اتخاذ إجراءات أكثر قوة وبعيدة المدى».

ووفق ما يراه معدو الدراسة، فإن نجاح إسرائيل في تحييد وكلاء إيران في لبنان وسوريا، عوامل «تزيد من احتمالية شن عمليات كبيرة ضد الحوثيين».

وأوضحت الدراسة أن التحالف الأميركي لحماية الملاحة في البحر الأحمر ركَّز على تفكيك مرافق تخزين الأسلحة الحوثية، ومواقع إطلاق الصواريخ والبنية التحتية للطائرات من دون طيار.

وقالت إن هذه العمليات المستمرة تهدف إلى تآكل قدرة الحوثيين على ضرب الأهداف البحرية، وإعاقة قدرتهم على إطلاق الصواريخ بعيدة المدى. وأكدت أن هذه الجهود لا تقتصر على الدفاع عن حرية الملاحة في الممرات المائية الحيوية فقط.

مواقف حكومية

وبدءاً من منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أعرب المسؤولون والقادة العسكريون التابعون للحكومة اليمنية بشكل متزايد عن الحاجة إلى هجوم شامل، لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.

ورأت الدراسة في هذه التصريحات التي شجعتها التطورات الإقليمية والشركاء الدوليون، دليلاً على أن العملية واسعة النطاق باتت ضرورية لاستعادة سلطة الدولة.

السفينة البريطانية «روبيمار» غرقت بعد أن استهدفها الحوثيون (إعلام محلي)

ووفق الدراسة، تركز الخطط العسكرية على مناطق حيوية مثل الحديدة، وهي مركز ساحلي استراتيجي ومعقل لقوة الحوثيين، ومنصة لتهريب الأسلحة، ومركز للهجمات على الملاحة.

وقالت إن تصاعد الاشتباكات على الخطوط الأمامية في محافظات متعددة، مثل تعز والضالع وشبوة ولحج وما وراءها، ينذر بهجوم أكبر للقوات التابعة للحكومة، ضد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأشارت الدراسة إلى أن تحويل الجماعة الحوثية منازل المدنيين إلى ثكنات، ونشرهم الألغام الأرضية على نطاق واسع، تأكيد على «توقع الجماعة هجوماً وشيكاً». ورأت أن الاشتباكات على خطوط التماس ليست معزولة عن المواجهات القبلية في مناطق أخرى، كما هو حاصل في محافظة الجوف.

ويعتقد معدُّو الدراسة أن الانتهاكات المنسوبة للحوثيين والانتهاكات المنهجية، إلى جانب الاعتقالات في صنعاء ووفيات السجناء بسبب التعذيب، ممارسات توفر للحكومة اليمنية الذخيرة اللازمة لحشد الدعم الشعبي والدولي.

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط بعد الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية (أ.ف.ب)

وذكروا أن حملة القمع التي يشنُّها الحوثيون في أماكن مثل سجن «مدينة الصالح» في تعز، وغاراتهم القاتلة واعتقالاتهم التعسفية، تغذي المطالبات المتزايدة برد عسكري حاسم.

وتخلص الدراسة إلى أن الحوثيين لم يعودوا راضين عن كونهم مجرد تهديد للأمن البحري الإقليمي؛ بل يهدفون بدلاً من ذلك إلى تحقيق تأثيرات نفسية وعملياتية مباشرة داخل إسرائيل.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) شنت إسرائيل هجمات على ميناءين من التي يسيطر عليها الحوثيون (الحديدة ورأس عيسى)، باستخدام طائرات من طراز «إف 15 و16 و35»، قُتل نتيجتها 6 أشخاص، وأصيب ما لا يقل عن 57 آخرين، وتسببت في أضرار لمرافق المواني ومحطات توليد الطاقة.


مقالات ذات صلة

اليمن... الرياضة آخر مساعي الحوثيين لتضييق الحريات

العالم العربي إحدى القاعات في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضعة للحوثيين بصنعاء (فيسبوك)

اليمن... الرياضة آخر مساعي الحوثيين لتضييق الحريات

منعت الجماعة الحوثية ممارسة عدة ألعاب رياضية في نادٍ للعسكريين في العاصمة المختطفة صنعاء، وذلك ضمن مساعيها لتقييد حريات اليمنيين وفرض تعاليم مشددة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
الخليج جانب من لقاء رئيس «المجلس الرئاسي» اليمني مع قائد القوات المشتركة (وزارة الدفاع)

«التحالف» و«المجلس الرئاسي» يبحثان تطورات اليمن

ثمّن رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، المواقف الأخوية المشرفة للسعودية وحرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني، وتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي (سبأ)

إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

استحوذ إرهاب الحوثيين على النقاشات التي دارت بين قيادات الشرعية اليمنية والمسؤولين الأميركيين، وسط تطلع لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية وتجفيف مواردها.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في أحد معاقل الحوثيين

