الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية يؤكد لمجلس النواب أن «الاتجاه تنازلي»

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
TT

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدَّين الخارجي للعام المالي الحالي بواقع 3 مليارات دولار حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ووافق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خلال جلسته العامة، الاثنين، على اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي من خلال بنك «الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد»، وبنك «ستاندرد تشارترد»، وبنك «الإمارات دبي الوطني (ش.م.ع)» وبنوك أخرى.

وقال وزير المالية المصري، أحمد كجوك، خلال الجلسة العامة: «نرفض الاتهامات الموجهة للحكومة بتوسيع الاقتراض»، مؤكداً أن مؤشر الدين العام في انخفاض.

وسجَّل الدين الخارجي لمصر بنهاية الربع الثاني المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي نحو 152.9 مليار دولار، نزولاً من 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، بعد أن وصل إلى ذروته البالغة 168 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

برلمانيون مصريون خلال جلسة مناقشة حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي (مجلس النواب المصري)

وقال وزير المالية إن «الاتجاه تنازلي، والقول بعكس ذلك كلام غير دقيق»، متابعاً: «سددنا 7 مليارات ونصف المليار دولار أقساطاً، والاقتراض كان 5 مليارات ونصف المليار دولار». وتابع: «لا يخفى على أحد تخفيض الاقتراض الخارجي، نخّفض الدين الخارجي قدر المستطاع، ونُسدد أكثر من الاقتراض، والدين يقل ولا يزيد».

ولجأت مصر إلى الاقتراض الخارجي خلال السنوات الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية، وتبني الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي.

وعقّب وزير المالية على الموافقة على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي، قائلاً: «كان الرقم أكبر من ذلك، إلا أننا أخذنا قراراً بتخفيض الرقم»، مشيراً إلى أن الأمر يخضع لتوازنات داخلية ومستلزمات الإنتاج.

وكان مجلس النواب، قد وافق، الأحد، على قرار رئيس الجمهورية بشأن اتفاق تسهيل القرض الخاص بآلية مساندة الاقتصاد الكلي، وعجز الموازنة بين مصر والاتحاد الأوروبي بقيمة مليار يورو كمرحلة أولى، إلا أن اعتراضات واجهت هذه الموافقات، حيث أبدى نواب انتقادهم معلنين رفضهم هذه القروض.

ورأى النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، في بيان، أن قرض الـ2 مليار دولار بمثابة «الكارثة»، مشيراً إلى أن «الحكومة تغامر وتقامر بمستقبل الشعب المصري»، على حد وصفه، مؤكداً أن «الاقتراض الخارجي يرتهن القرار السياسي والاقتصادي للدولة المصرية»، عادّاً ذلك «يهدد سلامة الدولة».

كما أعلن النائب أحمد فرغلي، عضو المجلس، رفضه للقرض، منتقداً الحكومة لتوسُّعها في الاقتراض، متسائلاً: «هل تَوَقَّفَ عقل الحكومة عن سد عجز الموازنة على الاقتراض فقط؟ مش شايفين (لا يرون) أي حاجة من الحكومة إلا الاقتراض فقط؟».

في المقابل، دافع النائب محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، خلال الجلسة العامة، عن لجوء الحكومة للاقتراض، قائلاً: «عندما تتم مناقشة هذه الأمور نجد البعض يصيبه الذعر ولا داعي ذلك». وأضاف: «لماذا تلجأ الدول للاقتراض، لأسباب عدة وهي؛ إطالة عمر الدين العام، وتخفيض تكلفة الأموال المقترضة، وتمويل عجز الموازنة، ودعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وتخفيض الدين العام».

وأجرت بعثة «صندوق النقد الدولي» زيارة لمصر، الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، بينما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

ويرى الدكتور عصام خليل، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتراض ليس أمراً سيئاً، فكثير من الدول الكبرى والنامية تقوم بالاقتراض، لكن الأهم هو وجهة هذه القروض، فمن الضروري استخدامها وتوجيهها لصالح مشروعات تنموية، فما كان يعيب القروض في العهود السابقة هو استغلالها استغلالاً سيئاً، وتخصيصها من أجل دعم السلع الغذائية أو دعم المحروقات، وهو ما أدى إلى تراكم الديون على مصر».

وتابع: «توجيه الاقتراض يجب أن يكون إلى المشاريع التنموية التي تدر عائداً، ومع عملها وإنتاجها أسدد من عائدها القروض، مع مراعاة أن تكون نسبة الفوائد بسيطة، مع مراقبة المصروفات في هذا القرض من جانب البرلمان».

