ضربة أميركية تستهدف مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء

الانقلابيون توعَّدوا باستمرار الهجمات

جانب من آثار استهداف واشنطن مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء (إعلام حوثي)
جانب من آثار استهداف واشنطن مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

ضربة أميركية تستهدف مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء

جانب من آثار استهداف واشنطن مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء (إعلام حوثي)
جانب من آثار استهداف واشنطن مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء (إعلام حوثي)

أقرَّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بتلقيها غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية» على مقر وزارة دفاع الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، وهي الضربة التي قال الجيش الأميركي إنها استهدفت مركزاً للقيادة والسيطرة مسؤولاً عن الهجمات ضد السفن.

وجاءت الضربة الأميركية بعد تراجع ملحوظ للعمليات التي تقودها الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأربعة الماضية؛ إذ لم تُسجل سوى نحو 3 غارات بالتوازي مع استمرار الهجمات التي تشنها الجماعة تجاه السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، إلى جانب الهجمات التي تتبناها بالمُسيَّرات والصواريخ باتجاه إسرائيل.

ابن عم زعيم الحوثيين يتفقد مقراً عسكرياً في صنعاء استهدفته واشنطن (إعلام حوثي)

وأفادت وسائل إعلام الجماعة الحوثية بشن غارات عدَّة وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، فجر الثلاثاء، بتوقيت صنعاء، استهدفت «مجمع العرضي» في مديرية الصافية، وهو المجمع الذي كان سابقاً مقراً لوزارة الدفاع اليمنية قبل الانقلاب الحوثي.

وأظهرت صور وزعها إعلام الحوثيين خلال تفقد محمد علي الحوثي (ابن عم زعيم الجماعة) للمكان المستهدف، آثاراً محدودة للضربة.

وزعم المتحدث باسم حكومة الجماعة غير المعترف بها، هشام شرف الدين، أن الغارات «محاولة لمنع إسناد الشعب الفلسطيني»، كما ادعى أن من وصفهم بـ«الأعداء» عاجزون عن التأثير على قدراتهم العسكرية.

وفي حين توعَّد المتحدث الحوثي بأن رد جماعته «سيكون قوياً» وأن الهجمات ستستمر حتى تتوقف الحرب في غزة، كانت الجماعة قد تلقَّت يومي الأحد والاثنين غارتين استهدفتا موقعاً في مديرية التحيتا، جنوبي الحديدة، وموقعاً في منطقة بحيص، جنوب مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب).

غارة دقيقة

وبخلاف الرواية الحوثية التي تحدثت عن عدة غارات استهدفت المقر العسكري في صنعاء، أكد الجيش الأميركي تنفيذ غارة وصفها بالدقيقة، ضد منشأة رئيسية للقيادة والسيطرة.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، أن قواتها نفَّذت غارة جوية دقيقة ضد منشأة رئيسية للقيادة والسيطرة، يديرها الحوثيون المدعومون من إيران داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء.

وحسب البيان الأميركي، كانت المنشأة المستهدفة مركزاً لتنسيق عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال البيان إن الضربة «تعكس التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة، وقوات التحالف، والشركاء الإقليميين، والشحن الدولي».

وكانت واشنطن قد أنشأت تحالفاً سمَّته «حارس الازدهار» رداً على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن، وبدأت -بمشاركة بريطانية في عدد من المرات- شن ضربات جوية على مواقع الجماعة الموالية لإيران، منذ 12 يناير (كانون الثاني) 2024.

واستقبلت الجماعة -حسبما يقوله قادتها- خلال عام، أكثر من 800 غارة استهدفت مواقع في الحديدة وصنعاء وصعدة ومناطق أخرى خاضعة لها.

وأدت هجمات الحوثيين البحرية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين، في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

تكهنات برد إسرائيلي

ومع تصعيد الجماعة الحوثية هجماتها باتجاه إسرائيل، يتوقع مراقبون غربيون ووسائل إعلام إسرائيلية أن ترد تل أبيب على نحو واسع ضد مواقع الجماعة، بعد أن كانت قد ردت بضربات انتقامية محدودة على الحديدة.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، الاثنين، أن صفارات الإنذار دَوَّت وسط إسرائيل بعد اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن. وأضاف في بيان: «اعتُرض صاروخ أطلق من اليمن قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية».

صاروخ باليستي من نوع «فلسطين 2» تبنى الحوثيون إطلاقه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية» فإن صفارات الإنذار دَوَّت في تل أبيب. وأكدت خدمة إسعاف «نجمة داود الحمراء» أنها لم تتلقَّ أي اتصالات بشأن وقوع إصابات نتيجة اعتراض الصاروخ.

لكن خدمة الإسعاف قالت إن مسعفيها عالجوا 5 أشخاص أصيبوا بجروح طفيفة، خلال ركضهم للاحتماء، عندما انطلقت صفارات الإنذار أثناء الهجوم الصاروخي. وأضافت أن المصابين نُقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج.

كما أعلن الجيش الإسرائيلي في اليوم نفسه أن سفينة تابعة للبحرية الإسرائيلية اعترضت في البحر الأبيض المتوسط طائرة مُسيَّرة أطلقت من اليمن، وأنه تم اعتراضها قبل عبورها إلى الأراضي الإسرائيلية.

وفي أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس الماضي، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مُسيَّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف 5 سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

هجمات بلا تأثير

وتبنَّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المُسيَّرة باتجاه إسرائيل؛ لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

أرشيفية لمقاتلة أميركية تستعد للإغارة على مواقع للحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرَّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

بعد غياب عن صنعاء لأكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إليها، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح المعتقلين الأمميين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

في خطوة غير مسبوقة أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حرباً لمواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام وملاحقة المتهمين في الداخل والخارج.

علي ربيع (عدن)
الحوثيون ينفذون عملية تعبئة عسكرية بمناطق سيطرتهم للسكان والقطاعات بمن فيهم طلبة المدارس (إ.ب.أ)

اليمن: انتهاكات انقلابية تستهدف قطاع التعليم في عمران

نفذ الحوثيون موجة جديدة من الانتهاكات استهدفت قطاع التعليم ومنتسبيه في عمران شملت تغيير أسماء مدارس وإرغام المعلمين والطلبة على التعبئة الفكرية والعسكرية 

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.