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين صورة بائسة للوضع الذي يعيش فيه الطلاب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

يشهد اليمن موجة صقيع حادة أدت إلى نتائج كارثية على الزراعة والسكان والجهات المعنية تحذر من استمرارها عدة أيام

وضاح الجليل (عدن)

اليمن... الرياضة آخر مساعي الحوثيين لتضييق الحريات

إحدى القاعات في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضعة للحوثيين بصنعاء (فيسبوك)
إحدى القاعات في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضعة للحوثيين بصنعاء (فيسبوك)
TT

اليمن... الرياضة آخر مساعي الحوثيين لتضييق الحريات

إحدى القاعات في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضعة للحوثيين بصنعاء (فيسبوك)
إحدى القاعات في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضعة للحوثيين بصنعاء (فيسبوك)

منعت الجماعة الحوثية ممارسة عدة ألعاب رياضية في نادٍ للعسكريين بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك ضمن مساعيها لتقييد حريات اليمنيين وفرض تعاليم مشددة، تنفيذاً لأوامر زعيمها عبد الملك الحوثي.

وأفاد ناشطون يمنيون في صنعاء بأن قيادات حوثية تدير شؤون نادي ضباط القوات المسلحة الخاضع للجماعة، أصدروا تعليمات تقضي بمنع لعبة «الشطرنج» وألعاب رياضية أخرى داخل النادي.

الشطرنج في نادٍ للضباط قبل أن يتم منع اللعبة من قبل الحوثيين (فيسبوك)

وتضمنت التعليمات الحوثية - وفق المصادر - إيقاف جميع المسابقات والبطولات الرياضية التي كانت تقام في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضع للجماعة؛ ومنها البلياردو، والشطرنج، وتنس الطاولة، والبولينغ.

وإذ يبرر الانقلابيون الحوثيون سلوكهم التعسفي بأن الألعاب الرياضية مستوحاة من الغرب، يتهمون بالسعي لإرغام المجتمع اليمني على التقيد بما يسمونه «الضوابط الدينية».

وقوبلت الخطوة الحوثية بحالة من الاستنكار والرفض الشديدين من قبل ناشطين رياضيين وحقوقيين، أبدوا مخاوفهم من خطوات مقبلة قد تستهدف بالمنع والإيقاف بقية الألعاب الرياضية، بهدف التضييق على اليمنيين بمن فيهم الشبان، لإخضاعهم لبرامج تطييف وتجنيد قسرية.

وأبدت مصادر عاملة بالاتحاد اليمني للشطرنج بصنعاء أسفها البالغ، لتوسيع الجماعة استهدافها المتكرر الذي طال أخيراً بالمنع «لعبة الشطرنج» في مناطق سيطرتها.

وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بوجود حالة من الغضب والاستياء لدى اللاعبين ومحبي لعبة الشطرنج العالمية، واصفة سلوك الجماعة بأنه يمضي «على خطى (داعش) وبقية التنظيمات الإرهابية المتطرفة».

وفي تعليق له، وصف العسكري الموالي للجماعة الحوثية عبد الغني الزبيدي، التعميم الجديد بأنه يعكس «أفكاراً متطرفة» تعكس أفكار تنظيم «داعش».

تضييق متعمد

ويبدي أحد لاعبي الشطرنج والحاصل على مركز متقدم بإحدى البطولات المحلية اليمنية، استياءه من الإجراءات الحوثية الأخيرة في نادي ضباط القوات المسلحة ويصفها بـ«الارتجالية».

وذكر لـ«الشرق الأوسط»، أن المنع الحوثي قد يضيق الخناق أكثر في ظل إيقاف الجماعة منذ سنوات سابقة لأغلبية البطولات والألعاب الرياضية، التي كانت تُعد ملاذاً من الفراغ لآلاف الشبان اليمنيين.

جانب من بطولة يمنية للسيدات في لعبة الشطرنج (فيسبوك)

وأرجعت مصادر يمنية في صنعاء أسباب منع «لعبة الشطرنج» وألعاب رياضية أخرى، لكثرة مرتاديها، حيث تريد الجماعة تضييق الخناق على الشبان، لإلحاقهم ببرامج تعبوية ودورات عسكرية للزج بهم إلى جبهات القتال.

وجاءت الممارسات الحوثية استكمالاً لإجراءات سابقة كانت قد اتخذتها الجماعة، وتمثل آخرها بشن حملات استهداف وإغلاق وابتزاز طالت المئات من نوادي الألعاب الرياضية والترفيهية الخاصة في صنعاء.

وكانت تقارير محلية اتهمت قادة الانقلاب الحوثي بالسعي إلى استقطاب الرياضيين بأساليب مختلفة، بهدف تجنيدهم للقتال بعد أن أصبحوا يواجهون الفراغ جراء الإيقاف المتعمد لمختلف الألعاب والأنشطة الرياضية.