وعن الانتقادات بشأن رؤية الحكومة للاقتراض، قال: «الأجدر بالمعارضين للقروض أن يرشدوا ويقدموا وسائل أخرى للحكومة من وجهة نظرهم، فنحن في وطن واحد يجب أن نتكاتف جميعاً فيه في ظل الظروف المحيطة بنا».

في المقابل، يرفض ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» «الاقتراض الخارجي بأي صورة وبأي شكل من الأشكال»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنمية يجب أن تكون بالاعتماد على الذات، وتجنُّب تلقي المنح والمعونات، مع ترشيد الإنفاق العام، فالقروض الخارجية وصلت إلى مستوى لا تتحمله الموازنة العامة للدولة، وخدمة الدين تلتهم الميزانية».

وأضاف: «يتوجب على الحكومة الحالية أن تستجيب لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي من ترشيد الاقتراض الأجنبي، وعدم التوسع فيه، لكن الموافقات الأخيرة، هي مبلغ ضخم يأتي عكس ما طالب به الرئيس، وبالتالي الحكومة تحمِّل الأجيال الجديدة عبء عدم قدرتها على إدارة أمور البلاد؛ لذا نرفض هذه السياسة الحكومية شكلاً وموضوعاً، وإذا كان وزير المالية يقول إننا نُسدد أكثر من الاقتراض، فنحن نطالب الحكومة بأن نسدد ولا نقترض».


مقالات ذات صلة

مشروع قانون مصري يمنح الأجانب دعماً نقدياً وعينياً

شمال افريقيا سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

مشروع قانون مصري يمنح الأجانب دعماً نقدياً وعينياً

أعاد مشروع قانون الضمان الاجتماعي الذي يناقشه مجلس النواب المصري (البرلمان) حالياً الحديث بشأن «حقوق الأجانب» المقيمين في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا شعار تطبيق «تيك توك» (د.ب.أ)

«يهدد الأمن القومي»... تحرك برلماني مصري لحجب الـ«تيك توك»

بداعي «تهديده للأمن القومي» ومخالفة «الأعراف والتقاليد» المصرية، قدم عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، عصام دياب، «طلب إحاطة»، لحجب استخدام تطبيق «تيك توك».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فيلّات الأسد الفخمة في اللاذقية تثير غضب السوريين المحرومين «حتى من الكهرباء»

شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)
شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)
TT

فيلّات الأسد الفخمة في اللاذقية تثير غضب السوريين المحرومين «حتى من الكهرباء»

شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)
شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)

تثير مقار السكن الصيفية الثلاثة المملوكة للرئيس السوري المخلوع بشّار الأسد، في ضواحي مدينة اللاذقية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، غضب مواطنيه الذين يتجولون بأرجائها في ظل حراسة مجموعة من المقاتلين؛ إذ يقارنون بين مظاهر البذخ التي كان يتمتع بها قبل أن تطيح به فصائل المعارضة، وحال الحرمان «حتى من الكهرباء» التي كان شعبه يعانيها. وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في إحداها، وهي فيلا مواجهة للبحر وتضمّ حوض سباحة من السيراميك الأزرق، يخترق الممر مساحات العشب المشذّب التي تزنّرها الخُزامى.

واستهجن مضر غانم (26 عاماً) الذي بدا شاحباً تحوط عينيه هالتان سوداوان، بعدما أمضى 36 يوماً مسجوناً في دمشق بتهمة «الإرهاب»، أن يكون الأسد «أنفق كل هذه الأموال ونحن نعيش كالبائسين»، على قوله.

حضر غانم، الأحد، إلى هذه الفيلا في غرب سوريا ليرى بأم عينيه «كيف كانوا يعيشون عندما كان الناس محرومين حتى من الكهرباء»، على ما علّق أمام الواجهات الزجاجية الكبيرة لغرفة الاستقبال الضخمة ذات الرخام الأبيض.

وأضاف: «لا يهمني إذا كان الرئيس المقبل يقيم هنا، ما دام يهتم للناس، وما دام لا يذلّنا».

من محافظة اللاذقية، يتحدر آل الأسد الذين توّلوا السلطة طوال نصف قرن، وقد ورثها بشّار عن والده واحتفظ بها إلى أن نجح هجوم خاطف لتحالف فصائل المعارضة في الإطاحة به في أسبوعين.

وما شعرت به العائلات التي بدأت، الأحد، بالتجول في مقرّ الرئيس المخلوع هذا، ليس مجرّد زهو بالانتصار، بل هو مزيح من الدهشة والغضب لما لمسوه من مظاهر ترف في هذه الفيلا.

رخام وفسيفساء

ومع أن كل شيء في هذه الدارة نُهِبَ، حتى مقابض الأبواب، يشهد حجم غرفها والفسيفساء الأثرية التي تزين مدخلها على فخامتها.

وقالت نورة (37 عاماً) التي كانت تقيم مع عائلتها بالعقار الذي أقيمت فيه هذه الفيلا: «لقد طردونا، ولم أجرؤ قَطّ على العودة». وتعتزم المرأة اللجوء إلى القضاء لاستعادة ممتلكاتها.

ولم يتوانَ معظم الأشخاص الذين قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، في اللاذقية عن الإدلاء بأحاديث، على غرار ما فعلت نورة، بعد أسبوع من سقوط الرئيس، لكنهم ترددوا في الإفصاح عن أسمائهم؛ إذ لم يفارق الخوف من نظام الأسد أذهانهم بعد.

وبرّر نمر (45 عاماً) إحجامه عن إعطاء اسمه بأن «الاحتياط واجب، فلربما يعودون»، فيما كان يركن دراجته النارية أمام فيلا فخمة في حي الزراعة السكني، هي مقر إقامة منذر الأسد، وهو ابن أحد أعمام بشّار، وكان يدير مع شقيقه فواز الذي توفي عام 2015، «شبّيحة» عُرفوا بتجاوزاتهم وبعمليات التهريب.

وأضاف نمر: «إنها المرة الأولى التي أضع فيها دراجتي هنا، فالحراس كانوا يطردوننا، وكان رَكنها ممنوعاً».

ودخل الناس المنزل منذ اليوم الأول لسقوط النظام، ونهبوا كل ما في طابقَيه، ولم يوفّر غضبهم شيئاً؛ إذ مزّقوا الصور العائلية، وداسوا صور الأشخاص، واقتلعوا الثريات، وأخذوا الأثاث.

أموال قذِرة

وفي حين ذكّر نمر بمواكِب المرافَقة التي كانت تمرّ مسرعة في الشارع، قال: «أكسب 20 دولاراً شهرياً، ولديّ وظيفتان لكي أتمكن من إعالة أسرتي».

من أمام وكالة «سيريا كار» (أ.ف.ب)

وفي وكالة «سيريا كار» التي يملكها حافظ، نجل منذر، لا تزال سيارة واحدة فحسب موجودة وسط زجاج الواجهات المحطّم؛ إذ لم تتمكن الحشود من تشغيلها، فعمدت إلى تكسير هيكلها ونوافذها وتخريب مقاعدها. وتظاهَر زوجان شابان بالجلوس خلف مقوَدها.

أما حسن أنور فانشغل بمهمة أخرى. فمنذ الصباح، راح هذا المحامي البالغ 51 عاماً يجمع من المكان كل المستندات التي يمكن استخدامها قضائياً؛ إذ كان حافظ، حسب أنور، معروفاً بمصادرة السيارات التي يطمع فيها أو بشرائها بسعر أقل بكثير من ثمنها الفعلي، ظالماً بذلك أصحابها.

وأضاف أن «دعاوى عدة رُفعَت» في هذا الشأن.

وأكّد أن «سيريا كار» كانت قبل كل شيء أداةً لغسل الأموال القذرة المتأتية من أعمال التهريب التي كانت تقوم بها العائلة.

حبوب من «الكبتاغون» (أ.ف.ب)

وعلى الرصيف، توقّف اثنان من المارة فوق غطاء للصرف الصحي، ورفعاه وأخرجا بأيديهما المئات من الحبوب البيضاء الصغيرة التي قالا إنها حبوب من «الكبتاغون»، وهو عقار اصطناعي مخدِّر عُثر على كميات هائلة منه في مختلف أنحاء سوريا.

وأشار المحامي إلى أن هذه الحبوب كانت تُصدَّر من اللاذقية ضمن ملصقات الملابس الصينية الصنع.

وبرفقة مقاتلَين شابَّين وصلا للتو من معقل المعارضة إدلب، دخل أنور مبنى مجاوراً من خلال نافذة مكسورة خرج منها شرطي شاب يدعى هلال يضع مسدساً في حزامه.

وقال هلال إنه اكتشف في القبو موازين جديدة كانت لا تزال في صناديقها، «لوَزن المخدرات»، وصناديق تحوي ماصات زجاجية وأنابيب اختبار كانت تُستخدم، وفق ما شرح، لصنع حبوب الميثامفيتامين.

وعلّق علي (30 عاماً)، أحد المقاتلَين الآتيين من إدلب قائلاً: «أنا مصدوم من مستوى الجرائم». وتوقع الآخر أن «الله سينتقم».